رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"وإذ كان بيلشاصر يذوق الخمر، أمر بإحضار آنية الذهب والفضة التي أخرجها نبوخذنصَّر أبوه من الهيكل الذي في أورشليم، ليشرب بها الملك وعظماؤه وزوجاته وسراريه. حينئذ أحضروا آنية الذهب التي أخرجت من هيكل بيت الله الذي في أورشليم، وشرب بها الملك وعظماؤه وزوجاته وسراريه [2-3]. كلمة "أب" تحمل معانٍ كثيرة، هنا تعني جده أو أحد أسلافه. بينما كانت الدولة البابلية في خطر من فارس حيث كان كورش محاصرًا المدينة، كان بيلشاصر منشغلًا بإقامة وليمة تضم ألفًا من العظماء القادمين من كل موضع، مع نسائه وسراريه. كان يظن أنه من المستحيل لكورش أو غيره أن يقتحم أسوار المدينة الضخمة، فتركه يُحاصرها في استخفافٍ به وبجيشه. كانت أسوار بابل كما جاء في هيرودوت Herodotus لا يقل عرضها عن 87 قدمًا وارتفاعها عن 350 قدمًا، مع وجود 250 برجًا تعلو 100 قدمًا أخرى في الهواء. لذلك ظن بيلشاصر أنه لا يمكن غزو بابل. الجهد الذي بذله بيلشاصر في إقامة الوليمة والإمكانيات التي قُدمت لا يمكن تقديرها. هذا مع تحدِّيه لله، فعوض الصوم في وقت الحصار، والصراخ لله لكي ينقذه وينقذ مدينته، إذا به يُقيم وليمة، ويستخدم الأواني المقدسة للشرب، في جوٍ من الفساد والإباحية، يكشف عن إصرار الملك على الحياة غير اللائقة. لقد عرف كورش عن الوليمة لضخامتها ولدعوة الكثيرين بالاشتراك فيها، فأدرك أن الملك ورجاله غارقون في الخمر، لا يبالون بشئون بلدهم، ووجدها فرصة ذهبية لاقتحام المدينة. بينما كان بيلشاصر يفتتح الوليمة كان جيش كورش على أبواب بابل. يروي لنا المؤرخ الوثني زينوفون Xenophon أن قائدي بيلشاصر جبرايس Godatas, Gobryas المنشقين خاناه. فقد خصى أحدهما للتشهير به، وقتل ابن الثاني في أثناء حياة أبيه، لا لشيء إلاَّ لأنه كان يصطاد معه فضرب سهمه قبله، فأراد الانتقام منه. لقد حوَّل كورش مجاري كثيرة لنهر الفرات واقتحم المدينة فجأة. لم يكن إحضار الآنية للتمتع بلذة الشرب، وإنما لإهانة الله وتدنيس الآنية المكرسة لخدمة هيكله وللتشهير. إمعانًا في الإهانة مجدوا الأوثان أثناء الشرب بها. يرى القديس يوحنا كاسيان في مقدمة كتابه "المعاهد"، في هذه الوليمة تحذيرًا للمؤمنين من الانشغال بالأواني المقدسة الذهبية أو الفضية التي يمكن للملوك الأشرار أن يسلبوها، بل يلزمهم الاهتمام بالأواني الروحية، أي نفوس المؤمنين المقدسة التي لا يمكن اغتصابها. * حينما تضع في خطتك أن تبني هيكلًا لله حقيقيًا ومعتدلًا، لا بحجارة جامدة، بل بمجمع القديسين، ليس بمبني مؤقت ينحل، بل بمبنى أبدي لا يهتز، وتريد أيضًا أن تقدس للرب أكثر الأواني قيمة، ليس من معادن صماء، من ذهب وفضة، هذه التي يمكن لملك بابل أن يأخذها فيما بعد ويكرسها لملذات سراريه وعظمائه، إنما يُشكِّل نفوسًا مقدسة تشرق باستقامة الطهارة والبرّ والنقاوة، وتحمل المسيح ساكنًا فيها كملك. حيث أنك مشتاق أن تؤسس في مقاطعة (نفسك الداخلية) معاهد الشرق، خاصة مصر، تقوم فيك دون وجود أديرة مع أنك أنت كامل في كل الفضائل والمعرفة ومملوءة بكل غنى روحي. القديس يوحنا كاسيان |
|