رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دور الجانب الإلهي ودور الجانب البشري في تدوين الأسفار المقدسة س 8: ما هو دور الجانب الإلهي ودور الجانب البشري في تدوين الأسفار المقدَّسة؟ ج: 1 - الجانب الإلهي: اختار الله الرجال القديسين الذين سيسجلون الأسفار المقدسة، وأعدهم لهذه المهمة، فقد تهذب موسى بكل حكمة المصريين نحو أربعين عامًا، وتعلم الهدوء والتأمل في البرية أربعين عامًا أخري فاستحق أن يدون لنا التوراة، وأعدَّ السيد المسيح تلاميذه فخرج منهم من سجل أسفارًا في العهد الجديد مثل متى ويوحنا وبطرس، وأعد الله بولس الرسول تحت رجلي غمالائيل، ثم انفرد معه في البرية لمدة ثلاث سنوات، فاستطاع بولس أن يسجل لنا أربعة عشر رسالة، وبعد أن اختار الله هؤلاء الرجال دفعهم للكتابة سواء بطريقة أو بأخرى كما رأينا من قبل، دون أن يلغي شخصياتهم. 2 - الجانب البشري: دور الكاتب يشبه دور " العَرَبة " التي حملت لنا فكر الله، أو دور " البوق " الذي نفخ فيه الروح القدس ليُسمعنا صوته، أو دور " القيثارة " التي عزف عليها الروح القدس أجمل الألحان، وقد شبه نيافة الأنبا أثناسيوس المتنيح مطران بني سويف الوحي الإلهي بالطاقة الكهربائية غير المرئية، والكتاب بالمصابيح المختلفة الأشكال والألوان، فقد تتخذ اللمبة الشكل الكمثري أو الأنبوبة المستطيلة أو الملتوية، وقد يصدر عنها ضوء أبيض أو مائل للصفرة، ومع ذلك فإن التيار الكهربائي الذي يسري في جميع هذه المصابيح هو تيار واحد (راجع كتابنا: أسئلة حول صحة الكتاب المقدس ص 17). إذًا فالأسفار المقدسة تحمل طبيعة مزدوجة، إلهيَّة وبشرية، فالكتبة الملهمون هم قيثارة الروح القدس، وروح الله القدوس هو العازف علي هذه القيثارات، لذلك فالأسفار المقدَّسة هي كلمة الله كُتبت بيد البشر، ونحن نصلي في قانون الإيمان " نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي.. الناطق في الأنبياء". يقول "هنري نيس " عن الأسفار المقدسة " يجب أن نعترف بالطبيعة المزدوجة للأسفار، فهي من جهة: كتاب مُوحي به من الله، ومن الجهة الأخرى: لا تلغي شخصية الإنسان" (21). ويقول "د. جراهام سكروجي": "مرت هذه الكتب من خلال أذهان البشر، وكُتبت بلغة البشر وبأقلامهم، كما أنها تحمل صفات تتميز بأنها من أسلوب البشر" (22). ويقول "د. أميل ماهر " أن " الوحي هو العمل الفائق الطبيعة الذي يقوم به الروح القدس، فيؤثر في أذهان كتبة الأسفار المقدَّسة، بحيث تكون الأسفار المقدَّسة ليست هي مجرد كتاباتهم الشخصية، وإنما هي كلمة الله. فالكتاب المقدَّس ليس مجرد كتاب يحتوي علي كلمة الله، ولكنه كلمة الله، فالكلمة المكتوبة كاملة إلهيًا، وهي في نفس الوقت كاملة إنسانيًا. لها سلطان معصوم لأنها كلمة الله، وهي مفهومة لأنها بلغة البشر" (23). ويقول "الخوري بولس الفغالي " أن " الروح القدس الذي يدفع النبي ويقوده ويحمله كما يحمل الهواء السفينة ويجرها، بسلطانة المطُلق. أن هذه الكلمات هي من وحي الروح، والوحي هو صوت الله، وشفاه الأنبياء هي أداة يلجأ إليها الله ليُسمع صوته. ولهذا فالكلمات التي يتلفظ بها البشر هي بالحقيقة كلام الله (1 تس 2: 13) وتتمتع بسلطان مطلق علي العقول والقلوب، وتحتوي علي ينابيع النور والحياة (2 تي 3: 14 - 17) وهكذا يأتي الوحي إلينا عبر حروف وكلمات وجمل وفصول تكوّن الكتاب المقدَّس. هذا الكتاب، الله هو كاتبه، ومسئوليته في وضعه مباشرة. وإن لجأ الله إلى إنسان.. فيصبح الإنسان أداة بين يديه وقيثارة تصل إلينا عبرها معرفة الأمور الإلهيَّة" (24). إن الله هو مؤلف الكتاب المقدَّس باستخدام الأداة البشرية " كيف (يكون) الله هو مؤلف الكتاب؟ الكتاب كتاب موسى ويشوع ومرقس وغيرهم، ولكن مع ذلك فالله هو المؤلف، هو الذي يوحي.. الله حينما يتكلم في الكتاب يضع في " أداته " أفكاره هو وإرادته هو.. الله ينحني نحو الإنسان ليكتب كتابه.. إن الإنسان الذي يقتبل وحي الله يكتبه، ولكن الإنسان ليس أداة مائتة كالقلم بل شخص حي. الإنسان كائن مفكر حر، وبالتالي فهو ينقل وحي الله بكلامه هو وطريقته واستطاعته. كلام الله هو وحي الله حقًا، ولكنه يمر عبر الإنسان ويتحد بكلامه. إذًا أنا أقرأ في الكتاب كلامًا كتبه إنسان ولكن عليَّ أن أدخل إلى حيث الله حاضر في كلام مختاره" (25). وعندما نتحدث عن الجانب البشري في تسجيل كلمة الله، فإننا لا نعني على الإطلاق أن الإنسان كتب أجزاءًا من عندياته، ثم أضاف إليها أجزاءًا أخري مُوحى بها من الله، فلا يمكن تقسيم الكتاب إلى قسمين، قسم إلهي وقسم بشري، فالكتاب وحدة واحدة كتبها أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس، وكل ما تكلم به الأنبياء هو هو ما أراد الله أن يعلمه للبشرية، ويقول "جوش مكدويل": "أن الكتاب هو أنفاس الله. لقد استخدم هو رجالًا ليكتبوا بالضبط. ما أراد لهم أن يكتبوه وجنَّبهم الأخطاء، لكن في نفس الوقت استخدم شخصياتهم المنفردة وأساليبهم المتميزة لينقل لنا ما أراده بالضبط" (26). ويقول "بول ليتل " عن عصمة الكتاب المقدَّس " يعد مبدأ عصمة الكتاب المقدَّس تعليمًا آخر شديد الأهمية وهو أيضًا يحتاج إلى تعريف دقيق.. ويمكن تقديم التعريف العام التالي: في المخطوطات الأصلية، فإن الأفكار التي أراد الله أن تُكتب قد كُتِبت، كذا فإن الكلمات التي استخدمها الكتَّاب كانت خاضعة لحماية الله " (27). وقد أعلن مجمع المعلمين اليهودي " إن قال أحد أن التوراة هي من الله ما خلا آية واحدة ليست من الله بل من موسي.. فقد احتقر كلام الله " (28). ولأن الكتاب المقدَّس نتاج مشترك بين الله والإنسان، لذلك فإن الروح القدس لم يفارق الكاتب عند تسجيل الأسفار المقدَّسة، بل كان يظلل عليه ويحفظه ويرشده، فيكشف له كل ما هو خفي وغامض، مثلما كشف لموسي عن أيام الخلق، وأيضًا يعصم الكاتب من أي خطأ كان،كما كان الروح القدس يضع على أفواه الأنبياء نبوات ربما لا يدركون أغوارها مثلما نطق بلسان أشعياء النبي " ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل" (أش 7: 14) ومن يصدق أن عذراء تحبل وتلد؟! حتى سمعان الشيخ لم يقدر علي تصوُّر هذا الأمر، حتى مرت الأيام والسنون وتحققت النبوة. كما وضع الروح القدس نبؤات علي فم الأنبياء عن نينوى وبابل وصور والشعب اليهودي.. إلخ. وكان يصعُب جدًا تصوُّر حدوث هذه الأمور، لكنها حدثت وتحقَّقت النبوات (راجع كتابنا: أسئلة حول صحة الكتاب المقدس ص 77 - 101). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
اجتياز يسوع من الجانب الغربي إلى الجانب الشَّرقي |
الجانب التاريخي لمسار العائلة المقدسة في مصر |
الجانب الروحي لعيد مجئ العائلة المقدسة إلى أرض مصر |
الجانب الإلهي |
العامل البشري في تدوين الأسفار المقدسة |