رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَتَقُولُونَ لأَجْلِ اللهِ ظُلْمًا، وَتَتَكَلَّمُونَ بِغِشٍّ لأَجْلِهِ؟ [7] يسخف بهم أيوب لأنهم ظنوا أن الله محتاج إليهم ليدافعوا عنه، ويكشفوا عن عدله. وكأنه يقول لهم: من أنتم أيها الضعفاء العديمي الحب حتى تدافعوا عن الحق الإلهي الذي لا ينفصل عن الحب؟ خلال دعوتهم بالدفاع عن العدل الإلهي نطقوا بالغش، وقدموا اتهامات باطلة ضد أيوب، وحسبوه شريرًا، فسقطوا في الكذب والقسوة والظلم والإساءة إلى أخيهم. ويبررون هذا كله بأنه "لأجل الله". لم يدركوا أن "غضب الإنسان لا يصنع برّ الله" (يع 1: 20). برروا تصرفاتهم الشريرة مع أيوب بأنها لتحقيق هدفٍ سامٍ وهو الدفاع عن الله، فهل تبرر الغاية الصالحة الوسيلة الشريرة؟ وكأنهم يقولون: "لنفعل السيئات لكي تأتي الخيرات" (رو 3: 8). لقد وبخ الله الذين يبغضون إخوتهم وهم يسبحون الله: "قال إخوتكم الذين أبغضوكم وطردوكم من أجل اسمي ليتمجد الرب. فيظهر لفرحكم، وأما هم فيخزون" (إش 66: 5). من له شركة مع الله، الحق، لن يقدر أن يمارس الغش والكذب، إلا إذا انحرف الإنسان عن الله الذي لا يطيق الغش. كثيرًا ما يضع المرتل الغش مع سفك الدماء في ذات الدرجة، لأن غايته هلاك نفوس الآخرين وممتلكاتهم أو كرامتهم، وإذا بالغاش يُهلك نفسه، ويحرم نفسه من المجد والتطويب الأبدي. "تهلك المتكلمين بالكذب، رجل الدماء والغش يكرهه الرب" (مز 5: 6). "طوبى لرجلٍ لا يحسب له الرب خطية، ولا في روحه غش" (مز 32: 2). "صن لسانك عن الشر، وشفتيك عن التكلم بالغش" (مز 34: 13). "وأنت يا الله تحدرهم إلى جب الهلاك، رجال الدماء والغش لا ينصفون أيامهم، أما أنا فاتكل عليك" (مز 55: 23). "لا يسكن وسط بيتي عامل غش، المتكلم بالكذب لا يثبت أمام عيني" (مز 101: 7). "ماذا يعطيك، وماذا يزيد لك لسان الغش؟" (مز 120: 3). "موازين غش مكرهة الرب، والوزن الصحيح رضاه" (أم 11: 1). "الشرير يكسب أجرة غش، والزارع البرّ أجرة أمانة" (أم 11: 18). "من يتفوه بالحق يظهر العدل، والشاهد الكاذب يظهر غشًا" (أم 12: 17). "الغش في قلب الذين يفكرون في الشر، أما المشيرون بالسلام فلهم فرح" (أم 12: 20). "حكمة الذكي فهم طريقه، وغباوة الجهال غش" (أم 14: 8). "الشاهد الأمين منجي النفوس، ومن يتفوه بالأكاذيب فغش" (أم 14: 25). "معيار فمعيار مكرهة الرب، وموازين الغش غير صالحة" (أم 20: 23). "ذبيحة الشرير مكرهة، فكم بالحري حين يقدمها بغشٍ" (أم 21: 27). "بشفتيه يتنكر المبغض، وفي جوفه يضع غشًا" (أم 26: 24). "لأن روح التأديب القدوس يهرب من الغش، ويتحول عن الأفكار السفيهة، وينهزم إذا حضر الإثم" (الحكمة 1: 5). "خطفه لكي لا يغير الشر عقله، ولا يطغي الغش نفسه" (الحكمة 4: 11). "لا تدخل كل إنسان إلى بيتك، فإن مكائد الغشاش كثيرة" (سيراخ 11: 31). * ألا تتكلمون أمام الرب، وتنطقون بالغش أمامه، بالرغم من كلماتكم الرائعة. هذا هو ما يود أن يقوله: إنكم لا تعتقدون أن الله يصغي إلى ما تقولونه، لأن الخداع يلقنكم الحوار. ليس من دافعٍ حسن يحرككم، وإنما الرغبة في الإساءة إلى شهرتي، وتقديم تعليقات جارحة. فإنه وإن كانت كلماتكم لائقة، فإنكم لا تعبرون بها عن نية حسنة؛ إنها لا تطلب التقويم والإصلاح والتقدم، بل تطلب الهدم، فإنكم لستم تعلمون إنسانًا جاهلًا تمامًا. القديس يوحنا الذهبي الفم البابا غريغوريوس (الكبير) في تعليقه على تساؤل المرتل وإجابته: "ماذا يعطيك، وماذا يوضع أمامك مقابل لسان الغش؟ سهام جبار مسنونة مع جمر مهجور" (مز 120: 3-4) يرى مقاومة أصحاب الألسنة الغاشة لا تكون بالكلام المجرد، إنما تحتاج إلى كلمة الله، السهام المسنونة التي للجبار، مع وجود أمثلة حيَّة لأشخاص أبرار كانوا كقفرٍ مهجورٍ بلا حياة وصاروا ملتهبين كالجمر. يقول: [لا يكفي أن نرد عليهم بالكلمات، إنما ندافع بالأمثلة أيضًا... فالكلمة: "جمر" تستخدم للتعبير عن أمثلة لخطاة كثيرين رجعوا إلى الرب. إنكم تسمعون أناسًا يندهشون قائلين: "أنا أعرف إنسانًا كيف كان مدمنًا السكر، كم كان في دنائة يهوى المسارح والسيرك ويحب الخداع، الآن ها هو يخدم الله، كيف صار هكذا بريئًا! لا تتعجبوا، فإنه صار جمرًا حيًا. لتفرحوا أنه حي، ذاك الذي حزنتم عليه بكونه كان ميتا.] |
|