القديس يوحنا كاسيان | قسيانوس الرومي | كاسيانوس الرومي
← اللغة الإنجليزية: Saint John Cassian - اللغة القبطية: abba Iwannhc.
نشأته:
يعتبر القديس يوحنا كاسيان (أو القديس جون كاسيانوس) أحد مشاهير الكُتَّاب الروحيين في القرن الخامس في جنوب بلاد الغال (فرنسا) خاصة في الفكر الرهباني. نجح في تطوير الحياة الرهبانية هناك. كان سفيرًا للتراث الآبائي النسكي القبطي في الغرب. وهو أحد أعمدة التقليد الكنسي النسكي فيما يختص بالطقس الرهباني الحيّ، يربط بين نواحيه الخارجية والداخلية، وبين الطقس والروحانية بطريقة حيّة. كان ملمًا به بكل دقة، عاشه إلى سنوات في مصر وخارجها، لذا نقله بكتاباته وحواراته كما بكل حياته. يرى جيناديوس أنه Gennadius of Marseilles وُلد في سكيثيا Scythia أي Dobruja))، تدعى حاليًا رومانيا Romania. يرفض الدارسون المحدثون نسبته إلى سكّيثيا، ويرى البعض أن تعبير Scyth ربما لا يعني أنه سكّيثي، بل تشير إلى صحراء الإسقيط Scete أوScetis في مصر، حيث قضى كاسيان عدة سنوات في هذه المنطقة، وأنه بسبب التصاقه بها وبآبائها نال شهرته، فحسبت كأنها موطنه. وٌلد ما بين 350 و360 م. وتنيح ما بين 440 و450 م.، إذ عاش حوالي تسعين عامًا. ينتمي كاسيان إلى عائلة مسيحية صالحة، وكان مسيحيًا بالحق، دُعي يوحنا في العماد. تمتع في صباه بالتعليم الكلاسيكي الصالح، وتحدث اليونانية بطلاقة، متدربًا عليها أثناء وجوده في الشرق. في المناظرة 12:14 يعلن عن حزنه الشديد أن ما تعلمه في صباه من أدب وما تلقّنه من معلمه، وخلال جهده الخاص شحن ذهنه بالشعر، حتى أنه كان يفكر فيه أثناء الصلاة، ويتذكر الأمور التافهة وقصص المعارك التي سمعها في طفولته المبكرة. كانت الخيالات ترقص أمامه أثناء تلاوة المزامير، وتثيره فتفقده أشار في كتابه "عن التجسد ضد نسطور" إلى معرفته ليس فقط لأعمال آباء الكنيسة الأولين، بل والي أعمال الكتاب المشهورين مثل شيشرون Cicero وبيرسيوس Persius. حياته الرهبانية:
القديس يوحنا كاسيان، أو جون كاسيانوس، 360-435
حوالي سنة 380 م. ما أن اجتاز مرحلة المراهقة حتى انطلق إلى فلسطين مع صديقه من نفس بلده جرمانيوس، وقد ارتبطا معًا برباط روحي عميق. هناك استقرا في دير ببيت لحم. بعد عامين انطلق إلى مصر حيث قام بزيارة الرهبان هناك. زار بعض الأديرة التي تمارس نظام الشركة في طيبة، ثم انطلق إلى برية الإسقيط حيث بقي سبع سنوات يلتقي فيها بمشاهير الآباء الرهبان، وقد جاءت أغلب مناظراته ثمرة لهذه الزيارات. عاد كاسيان بعد سنوات إلى بيت لحم، لكنه لم يبقَ فيها إلا لمدة قصيرة ثم عاد إلى الإسقيط في عام 386 أو 387 م. كان صديقًا حميمًا للقديس أوغريس وأتباع أوريجينوس. وبسبب ارتباك الرهبان بمشكلة "الأوريجانية" ودخولهم في صراع مع البابا ثاؤفيلس السكندري اضطر إلى مغادرة مصر نهائيًا عام 399 م.(1) ذهب كاسيان إلى القسطنطينية حيث تأثر بالقديس يوحنا ذهبي الفم الذي سامه شماسًا(2)، وسام صديقه جرمانيوس كاهنًا، لكن كاسيان تراجع عن الالتزام بأية مسئولية كنسية(3). في نهاية حياته أشار إلى القديس يوحنا الذهبي الفم بكل وقار، قائلًا: "ما أكتبه علمني إياه يوحنا، واعتبر ما اكتبه يُنسب إليه أكثر من أن يُنسب إليَّ. فإن المجرى يصدر عن الينبوع، وما يُنسب للتلميذ يلزم أن يُنسب بالكامل لكرامة المعلم(4). "في عام 404 م. ذهب إلى Patria مع صديقه يحملان رسالة موجهة من كهنة القسطنطينية أصدقاء القديس يوحنا ذهبي الفم المضطهد، إذ وثقوا فيهما، لكي يقدما رسالتهم إلى أسقف روما إنوسنت الأول Innocent I، ويطلبون التدخل من أجل أسقفهم المنفي(5). وفي روما دخل في صداقة مع الشماس لاون الذي صار فيما بعد بابا روما (أول من نادى بالبابوية الرومانية). وقد قدم له كتابًا "عن التجسد الإلهي". في هذه الفترة فقد صديقه العزيز لديه جدًا جرمانيوس، ربما بانتقاله من العالم. في عام 415 أو 416 م. أقام كاسيان في مرسيليا ككاهنٍ، وأسس ديرًا للرجال باسم القديس فيكتور أو بقطر، حيث صار الأب الروحي ورئيسًا للدير، وآخر للنساء باسم القديس سالفاتور. سرعان ما انتشرت الحركة الرهبانية هناك وضمت الأديرة الآلاف من الرهبان والراهبات(6). حقًا لقد سبقه أونراتس أو هونوراتس Honoratus في التهيئة لتأسيس دير في جزيرة الليران Lerins وذلك في سنة 410 م.، وقد تولى كاسيان تكملة تأسيسه، وظل يحمل اسمه حتى اليوم. وقد نال شهرة عظيمة، لكن كاسيان قدم لأول مرة نظامًا محكمًا للحياة الرهبانية يحمل الفكر الرهباني الشرقي، خاصة مصر، خلال كتابيه المشهورين. يقول فرند أن كاسيان أمد الولايات الغربية بالنظام الرهباني الذي يمكنهم أن يقبلوه، والذي أعد الطريق للنظام البندكتي. سرعان ما صار هذا الدير مدرسة للإلهيات والفلسفة المسيحية، وقلعة منيعة ضد أمواج البربرية، وملجأ للعلوم والآداب عندما غزا القوط إيطاليا. وبالاختصار صار هذا الدير مربيًا للأساقفة والقديسين. قدم كاسيان إرشادات لكاستور أسقف Apt بخصوص الأديرة الحديثة، وطلب إعادة تنظيم الرهبنة قي الغرب، متأثرًا بخبراته الرهبانية في الشرق، مطالبًا بمزج حياة الشركة ببعض أساسيات لحياة الوحدة. فتح كاسيان ذراعي الحب إلى أبناء كل الشعوب الذين يرغبون في حب المسيح، فانضم إليه جمع من التلاميذ من كافة الشعوب. فلم يعد الغرب يحسد الشرق. غير أن تشكك البعض في أرثوذكسية كاسيان بسبب هجوم أتباع أغسطينوس عليه، إذ اتهموه بالميول البيلاجية، حدّ من دوره. بندكت منشئ أعظم رهبانيات الغرب ويفوق كاسيان في شهرته مدين لكاسيان، فمعظم قوانين الرهبنة في النظام البندكتي مأخوذة عن القديس كاسيان مباشرة. من كتاباته:
الأديرة هي امتداد للحياة الكنسية الأولى في أورشليم مجتمعة حول الرسل. المؤمنون الذين يحتفظون في داخلهم بغيرة الرسل يتركون المدن لكي يمارسوا الحياة الرسولية المثالية بعيدًا عن دنس العالم.أنه أمر فظيع وقبيح بنا أن العلمانيين يتعبون ويعملون ويعولون أولادًا ونساء ويدفعون خراجًا وضريبة ويحسنون إلى فقراء ومحتاجين حسب طاقتهم ويحملون إلى بيت الله باكورات وقرابين، أما نحن فلا نقتني من أتعابنا حتى ولا حاجتنا اللازمة لنا، بل نحبس أيدينا داخل ثيابنا، ونستجدي أتعاب غيرنا، ولا نصغي إلى الرسول القائل: "إن هاتين اليدين قد خدمتا حاجاتي وحاجات الذين هم معي"، وقوله: "إن الرب أعطى الطوبى للمعطي أكثر من الآخذ". وقوله أيضًا :"نحن نوصيكم يا اخوتنا باسم ربنا أن تتجنبوا كل أخ عديم النظام، لا يسلك حسب التقليد الذي سلمناه لكم، بل لنعطيكم أنفسنا مثالًا. لأني وقت أن كنت عندكم، قد أوصيتكم بهذا. أن من لا يشاء أن يعمل فلا يأكل، فقد سمعنا الآن أن فيكم قومًا يسيرون بعدم نظام ولا يمارسون عملًا. فنحن نوصي هؤلاء ونسألهم باسم يسوع المسيح أن يعملوا عملهم بسكون، ويأكلوا خبزهم".