|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خطورة الزنا إِنْ غَوِيَ قَلْبِي عَلَى أمْرَأَةٍ، أَوْ كَمَنْتُ عَلَى بَابِ قَرِيبِي [9]. بعد أن تحدث عن هروبه من النظرة الشريرة واللسان الشرير والغش والحذر من طريق الشرير وفساد القلب وممارسة الظلم، يتحدث في أكثر إفاضة عن الهروب من غواية القلب نحو امرأة آخر أو السقوط معها في الخطية، فهي جريمة خطيرة. فمن جهة تفسد نقاوة الإنسان وطهارته، ومن جهة أخرى فهي تعدي على حقوق القريب، واقتحام لمخدعه. يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن الزنى fornication غير الفسق adultery (1 كو 6: 9)، وأن أيوب لم يغوه قلبه للزنا مع امرأة، كما حرص ألا يكمن على باب قريبه فيرتكب الفسق. يرى أيوب أن التدنس بالزنا أو الفسق جريمة، وليست مجرد خطية، لكنه لا يوجد أحد بدون خطية. فأيوب لم يرتكب جريمة الزنا أو الفسق، فهي تعرض الإنسان للقضاء ليُحكم عليه بالموت. هذه الجريمة هي نار آكلة تدمر حياة الإنسان، وتبيد ثماره من أصولها. * يثير شيطان الزنا الشهوة الجسدية، ويشن هجومه على النساك، ويجاهد لكي يتخلوا عن نسكهم، زارعًا في نفوسهم بأن نسكهم هذا بلا نفع. فإذا ما استطاع أن يدنس النفس، يبتدئ يهيئها لقول وسماع بعض الأحاديث (الشريرة) حتى يبدو كما لو أن العمل (الشرير) ذاته ماثل أمام أعينهم . الأب أوغريس الراهب ألا يعتبر قد ارتكب في قلبه الفسق مع الزانية من طلبها ولم يجدها في بيت الدعارة؟! القديس أغسطينوس بستان الرهبان البابا ثيئوفيلس أنبا إشعياء فَلْتَطْحَنِ أمْرَأَتِي لآخَرَ، وَلْيَنْحَنِ عَلَيْهَا آخَرُونَ [10]. من يقتحم مضطجع قريبه ليتعدى على زوجته يسقط في مذلة عوض لذة الشهوات الجسدية، إذ يفتقر للغاية حتى تُسلب منه زوجته كعبدة تعمل في بيوت آخرين، تمارس عمل العبيد والجاريات كطحين الغلال، وهو عمل شاق. وكعبدة لا يقدر أن يمنع سيدها من ممارسة العلاقات الجسدية معها. صورة مرّة عن خطية الزنا التي تفقد الإنسان حريته وكرامته وطهارة زوجته، وتدخل به إلى مذلة العبيد. لأَنَّ هَذِهِ رَذِيلَةٌ، وَهِيَ إِثْمٌ يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ [11]. من يقتحم زوجة قريبه يستوجب الموت (تك 38: 24). لأَنَّهَا نَارٌ تَأْكُلُ حَتَّى إِلَى الْهَلاَكِ، وَتَسْتَأْصِلُ كُلَّ مَحْصُولِي [12]. يشبه أيوب الزنا بالنار التي تأكل كل ما للزاني فتستأصل كل ثمار تعبه وجهاده حتى يفتقر، بل وتدمر نفسه فيهلك. يميز الرسول يوحنا بين نوعين من الخطايا: "توجد خطية للموت، ليس لأجل هذه أقول أن يُطلب. كل إثم هو خطية. وتوجد خطية ليست للموت" (1 يو 5: 16-17). لعله يقصد بالخطية التي ليست للموت هي الضعف البشري اللاإرادي وعن غير معرفة، أما التي للموت فهي الإصرار على الخطية عن معرفة وفي عناد وتصميم على عدم التوبة. مثل هذه الخطية هي نار مدمرة لمُرتكبيها. * حينما وصف الكارز العظيم من يتأهل لنعمة الكهنوت لم يقل: "إن كان إنسان بلا خطية" وإنما إن كان بلا جريمة (راجع تي 1: 6). من هو بلا خطية، إذ يقول يوحنا: "إن قلنا إننا بلا خطية نضل وليس الحق فينا" (1 يو 1: 8) . بهذا التمييز بين الخطايا والجرائم يمكن القول إن الخطايا العرضية تدنس النفس، بينما الجرائم تقتلها. هذا هو السبب الذي لأجله يقول عن جريمة الشهوة إنها "نار تأكل حتى الهلاك" [12] البابا غريغوريوس (الكبير) القديس يوحنا الذهبي الفم |
|