رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قصة مارمرقس من كتاب الخريدة النفيسة [من المرجح أن إيمان المسيح دخل إلى أرض مصر بعد الصعود بزمن قليل على أيدى بعضا من اليهود الذين قبلوا الإيمان بارض اليهودية ورحلوا إلى مصر وبعض الرسل الذين كرزوا في إفريقيا أو تلاميذ الرسل.وقد قال المفسرون أن لوقا كتب إنجيله لواحد من مؤمنى الإسكندرية المدعو ثاوفيلس ثم كتب له أعمال الرسل أيضا لكن على كل حال أنه لم يدخل أرض مصر إيمان المسيح رسميا وتنتظم كنيسة فيها إلاعلى أيدى مارمرقس البشير، الأمر الذي أجمع على صحته المؤرخون قاطبة بدون أن يتعرض أحد منهم لتكذيبه ومضمون ذلك أن مرقس الرسول كان من سبط لاوى واحد السبعين مبشرا ولد بإقليم من أفريقيا تدعى الخمس مدن ثم إستوطن في أورشليم وشاهد أعمال المسيح ودعى للتلمذة برفقة السبعين تلميذا وسمى التاوفورس أي الحامل الإله ثم بعد الصعود لازم بولس وبرنابا ثم تركهما ثم أراد أن يلازمهما فوقعت بينهما مشاجرة بسببه إذ كان برنابا يرغب أن يكون ملازما لهما وبولس يكره ذلك فافترقا من بعضهما أما برنابا فأخذه صحبته وطاف به يبشر الأمم وينذرهم بكلمة الخلاص ثم ترك برنابا واستصحب بطرس فكتب عنده الإنجيل باللغة اليونانية. قيل أن بطرس توجه به إلى رومية وتركه بها يدبر الكنيسة فطلب منه المؤمنون أن يكتب لهم الإنجيل ليتعزوا به فكتبه ولما رجع بطرس إلى رومية أطلع عليه الإنجيل ففرح به ومدح همته (لم تثبت المصادر التاريخية صحة هذا الموضوع بذهاب القديس بطرس إلى روما أو أن القديس مارمرقس كتب الإنجيل بمعرفة القديس بطرس، فهذه كلها من إدعاءات الكنيسة الكاثوليكية. لذلك نجد الأسقف إيسوذورس يقول { قيل } ويمكن الرجوع لكتاب قداسة البابا شهوده الثالث "ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول "الفصل الثالث ص26، وكتاب المتنيح الأنبا يؤانس أسقف الغربية السابق "الكنيسة المسيحية في عصر الرسل" الباب الثالث ص 163) ثم ترك رومية وجاء إلى إفريقيا فذهب أولا إلى إقليم الخمس مدن مسقط راسه وزرع فيه كلمة الخلاص فنجحت أعماله بواسطة عجائبة الباهرة وقدوته الصالحة ثم ترك وطنه وسافر إلى ليبيا فغرس فيها شجرة الحيوة (الحياة) مستمرا إثنى عشرة سنة وهو يسقيها من مياه تعاليم الصافية حتى أفرخت وأمتدت أغصانها ثم دخل أرض الصعيد الملطخة برجاسة الأصنام ونجاسة الأوثان فقبلها بمحراث الهداية وسكة الإرشاد حتى إنتقت وأصبحت روضة غناء بعد ما كانت أرض بلقعا (جرداء). وذكر أن مرقس وتلاميذه كانوا زاهدين في الدنيا لا يكترثون بشىء منها فكانوا يعبدون الله بروح المحبة ولم يكن بينهم فقير أو غنى بل الجميع متساوون في العيشة فكانوا يتناولون الطعام مرة واحدة في اليوم بعد غروب الشمس وبعضهم كانوا يصومون ثلاثة أيام وكان مأكلهم الخبز ومشربهم الماء، فياللعجب أن الأرض التي كانت منبع الرذيلة صارت قدوة الفضيلة والتي كانت مأوى الشياطين ومسكن الأرواح النجسة صارت موطن الملائكة ومحل القديسين. وحيث أن عاصمة مصر يومئذ كانت الإسكندرية فرام الرسول أن يجعلها مركز الدين المسيحى فترك أرض الصعيد وجاء إليها فدخل بصفة الغريب إلى بيت إسكاف يدعى إنيانوس وقدم له حذاءه ليصلحة وفيما كان الإسكاف المذكور أخذا بتصليحه دخل المخرز في يده بالإتفاق الإلهى فصرخ من شدة الألم يا إلهى فأخذ القديس طينا من الأرض وجعله على الجرح فشفى حالا فتعجب الإسكاف من ذلك وطلب إلى القديس أن يتناول الطعام عنده ذلك النهار ففرح القديس بهذا القبول وأخذ يبشره بإنجيل ابن الله وينذره أن يترك عبادة الأوثان ويلتزم بعبادة الإله الحقيقى ثم بينما كان يقص عليه أمر الفداء ونزول ابن الله إلى العالم وقبوله الآلام والموت إثر خطابه في قلبه وآمن بالرب يسوع وطلب منه العماد فعمده وعمد أهل بيته معه وصار وسيلة لدخول أناس كثيرين في الإيمان فانشأ القديس كنيسة جديدة في الإسكندرية. ولما كان إسم الجليلى أي يسوع ممقوتا جدًا من الحكومة والشعب معا لنقضه العبادة الوثنية التي كانوا يتوهمون أنها إذا نقضت تنقض معها أركان الحكومة وتنسخ شرائعها وتقوم حكومة جديدية للجليلين فبناء على هذا الوهم كانوا يسعون في تضعيف إنتشار هذا الإسم في كل مكان فلما شاع خبر مرقس أحد تلاميذ الجليلى في الإسكندرية سيما بين أرباب الحكومة ثارت حمية الغضب في قلوبهم ونهضوا يفتشون على مرقس ليقبضوا عليه فشعر القديس بذلك فأخذ في تنظيم الكنيسة فأقام إنيانوس بكره في الإيمان أسقفا ومعه ثلاثة قسوس فاضلين وسبعة شمامسة ثم ترك الإسكندرية وذهب إلى بلاد المغرب وليبيا والصعيد وافتقد المؤمنين فيها ورتب كنائسها وشدد أمورها. ثم رجع إلى الإسكندرية ثانيا فوجد الكنيسة التي أسسها مشيدة الأركان ومخصبة الجنان ففرح بها فلما شعر الوثنيون بمجىء مرقس تعصبوا عليه فتجمهروا يوم عيد سيرابيس أحد آلهتهم وجاءوا إليه فوجدوه في الكنيسة يقدم فروض الصلوة فوثبوا عليه ومسكوه ووضعوا في عنقه حبلا وشرعوا يجرونه في الطرق وساحات المدينة حتى إنتثر لحمه ومازالوا على هذه الحال حتى إلى المساء فطرحوه في السجن مخضبا بدمائه وفى الليل ظهر له ملاك الرب وعزاه ووعده بإكليل الجهاد ولما كان الصباح أخرج الوثنيون الرسول من الحبس وطافوا به يجرونه حتى مات وكان ذلك أخر يوم من برمودة سنة 68 ثم أوقدوا نارا وألقوا جسد القديس ليحرق فحدثت بروق ورعود وهطلت أمطار غزيرة فأطفأت النار فاجتمع المؤمنون وأخذوا جسده وكفنوه بالإكرام ووضعوه بتابوت وبنوا على إسمه كنيسة فأجتهد بعده إنيانوس بتدبير الكنيسة وإستمر يعتنى بصالحها مدة 18سنة حتى توفى سنة 86 ثم تخلف على الكرسى الرسولي ميليو (ميليوس) الذي أفرغ جهده مدة 12 سنة في توسيع نطاق الكنيسة فنجحت مساعية وإمتد نجاحه إلى أحراش أفريقيا إذ نشر فيها نور الإنجيل وجذب أهلها منقادة لآحكام الآداب ونابذة عنها العوائد البربرية ولما توفى قام بعده على الكرسى كردونو(كردونوس) سنة 99 فحذا حذو سلفائه بالأفعال الفاضلة والقدوة الصالحة.] (أحد رهبان دير السيدة برموس في برية أنبا مقاريوس: كتاب الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة، الجزء الأول، الطبعة الأولى 1891م). |
|