رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا شنودة الثالث
أهمية الخدمة وعموميتها ليست الخدمة قاصرة على الذين يعملون في مجال التعليم، إنما هي لازمة للكل ونافعة للكل. وتعتبر من الوسائط الروحية العامة. وهى مبدأ روحي عام يطالب به كل مؤمن: الكبار والصغار، المتزوجين وغير المتزوجين. يكفى قول الكتاب: "من يعرف أن يعمل حسنا ولا يفعل، فتلك خطية له" (يع 4: 17). فالخطايا ليست هي فقط السلبيات في تصرفات الإنسان، إنما عدم عمل الخير يعتبر خطية. ولذلك فالإنسان الروحي هو الذي يعمل الخير باستمرار، كصورة لله الذي نصفه بأنه "صانع الخيرات". وكما قيل عن السيد المسيح له المجد، إنه "كان يجول يصنع خيرًا" (أع 10: 38). فهل أنت كذلك؟ صورة في موقع الأنبا تكلا: أيدي مساعدة.. معًا لحياة أفضل بل إن المثل المشهور يقول "ما عاش من عاش لنفسه فقط". إذن في الخدمة لابد أن تخرج من قوقعة نفسك، لتلتقي بالغير. تخرج من مجال (الأنا). لتشبع من حبك للكل. وتشعر أن رسالتك في الحياة أن تفعل خيرًا نحو كل من يدفعه الله في طريقك وكلما تكتسب خبرة في الحياة وسعة في القلب، تتسع دائرة خدمتك. فلا تقتصر على بيتك وأسرتك، ولا على أقاربك وجيرانك ومعارفك وزملائك وأصدقاءك، بل تصل إلى نطاق أوسع وأوسع.. والخدمة في جوهرها، إن هي إلا تعبير عن الحب المختزن في القلب من نحو الله والناس.. فالمفروض في كل مؤمن أن يحب الله من كل القلب والفكر والنفس. وهذه وصية منذ العهد القديم (تث 6: 5). وقد تكررت في العهد الجديد أيضًا (مت 22: 37. 39). والمحبة ليست مجرد شيء نظري. فالكتاب يقول "لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (1يو3: 18). والمحبة العملية تظهر عن طريق الخدمة. فأنت تحب الله، فتعبر عن محبتك له بنشر ملكوته، بخدمة الكنيسة وخدمة الكلمة. وأنت تحب الناس فتخدمهم بكل الوسائل المتاحة لك والنافعة لهم.. المهم أن يوجد في حياة الإنسان، كل إنسان، عنصر البذل والعطاء. وهكذا تجد أن الخدمة قد أكسبتك فضيلة روحية، هي الحب والعطاء والبذل وتكون قد استفدت من خدمتك.. وقد تخدم الفقراء، وتجد أن الفقراء أو الاحتياج، قد حول بعضهم إلى الكذب أو الاحتيال، أو الغش للحصول على ما يريدون فلا تتبرم بهؤلاء، ولا تيأس منهم، ولا تتضايق، ولا يكون رد الفعل عندك هو أن تعاملهم معاملة سيئة.. ربما سمح الله لك أن تلتقي بهؤلاء لتتعلم الاحتمال وطول البال، وأيضًا الحكمة في التصرف، أو خدمتهم روحيًا لكي يتخلصوا من مثل هذه الطباع السيئة. وتكون أنت قد استفدت فضائل فيما تخدمهم.. |
30 - 10 - 2021, 12:50 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: أهمية الخدمة وعموميتها
أنواع من الخدمة
و الخدمة على أنواع: منها الاجتماعية، ومنها الروحية، وخدمات أخرى كثيرة.. ومن أجمل ما قيل في الخدمة الروحية، قول الكتاب "مَنْ رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20). وأيضًا "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك. فإنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تى 4: 16). إذن هي خدمة تتعلق بخلاص النفس. ما أمجدها!! والكتاب يقول "نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس" (1بط 1: 9). صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة من خدمة الحضانة بكنيسة القديس تكلاهيمانوت إذ يقول للذين عن يمينه "كنت جوعانًا فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني، مريضًا فزرتموني. محبوسًا فأتيتم إليَّ" (مت 25: 35-40) (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ويشرح ذلك بقوله "بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم". معتبرًا كل هؤلاء المحتاجين كشخصه تمامًا.. ويقول الكتاب أيضًا "اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ" (رسالة يعقوب 1: 27). وقد رأينا أنواعًا من الخدمة تشمل المجتمع كله. وتتعداه إلى مستوى عالمي.. فالهيئات العالمية مثل الصليب الأحمر وجمعيات الإسعاف، والهيئات الدولية للإغاثة، وأمثالها، هذه التي تقدم معونة لكل محتاج أينما كان، سواء في البلاد التي حدثت فيها كوارث طبيعية كالفيضانات مثلًا، أو كوارث حربية، أو مجاعات، تجد المعونات تصلها من بلاد بعيدة ربما ما كانت تعرفها من قبل، ولا كانت بينها وبينها صلة. ولكنه الشعور الإنساني والمحبة نحو الكل، التي تهب من تلقاء ذاتها لإغاثة المحتاج. فإن كانت الهيئات العلمانية التي لا صلة لها بالكنيسة تفعل هكذا، فكم بالأولى نحن؟! أنت مطالب أن تفعل شيئًا من أجل أخيك الإنسان. وقد أعطانا الرب مثال السامري الصالح (لوقا 10: 30-37) الذي أغاث وهو سائر في الطريق إنسانًا، على الرغم من وجود عداوة بين شعبه وشعبه. ولكنها المحبة التي لا تعرف تفريقًا. ولا يقل أحد في نفسه "لست مدعوًا للخدمة"!! كلا، فأنت مدعو أن تحب الكل، وتعبر عن محبتك بالخدمة. أما الخدمة التعليمية فتحتاج إلى أن ترسلك الكنيسة (رو 10: 15) لأنه ليس كل إنسان صالحًا للكرازة والتعليم.. إذن هي أنواع عديدة من الخدمة. وكل إنسان يخدم حسب النعمة المعطاة من الله. ولا يستطيع إنسان مطلقًا أن يقول إن الله لم يهبه أية إمكانات للخدمة. لابد أنه يستطيع أن يفعل شيئًا.. والإنسان الخدوم، أقصد الذي فيه روح الخدمة، تجده يخدم في كل مجال: في البيت، في مكان العمل أو الدراسة، في الكنيسة، في الطريق، في النادي.. مع كل أحد. إنه إنسان معطاء. كل من يقابله، لابد أن ينال من عطائه. أسأل نفسك إذن: ما نصيب الآخرين في حياتي؟ إن التكريس يحتاج إلى دعوة. أما الخدمة العامة فلا تحتاج إلا إلى الحب، والدافع القلبي نحو خدمة الآخرين. وهذه في حد ذاتها دعوة قلبية.. أتذكر في إحدى المرات سألني طبيب جراح عما يستطيع أن يعمله لأجل الآخرين. فقلت له: على الأقل عشر العمليات الجراحية التي تقوم بإجرائها، لتكن للفقراء بالتنازل عن أجرك من مهنتك. |
||||
30 - 10 - 2021, 12:51 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: أهمية الخدمة وعموميتها
فوائد الخدمة روحيًّا
إن الخدمة تقوى روحيات الخادم. كما أن روحيات الخادم تقوى الخدمة فأنت فيها تعطى وتأخذ. ولذلك نعتبر أن الخدمة من الوسائط الروحية، إن سلك فيها الإنسان حسنًا. فكما تعطى المخدومين حبًا من قلبك، كذلك يشبع قلبك حبًا بهذه الخدمة. لاشك أن الإنسان الذي يخدم الأيتام أو المرضى أو المعوقين أو الفقراء والمحتاجين عمومًا، يشبع قلبه في هذه الخدمة بمشاعر عميقة تسمو بنفسه، وتغنيه عن عواطف العالم الزائلة. فإن العاطفة التي يكتسبها الإنسان من ملاقاة الألم والمعاناة، هي أقوى بكثير من العواطف التي تقدمها مجالات اللهو والترف. وهكذا أنت تأخذ من خدمتك أكثر بكثير مما تعطى. مجرد شعورك أنك أسعدت إنسانًا، أو حللت مشكلة، يفيض على قلبك بمشاعر عميقة. وهناك ألوان من الخدمة، غير التعليم. كنت أعرف زميلًا في مدارس الأحد منذ حوالي 45 عامًا، لم يكن له فصل في التدريس، إنما كانت خدمته هي الافتقاد وحل مشاكل الناس قبل أن تتعقد، وأحيانًا حل المشاكل المعقدة. وكان يجد سعادة كبيرة في هذه الخدمة. وكان يرى يد الله في كل ما يحله من مشاكل، أقصد في المشاكل التي يحلها الله على يديه، وكان يحكى لنا عن عمل الله، حديثًا روحيًا ممتعًا جدًا. إذن من الفوائد التي تتركها الخدمة في حياتك: الخبرات الروحية. إنه شرف عظيم لك في الخدمة أنك تعمل مع الله. كما قال القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبولوس "نحن عاملان مع الله" (1كو 3: 9). أنت في الخدمة تعمل مع الله ويعمل الله معك، ويعمل فيك، ويعمل بك. وفي كل ذلك ترى عجائب من عمله، وتلمس كيف تتدخل يد الله، فتحل كل الأمور المعقدة، أو تفتح لك بعض الأبواب المغلقة، أو تقدم لك حلولًا ما كنت تفكر فيها، أو ترسل لك معونات من حيث لا تدرى. فتمجد الله في كل عمله. أم الذين لا يخدمون، فإنهم يحرمون أنفسهم من كل هذه الخبرات، ومن شركة الله في الخدمة.. الخدمة أيضًا تفيدك في أنها مدرسة للصلاة: إنك كلما تخدم، كلما تشعر أن هناك أمورًا تحتاج إلى معونة إلهية، فتتدرب على الصلاة من أجلها، كما أنك تصلى لكي يبارك الله العمل ويدخل فيه ولا يتركك وحدك. كذلك تصلى لكي تكون خدمتك روحية، وليست مجرد نشاط أو روتين، أو مجرد عمل اجتماعي. كذلك كثيرًا ما تصلى مع المخدومين، أو تدخلك الخدمة في اجتماعات صلاة. وهكذا تتدرب على عمل الصلاة و الخدمة عمومًا تدخل الإنسان في جو روحي. وهذا نافع له بلا شك. إذ يجد نفسه في جو كنسي، ومع أشخاص روحيين، ومُلتزمًا بمبادئ وقيم روحية. وقد يجد نفسه في الخدمة ملتزمًا أيضًا باجتماعات وقداسات. ويجد نفسه كذلك ملتزمًا بحياة روحية خاصة حتى يكون في خدمته قدوة للمخدومين، أو على الأقل لا يكون عثرة لهم. بل يردد قول الكتاب: "من أجلهم أقدس أنا ذاتي، لكي يكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو 17: 19). السيد المسيح قال هذه العبارة بمعنى. وأنت تقولها بمعنى آخر، لتكون حياتك مقدسة في الخدمة، ومثالًا للمخدومين في كل عمل صالح. وقد تقول لله في صلاتك: إن هؤلاء الناس يا رب، يحتاجون أن أكون متصلًا بك باستمرار من جهتهم. فأعطى أن تكون لي هذه الصلة بك. ليس من أجلهم فقط، وإنما أيضًا من أجل نفسي، لكي ترعاني وترعاهم، وتحفظني وتحفظهم. وليتني أكون جسرًا صالحًا يصلون به إليك أو أكون حاملًا لهم أمامك في قلبي... وبهذا تجد أن الخدمة أوجدت لك صلة بالله. وأصبحت هذه الصلة من ضروريات الخدمة. وبالتوالي تصبح الخدمة أيضًا ضرورة توصلك بالله باستمرار. ولذلك أستطيع أن أقول: غالبية الذين تركوا الخدمة فترت حياتهم. ولم تعد لهم الحرارة التي كانت لهم أثناء خدمتهم، ولا الصلاة ولا العمق ولا الالتزام.. ولم تعد الغيرة المقدسة التي كانت لهم، ولا حتى الفضائل الاجتماعية التي صاحبت الخدمة. والخدمة أيضًا كثيرًا ما تعطى فرصًا أوسع لقراءة الكتاب المقدس، وللمعرفة الروحية بوجه عام. مع ما يصحب ذلك أيضًا من تأمل ومن تفسير، وبخاصة للذين يخدمون خدمة روحية أو تعليمية بكافة أنواعها. وهكذا تكون من فائدة الخدمة تنمية المعرفة الروحية، وربما المعرفة الدينية من نواح متعددة. وهذه المعرفة تأتى من مصادر كثيرة: منها القراءة سواء قراءة الكتاب المقدس أو سير القديسين أو الكتب الروحية. وتأتى أيضًا من حضور الاجتماعات الدينية الخاصة بالخدمة.. وكذلك مما يسمعه الإنسان في القداسات من فصول الكتاب ومن العظات.. وهذه المعرفة تدخل الإنسان في تدريبات روحية عملية. وإن ترك الخدمة، ربما يترك كل هذا.. بل قد يأخذ الإنسان ألوانًا أخرى من المعرفة. فيعرف مشاكل الناس، ويعرف تفاصيل كثيرة عن النفس البشرية وما يجول فيها من مشاعر. ويعرف حروب الشياطين وحيلهم. ويعرف أيضًا الحلول العملية لكل هذا، وإن كانت خدمته تتطرق أيضًا إلى معالجة ما يتعرض له الناس من مشاكل داخلية وخارجية. فإن لم يكن يعرف، فعلى الأقل سيرى كيف يتدخل المرشدون الروحيون أو الآباء في هذه المشاكل، وكيف يحلونها. وفي كل ذلك تزداد خبراته في الحياة. |
||||
30 - 10 - 2021, 12:51 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: أهمية الخدمة وعموميتها
خدمة غير ظاهرة
هناك أنواع من الناس لم يذكرنا لنا الكتاب خدمتهم أو تفاصليها، إنما كانوا يخدمون الخدام، أو يقدمون الإمكانات للخدمة. نسوة كثيرات كن يتبعن السيد المسيح "ويخدمنه من أموالهن" (لو 8: 3). وفي بداية الكنيسة الأولى تركت مريم أم مرقس الرسول بيتها ليكون أول كنيسة يجتمع فيها المؤمنون ويصلون. كذلك ذكر لنا القديس بولس الرسول عن "أكيلا وبريسكلا" "والكنيسة التي في بيتهما" (رو 16: 5). وأيضًا الكنيسة التي كانت في بيت نمفاس (كو 4: 15). وشرح لنا التاريخ الخدمات العديدة التي كان يقوم بها المعلم إبراهيم الجوهري وأخوه المعلم جرجس الجوهري للكنائس والأديرة.. ربما أناس لا يخدمون القرى، لكنهم يتبرعون بعربة تنقل الخدام إلى هذه القرى. أو يدبرون المكان، أو يعدون المكان للخدمة. أو أن يشتروا الأناجيل والبشائر والأجابي، والصور والجوائز، ما يوزعه الكاهن من صلبان وأيقونات. أو يهتمون بالعمل الإداري للاجتماعات. كأن يقومون بكتابة أسماء الحاضرين، أو يعدون كشوف الغائبين لافتقادهم، وما إلى ذلك من الخدمات التي تبدو بسيطة ولكنها لازمة ونافعة. على الأقل هناك من يقومون بخدمة الصلاة من أجل الاجتماعات ونجاحها، والمشاكل وحلها. وقد تكون لصلواتهم استجابة أكثر نفعًا من خدمة الكلمة، وتقتدر كثيرًا في فعلها، وتكون هي الخدمة المخفية التي تقوم على أساس الخدمة الظاهرة. المهم يا أخي أن تخدم.. |
||||
30 - 10 - 2021, 12:53 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: أهمية الخدمة وعموميتها
شروط الخدمة الناجحة
# هلكوا في الخدمة: ليست كل خدمة واسطة روحية، فهناك من هلكوا وهم في محيط الخدمة، أو سقطوا وتعبوا.. مثال ذلك الابن الكبير الذي لم يفرح برجوع أخيه الضال، ورفض أن يدخل البيت ولما خرج إليه أبوه يتوسل إليه، قال لأبيه "ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك. ولم تعطني قط جديًا لأفرح مع أصدقائي.." (لو 15: 28-30). كان في الخدمة سنين هذا عددها، ومع ذلك كانت مشيئته غير مشيئة الآب، ولم يكن قلبه صافيًا من جهة أخيه. مثال آخر هو بعض ملائكة الكنائس السبع: على الرغم من أنهم كانوا رعاة للكنائس، إلا أن واحدًا منهم قال له الرب "إن لك اسمًا أنك حيّ وأنت ميت" (رؤ 3: 1). كما قال لآخر "لأنك فاتر، ولست حارًا ولا باردًا، أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ 3: 16). وقال لثالث: "أنك تركت محبتك الأولى. فاذكر من أين سقطت وتب" (رؤ 2: 4، 5). وذكر الرب لكل هؤلاء أسبابًا جعلتهم -وهم في قمة الخدمة- في حاجة إلى توبة. وآخرون من مساعدي بولس الرسول هلكوا تمامًا. أولئك الذين قال عنهم " لأن كثيرين ممن كنت أذكرهم لكم مرارًا، والآن أذكرهم أيضًا باكيًا وهم أعداء صليب المسيح، الذين نهايتهم الهلاك.. ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات" (فى 3: 18، 19). ولعل من أمثلة هؤلاء أيضًا ديماس، الذي ذكره الرسول في إحدى المرات قبل القديس لوقا (فل 24)، يعود الرسول فيقول عنه "ديماس قد تركني، إذ أحب العالم الحاضر" (2تى 4: 10). كل هؤلاء ضاعوا، وغيرهم سقط وتاب. ولم تكن الخدمة هي سبب ضياعهم. ولكنهم نسوا روحياتهم في مجال الخدمة. فسقطوا وبعضهم هلكوا.. إذن يمكن أن تكون الخدمة واسطة روحية. ويمكن أن يسقط الإنسان فيها أو يهلك، إن لم يسلك بطريقة روحية. فما هي إذن شروط الخدمة الروحية؟ # الحب: تحب الله، وتحب الملكوت، وتحب الناس. والمحبة تولد محبة. أما إذا كنت تخدم وفي نفسك ضيق وتبرم، وإن كنت تعطى مضطرًا وفي النفس تذمر، فهل تظن أنك تستفيد روحيًا؟! يحدث أحيانًا أن بعض الناس يبدأون الخدمة وليس لهم الهدف الروحي السليم. ولكنهم حينما يرون احتياجات المخدومين، ويلاحظون آلامهم وضيقاتهم (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)، يتحرك في قلوبهم العطف عليهم والإشفاق فيخدمونهم بقلب محب. وتكون هذه المحبة نتيجة للخدمة وليس سببًا. وتبدأ المحبة تمتزج بخدمتهم، وتعلمهم كيف يخدمون بعاطفة. أشخاص يخدمون الفقراء. ثم يجدون أن طلاب الحاجات يلجأون في طلبهم إلى الكذب والاحتيال، أو يمتزج طلبهم بإلحاح متعب، أو بضجيج وعلو صوت.. فيتبرمون بهم، قد يطردونهم ويقسون عليه.. أما القلب المحب، فإنه يحتمل متاعب هؤلاء.. لأن المحبة تحتمل كل شيء (1كو 13: 7). فإن خدمت، ووجدت أن أعصابك بدأت تتعب في الخدمة، وأنك بدأت تحتد وتشتد، وعلى الفقير إذا كذب واحتال، أو على التلميذ إذا عاند وشاغب، أو على الذين يفقدون النظام في الاجتماعات. فاعرف أن في داخلك شيئًا يحتاج إلى علاج، وأن الخدمة قد كشفت في نفسك عيبًا كيما تصلحه. لا تقل إن العيب في الخدمة، إنما فيك.. قل لنفسك: ينبغي أن أوسع صدري، وأن أطيل بالى، وأن أحتمل غيري مهما أخطأ. وأن أضرب لهم باحتمالي مثلًا يقتدون به أو أن تقول: لقد كشفت لي الخدمة أن هؤلاء الفقراء، ليسوا فقط في حاجة إلى مال يسدون به احتياجاتهم، إنما هم أيضًا في حاجة إلى عمل روحي يقودهم إلى التوبة ومعرفة الله وإلى السلوك.. وهكذا تبدأ في عمل روحي معهم، حتى يستفيدوا من الخدمة ماديًا وروحيًا.. ونفس الوضع مع التلاميذ المشاغبين، ومع الذين لا يحفظون النظام في الاجتماعات.. إذن شروط الخدمة الروحية أن تمتزج بالاحتمال. # الاحتمال : كل خدمة فيها متاعب. وكل خادم -كما قال الرسول- سيأخذ أجرته بسبب تعبه (1كو3: 8). وآباؤنا الرسل تعبوا كثيرًا في خدمتهم. يقول القديس بولس الرسول عن خدمته هو وزملائه في الخدمة "بل في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام لله في صبر كثير، في شدائد في ضرورات، في ضيقات في ضربات في سجون، في اضطرابات في أتعاب، في أسهار في أصوام.. بمجد وهوان، بصيت حسن وصيت رديء" (2كو6: 4- 8). ويقول أيضا "مكتئبين في كل شيء، لكن غير متضايقين. متحيرين لكن غير بائسين. مضطهدين لكن غير متروكين، مطروحين لكن غير هالكين" (2كو4: 8، 9). ويشرح الرسول أمثلة من المتاعب التي احتملها في (2كو 11: 23 – 29). يكفى قوله "في الأتعاب أكثر" ولكنه احتمل كل هذا، واكتسب أكاليل من الاحتمال. وكما نذكر بولس الرسول نذكر كثيرين من شخصيات الكتاب. مثال ذلك العذابات التي تحملها القديس يوحنا الإنجيلي مع نفيه إلى جزيرة بطمس، حيث كتب سفر الرؤيا وفي أوله "أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة" (رؤ1: 6). كذلك دانيال النبي وكيف ألقوه في جب الأسود (دا 6) والثلاثة فتية وإلقاؤهم في أتون النار (دا 3) ولا ننسى قول السيد المسيح لتلاميذه "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب" (مت 10: 16) "سيسلمونكم إلى مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم. وتساقون أمام ملوك وولاة من أجلي.. وتكونون مبغضين من الجميع من أجل أسمي" (مت 10: 17، 22). والرسل احتملوا كل هذا وصبروا. والصمود يمنح الخادم قوة روحية من الرب. يمنحه قوة في الرجاء فلا ييأس. كما يقويه أيضًا في الرجاء، مؤمنًا أن الرب لابد سيتدخل ويصلح كل شيء. وهكذا ينال فضيلة أخرى هي انتظار الرب. كما قال المرتل في المزمور "انتظر الرب. تقو وليتشدد قلبك وانتظر الرب" (مز 27: 14). وهكذا قال في خبراته الروحية أيضًا "انتظرت نفسي الرب من مَحْرَس الصبح حتى الليل" (مز130) نقطة أخرى تميز الخدمة وتسبب نجاحها وهي: |
||||
30 - 10 - 2021, 12:54 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: أهمية الخدمة وعموميتها
اهتم أن تكون خدمتك روحية وعميقة. # روحانية الخدمة: كثير من الناس خدمتهم مجرد نشاط يستهلك كل طاقاتهم: هم عبارة عن شعلة متحركة من الإنتاج والعمل، ولكن بلا روح. مثل هذه الخدمة لا تفيدك روحيًا، لأن الله لا نصيب له فيها.. بل كثيرًا ما يحدث أن هذا النشاط الحركي المتزايد، يعطل في مشغولياته العمل الروحي. فتجد مثلًا أمينًا لمدارس الأحد، له طاقاته الواسعة من جهة تطبيق المناهج، وكراسات التحضير، واجتماعات الخدام، واجتماعات الشباب، والمكتبة والنادي، والنشاط الصيفي.. وتسأله عن نفسه وروحياته، فلا يجد لها وقتًا. فتفتر حياته، وبالتالي تفتر أيضًا خدمته، وتجدها مجموعة ضخمة من التنظيمات، بلا روح. لا تفيد حياته ولا تفيد الآخرين.. وتتحول الخدمة إلى أمور إدارية بحته. وربما يحدث هذا الأمر أيضًا بالنسبة إلى الخدمة الاجتماعية، وإلى خدمة الملاجئ والمسنين، والمغتربين، ومجالس الكنائس.. وفي هذا العمل الإداري قد تكثر المناقشات والمجادلات والضجيج والصياح. وربما المنافسات أيضًا والحزبيات. وفي هذا كله تضيع روح الخادم. لأن الخدمة لم تتسم بالطابع الروحي. ولم يكن الله شريكًا فيها. ولم تدخل فيها الصلاة ولا التنفيذ العملي للوصية. حاول إذن في كل خدمة تخدمها، أن تبعد عن الروتين والشكليات، وأن تدخل الله فيها، ويكون لها الطابع الروحي.. حتى في الأعمال الإدارية فلتكن لها "روحانية الإدارة". وهذه عبارة تحتاج منا إلى موضوع خاص يشرح تفاصيلها.. فرق كبير بين رجل الله حينما يدير، وأهل العالم في إدارتهم. إذن في خدمتك، ابعد عن الأخطاء الروحية. أبعد عن أسلوب الأمر والنهى، وليكن لك روح الاتضاع وأدب التخاطب مع الصغير كما مع الكبير. ومهما أوتيت من سلطة في الخدمة، لا تكلم الناس من فوق ولا تتعال على أحد، ولا تدخل إلى قلبك روح السيطرة والتسلط. وتذكر قول الرب "أكبركم يكون خادمًا لكم. لأن من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع" (مت 23: 11). وأيضًا "إن ابن الإنسان لم يأت ليخدم، بل ليخدم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت 20: 28). لذلك لا تجعل الخدمة تفقدك وداعتك وتواضعك. إن وجدت صوتك بدأ يعلو ويحتد في الخدمة، لابد أن تحترس وتراجع نفسك. وإن وجدت أنك بدأت تتحدث عن نفسك وما تفعله من أمور عظيمة، احترس أيضًا لئلا شيطان المجد الباطل يحصد كل ما زرعته في الخدمة. وإن نظرت باحتقار إلى غيرك، مقارنًا بين مستواه ومستواك، فاعرف أن الكبرياء قد دخلت إلى نفسك.. ضع أمامك إذن قول الرسول "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك. فإنك إن فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تى 4: 16). قل لنفسك باستمرار: أنا ما دخلت إلى الخدمة لكي أقع في خطايا جديدة، إنما لكي أنمو روحيًا. في الخدمة أيضًا أحترس من الذات الـEgo لا تجعل الخدمة وسيلة لكي ترتفع بها أو تبنى كرامتك. فأنت فيها مجرد خادم للرب، تقول عنه كما قال القديس يوحنا المعمدان "ينبغي أن ذلك يزيد، وأنى أنا أنقص" (يو 3: 30) أو كما قيل في المزمور "ليس لنا يا رب ليس لنا. لكن لاسمك القدوس أعط مجدًا" (مز 115: 1). احترس من إنذار الرب للرعاة الذين يرعون أنفسهم (خر 34: 8-10). وليكن هدفك هو ملكوت الله، وخلاص الناس.. وليس نفسك وكرامتك. الخدمة المفيدة روحيًا، هي التي تنسى فيها كلمة أنا. كثيرون دخلوا في الخدمة. وبعد حين بدأوا يهملون أنفسهم، وينشغلون بتدبير الخدمة، ثم يصطدمون بالكنيسة، وكاهن الكنيسة، ومجلس الكنيسة، والعاملين في الكنيسة. ويتحدثون عن تصرفات هؤلاء وأولئك، وما يفعلونه من خطأ ومن صواب، ويركزون على الخطأ! وتصبح أخطاء الآخرين، أو ما يظنونها أخطاء، هي موضع حديثهم الدائم وإدانتهم المستمرة. بل يتحولون من الإدانة إلى التشهير، ويفسدون عقول غيرهم. والعجب أنهم يغطون كل ما يقعون فيه من إدانة وتشهير، بتبرير هو الدفاع عن الحق!! وباسم الدفاع عن الحق يقعون في خطايا لا تحصى. ويدخلون في خصومات وانقسامات. ولكي ينتصروا في حروبهم، يحاولون أن يكسبوا أكبر عدد ممكن ينضم إليهم في الإدانة والتشهير. ويَتَعَكَّر جوّ الخدمة، ويفقد روحانية، يفقد روح المحبة، ويفقد الوداعة والبساطة!! وهل كل هذا من أجل الدفاع عن الحق؟! دون أن يسأل أحد نفسه: هل من حقي أن أفعل كل هذا؟ ودون أن يسأل نفسه: هل هذا هو الأسلوب الروحي الذي أدافع به عن الحق؟! ما أكثر الذين ضاعوا وأضاعوا غيرهم، وهم في الخدمة!! لكي تنتفع روحيًا، اهتم في خدمتك بالعمل الإيجابي وليس بالسلبيات. دع أمامك المثل الذي يقول "بدلًا من أن تلعنوا الظلام، أضيئوا شمعة". كن قدوة للكل، وثق أن هذه في حد ذاتها رسالة وخدمة.. واعرف أن العمل الإيجابي البناء هو الباقي على الدوام، ولا ينتقدك فيه أحد، ولا تخطئ فيه إلى أحد. أما الانشغال بالسلبيات، فإنه يتعب فكرك وروحك. وربما تصل به إلى أسلوب الهدم ويوقعك في خطايا كثيرة. أليس الأفضل لك أن لا تخدم، من أن تخدم بأسلوب يوقعك في الخطية؟! وتصبح فيه عثرة لغيرك. وقد قال الرب "ويل لمن تأتي بواسطته العثرات" (لو 17: 1). |
||||
30 - 10 - 2021, 09:48 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أهمية الخدمة وعموميتها
في منتهى الجمال ربنا يباركك |
||||
30 - 10 - 2021, 09:56 AM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: أهمية الخدمة الجيدة وعموميتها
مرور جميل ورالئع
ربنا يباركك |
||||
30 - 10 - 2021, 10:09 AM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: أهمية الخدمة الجيدة وعموميتها
مشاركة جميلة جدا ربنا يفرح قلبك |
||||
30 - 10 - 2021, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: أهمية الخدمة الجيدة وعموميتها
شكرا للمرور الغالى جدا جدا جدا |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الجدية في الخدمة، تشمل الجدية أيضا في قدوة الخادم |
اعرف أهمية التغذية الجيدة |
الجدية في الخدمة |
أهمية الجدية |
أهمية الخدمة وعموميتها |