رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو موقف السيد المسيح من قِيامَة الموتى؟ جاء جواب يسوع لتقويم واقف الصّدُّوقيين والتأكيد لهم على الإيمان بالقِيامَة من خلال أجابته من التوراة، كتابات مُوسى، المصدر الذي يحترمونه. فحاول أن يُجيب على اعتراضاتهم حول كيفية قِيامَة الأجساد، وحقيقة القِيامَة. ا) الاعتراض الأول على كيفية القِيامَة اعترض الصِّدُّوقيون على كيفية الزواج في الآخرة كي يجعلوا فكرة القِيامَة تبدو سخيفة وبالتالي كيف تكون قِيامَة؟ سألوا يسوع "فَهذِهِ المَرأَةُ في القِيامَة لأَيِّهم تَكونُ زَوجَة، لِأَنَّ السَّبعَةُ اتَّخَذوها امَرأَةً؟" (لوقا 20: 33). أجابهم يسوع " أَنتُم في ضَلالٍ لأَنَّكُم لا تَعرِفونَ الكُتُبَ ولا قُدرَةَ الله" (متى: 22: 29). إنَّ الأهم هو معرفة قوة الله، لا معرفة كيفية الزواج في الآخرة. إنَّ الزواج من الناحية الجسدية أي الناحية التي تتعلق بها شريعة الزواج من زوجة الأخ بعد موته، جائز فقط في هذا العالم حيث يتسلط فيه الموت فيصبح بقاء الجنس ضرورة حتمية. يوضّح يسوع في الوقت نفسه للفريسين الذين يؤمنون بالقِيامَة بعكس الصِّدُّوقيين ولكنهم يفسرون حياة الإنسان بعد الموت وكأنها مجرد استكمال للحياة الأرضية. ويؤكِّد يسوع أنَّ هنالك تغيّر جذري يتم في القِيامَة. الحياة بعد الموت لها قوانين غير قوانين الحياة على الأرض، لذا فهي لا تخضع لقوانين هذه الحياة ولا تسري عليها تلك القوانين. في العالم الأرضي يتزوّج فيه الناس، وأمَّا العالم الآخر لا يتزوجون فيه، العالم الأرضي يموت فيه الناس، والعالم الآخر لا يموتون فيه، وبالتالي لا يحتاجون إلى إنجاب كائنات جديدة. الناس في العالم الآخر يكونون أشبه بالملائكة في القِيامَة: لا موت ولا زواج، لأنهم أبناء القِيامَة " لِأَنَّهُم أَمثالُ المَلائِكَة، وهُم أبناءُ اللهِ لِكَونِهِم أَبناءَ القِيامَة" (لوقا 20: 36). ولذلك في القِيامَة يخرج الناس عن حدود البشر، وعن شروط الأرض. إذ يتضمن الرجاء المسيحي تجديداً كاملا للشخص، ويفترض في الوقت نفسه تغييرا كلياً للجسد، الذي صار روحانيّا، وغير قابل للفساد وخالداً كما جاء في تعليم بولس الرسول "يُزرَع جِسْمٌ بَشَرِيٌّ فيَقومُ جِسْمًا رُوحِيًّا...فلا بُدَّ لِهذا الكائِنِ الفاسِدِ أَن يَلبَسَ ما لَيسَ بِفاسِد، ولِهذا الكائِنِ الفاني أَن يَلبَسَ الخُلود" (1 قورنتس 15: 35-53). نستنتج مما سبق أنَّ الحياة في القِيامَة هي امتداد هذه الحياة، لكن مع أجساد مُمجدّة على مثال جسد يسوع القائم من الموت. إذ أنَّ قصّة لقاءات المسيح مع تلاميذه بعد قيامته تعطي نوعا ما فكرة عمّا يحدث بالقِيامَة، فهي تمنحنا جسداً مُمجَّداً لا يخضع لقوانين الطّبيعة المعروفة، ولا يرتبط لا بمكان ولا بزمان. ويتنقّل بجسده دون مانع أو حاجز. فهو يدخل في البيوت المغلقة كالرّيح يهب من كل صوب ولا نعرف عنه متى يأتي وأين يذهب، فمثلا بينما يسوع القائم من بين الأموات يقاسم تلميذي عمّاوس كسر الخبز، يختفي عن الأبصار. وبكلمة موجزة في القِيامَة يصبح الموت عبور من حياة لها نهاية حياة أخرى ممجدة لن تنتهي أبداً حيث ينتقل المؤمن من مقرّ أرضيّ مقرّ ابديّ حيث الحياة والسعادة والمجد مع المسيح وفي المسيح. ب) الاعتراض الثاني على حقيقة القِيامَة ينطلق يسوع من الكتاب المقدس للردَّ على اعترض الصِّدُّوقيين. وكان يمكن للسيِّد المسيح أن يؤكّد لهم القِيامَة من كتابات الأنبياء (هوشع 13: 14، حزقيال 37: 1-؛14 أشعيا 36: 19، مز مور 104: 29)، ولكنه أراد أن يستند سفر التكوين الذي يؤمن به الصِّدُّوقيون. وقد استند يسوع لإثبات حقيقة قِيامَة الموتى على كلام الله لمُوسى النبي، وعلى قدرة الله، وعلى المنطق وعلى ربط الإيمان بقِيامَة الموتى بشخصه القائم من بين الأموات. الحجة الأولى: كلام الله لمُوسى النبي استند يسوع لإثبات حقيقة قِيامَة الموتى على كلام الله لمُوسى النبي، المصدر الّذي يحترمونه الصدّوقيّون. إن كان الإله الّذي يؤمن به الصِّدُّوقيون هو إله العهد، العهد مع إبراهيم ومع اسحق ومع يعقوب، كما ورد في التوراة عن كلام الله لمُوسى النبي "إِذهَبْ وأجمَعْ شُيوخَ إِسْرائيلَ وقُلْ لَهم: "الرَّبُّ إِلهُ آبائِكُم تراءَى لي-إِلهُ إِبْراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب" (خروج 3: 6) فلا يمكن لأيّ شيء، ولا حتّى الموت، أن يعيق العهد دائم. وإذا صحّ أنَّ الله جعل من نفسه صديقا للآباء، فصداقته للأبد، لان عبارة " إِلهُ إِبْراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب" تشير اختيار الله وأمانته لمختاريه، ولا يستطيع الموت أن يضع حداً لاختيار الله وأمانته من ناحية، ومن ناحية أخرى من حيث أنَّ الله هو إله أحياء لا إله أموات، فلا بُد أن هؤلاء أحياء عنده، وإن كانوا أحياء، فلا بدَّ أنّ القِيامَة موجودةٌ وحقيقيّة. ومن هذا المنطلق، الحياة الأخرى متضمنة في كتابات مُوسى التي اقتبسوا منها "أنا إِلهُ أَبيكَ، إِلهُ إِبْراهيم وإِلهُ إِسحق وإِلهُ يَعْقوب" (خروج 3: 6). نستنتج مما سبق أنَّ الحجة الأولى قائمة على اختبار الشركة مع الله. "إِذ دعا الرَّبَّ إِلهَ إبراهيم وإِلهَ إِسحق وإِله يَعقوب" فهذا دليل على القِيامَة والحياة الأبدية التي يستمتع بها كل المؤمنين به. ولذلك فانَّ أمواتنا أحياء، يحيون بالله، ولكي نقبل هذه العقيدة يجب أولاً الإيمان بالله، الإيمان بانه تعالى هو الذي أرادنا وأعطانا الحياة، ولا يرغب في أن يجد نفسه يوما أمام جثثٍ وقبورٍ. الربُّ هو إلهٌ حيٌّ لناس أحياء. فكيف سيتحقق هذا على ارض الواقع؟ هنالك كثير من العجائب لم يُفسرها العقل. الحجة الثانية: قدرة الله استند يسوع لإثبات حقيقة قِيامَة الموتى أيضا على قدرة الله. صرّح يسوع " أَنتُم في ضَلالٍ لأَنَّكُم لا تَعرِفونَ الكُتُبَ ولا قُدرَةَ الله " (متى 22: 29). فالصِّدُّوقيون لا يجهلون الكتب المقدسة فحسب، ولكنهم أيضا لا يعرفون قوة الله، فالسماء أبعد من إدراكنا وتخيلنا كما قال بولس الرسول "ما لم تَرَهُ عَيْنٌ ولا سَمِعَت بِه أُذُنٌ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَر، ذلكً ما أَعدَّه اللهُ لِلَّذينَ يُحِبُّونَه" (1 قورنتس 2: 9). وتتجلى قدرة الله بصفة خاصة في القِيامَة "وجُعِلَ ابنَ اللهِ في القُدرَةِ، بِحَسَبِ روحِ القَداسة، بِقِيامتِه مِن بَينِ الأَموات، أَلا وهو يسوعُ المسيحُ ربّنا" (رومة 1: 4)؛ وفي موضع آخر يقول بولس الرسول " فالَّذي أَقامَ يسوعَ المسيحَ مِن بَينِ الأَموات يُحْيي أَيضًا أَجسادَكُمُ الفانِيةَ بِرُوحِه الحالِّ فيكُم "(رومة 8: 11). فعلى الناس إذن أن يؤمنوا بالقِيامَة، وان يسلكوا سلوك أبناء الله، سلوك أبناء القِيامَة. الحجة الثالثة: نظام الله الجديد استند يسوع أخيرا لإثبات حقيقة قِيامَة الموتى على المنطق. الحياة الأبديّة هي حياة فائقة على مستوى ملائكي؛ "َأمَّا الَّذينَ وُجِدوا أَهْلاً لأَن يَكونَ لَهم نَصيبٌ في الآخِرَةِ والقِيامَة مِن بَينِ الأَموات، فَلا الرِّجالُ مِنهُم يَتَزوَّجون، ولا النِّساءُ يُزَوَّجنَ" (لوقا 20: 35). لا تعني هذه الكلمات أنَّ الإنسان لن يعرف شريكته في السماء بل يعني أنَّ نظام الله الجديد لن يكون امتدادا لهذه الحياة، فلن تتطبق عليه نفس القواعد الجسدية والطبيعية. فلا تقوم الحياة الآخرة على مفاهيم أرضيّة، ولا يرتبط فيها الأعضاء بارتباطات جسديّة؛ ففي القِيامَة يُبطل الزواج، ويُصبح الناس كملائكة الربّ. إن علاقاتنا في هذه الحياة محدودة بالزمن والموت والخطيئة وأمَّا الحياة الآتية فلا تُقاس ولا تُفهم بحسب قوانين الحياة الحاضرة. ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "في الحياة الأبديّة نمارس حياة ملائكيَّة فلا يوجد زواج. أنه ليس لأنهم لا يتزوَّجون هم ملائكة، وإنما لأنهم ملائكة فهم لا يتزوَّجون". فإن غايتنا أن ننعم بالحياة الملائكيّة. عند القِيامَة يصبح المؤمنون "أَمثالُ المَلائِكَة فلا يُمكِنُ بَعدَ ذلك أَن يَموتوا، لِأَنَّهُم أَمثالُ المَلائِكَة، وهُم أبناءُ اللهِ لِكَونِهِم أَبناءَ القِيامَة (لوقا 20: 36) لا تحتاج أجسادنا شبع مادي بصورة أو بأخرى، إذ تحمل طبيعة جديدة تليق بالسماء، فلا تأكل ولا تشرب ولا تمارس علاقات زوجية، فالملائكة لا يتناسلون. ويُعلق العلامة ترتليانوس "في حديث الرب هنا عن عدم الزواج في الدهر الآتي لا يعني أن الإنسان يفقد كيانه كإنسان أو يخسر جسده، فكما يُسمح للملائكة أن تظهر على شكل بشر دون أن يفقدوا طبيعتهم الملائكية هكذا نصير نحن كملائكة الله دون فقدان لجسدنا البشري، وإنَّما لا تكون له متطلبات زمنية، بل يحمل طبيعة جديدة تليق بالحياة السماوية". كشف يسوع هنا أحد جوانب غاية الزواج ألا وهو الإنجاب، ففي هذا العالم توجد حاجة للزواج من أجل بقاء الجنس البشري، لكن في السماء بما انه لا يوجد موت، فلا حاجة للإنجاب. ويعلق القديس أوغسطينوس "عندما نصير مساويين لملائكة الله سنراه وجهًا لوجه كما يرونه هم". كذلك نحن في العالم نحتاج الزواج بسبب موت الجسد، لكننا عندما نصير كالملائكة لا تدخل إلينا الخطيّة ولا نسقط تحت الموت، فلا حاجة زواجٍ لإنجاب أجيال تالية عِوضاً من الجيل القائم. ويُعلق القديس أمبروسيوس الأسقف " كانَت قِيامَة الموتى، لتُهزَمَ الخطيئةُ بالموتِ، وتُصبِحَ الطبيعةُ بالقِيامَة خالدة". الحجة الرابعة: قيامة يسوع المسيح يعلِّمنا الإيمان المسيحي "أنّ الموت الجسدي لم يكن الإنسانُ ليخضع له لولا الخطيئة، وأنّ هذا الموت سيُغلَب عندما يعيدُ المخلِّصُ الرحوم والكلّي القدرة إلى الإنسان الخلاص الذي خسره بخطيئته. إنّ هذا الانتصار قد حقّقه المسيحُ بقيامته مُحرّرًا الإنسان من الموت بموته "(“فرح ورجاء"، دستور رعائي في الكنيسة في عالم اليوم، العدد 18). ويُعلق القدّيس أنَسطاس بطريرك أنطاكية "فقَد ماتَ المَسيحُ وعادَ إِلى الحَياة لِيَكونَ رَبَّ الأَمواتِ والأَحْياء" (رومة 14: 9). لكن "ما كانَ الله إلهَ أَموات، بل إِلهُ أَحياء" (لوقا 20: 38). لذا، بما أنّ ربّ الأموات هذا حيّ، فإنّ الأموات لم يعودوا أمواتًا بل أحياء؛ وكما "أَنّ المسيح، بَعدَما أُقيمَ مِن بَينِ الأَموات، لن يَموتَ بعدَ ذلِك ولن يَكونَ لِلمَوتِ علَيه مِن سُلطان" (رومة 6: 9)، هكذا هم أيضًا لن يروا الموت بعد أن أقيموا وحُرِّروا من حالتهم الفانية، وسوف يشاركون في قيامة المسيح كما شارك هو في موتنا"(العظة رقم 5 عن قيامة المسيح). إن الإثبات المطلق على القِيامَة هو الربّ يسوع وانتصاره على الموت حين قام من القبر. واستند يسوع لإثبات حقيقة قِيامَة الموتى على ربط الإيمان بشخصه أذ قبل أن يُقيم يسوع لعازر من الموت هتف " أَنا القِيامَة والحَياة مَن آمَنَ بي، وَإن ماتَ، فسَيَحْيا وكُلُّ مَن يَحْيا ويُؤمِنُ بي لن يَموتَ أَبَداً. أَتُؤمِنينَ بِهذا؟ " (يوحنا 11: 25-26). يعلق القدّيس أوغسطينوس " ما معنى هذا الكلام؟ "مَن آمَنَ بي، وإنْ ماتَ مثل لِعازَر، فسَيَحْيا" لأنّ الله ليس إله أمواتٍ، بل إله أحياء. آمِنْ إذًا، وإنْ مُتَّ، فسَتَحْيَ! لكن إنْ لم تؤمِنْ، حتّى لو كنتَ حيًّا، فأنتَ في الحقيقة مَيت. من أين يأتي موت النّفس؟ من فقدان الإيمان. ومن أين يأتي موت الجسد؟ من فقدان النّفس. إذًا فالإيمان هو نَفسُ النّفس" (عظات عن إنجيل القدّيس يوحنّا). يسوع نفسه هو الذي سيُقيم في اليوم الأخير الذين امنوا به " الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: تَأتي ساعةٌ -وقد حَضَرَتِ الآن -فيها يَسمَعُ الأَمواتُ صَوتَ ابنِ الله والَّذينَ يَسمعَونَه يَحيَوْن" (يوحنا 5: 25). يُقيم يسوع الذين أكلوا جسده وشربوا دمه "مَن أَكل جَسَدي وشرِبَ دَمي فلَه الحَياةُ الأَبدِيَّة وأَنا أُقيمُه في اليَومِ الأَخير"(يوحنا 6: 54). وقد أعطى علامة وعربونا بإعادة الحياة لبعض الموتى كإحياء ابنة يائيرس، رئيس المجمع (مرقس 5: 21-43) وإحياء ابن أرملة نائين، (لوقا 7: 11-17) وإحياء لعازر (يوحنا 11: 45) مشيرا بذاك قيامته الخاصة، مع أنَّ هذه ستكون من نوع أخر. لأنه إن كان الموتى لا يقومون، فلا يكون المسيح قد قام "فإِن لم يَكُنْ لِلأَمواتِ مِن قِيامَة، فإِنَّ المسيحَ لم يَقُمْ أَيضًا. وإِن كانَ المسيحُ لم يَقُمْ، فتَبشيرُنا باطِلٌ وإِيمانُكُم أَيضًا باطِل" (1قورنتس 13-14). يعلن قانون إيمان الرسل "نترجى قِيامَة الموتى"، ويعمم هذه القِيامَة "سيقوم جميع الموتى بأجسادهم في اليوم الأخير عند المجيء الثاني للرب يسوع الذي صرَّح "مَشيَئةُ الَّذي أَرسَلَني أَلاَّ أُهلِكَ أَحَداً مِن جَميعِ ما أَعْطانيه بل أُقيمُه في اليَومِ الأَخير. فمَشيئةُ أَبي هيَ أَنَّ كُلَّ مَن رأَى الِابنَ وآمَنَ بِه كانَت له الحياةُ الأَبَدِيَّة وأَنا أُقيمُه في اليَومِ الأَخير" (يوحنا 6: 39-40). وسيقوم الموتى بالجسد عينه الذي كانوا يلبسونه على الأرض. وأجساد الأبرار ستتغيَّر وتتمجّد على مثال جسد المسيح القائم من الموت" الَّذي سيُغَيِّرُ هَيئَةَ جَسَدِنا الحَقير فيَجعَلُه على صُورةِ جَسَدِه المَجيد بما لَه مِن قُدرَةٍ يُخضِعُ بِها لِنَفْسِه كُلَّ شيَء" (فيلبي 3: 21). أمَّا أجساد الأشرار خالدة بغير فساد، لكن لن تكون ممجّدة. عدم الفساد لا بدَّ منه لعقاب الجسد الأبدي في جهنم "إِذا كانت عينُكَ حَجَرَ عَثرَةٍ لَكَ، فَاقْلَعْها وأَلقِها عنكَ، فَلأَن تَدخُلَ الحياةَ وأَنتَ أَعَور خَيرٌ لكَ مِن أَن يكونَ لكَ عَينان وتُلقى في جَهَنَّمِ النَّار" (متى 18: 9). نستنتج مما سبق أن الإيمان بالقِيامَة يمنح الإنسان إمكانية عيش حياة مختلفة، تمكنه من أن يبقى بعيدًا عن الخوف من الموت، لأن كل من يثق بالآب سيبقى حيًا، ولا يمكن أن يموت كما اكَّد يسوع "فلا يُمكِنُ بَعدَ ذلك أَن يَموتوا، لِأَنَّهُم أَمثالُ المَلائِكَة، وهُم أبناءُ اللهِ لِكَونِهِم أَبناءَ القِيامَة" (لوقا 20: 36)، وليس عليه أن يقلق لاستمرارية حياته لأنه يستطيع منذ الآن أن يتذوق حياة لا تعرف الموت كما صرَّح يسوع لمرتا " أَنا القِيامَة والحَياة مَن آمَنَ بي، وَإن ماتَ، فسَيَحْيا" يوحنا 11: 25).فمن يثق بيسوع ويضع حياته بين يديه لا يمكن أن يموت بعد ذلك، لأنَّ العلاقة مع الله من خلال يسوع هي ضمانة قيامتنا بعد الموت الأرضي. ومن هنا لا تنتهي حياة المؤمن مع الزمن، لأنّ هدفها هو الأبديّة. ويختبر المؤمن بهجة الخلاص في العالم الحاضر، ولكنّه يتمتّع بالخلاص الكامل من جميع الوجوه في السماء. فهناك حياة أبديّة، التي يدخل فيها الإنسان منتصراً على الموت بالقِيامَة. كشف الروح القدس الحياة التي يرغب في أن يُشركنا فيها على امتداد الأبديّة كما جاء في تعليم بولس الرسول "ما لم تَرَهُ عَيْنٌ ولا سَمِعَت بِه أُذُنٌ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَر، ذلكً ما أَعدَّه اللهُ لِلَّذينَ يُحِبُّونَه. فلَنا كَشَفَه اللهُ بِالرُّوح، لأَنَّ الرُّوحَ يَفحَصُ عن كُلِّ شَيء حتَّى عن أَعماقِ الله" (1 قورنتس 2: 9-10). هل نحن نؤمن حقاً بالقِيامَة؟ وهل إيماننا بالقِيامَة هذا يُؤثر أو يُسيِّر ويقود طريقة عيشنا في هذه الأرض، وبعد موتنا في الحياة الأبدية؟ يقول القديس بولس: وإِذا لم يَكُنِ المسيحُ قد قام، فإِيمانُكم باطِل ولا تَزالونَ بِخَطاياكم، ونَحنُ أَحقُّ جَميعِ النَّاسِ بِأَن يُرْثى لَهم" (1 قورنتس 15: 19). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيها الآب السماوي، انزع من قلوبنا كلَّ شك حول قِيامَة الموتى |
ما هو موقف الصِّدُّوقيين من قِيامَة الموتى |
كيف تتمّ قِيامَة الموتى أو الأجساد |
قد كشف الله قِيامَة الموتى لشعبه تدريجيا |
معنى قِيامَة الموتى |