رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر الرؤيا 4 ( الرؤيا الأولي ) السبت 19 اكتوبر 2013 بقلم قداسة البابا شنودة الثالث رأي فيها يوحنا السيد المسيح في منظر مهيب جدا ولأن الرؤيا عظيمة كهذا مهد لها الرب تمهيدا لازما من جهة الحالة ومن جهة الوقت ومن جهة التدرج.. فمن جهة الحالة قال القديس يوحنا كنت في الروحرؤ1:10 أي كان في حالة روحية فائقة للطبيعةكما أظنكما لو كان لايشعر بوجوده في الجسد.. كما قال القديس بولس الرسول مرة في الجسد أم خارج الجسد لست أعلم الله يعلم2كو12:3 كان يلزم للقديس يوحنا أن يكون في الروح لكي يحتمل ويستوعب ذلك المنظر الروحي وماذا أيضا؟ +++ يقول إن كانفي يوم الربرؤ1:10أي باليونانية كيرياكيأي يوم الأحد في يوم مقدس.. في يوم الأحد الذي قدسه الرب بقيامته فيه وبظهوره فيه للتلاميذ إذ نفخ في وجوههم وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياهم غفرت لهم ومن أمسكتموها عليهم أمسكتيو20:23,22 وفي نفس يوم الأحد الذي حل فيه الروح القدس علي التلاميذيوم البنطقستيوكان يوم مولد الكنيسة وتأسيسها وبدء المواهب الروحية التي ساعدت علي نشر الإيمان. نعم في مثل هذا اليوم المقدس تراءي الرب ليوحنا لأنه ليست كل الأيام في درجة واحدة بل إن يوما يفوق يوما في القدسية وفي مدي صلاحيته للرؤيا الإلهية. +++ ومع ذلك ظهر الرب في تدرج لكي يحتمل.. + لم يظهر له مرة واحدة ووجهه يضيء كالشمس في قوتهارؤ1:16فهذا صعب عليه إذ لم يتعود أن يري المسيح هكذا... +إن القديس بولس الرسول,لما رأي الرب في طريق دمشقأع9لم يحتمل النور وسقط علي الأرض ولم يستطع أن يبصر واحتاج فيما بعد إلي أن القديس حنانيا وضع يديه عليه...فللوقت وقع من عينيه شيء كأنه قشور فأبصر...أع9:18,17 +ودانيال النبي قال عن رؤياه فيما كان الملاك جبرائيل يشرح له:وإذ كان يتكلم معي كنت مسبخا علي وجهي إلي الأرض فلمسني وأوقفني علي مقاميدا8:18...وأنا دانيال ضعفت ونحلت أياما ثم قمت..وكنت متحيرا من الرؤيا ولافاهمدا8:27. + ومويسي النبي قال له الرب:لاتقدر أن تري وجهي لأن الإنسان لايراني ويعيشخر33:20وجعله الرب في نقرة من الصخرة وستر بيده عليه حتي اجتاز مجدهخر33:22. +++ لذلك كان لابد من التدرج مع يوحنا فكيف كان ذلك؟ ابتدأ الأمر بصوت من ورائه ثم حديث ثم منظرشبه ابن إنسان ثم المنظر الإلهي وفي هذا يقول القديس يوحنا: سمعت ورائي صوتا عظيما كصوت بوق قائلا أنا هو الألف والياء الأول والآخر والذي تراه اكتب في كتاب وأرسل إلي السبع الكنائس التي في آسيا إلي ..وإلي..فالتفت لأنظر الصوت الذي تكلم معي فلما التفت رأيت سبع منابر من ذهب وفي وسط السبع منائر شبه ابن إنسان...رؤ1:10-13. حقا إن التدرج لازم ومناسب لطبيعتنا البشرية الضعيفة +بشيء من التدرج ظهر الرب في قيامته لمريم المجدلية بشخص ظنته البستاني..إلي أن ناداها باسمها فعرفتهيو20 + وبالتدرج ظهر للأحد عشر ليس أولا بجسد ممجد كجسد الصعود بل بجسد له لحم وعظام يمكنهم أن يروه ويجسوه..بجسد يمكنهم أن يقدموا له سمكا مشويا وشيئا من شهد فأخذ وأكل قدامهم لو24:39-43 وأخيرا رأوا لاهوته في صعودهأع1لو24:51 + وبالتدرج أيضا ظهر للقديس يوحنا الرائي فكيف ؟ +++ لم تظهر له الرؤيا مواجهة وجها لوجه فجأة فلا يحتمل... + إنما سمع وراءه صوتا صوت بوق يشعره بأن هناك شيئا هاما وعظيما سيحدث حتي إذا التفت إلي ورائه ليدرك ما الذي يحدث كانت الخطوة التالية أنه سمع عبارةأنا هو الألف والياء الأول والآخر...وهذا لقب من ألقاب الله وحده كما ورد في سفر إشعياء النبيأنا الأول,وأنا الآخر ولا إله غيريأش44:6أنا هو أنا الأول وأنا الآخر ويدي أسست الأرض ويميني نشرت السمواتأش48:13,12 + وبهذا فإن الذي يكلمه يعلن له لاهوته لأن الله وحده هو الأول كما قالأنا هو.. قبلي لم يصور إله وبعدي لايكون أنا أنا الرب وليس غيري..1ش43:10. والمخلوق لايمكن أن يكون الأول فلابد من خالق قبله قد خلقه,والخالق هو الأول. +++ إذن بدأ القديس يوحنا يشعر أنه أمام الله, والله يكلمه. يذكرنا هذا بكلام الرب مع موسي من العليقة حيث قال له معلنا ذاته أنا إله أبيك:إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوبخر3:6إنه تمهيدي أن يعلن الله ذاته أولا. + وبعد أن أعلن الرب ذاته ليوحنا منحه فترة زمنية ولم يجعله يراه بعد ذلك مباشرة إنما قال لهوالذي تراه اكتب في كتاب وأرسل إلي السبع الكنائس التي في آسيا... + إذن انس أنك في نفس وانس جزيرة بطمس وتذكر أنك رسول وأنك أمام الرب يكلفك برسالة.. +يقول يوحنا فالتفت لأنظر الصوت الذي تكلم معيومع كل ذلك التمهيد لم ير الرب مباشرة إنما رأي تمهيدا آخر. +++ يقول فرأيت سبع منائر من ذهب وفي وسط السبع المنائر شبه ابن إنسان متسربلا بثوب إلي الرجلين ومتمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب..رؤ1:13,12. وفيما بعد قيل لهإن المنائر السبع التي رأيتها هي السبع الكنائسرؤ1:20. وكونها من ذهب لأنها غالية وثمينة عند الله وهكذا نري في العهد القديم مذبح الذهبخر39:38ومبخرة من ذهب عب9:4إشارة إلي أهمية العبادة والذبائح ونري رداء هارون يبرز فيه عنصر الذهبخر39:2إشارة إلي القيمة العالية لسر الكهنوت ونري قسطا من ذهب فيه المن إشارة إلي عظمة الطعام النازل من فوق بل نري أن الذهب كان من تقدمات المجوس للسيد المسيح في طفولتهمت2:12إشارة إلي عظمة ملكة. بنفس المعني كانت المنائر السبع من ذهب رمزا عظمة الكنائس حقا قد يكون لبعض رعاتها أخطاء ولكن هذا لايمنع إطلاقا من عظمة الكنيسة. +++ وفي وسط هذه المنائرالكنائسرأي شبه ابن إنسان . وعبارةابن الإنسانهي لقب معروف للسيد المسيح تكرر مرارا عديدة في الأناجيل المقدسة ليذكرنا بأهمية التجسد الإلهي لخلاص البشر كما ذكر هذا اللقب أيضا في نبوءة دانيال النبيدا7:13. لكنه في هذه الرؤيا ذكر عبارةشبه ابن إنسانلأنه علي الرغم من ناسوته كانت له صفات من الرهبة والمخافة والعظمة لايمكن أن يتصف بها إنسان عدي...حتي أن القديس يوحنا يقول فلما رأيته سقطت عند رجليه كميترؤ1:17. أنه هو نفسه ابن الإنسان الذي كان القديس يوحنا يوحنا يتكيء علي صدره ولكنه في حالة من التجلي الرهيب. لعلها مجرد لمحة عن لاهوته الذي عبر عنه بقوله:أنا هو الألف والياء الأول والآخررؤ1:11. +++ يقول عنه القديس الرائي أيضا أنه كان متسربلا بثوب إلي الرجلين ومتمنطقا بمنطقة من ذهبرؤ1:13 + الثوب إلي الرجلينيالنسبة إلي البشر دليل علي الحشمة أما بالنسبة إلي الرب والملائكة وأرواح القديسين فدليل علي الوقار والمهابة أنه درس لنا أن السيد المسيح يظهر متسربلا بثوب إلي الرجلين. نلاحظ أيضا بالنسبة إلي الشاروبيم والسارافيم أنهم كانوا يظهرون وبجناحين يغطون أرجلهممع أنهم ملائكة نلمح هذا أيضا في منظر ملائكة القيامة قيل عن الملاك الذي ظهر للمكريمتين أنلباسه أبيض كالثلجمت28:3.وإنهما رأيا ملاكا لابسا حلة بيضاءمر16:5 أيضا القديس الأنبا بولا السائح الذي قضي 80 سنة وحده لايري وجه إنسان كان قد ضفر له ثوبا من خوص النخيل علي الرغم من أنه كان وحده لا أحد يراه ولكنها الحشمة. كذلك هرون رئيس الكهنة كان ثوبه إلي الرجلين مغطي كله لايري أحد شيئا من جسده هكذا ظهر المسيح رئيس الكهنة الأعظم +++ وكان أيضا متمنطقا بمنطقة من ذهب. والمنطقة تدل علي اليقظة والاستعداد للعمل وهي علامة المجاهدين كيوحنا المعمدان كانت سمنطقة من جلد علي حقويةمر1:6وهكذا إيليا النبي شد علي حقوية وركض1مل18:46 من جهة الاستعداد أمرنا الرب قائلا لتكن أحقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدةلو12:35استعداد لمجيء الرب وبنفس الوضع كانم الشعب يأكلون خروف الفصح وأحقاؤكم مشدودةخر12:11 وكون منطقة المسيح كانت من ذهب فذلك إشارة إلي أهميتها وقد ظهر بها إشارة إلي العمل الذي يقوم به وسط الكنائس. +++ كل ما سبق كان في مرحلة التمهيد والتدرج السبع منائر وشبه ابن إنسان والثوب شرلي الرجلين والمنطقة من ذهب. أما المنظر المخيف فلم يكن يوحنا قد رآه بعد فماذا كان؟ يقول يوحنا الرائي عن المسيحوأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج وعيناه كلهيب نار ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياه كثيرة ومعه في يده اليمني سبعة كواكب وسيف ماض ذو حدين يخرج من فمه ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها رؤ1:14-16 حقا إن وداعة الله في تجسده لاتحجب قوته في لاهوته. هنا ناسوته ولاهوته معا متحدان في طبيعة واحدة في منظر واحد فيه تواضع التجسد وعظمة الطبعة اللاهوتية وما أصدق القديس بولس حينما قالهوذا لطف الله وصرامته رو11:22ش. +++ نلاحظ في هذا المنظر عنصر النار قفي تفاتصيل متعددة سعيناه كلهيب ناررجلاه كأنهما محميتان في أتونوجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها...ألا يذكرنا كل هذا بقول الرسول. لأن الهنا نار آكلهعب12:29 ألا يذكرنا بالنار المقدسة التي كانت تآكل الذبائح وبالنار التي نزلت من السماء حينما تحدي إيليا النبي أنبياء البعل من جهة محرقته فسقطت نار الرب وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب ولحست المياه التي في القناة1مل18:38؟ ألا تذكرنا بالنار في المجمرة ورموزها وبالنار التي كانت تشتعل في العليقة كما رآها موسي النبي؟خر3:2. إن النار ما كانت تخلو منها خيمة الاجتماع ولا الهيكل ولا أية كنيسة في قداساتها وكانت تشير إليها أيضا:السرج. +++ ماذا إذن عن قوله وأما رأسه وشعره فأبيضان..! مع إن يوحنا الرسول لم ير المسيح أبدا بشعر أبيض كالصوف الأبيض كالثلج بل رآه في سن الثلاثين وما بعدها!! هنا الشعر الأبيض يرمز إلي أزليته إلي أنه القديم الأيام مع أنه ظهر في تجسده في ملء الزمان مولودا من إمرأةغل4:4. وعبارة سيف ماض ذو حدين يخرج من فمه. دليل علي قوة كلامه كما قال الرسوللأن كلمة الله حية وفعالة وأمضي من كل سيف ذي حدين وخارقة إلي مفرق النفس والروحعب4:12. +++ أمام هذا وقع يوحنا عند قدميالرب كميت فوضع يده اليمني عليه وقال له:لاتخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتا وها أنا حي إلي إلي أبد الأبد ولي مفاتيح الهاوية والموترؤ1:18,17 نلاحظ أن عبارةالحي وكنت ميتا تدل علي المتكلم هو أقنوم الابن الذي يقول عن نفسه أيضاأنا الأول والآخر وقد كرر هذا اللقب ثلاث مرات في هذا الإصحاحرؤ1:17,11,8. وهذا دليل علي لاهوته لعل شهود يهوه يخجلون أمامه. |
|