رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من جهة رفض التأديبات الإلهية التي تعين النفس على تجميلها روحيًا يرى النبي وجود فريقين: 1. فريق دعاه "المساكين"، هؤلاء ليسوا مساكين بالروح،أي ليسوا متواضعين فينالوا ملكوت الله (مت 5: 3)، إنما هم مساكين بسبب الجهل الروحي، لا يدركون ما وراء التأديبات الإلهية من عمل إلهي، يتذمرون على الضيق ولا يتوبون. عن هؤلاء يقول إرميا النبي: "إنما هم مساكين، قد جهلوا لأنهم لم يعرفوا طريق الرب قضاء إلههم" [4]. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [لإن إرميا قد عرف أن هذه الأشياء (التأديبات) تخص الذين لا يريدون أن يتعلموا والذين لا يفهمون شيئًا عن سياط الله. فإنه يقول بشأن موقفهم هذا: "إنما هم (نفوسهم) مساكين"]. 2. فريق آخر دعاه "العظماء": إذ شعر بمرارة من جهة غير المتعلمين روحيًا انطلق إلى أصحاب المعرفة،أي القيادات الدينية، ليتحدث معهم، فوجد الكبرياء عائقًا عن قبولهم تأديبات الرب. وكأن المساكين يرفضون التأديب عن جهالة، والعظماء عن كبرياء... "أنطلق إلى العظماء وأكلمهم لأنهم عرفوا طريق الرب قضاء إلههم. أما هم فقد كسروا النير جميعًا وقطعوا الربُط" [5]. يرى العلامة أوريجينوسأن الأشرار المساكين يرفضون فهم خطة الله للتأديب، لهذا يطلب من نبيه إرميا أن يتحدث معنا نحن المسيحيين كعظماء، إذ يقول: ["انطلق إلى العظماء (الأقوياء) وأكلمهم". الذين هم عظماء وأقوياء في نفوسهم ذكرهم الكتاب بالتطويب. عندما ينشغل إنسان بأعمالٍ عظيمة، ويكون لديه طموحات ذات قيمة، ويضع باستمرار أمام عينيه أهدافًا واضحة ليعيش دائمًا بحسب الحق الصحيح، ولا يريد حتى أن ينظر إلىأي شيء تافه أو صغير، فإن مثل هذا الإنسان تكون عنده القوة والعظمة في النفس. أما هؤلاء الآخرون الذين كانوا "مساكين" فإنهم لم يسمعوا لكلام الرب كما يقول النبي؛ ولكي نكون أكثر تدقيقًا فإنهم لم يسمعوا لأنهم كانوا مساكين. إذ قيل هذا الكلام لنا نحن أيضًا، فلنصلِ إلى الله حتى نأخذ من عنده قوة وعظمة تمكننا من الاستماع لتلك الكلمات المقدسة، عالمين أن الذين ينطقون بكلمات التوبيخ لا يخسرون شيئًا مثلما يخسر الذين يسمعون ولا يقبلون هذا التوبيخ، والذين يتهمهم إرميا بأنهم مساكين في عقولهم وأفكارهم]. |
|