هوذا آت طافرًا على الجبال، قافزًا على التلال. حبيبي هو شبيه بالظبي أو بغفر الأيائل ومع أن العريس لم يأت بعد -إنه مجرد صوته الذي سمعته العروس- إلا أن قلبها قد امتلأ شوقًا إليه، وحنينًا إلى لقائه، ويقينًا بأن مجيئه أصبح قريبًا جد.. إن هذا الحنين وهذا اليقين هما بعمل الروح القدس الساكن فين.. "الروح والعروس يقولان تعال" وهو له المجد يجيب على القلوب المشتاقة إليه "أنا أصل وذرية داود كوكب الصبح المنير.. أن آتى سريع" (رؤ22: 16-20)، "لأنه بعد قليل جدًا سيأتي الآتي ولا يبطئ" (عب10:37).. ولا يمكن أن يتباطأ الرب عن وعده. وإن كان قد ما يقرب من ألفي عام من وقت أن وعد الرب "أنا آتي سريع" ولكن لا يفوتنا أن (يومًا واحدًا عن الرب كألف سنه وألف سنة كيوم واحد". إن المتحدث هنا هي كنيسة الأمم – تكلم الشعب اليهودي في عتاب جاء متجسدًا خلال اليهود، تعرفت على "كلمة الله" [=واقفًا وراء حائطنا]، يتحدث معنا مباشرة.. لقد تقبلت رسالة تجسده خلال كوى الشريعة وشبابيك الأنبياء.. يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص "لقد بلغ بهاء (الكلمة) إلى الكنيسة أولًا عن طريق الأنبياء. أخيرًا بإعلان الإنجيل زالت ظلال الرموز بتمامها، وانهدام الحائط، واتصل جو البيت الداخلي بنور أعالي السموات. لم تعد هناك حاجة لنور الشبابيك مادام النور الحقيقي قد أضاء كل الداخل بأشعة الإنجيل". إن النفس التي تريد أن تلتقي مع "كلمة الله" الظافر على الجبال القافز على التلال في كمال الحرية يلزمها أن تلتقي به على جبال أسفار العهد الجديد وفوق تلال أسفار العهد القديم. في سفر أرميا نرى الرب يرسل قانصين وصيادين ليقتنصوا البشر على كل جبل وفوق كل تل (أر16:16) إنها نبوة على العمل الكرازي الذي للكنيسة، حيث تصطاد الكنيسة النفوس خلال الكتاب المقدس لتتمتع ببركات الخلاص. على هذه الجبال المقدسة تلتقي النفوس بكلمة الله. فتراه الخاطب الذي يطلب يدها. هناك تسمع صوت دعوته لها فتختبر حبه وتتكشف أسراره الإلهية وتعاين مجده. وكأن النفس ترتفع مع موسى النبي على جبل حوريب فترى العليقة المتقدة نارًا دون أن تحترق (خر3: 2)، فتدرك سر التجسد الإلهي، إذ ترى العذراء مريم وقد حملت جمر اللاهوت دون أن تحترق.. هي تصعد مع موسى على الجبل لتتسلم الشريعة: ليست منقوشة على لوحين من حجر، بل إن الكلمة ذاته يسكن في قلبه.. إنها تجلس مع الجموع لترى يسوع يفتح فاه ويعلم الناس مباشرة دون حواجز. إنها ترتفع معه على جبل تابور في التجلي وتدرك مجده وتسمعه يتحدث مع موسى وإيليا عن الأمور المختصة بخلاص البشر.. وكأنها ترتقي مع جبل التجربة لتراه يجرب ويغلب من أجلها!!