كان لا بدّ للمسيح أن يمنح العالم شيئاً جديدًا برمّته، أكثر إبداعًا وأكثر روعة من أيّ شيء آخر في تاريخ البشريّة كلّها، أعني الفداء والتألّه. ففيه قُيّض للبشرية كلّها أن تُخلَق من جديد وتتألّه. وهذا ما يعنيه بولس الرسول في المقارنة التي يقيمها بين الإنسان الأوّل الذي تكوّن من الأرض، من التراب، والإنسان الثاني الذي أتى من السماء. “فالإنسان الأوّل، آدم، حسب قوله، لم يكن إلاّ نفسًا حيّة، أمّا الإنسان الثاني، يسوع المسيح، فهو روح يحيي” (1 كور 15: 45- 48). ينتج من ذلك أنّ كلّ بشريّة المسيح كان لا بدّ لها أن تكون خليقة جديدة، وأن تكون برمّتها عمل الله دون سواه. وعليه ينطبق ما يقوله يوحنّا الإنجيلي عن المدعوّين لميراث الملكوت: “هو الذي لم يولد من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله” (يو 1: 13). إنّ المسيحيّة، بتأكيدها حبل مريم البتولي، تهدف أوّلاً إلى إعلان إيمانها بأنّ يسوع المسيح هو أوّلاً وآخرًا “ابن الله”. هذا ما يعنيه القول الأوّل من قانون الإيمان: “وتجسّد من الروح القدس”.