|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة الخدمة 7 الخادم الروحي الذي يعمل الله به بقلم قداسة البابا شنودة الثالث إن الله يعمل باستمرار من أجل خلاص البشر وهدايتهم..وهو يعمل من خلال خدامه الروحيين وبواسطتهم.فمن هو الخادم الروحي الذي يعمل الله فيه وبه,ويعمل الله معه؟ إنه الخادم الذي يهتم جدا بأبديته,ولا ينسي نفسه في محيط الخدمة.ولا تصبح الخدمة بالنسبة إليه هي كل شيء وفي سبيلها يضحي حتي بروحياته! والكتاب يعلمنا أهمية وضع خلاص النفس أولا,في قول القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف لاحظ نفسك والتعليم,وداوم علي ذلك,فإنك إن فعلت ذلك تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضا1تي4:16 وهكذا وضع ملاحظة النفس قبل التعليم,وخلاص نفسك قبل خلاص الذين يسمعونك.وهذا واضح لأن الخادم المهتم بخلاصة هو الذي يستطيع أن يخلص الآخرين أيضا. والعكس صحيح لأن الخادم الذي لايهتم بروحياته لا يمكن أن يقدم الروحيات لغيره لأن فاقد الشيء لايعطيه. كما أن الخدمة هي تعبير عن الحب الذي فيك نحو الله والآخرين والذي يفقد هذا الحب,لايكون خادما.وهناك عبارة أخري مخيفة نضعها أمامنا في خدمتنا وهي قول القديس بولس أيضا:أخضع جسدي وأستبعده,حتي بعد ما كرزت لآخرين أصير أنا نفسي مرفوضا1كو9:27.عجبا هذا القديس العظيم الذي صعد إلي السماء الثالثة 2كو12:4,2والذي تعب أكثر من جميع الرسل1كو15:10وصنع آيات وقوات وعجائب يقول لئلا بعد ما كرزت لآخرين أصير أنا نفسي مرفوضا!!إذن هناك خوف أن إنسانا يكرز للآخرين ثم يصير هو نفسه مرفوضا!!إن الاهتمام بخلاص النفس شيء مهم,وقد دعا إليه الرب في رسائله إلي رعاة الكنائس السبع التي في آسيا, ما أعجب قوله لملاك ساردس.إن لك اسما إنك حي,وأنت ميت!!.ويقول له أيضاكن ساهرا..وتب فإني إن لم تسهر أقدم عليك كلص,ولاتعرف في أية ساعة أقدم عليكرؤ3:1-3.وكذلك يقول لملاك كنيسة لاودكيه لأنك فاتر ولست باردا ولا حارا,أنا مزمع أن أتقياك من فميرؤ3:16.ويقول لملاك كنيسة أفسس عندي عليك أنك تركت محبتك الأولي فاذكر من أين سقطت وتب..وإلا فإني آتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتبرؤ:5,4فإن كان الرب قد قال هذا عن الذين دعاهم ملائكة وكواكب وكانوا في يده اليمنيرؤ2:1فماذا نقول نحن عن أنفسنا,ألا نهتم بخلاصنا؟!أقول هذا لئلا تتملكنا الكبرياء فنظن أننا حقا خدام. وربما يحاربنا المجد الباطل,لأن لنا أولادا في الخدمة,لنا تلاميذ ولنا فصول ,ولنا اسم في الكنيسة, إننا من جماعة الخدام أو من الكارزين!!والرسول يقولحتي بعد ما كرزت لآخرين,لا أصير أنا نفسي مرفوضا. فإن كان بولس العظيم يحتاج إلي تدقيق واحتراس وإلي أن يضبط نفسه ويقمع جسده ويستعبده.. فكم بالأولي نحترس نحن ونهتم بخلاصنا. لهذا يحتاج الخادم إلي اتضاع كبير في قلبه..لئلا تأخذه الكبرياء,ويظن إنه شيء ويسقط, صدقوني يا إخوتي ,إنني أتعجب كثيرا كلما أتأمل قديسا عظيما مثل بطرس الرسول الذي كان واحدا من الثلاثة الكبار الذين كان ينفرد بهم السيد المسيح في جلساته الخاصة, والذين قال عنهم بولس الرسول إنهم أعمدة الكنيسة غل2:9 بطرس هذا يقول له السيد المسيح:ولكني طلبت من أجلك لكيلا يفني إيمانك؟!لو22:22. ما أخطر هذه العبارة, ليتك تقول ياربلكيلا يضعف إيمانك, أما أن عبارة يفني إيمانك تقال لبطرس الرسول,ويحتاج إلي صلاة من السيد المسيح نفسه,فهذا أمر خطير أو هو درس لنا لنسهر ونحترس. نعم نحترس لأن الخطية قيل عنها إنهاطرحت كثيرين جرحي,وكل قتلاها أقوياءأم7:26. والخادم الروحي يحترس ليس فقط من الخطايا الدقيقة كالهفوات والسهوات,وإنما حتي من النجاسات التي تحارب المبتدئين!!وهو مهما نما في الروحيات يعامل نفسه كمبتدي, ولا يتحدث عن نفسه كخادم يدرس البعض علي يديه. إن القديس أرسانيوس الكبير,معلم أولاد الملوك,رجل الوحدة والصمت والصلاة والدموع يقول عنه نفسهإنني لم أبدأ بعد ,هبني يارب أن أبدأ... ليتنا نتمثل بهذا القديس في خدمتنا. الخادم الروحي ينظر إلي نفسه كمبتديء,ليس فقط في الخدمة,بل كمبتديء أيضا في الحياة الروحية. الكلام الذي يقوله في الدرس يري إنه موجه إلي نفسه هو,قبل أن يوجه إلي تلاميذه.وإن وعظ يري إنه يعظ نفسه والناس ,بل يعظ نفسه قبل أن يوجه إلي تلاميذه. وإن وعظ يري إنه يعظ نفسه والناس, بل يعظ نفسه قبل أن يعظ الناس إنه لايظن في نفسه أنه قد بلغ شيئا ولايظن أن الكلام الذي يقوله قد صار حياة عند سامعيه ..بل يصلي أن يعطيهم الرب نعمة ليستفيدوا من كلامه أو يستفيدوا من النعمة التي يعطيهم الرب إياها.يصلي أن يعطيهم الرب شيئا عن طريقه ولا أقول يأخذون منه,بل يأخذون عن طريقة..إنه يخلط درسه بالصلاة لكي لايكون هو وحده الذي الذي يتكلم بل ليتكلم الرب,ويكون هو سامعا أيضا مع تلاميذه. الخادم الروحي لايحسب نفسه أنه قد صار قديما في الخدمة أو قائدا أو أمينا, بل يضع أمامه باستمرار قول السيد المسيح:بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئا (يو15:5).إذن لابد أن يأخذ من الله,لكي يعطي..إنه يقول للرب أنا يارب لا أعرف لقد أخذوني وجعلوني خادما عن غير استحقاق ومن غير إعداد,بل جعلوني خادما وهم لايعرفون دواخلي ولا ضعفاتي, أنت الذي تعرف, أنا يارب لم أصل بعد إلي القدوة التي أفيد بها آخرين ولم أنفذ بعد هذه الوصايا التي أقولها للناس أو التي ينبغي أن أقولها, وأخشي أن تنطبق علي عبارة:أيها الطبيب اشف نفسكلو4:23. الخادم الروحي يلتقي بالله قبل أن يلتقي بالمخدومين ويقول لهليس يارب من أجل ضعفاتي تمنع عن هؤلاء ليس بسبب أخطائي الشخصية وبعدي عن روحك القدوس تمنع نعمتك روحك عن هؤلاء, وما ذنبهم؟!ليس من أجلي تعطيهم بل من أجل محبتك لهم أعطهم. من أجل إنك أبوهم من أجل إنه تهمك أبديتهم.من أجل حاجة هؤلاء الصغار إليك أعطهم عن طريقي,أو عن طريق غيري,ليس الخادم هو المهم.إنما المهم أن تعطيهم, اعمل في قلوبهم حينما أكلمهم واعمل في قلوبهم حتي دون أن أكلمهم.لتكن خدمتي لهم صلاة إن لم تكن حياة فليست لي حياة أعطيهم منها قدوة, وليست لي صلاة أعطيهم منها قدرة, ولكنني في ضعفي أطلب إليك من أجلهم, أطلب أن تعمل أنت فيهم من أجل محبتك لهم..أنا لست أحسب أن لي معرفة أقدمها لهم.وحتي إن كان لي,فالمعرفة وحدها لاتكفي ولا تخلص. أمنا حواء كانت لها معرفة بالوصية وسقطت (تك 3:2-6). المهم هو الروح الموجود في الكلام كما قال السيد الرب: الكلام الذي أقوله لكم هو روح وحياةيو6:63.إن كانت الخدمة كلاما فما أكثر الكلام..المهم هو الروح الذي يؤثر ويعطي قوة علي العمل.والكلام لايخلص ,إن كان منا..أما إن كان من الرب,فكلمة الله حية وفعالة وأمضي من كل سيف ذي حدين وخارقة إلي مفرق النفس والروح (عب4:12).ووظيفتنا كخدام أن نأخذ من الله كلاما لكي نعطيه للناس وليس أن نعطيهم من فراغنا.إنما نأخذ ملئا من الله,نفيض به عليهم وما أجمل قول الإنجيل عن السيد المسيح: ومن ملئه,نحن جميعا أخذنا (يو1:16). الخادم الروحي ليس مجرد بوق يحدث صوتا إنما هو حياة روحية تنتقل إلي الغير,والتلاميذ يأخذون من حياة المدرس من أسلوبه ومعاملاته وسلوكه ويمتصون منه شيئا.كان الكتبة والفريسيون يعلمون وقد جلسوا علي كرسي موسي (مت23:2) وكان السيد المسيح يعلم,فيبهت الناس من تعليمه لأنه يعلمهم بسلطان (مر1:22) كلماته كانت لها قوة وتأثير وسلطان. كانت كلمات من نوع آخر,لذلك قالوا ما سمعنا من قبل كلاما مثل هذا.ولما تكلم السيد عن التناول من جسده ودمه وتحير البعض وتركوه فقال لتلاميذه: ألعلكم أنتم أيضا تريدون أن تمضوا؟!أجابه بطرس:يارب إلي من نذهب ,كلام الحياة الأبدية هو عندك (يو6:68).جميلة هذه العبارة كلام الحياة الأبديةهذا هو المطلوب من الخادم, يذكرنا بعبارة الملاك التي قالها لكرنيليوس عن بطرس الرسولوهو يكلمك كلاما به تخلص.. أع11:14 نعم هذا الفرق بين خادم وخادم:أحدهما يقول كلاما,بلا تأثير بلا قوة بلا فاعلية... أما الخادم الروحي فيكلمك كلاما به تخلص كلاما يغير الحياة كلها, ويشعر سامعه أنه قد نخس في قلبه كما حدث لليهود في يوم الخمسين حينما سمعوا عظة من بطرسأع2:37,وحينما ينخس في قلبه لايستطيع أن يغرس مناخسأع9:5.حتي لو قاوم الكلمة حينا,يعود إليها مرة أخري أو تعود هي إليه, ويجد منخاسا في قلبه يذكره بها. وهكذا قال الرب عن كلمته:هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لاترجع إلي فارغة بل تعمل ما سررت به,وتنجح فيما أرسلتها له(أش55:11),حقا أن كلمة الله لاترجع فارغة. إن لم تأت بنتيجة الآن,تأتي بها فيما بعد صدقوني, حتي الكلام الذي قاله الرب ليهوذا الأسخريوطي لم يرجع فارغا بل ندم يهوذا بعد تسليمه للرب,وأرجع المال الذي أخذه ثمنا له,وقالأخطأت إذ أسلمت دما بريئامت27:4.لكن مشكلته إنه يئس من شدة تأنيب ضميره له,فمضي وخنق نفسه.. الخادم الروحي ينبغي أن تكون كلمته هي كلمة الرب ولكي يأخذ هذه الكلمة من الله يلزمه أن تكون حياته ثابتة في الله.تكون له علاقة بالله يستطيع بها أن يأخذ منه,وتكون له دالة مع الله ,يمكنه بها أن يقول لهلا أتركك إن لم تباركنيتك32:26,أو يقول له:لا أتركك حتي آخذ منك ما أعطيه لهؤلاء. هذه هي الخدمة الروحية التي يعمل فيها الله, وليست هي مجرد كلمات يقرأها الخادم في كتاب ثم يرددها بدون تأثير في آذان غيره وينتهي الأمر.لقد أمر السيد تلاميذه ألا يبرحوا أورشليم حتي يلبسوا قوة من الأعالي لو24:49 الخدمة الروحية يلزمها هذه القوة.. قوة الله العامل فينا بروحه القدوس. لاشك أن هذا الموضوع له بقية نتابعه إن شاء الله في الأعداد المقبلة,إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
|