|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عيد الميلاد المجيد 29 كيهك للقمص مكسيموس وصفي - مقدمة ولد السيد المسيح في بيت لحم اليهودية واحتفلت الملائكة بميلاده إذ ظهرت في طغمات وهم يسبحون قائلين: " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " (لو 2: 14). وابتهج بميلاده الرعاة الساهرين في الصحراء وهم يحرسون قطعانهم وظهر لهم الملاك يبشرهم بميلاد المسيح قائلا لهم: "لا تخافوا فهاأنذا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، إذ ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لو 2: 7-8). وإننا إذ نحتفل بعيد الميلاد المجيد كما يُحتفل بميلاد أي إنسان في البشرية لكننا نحتفل فقط بميلاد المسيح الزمني من العذراء مريم فالمسيح لم يبدأ وجوده بميلاده من العذراء مريم لكنه موجود قبل كل الدهور فهو الأزلي والأبدي الكائن والذي كان والدائم إلى الأبد (رؤ 1: 4) ومجده قبل إنشاء العالم (يو 17: 24) لكن ميلاده من العذراء مريم هو اليوم الذي اتخذ فيه الله الكلمة جسدا وحل بيننا ورأينا مجده (يو ا: 14) فالمسيح هو الله الظاهر في الجسد ليخلص الإنسان الذي هلك بالخطية لذلك ترنم الكنيسة في تسبحتها هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له، وقد قال القديس أثناسيوس الرسولي عن تجسد الله "لقد صار الله إنسانا، لكي يجعل الإنسان إلها" أي ليتمتع بالطبيعة الإلهية. والموضوع له باقية ... |
04 - 09 - 2012, 09:50 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: عيد الميلاد " روحياً عقيدياً طقسياً "... للقمص مكسيموس وصفي
العيد في الطقس الكنسي يسبق عيد الميلاد شهر كيهك وفيه تسهر الكنيسة في ليلة الأحد من كل أسبوع تسبح تسبحة سبعة وأربعة إذا أنها تشمل أربعة هوسات وسبعة ثيؤطوكيات (هوس كلمة معناها تسبيح و ثيؤطوكية نسبة إلى والدة الإله ثيؤطوكوس) وفي يوم 29 كيهك يحتفل بعيد الميلاد وفي السنة التالية للسنة الكنسية القبطية (وهي السنة التي يقبل القسمة 4 بعد طرح 3 منها) يكون الاحتفال بعيد الميلاد في يومي 28، 29 كيهك، واليوم الذي يسبق عيدي الميلاد والغطاس يسمى برمون، و برمون كلمة قبطية معناها استعداد لذلك يصام فيه انقطاع، ومتى اتفق يوم البرمون ووقع في يوم السبت أو الأحد فإنه يصام يوم الجمعة السابق له، وإذا وقع عيد الميلاد يوم ثلاثاء أو خميس يفطر اليوم التالي (الأربعاء أو الجمعة). ونظرا لكرامة هذا العيد يصلى بالطقس الفرايحي في الفترة من عيد الميلاد حتى عيد الختان. وقد أمر الرسل الأطهار الاحتفال بالعيد وجاء في قوانينهم: (يا أخوتنا تحفظوا في عيد ميلاد الرب وكملوه في الخامس والعشرين من الشهر التاسع للعبرانيين الذي هو التاسع والعشرون من الشهر الرابع الذي للمصريين" (دسق 18). القراءات الكنسية: مزمور العشية (مز 71: 8) - مزمور باكر (مز 71: 13) - مزمور القداس (مز 2: 5- 6) وقد رتبت الكنيسة قراءات عيد الميلاد بحكمة إلهية سامية إذ أن قراءات العيد تشير إلى المسيح المولود وهو أزلي فيذكر المزمور "أعطيك الأمم ميراثك" (مز 2: 5) وكذلك مزمور ثان عيد الميلاد إذ يؤكد أنه "فيه تتبارك جميع قبائل الأرض" (مز 71: 9) وفيها إشارة أن الأمم سيصيرون بميلاده أولاد الله وهذا ما يؤكده البولس (عب 1: 1-2: 1-4) أننا "لسنا أولاد جارية بل أولاد حرة" (عب 1: 1-4) "وكيف ننجو إن أهملنا خلاصا. هذا مقداره" (غل 4: 19) و الكاثوليكون (2بط ا: 12-17) يشير إلى قوة الله ومجده، و الإبركسيس (أع 13: 26-32) يتحدث عن الكرازة بموت الرب وقيامته من الأموات. وفي إنجيل العشية (لو 3: 23-38) وإنجيل باكر (يو 1: 14-17) يتحدث إنجيل العشية عن نسب المسيح بالجسد إشارة إلى أنه ابن الإنسان الذي بقيامته خلصت البشرية، وإنجيل باكر يؤكد نفس تلك الحقيقة. أما إنجيل القداس فإنه يشدنا إلى بيت لحم: "وإذ ولد يسوع في بيت لحم التي بإقليم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذا مجوس جاءوا من المشرق إلى أورشليم قائلين: أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمة في المشرق وأتينا لنسجد له" (متى 2: 1-2)، وهو ما سبق أن تنبأ عنه النبي ميخا "أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج ليّ الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (ميخا 5: 1-2). وهو ما يلقي الضوء عليه إنجيل ثاني أيام العيد ويؤكد أنه المولود هو الكلمة الأزلي "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله" ويعود ليكشف لنا عن بركات ميلاده العجيب أنه بميلاده "كل الذين قبلوه أعطاهم سلطان أن يصيروا أولاد الله" (يو 1: 1-13) أما في قراءات صوم البرمون وهو اليوم الذي يسبق عيد الميلاد فإنه تقرأ الفصول التي تذكر حادثة الميلاد نفسها أي- تفسر ميلاد المسيح الزمني من العذراء القديسة مريم "فولدت ابنها البكر و قمطته وأضجعته في المزود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل" (لو 1: 7). |
||||
04 - 09 - 2012, 09:51 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: عيد الميلاد " روحياً عقيدياً طقسياً "... للقمص مكسيموس وصفي
العيد من خلال الأيقونة رُسمت للسيدة العذراء صورا منذ القرن المسيحي الأول وأول من رسم صورة للعذراء هو القديس لوقا الإنجيلي الطبيب والفنان حسب ما ورد في التقليد. وجاء في أحد مدائح العذراء البيزنطية: "يا والدة الإله، لتخرس شفاه الذين لا يكرمون بإجلال أيقونتك المقدسة التي صورها لوقا الإنجيلي، والتي بها اهتدينا إلى الإيمان المستقيم". وقد برع الفنان خلال القرون المتعاقبة في إبراز حادثة الميلاد وبهاء أم الله والتركيز على العذراء أنها والدة الإله سواء كان ذلك في الفن القبطي أو البيزنطي أو المسيحي عموما وسواء كان في الشرق أو الغرب قديما وحديثا. وفي أيقونة الميلاد تُصور حادثة ميلاد المسيح فنراه طفلا في مزود وحوله الحيوانات تأكيدا لحادثة ميلاده والتي تُجسِّد تواضعه و إخلاءه لذاته، وفي الأيقونة ترقد أمه بجواره ويشاهد يوسف البار يتوكأ على عصا، ويظهر الملائكة تحيط بالمزود وبعض الرعاة والمجوس ساجدين أمام الطفل الملك وهم يقدمون هداياهم. وبذلك تظهر الأيقونة حادثة الميلاد في تجسد الله الكلمة وأمومة العذراء وشهادة يوسف البار والمجوس الأمراء الوثنيين والرعاة، وتواجد الملائكة مع هذا الحشد يؤكد المصالحة بين السماء والأرض والتي حدثت بميلاد المسيح. وتحمل الأيقونات القبطية سمة خاصة امتازت بها عن غيرها فنرى بسمة الدعة مع الورع والخشوع والتقوى في ملامح العذراء كما نلاحظها في الرسوم العديدة للسيدة العذراء وتبدو بوضوح فيها والعذراء في أيقونة الميلاد كما في جميع أيقوناتها تظهر على رأسها تاج كملكة وتحمل السيد المسيح الطفل وحول رأس كل منهما هالة النور. وأيقونات قبطية أخرى نرى فيها السيدة العذراء وهي ترضع الطفل يسوع من ثديها وفي هذه الصور ردا بالغ الروعة من الفنان القبطي يقاوم به هرطقة ذلك العصر ويثبت أن المسيح أخذ من العذراء جسدا بشريا حقيقيا وشابهنا في كل شيء. وأيقونة ثيئوطوكوس والدة الإله هي من الأيقونات اليونانية المميزة لصورة العذراء فتظهر فيها وهي تحمل المسيح في بطنها تمثيلا للتجسد الإلهي، وهكذا تحمل لنا أيقونات الميلاد الطقس والعقيدة بجانب دراستها من المنظور الروحي. وكان للنجم أهمية في أيقونة الميلاد منذ القرن الثاني فيشاهد بأحد الرسوم الجدارية في سراديب المقابر Catacombs بروما المجوس بقبعاتهم يسيرون وهم يتبعون النجم. وفي أيقونة أخرى السيدة العذراء جالسة وتحمل الطفل السيد المسيح وأمامها يقف بلعام بن بعور يشير إلى النجم في السماء وبذلك يعبر الفنان المسيحي عن تحقيق نبوة بلعام عن ميلاد المسيح "يبرز كوكب من يعقوب" (عد 24: 26). وفي أيقونة أخرى تشاهد السيدة العذراء جالسة تحمل المسيح وحولها أربعة أشخاص أحدهم القديس متى ويشير إلى النجم وذلك بسبب أنه هو البشير الذي ذكر الحادثة عن النجم والمجوس (مت 2: 2). وفي حضور المجوس وسجودهم إشارة إلى إيمان الأمم بميلاد المخلص وهي تتمة لنبوة إشعياء النبي (إش 60: 3، 6). ويظهر في الصورة الرعاة تسجيلا للحدث وإشارة إلى ميلاد الراعي الحقيقي المخلص، وغالبا صور العذراء تكون فيها جالسة على كرسي عال رمزا لكرامتها وسمو حياتها وفضائلها، لكن في أيقونة الميلاد تشاهد مضطجعة وهو تعبير أن الميلاد كان ميلاد حقيقيا. |
||||
04 - 09 - 2012, 09:51 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: عيد الميلاد " روحياً عقيدياً طقسياً "... للقمص مكسيموس وصفي
ميلاد المسيح من العذراء صار اليوم الذي ولد فيه المسيح عيدا للبشرية كلها منذ آدم إلى نهاية الدهور، لقد أخلى ذاته آخذا صورة عبد "هوذا الرجل الغصن اسمه ومن مكانه ينبت" (زك 6: 12)، لقد صار إنسانا وله اسم بين البشر فسمي من الملاك اسمه يسوع وقد تأمل القديس ساويرس الأنطاكي عن ميلاده فقال: (إذا أراد ملك أن يذهب إلى مدينة صغيرة غير معروفة وعاجزة تماما عن احتمال مجيئه، فإنه يجعل نفسه متخفيا ويزيل عظمة ظهره ومجده الذي يحيط به لكي يصير محتملا من هذه المدينة، ولكنه رغم ذلك لا يستطيع إلا أن يدخل كملك متنازلا بصفة عامة عن مظاهر رتبته، هكذا أيضا ابن الله، كلمة الآب الغير مدرك، الأبدي أراد أن يأتي في صورة بشرية في هذا العالم، تواضع من مجده الأبدي وجاء إلى الإهانة (البشرية) ففي ذلك فعلا أخلى ذاته وأصبح ممكنا الوصول إليه وبأسلوب لا مثيل له وبطريقة فائقة خاصة تسمو على كل الطرق الأخرى دخل إلى عالمنا من باب إلهي ملكي يعني من البتولية، بميلاده في الجسد من الروح القدس ومن العذراء والدة الإله). وحينما نقترب من فهم ميلاد المسيح في ذلك اليوم نجد أنفسنا محاطين بأحداث وأمور فائقة الوصف. سنحاول أن نتأمل فيها خاصة بالزمان والمكان والأشخاص الذين عاصروا أحداث ميلاد المسيح وتلك الأحداث هي: أغسطس قيصر روما: ولد المسيح في أثناء حكمه (لو 2: 1) وكانت روما هي القوة العظمى في العالم وكان الولاة الرومان يحكمون فلسطين، وفي هذا الوقت كانت الطرق آمنة وسادت اللغة اليونانية فكانت أنسب الأوقات لميلاد المسيح. مدينة داود: يطلق على بيت لحم أنها قرية داود ومسقط رأسه (ا صم 17: 12) ومع أن بيت لحم قرية صغيرة ولم تحسب ولم يكن لها ذكر بين أملاك يهوذا (يش 15) إلا أنها كانت مدينة الملك العظيم، وبيت لحم قرية صغيرة مبنية على أكمة تبعد نحو 6 أميال (9 كم) جنوبي أورشليم ومحاطة بتلال تكسوها الأشجار والنباتات وتنفجر من أراضيها مياه عذبة وبها آبار، فكانت أنسب مكان يولد فيه المسيح، وقد سبق الأنبياء وأعلنوا أن المسيح سيولد في بيت لحم تلك المدينة الصغرى بين مدن يهوذا "أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (ميخا 5: 2) وهذا ما أشار إليه القديس متى في بشارته (متى 2: 6) وتمدح التسبحة بيت لحم لما نالته من كرامة بسبب ميلاد المسيح فيها (السلام لبيت لحم مدينة الأنبياء التي ولد فيها المسيح آدم الثاني). القديسة مريم العذراء: إنه سر يفوق العقل وإدراك البشر ذلك هو حلول الله في بطن العذراء وهو الذي أفصح عنه الملاك غبريال وفي بشارته للعذراء بالحبل الإلهي مخاطبا العذراء: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" وقد أظهر الملاك سمو العذراء في كلماته لها لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله (لو 1: 26-35). وقد حلق القديسون في سماء تلك النعمة ليدركوا هذه السحابة الخفيفة التي حملت الله الكلمة ولكنهم لم يستطيعوا بالرغم من قداستهم وبرهم إلا أنهم وقفوا فقط عند الأبواب ولم يستطيعوا أن يدخلوا إلى مخزن الأسرار الذي هو القديسة مريم العذراء لذلك قال القديس ساويرس الأنطاكي في مقالته عن مريم العذراء "حينما أريد أن أنظر إلى العذراء والدة الإله.. يبدو أن صوتا يأتي صارخا في أذني.. لا تقترب إلى هاهنا، أخلع حذاءك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة". وقد أفردت التسبحة تماجيد ومدائح لوصف ذلك السر العجيب.. أم النور الذي أشرق منها شمس البر.. السماء الثانية التي سكن فيها الله فرفعت قدرنا.. العذراء الحمامة الحسنة. العفيفة الهادئة الوديعة.. كل عجينة البشرية أعطتها العذراء لله الخالق.. آدم فيما هو حزين القلب سر الرب أن يرده إلى رئاسته، أشرق متجسدا من العذراء بغير زرع بشري حتى خلصنا. وسوف تظل البشرية في دهشة أمام هذا السر الإلهي والميلاد العجيب والأعجوبة الفريدة.. عذراء تحبل.. عذراء تلد.. عذراء بعد الولادة.. تلك هي مريم العذراء دائمة البتولية والتي ولدت لنا الله الكلمة بسر يفوق العقل، فالله صار مولودا من عذراء (غل 4: 4). أما هي في وداعتها وتواضعها ظلت تخفي كل هذه الأمور متفكرة بها في قلبها، ونحن ننحني أمامها قائلين ومسبحين لها: السلام لك يا مريم السلام لمعمل الاتحاد اللاهوت مع الناسوت. يوسف البار: انتسب يسوع إلى يوسف البار وكان يوسف من قبيلة داود (لو ا: 25) وكذلك كانت العذراء من بيت داود (لو 36: 8، لو 2: 4)، وكان عبرانيا بارا محافظا على الفروض والطقوس والأعياد سالكا في وصايا الرب، وقد استودع الله هذا الشيخ البار أن تكون العذراء في بيته وأن يكون ابن الله منتسبا له وقد بشر الملاك العذراء بالحبل الإلهي ولم ينبأ يوسف خطيبها وتركه حتى تحقق الأمر بنفسه ويفسر لنا القديس يوحنا فم الذهب ذلك قائلا: (يبدو أن الملاك صمت عن إخباره بالأمر إلى أن يتم ويقع تحت حواسه حينئذ يسهل تصديقه). أما يوسف فكان بارا ولم يشأ أن يشهرها وأخفى السر العظيم لكي لا يلحق بالعذراء أي أذى وعندما أدرك الحقيقة الإلهية وسر التجسد أخذ القديسة مريم معه وانحدر إلى بيت لحم للاكتتاب حسب أوامر أغسطس قيصر (لو 2: 1) ليصير المسيح منتسبا إليه "يسوع ابن يوسف ابن هالي... ابن آدم ابن الله" (لو 3: 22-37). طوباك يا يوسف البار يا من فقت سائر الأنبياء. |
||||
04 - 09 - 2012, 09:52 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: عيد الميلاد " روحياً عقيدياً طقسياً "... للقمص مكسيموس وصفي
شهود الميلاد هل نأتي بشهود من السماء أم من الأرض لقد شهدت السماء بذلك النجم.. الكوكب العجيب الذي كان يسير في مسار عكس الكواكب فكان سيره خاصا وظهر في وضح النهار كما كان ظهوره فجأة واختفاءه فجأة ليسير إلى الصبي ويستقر فوق المكان الذي ولد فيه (متى 2: 9). أما الملائكة هؤلاء الجنود السمائيين فكيف لا ينزلون من السماء وقد نزل الملك إلى الأرض لذلك نزلت الملائكة تحمل بشارة الفرح بميلاد المخلص، وكانت فرقة من الرعاة المتبدين هم أول من نالوا شرف البشرى، هؤلاء الذين كانوا يحرسون غنم الذبائح الهيكلية، فقد أضاء مجد الرب حولهم وفي ذلك إشارة خفية إلى الحضور الإلهي، فاليوم ظهر الله في الجسد موضوعا في مزود وهو بذاته الإلهية غير المحدودة يملأ السماء والأرض فإن كان قد اتحد بجسد بشري أخذه من العذراء لكن هذا الجسد لا يحده، فإن كان هو أخلى ذاته وأخذ شكل العبد لكن السماء والأرض لم تخل منه هو المالئ الكل وفي الكل. فكان الرعاة شهود حملوا الأنباء السارة التي سمعوها من الملائكة فأتوا بفرح إلى مزود الخلاص وهم يترنمون بتلك التسبحة التي تعلموها من الملائكة.. المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة. وكان يلزم شهود من خارج الأمة اليهودية شهود من الأمم فأتى المجوس من فارس ويقال أن المجوس كان بين أيديهم نبوة بلعام بن بعور الذي تنبأ: "أراه وليس الآن، أبصره وليس قريبا، يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفي موآب (الوثنيين) ويهلل كل بني الوغى (الملكوت)" (عد 24: 17) . وأتى المجوس الوثنيون من فارس بواسطة نجم ونالوا البشرى المفرحة ورأوا المولود وسجدوا للصبي وهم يشهدون عن عظمة الطفل الإله، وإننا ندهش من إيمانهم فبعد رحلة سفر شاقة وطويلة ماذا عساهم أن يجدوا، لقد وجدوا في مدينة صغيرة ومزود حقير وأم فقيرة وشيخ مسن وجدوا طفلا مولودا لم تكن حوله أي مظاهر للعظمة أو الغنى كملك فهم يبحثون عن، ابن هو المولود ملك اليهود! (مت 2: 12)، لكن الله حرك نفوسهم فساروا تلك الرحلة الطويلة وفتحوا قلوبهم وأشرق فيها الإيمان لذلك حينما وجدوا الطفل الإلهي سجدوا أمامه وفتحوا كنوزهم وقدموا له هداياهم ذهبا ولبانا ومرا. وقد سبق الله وكشف للبشرية عن ميلاده العجيب وهذا السر الفريد منذ أن سقط الإنسان الأول وطرد من جنة عدن وحرم من الفردوس، فلم يتركه الله بل أعلن "قديما بأنواع وطرق كثيرة..." (عب 1: 1)، وسوف نتأمل في هذه الإعلانات الإلهية من خلال الوعد الإلهي، ونبوات الأنبياء، و الظهورات المتنوعة... - أولا: الوعد الإلهي "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1 تي 3: 16) بالحقيقة أن التجسد الإلهي سر وليس لنا فضل أو اجتهاد في اكتشاف هذا السر لكن الله من فرط حبه أعلنه لنا "لأنه إن كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة" (1 كو 1: 21). لذلك من خلال الوعد الإلهي والعهد بين الله والبشرية أعلن الله للإنسان سر تجسده. نسل المرأة: لم يترك الله الإنسان بعد سقوطه يهلك في اليأس بعد أن صار ملكا لإبليس، بل وعده بأنه سوف يخلصه قائلا له "أن نسل المرأة يسحق رأس الحية (الشيطان)" (تك 3: 15). وحين عرف آدم امرأته وولدت قايين فظنت أنه هو ذلك الشخص الذي وعد الله أنه به سوف يسحق رأس الحية لذلك أسمته قايين قائلة إنني اقتنيت رجلا من عند الرب. وكبر قايين وظهر فيه طبع الشر وخاب ظن أدم وامرأته فنظرا إلى أخيه هابيل الذي كان بارا فتعلق قلباهما به لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل فقد قام قايين على أخيه وقتله، وعاد قلب حواء يتشدد من جديد بالأمل حين ولدت ابنا ودعت اسمه شيثا قائلة أن الله قد وضع لي نسلا عوضا عن هابيل. لكن الخطية التي ورثها الجنس البشري وسرت فيه بددت الرجاء وتوالت البشرية بعد ذلك فشيث ولد أنوش و أنوش ولد قينان ثم مهللئيل و يارد و أخنوخ (تك 5) وكان أخنوخ رجلا بارا وأضاء بقداسته فأبهجت نفس آدم وحواء وذريتهما لعله هو الابن الموعود به لكن الله نقله إلى السماء وعادت البشرية تنتظر من جديد متوشالح ولامك ثم نوح. وفي أيام نوح فسدت الأرض جدا وتعاظمت خطايا الإنسان وكان تصور قلبه كل يوم شريرا وسادت الفوضى في العالم وانتشر القتل و الزنى والطمع، وفي هذا الوقت بدأت تظهر خطية تعدد الزوجات (تك 6) وحزن الله أن عمل الإنسان في الأرض، وتضاءل أمل البشرية في سرعة مجيء المخلص ابن الموعد الذي يسحق رأس الحية ويخلص الإنسان فقد فسدت الأرض كلها وامتلأت ظلما!!.. لكن ظل رجاءها في الوعد الإلهي أن نسل المرأة يسحق رأس الحية. أقيم عهدي معك: وسط هذا العالم الفاسد أضاء نوح البار، فبينما كان اليأس يدب في قلب البشرية من جهة المخلص أعلن ألله لنوح "أقيم عهدي معك" (تك 6: 8)، هكذا يجدد الله عهده لقديسيه فبارك الله نوحا وقطع معه علاقة ميثاق وقال الله "علاقة ميثاق بيني وبين الأرض" ميثاقا أبديا (تك 9)، وعاد يتجدد في البشرية رجاؤها القديم في وعد الله ناظرة إلى نوح، ولكن نوح عاش تسعمائة وخمسون سنة ومات وتباعد أمل البشرية في سرعة مجيء المخلص بل كادت تدخل في اليأس حين تجمع الناس بمشورة شريرة يبنون برجا رأسه يمس السماء قائلين هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه يمس السماء ونصنع لأنفسنا اسما لئلا نتبدد... فبلبل الله لسانهم وبددهم على كل وجه الأرض (تك 11). وانتشر الإنسان في شتات الأرض ولكنه حمل في داخله حنينا لوعد الله أن نسل المرأة يسحق رأس الحية، وما زال صوت الله يرن بين أصداء البشر.. إني أقيم عهدي معك، وهكذا أعد الله قلب البشرية لانتظار تحقيق وعده لذلك نرى أن كل المعتقدات مهما انحرفت وضل الإنسان لكننا نرى في ديانات العالم القديم أنها لم تخل من هذه العقيدة، فالفراعنة كان في عقيدتهم أن الإله حار محب حبل به في عذراء وعبروا عن مجيء المخلص بزاوية في الهرم الأكبر لخوفو، أما أتباع زرادشت (1000 ق. م) فتنبأوا عن ولادة الإله المخلص من عذراء، وفي فرنسا (بلاد الغال) كان الكهنة يقدمون العبادة لبتول ستلد، ونقرأ في الإنجيل عن المجوس الذين أتوا من فارس في أقصى الشمال إلى أورشليم يحملون الوعد، أين هو المولود الملك (مت 2: 2)، ويحدثنا القديس بولس الرسول عن الأثينيين الذين كان بين معبوداتهم الكثيرة ومذابح الأصنام التي يصعب حصرها، الإله المجهول الذي ينتظرونه وهم يجهلونه (أع 17)، بل أن العرب كانوا يؤمنون بمجيء المهدي المنتظر. هكذا وأن كان الإنسان قد ضل قلبه بسبب الخطية التي دخلت إلى العالم وتاه في خرافات يتعبد لها لكنه دائما يحس في قلبه حنينا داخليا تجمعت وتلاقت فيه البشرية، عقيدة توارثها عن آدم وانتقلت من جيل لآخر عن الوعد بالإله الذي يأتي من نسل المرأة يخلصه بفداء عظيم. وانتشرت البشرية في الأرض واختار الله لنفسه شعبا ليأتي منه وأعطى الله لإبراهيم أب هذا الشعب وعدا مجددا العهد القديم قائلا له: "تتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك 22: 18) لكي يوضح للبشرية أن المخلص هو من نسل إبراهيم، وجدد الله عهده لإسحق "لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد" (تك 26: 13) ولما كان لإسحق ولدان جدد الوعد ليعقوب حين ظهر له في بيت إيل وقال له "ليتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض" (تك 28: 44) وعندما تفرع هذا الشعب إلى أسباط حين تزوج يعقوب وصار له اثنا عشر ابنا هم أسباط بني إسرائيل حدد الله له سبطا سوف يأتي منه "لا يزول قضيب من يهوذا و مشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب" (تك 49: 10) وابتدأت الدائرة تضيق وتقترب المواعيد وامتد إصبع النبوات ليشير عن قرب تجسده حين حدد الله بتدقيق بيتا من بيوت هذا السبط هو بيت داود "وجدت داود عبدي.. إلى الدهر احفظ له عهدي يثبت له وأجعل إلى الأبد نسله" (مز 89: 28) "الصانع رحمة لداود ونسله إلى الأبد" (مز 18: 50) "هناك أنبت قرنا لداود" (مز 132: 17)، (إش 11: ا)، (إش 65: 9) "ها أيام تأتي أقيم لداود غصن بر" (إر 23: 5). لعلنا ندرك الآن سبب ما ذكره القديس متى البشير في بداية إنجيله (مت 1: 1) عن كتابة سلسلة الأنساب وتوقفه قليلا حين ذكر الآباء إبراهيم وداود. بل تعجب من الاستنارة الروحية المدهشة التي أضاءت قلب القديس لوقا الإنجيلي حين عاد ينسب السيد المسيح إلى آدم نفسه (لو 13: 23) وكأنه يذكرنا بوعد الله لآدم الذي تحقق في مجيء المسيح وهو أن نسل المرأة يسحق رأس الحية وجاء ملء الزمان (غل 4: 4) حين عين الله له أما ليأخذ منها جسدا تلك التي فاقت في قداستها البشرية كلها، فقد تطلع الآب من السماء فلم يجد من يشبهك أرسل ابنه وحيده أتى وتجسد منك (ثيئوطوكية الأربعاء). - ثانيا: نبوات الأنبياء لم يكتف الله بتأكيد وعده بالفداء لقديسيه عبر الأجيال ولكنه سبق أن أعلن تجسده بنبوات الأنبياء "الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه" (عب 1: 1) فتنبأ عنه إشعياء النبي (740 ق. م) "يعطيكم السيد نفسه آية، ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل" (إش 7: 14) كذلك تنبأ عن ميلاده العجيب "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرئاسة على كتفه ويكون اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام" (إش 9: 6) وتنبأ إرميا "ها أيام تأتي يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويجري حقا وعدلا في الأرض، في أيامه يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل أمنا وهذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب برنا" (إر 23: 5-6). أما داود النبي فتنبأ قائلا: "هذا وُلِد هناك ولصهيون يقال هذا الإنسان وهذا الإنسان ولد فيها وهو العلي الذي يثبتها" (مز 87: 4، 6) فقد صار لله ميلاد "كتاب ميلاد يسوع المسيح" (مت 1: 1) وهذا ما جعل إشعياء النبي يقول أنه يكون اسمه عجيبا فهو إله وهو ابن وُلِد، وأيضا داود النبي تنبأ "هو ولد وصار إنسانا وهو العلي" وهذا ما أشار إليه معلمنا بولس الرسول من أنه هو الإله الذي صار إنسانا (1 تي 2: 5). وكتب معلمنا يوحنا أن "الحياة أظهرت" (1 يو 1: 2). وتنبأ حجي النبي عن تجسد الله المدهش الذي أدهش الملائكة في السماء فنزلت إلى الأرض تعلن البشارة المفرحة. الملائكة وجنودها و طغماتها تزلزلت من هذا الحدث العجيب وتركت السماء لتنزل إلينا في المكان الذي تجسد فيه الرب وابتهجت الأرض بفرح فأتى الرعاة فرحين من هذا الخبر الذي أعلنه الملاك يوم ميلاد المسيح ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لكم ولجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب" (لو 2: 10-11). وهذا المنظر رآه حجي النبي وتلذذت نفسه بهذه الرؤيا فتنبأ قائلا "هي مرة بعد قليل أزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة وأزلزل كل الأم ويأتي مشتهى كل الأم" (حجي 2: 6-7) وأخذت النبوات ترسم صورة متناسقة عن تجسد الله فذكرت النبوات بدقة الحوادث الفريدة التي صاحبت التجسد فنجد داود النبي يتنبأ عن والدة الإله "جلست الملكة عن يمين الملك، تدخل عذارى خلفها" (مز 44) و إشعياء ينحني في خشوع أمام رهبة بتوليتها الدائمة "ها العذراء تحبل وتلد ابنا" وهذا ما أدهش حزقيال النبي فقال عن العذراء: "فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقا (حز 44: 1-2) ويتنبأ أيضا إشعياء عن النبي الذي يسبق مجيء المخلص يوحنا المعمدان "صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب قوموا في القفر سبيلا لإلهنا، كل وطأ يرتفع وكل جبل ينخفض ويصير المعوج مستقيما و العراقيب سهلا فيعلن مجد الرب ويراه كل بشر" (إش 40: 3-5)، (مت 3: 1-3) وتنبأ داود النبي عن زيارة المجوس للطفل وهم حاملون هداياهم "ملوك ترشيش و الجزائر يرسلون تقدمه. ملوك شبا وسبا يقدمون هدية ويسجد له كل الملوك" (مز 72)، (مت 2: 10-11) ويتنبأ إرميا النبي عن مذبحة بيت لحم "صوت سمع في الرامة نوح وبكاء مر" (إر 312: 15)، (مت 2: 16- 18) أما هوشع النبي فقد تنبأ عن هروبه إلى مصر فقال: "لما كان إسرائيل غلاما أحببته ومن مصر دعوت ابني" (هو 11: 1) وهذا أيضا ما تنبأ به إشعياء النبي "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر" (إش 19: 1). أما ميخا النبي فقد عاين بالنبوة مكان ميلاده فقال "أما أنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القدم منذ أيام الأزل" (ميخا 5: 2) أما حجي النبي فقد أرهف السمع مع النظر متأملا في تسبحة الملائكة "ويأتي مشتهى كل الأمم. فأملأ هذا البيت مجدا... وفي هذا المكان أعطى السلام" (حجي 2: 7-9)، (لو 2: 13). - ثالثا: في ظهورات متنوعة ولم تقف الإعلانات الإلهية للتجسد عند حدود الوعد الإلهي بالفداء ونبوات الأنبياء بل أراد الله أن يبرز ملامح التجسد بأكثر وضوح حتى لا يفاجأ الناس بهذا الحدث الجلل والمدهش للفكر البشري فلم يقف إعلان التجسد عند هذه النبوات والرموز بل أشار الله بصور كثيرة تعلن تجسد الكلمة وظهور الله في الجسد. فقد ظهر الله لإبراهيم في شكل إنسان وأكل على مائدته وتكلم معه إبراهيم (تك 18: 1-8). كما ظهر أيضا ليعقوب وهو هارب من وجه عيسو أخيه وفي هذه الليلة الحاسمة وكان ظهوره في شكل إنسان صارعه حتى طلوع الفجر وباركه هناك، ( تك 32: 44-29) وظهر ليعقوب في مرة أخرى حيث رأى سلما منصوبا بين الأرض والسماء والملائكة صاعدة ونازلة عليه والرب واقف عليه (تك 28: 10-17). وتراءى الرب لموسى النبي في جبل حوريب "فظهر بلهيب نار من وسط عليقة فنظر موسى وإذا العليقة تتوقد بالنار و العليقة لم تكن تحترق فقال أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العليقة فلما رأى الرب أنه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة وقال موسى موسى فقال هاأنذا فقال لا تقترب إلى هاهنا، اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة. ثم قال أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله" (تك 3: 1-5) وظهر لموسى مرة أخرى في جبل سيناء وسط رعود و بروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت برق شديد جدا. وكان الجبل كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار (خر 19). - اسمه عمانوئيل ظهر ملاك الرب في حلم ليوسف البار قائلا له: "يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا" (مت 1: 21-22). دارت عجلة الزمن وجاء ملء الزمان ليتجاوز الله المواعيد والنبوات والرموز والإعلانات ليأتي إلينا- على الأرض بتجسده كما قال إشعياء (ونعطى) ابنا (ويولد لنا ولد)، (وهذا هو العجب في اتضاعك أنه المذود حملك كمسكين والخرق لفتك. الأذرع حملتك وركب البتول عظمتك..) "قسمة القداس الإلهي". هذا ما جعل إشعياء النبي يقول ويدعى اسمه عجيبا) فإن اسمه عمانوئيل معناه "الله معنا" وهذا هو العجب أن الله من فرط محبته التي لا توصف يصير إنسانا، الغير المحدود يصير محدودا والذي لا يحده زمان يولد ويصير له ميلاد هذا هو العجب، اسمه عجيبا عمانوئيل- أي الله معنا، لذلك حينما سأل يعقوب الرب قال له ما اسمك قال له "لماذا تسأل عن اسمي"؟ (تك 32: 29)، وفي حادثة ظهور الرب لمنوح وزوجته أبوي شمشمون قال "لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب" (قض 13: 18) وهذا ما تنبأ به إرميا النبي "هذا هو اسمه، الرب برنا" (إر 23: 6) الله معنا بل يصير معنا إلى الأبد فقد ترك لنا جسده عهدا مقدسا إلى الأبد فيهتف الكاهن في صلاة الاعتراف في القداس الإلهي مشيرا إلى الجسد على المذبح (أؤمن أن هذا هو الجسد المحيي الذي أخذه ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله القديسة الطاهرة مريم. وجعله واحدا مع لاهوته.. يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه) لذلك حينما نحتفل بعيد الميلاد فإننا نحتفل بهذه العطية التي أعطيت لنا أي جسده الذي أخذه من القديسة الطاهرة مريم وأتم به الفداء المجيد وتركه لنا حياة أبدية على المذبح بل حينما نتناول في كل مرة من جسده الطاهر فإننا نحتفل بميلاد يسوع وحلوله بجسده الطاهر فينا |
||||
04 - 09 - 2012, 09:52 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: عيد الميلاد " روحياً عقيدياً طقسياً "... للقمص مكسيموس وصفي
- لماذا تجسد الله..؟ حين خلق الله الإنسان خلقه على صورته ومثاله في العقل والنطق والقداسة والخلود وإذا هو حسن جدا (تك 6) وخلق له جنة عدن ليسكن فيها وأحب الله الإنسان وكان الإنسان سعيدا يتمتع بالسكنى مع الله مبتهجا بالحضور الإلهي الذي يملأ نفسه ويشبعها وظهر إبليس للإنسان وتكلم مع حواء وبغواية الحية سقط آدم وحواء، ولم يترك الله الإنسان الذي خلقه وأحبه أن يهلك في يأسه بل أعلن له الخلاص. ويتساءل غير المسيحيين عن ضرورة التجسد ويجدون صعوبة ليؤمنوا أن الله يصير وسط الناس، لأنهم لم يفهموا اتضاع الله العجيب ومحبته التي بلا حدود وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي لأن إغاثتنا كانت هي الغرض من تجسده فلأجل خلاصنا أظهر محبته العظمى إلى حد أن يظهر ويولد في جسد بشري، فمثلا إذا سقط طفل في الوحل واتسخت ثيابه ألا ينحني الأب بدافع محبته غير مكترث بنزوله في الطين لينقذ ولده؟ هكذا فعل الله معنا بسبب فرط محبته لنا. سقوط الإنسان: خلق الله الإنسان على صورته ومثاله في العقل والإرادة ليحيا بهذه الصورة الملكية للصلاح والخلود، فقد كانت غاية الله في خلقه الإنسان أن يشاركه مجده وسعادته وملكوته بالاتحاد مع الله ليحيا إلى الأبد (رؤ 2: 7). وسقط الإنسان بغواية الحية راغبا في الإلهية خارجا عن الله "تصيران مثل الله" (تك 3: 5) وحينما أراد اغتصابها أي الألوهية سقط وانفصل عن الله، وبتجسد الله صار الاتحاد بين الله والإنسان بطريقة أفضل عما كان يوم الخلقة وهذا ما تكشفه بركات التجسد. بركات التجسد أولا- بالتجسد تجددت صورة الله في الإنسان: الخطيئة شوهت الصورة الملكية في الإنسان، لم تُمح لكن شُوهت فصرخ بولس الرسول بلسان الإنسان العتيق "ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد" (رو 7: 18) لقد شوهت الصورة الملكية بانفصاله عن الله. أ. فصارت أفكار قلبه شريرة (تك 6: 5).. وأظلمت أفكاره (أف 4: 18) وفسد طريقه (تك 6: 12).. وصار ذهنه مرفوضا وتنجس ضميره (تيط 1: 15) وصار عديم الفهم (رو 3: 11). وفسدت حواسه (رو 3: 13-16) وأصبح لا يقبل ما لروح الله (1 كو 1: 14). ب. وصار عبدا لإبليس (2 تي 2: 26) ومستعبدا للخطية (رو 6: 19) وميتا بالخطايا (1 ف 2: 1). ج. وأصبح مكروها (أي 15: 16) وخاليا من خوف الله (رو 3: 8) وأجنبيا عن الله (كو 1: 21) وأعوزه مجد الله (رو 3: 23). د. ودخل الموت إلى جميع الناس (رو 5: 12). لقد تحول كل شيء رائع في الإنسان إلى الفساد وصار ينحدر إلى الفناء بسبب الانفصال عن الله (الحياة) (يو 14: 6). بعد أن تشوهت الصورة وعجز الإنسان أن يخلص نفسه نزل الله إلينا ليجدد صورته فينا.. لننال التبني (غلا 4: 4-6). فكشف الرب للإنسان بتجسده صورة الإنسان الأول قبل الخطية وهو الإنسان ما قبل الخطية التي كان يحمل صورة الله. ثانيا: بالتجسد انصلحت علاقات الإنسان: بدخول الخطيئة انقطع جوار آدم لله، فطرد من حضرته، وصار يعيش في ظلال الموت، حل الخوف مكان السلام وتحول حضور الله من سعادة إلى خوف (تك 3: 10) حتى قال موسى أنا مرتعب ومرتعد (عب 12: 21) فبالتجسد أعاد الله الإنسان إليه، وفي طاعة الابن الكلمة رد للإنسان الطاعة المفقودة بعصيانه الأول. وبالخطية فسدت علاقة الإنسان بأخيه، فقد دبت الأنانية فاتهم آدم امرأته وقتل قايين أخاه وصارت الحروب والخصومات (يع 4: 1) فبالتجسد أخلى الله نفسه ووضعها لأجل كل واحد (عب 2: 9) فأعاد للبشرية حياتها المفقودة بالحب والبذل و الاتضاع ففي حياة المسيح على الأرض كان كاملا ليكشف للإنسان الطريق إلى الكمال والقداسة "كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة" (2 بط 1 :2). وبالخطيئة فسد الإنسان، وصارت الحواس التي خلقت لتكون، سببا في سعادته وتأمله في الله سبب شقائه، لقد فسدت العين البسيطة "من أعلمك أنك عريان" (تك 3: 11) وتمردت الغرائز وصارت ضده حتى صار مثل الحيوان، فقد تملكت عليه غواية الحية حتى حجبت عنه معرفة الله لذلك الكلمة صار جسدا (يو 1: 14) ليعيد للإنسان وحدته وكيانه فبالتجسد أراد الله أن يشرك الإنسان في طبيعته الإلهية فأخذ المسيح طبيعة الإنسان ووهبه الطبيعة الإلهية فقد "وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية" (2 بط 1: 4). وبالخطية فقد الإنسان سلطانه على الطبيعة التي خلقت لخدمته، فالأرض لا تعطي قوتها (تك 3: 17) وصار يأكل بالتعب خبزه، فثارت الطبيعة عليه، ولم تعد الحيوانات تخشاه فصارت تؤذيه وتفتك به، وبالتجسد أخذ الله جسدا ليعيد للإنسان سلطانه على الطبيعة. فبالتجسد أصلحت وحدة الإنسان مع الله، ومع أخيه، ومع نفسه، وأعيد له سلطانه على المخلوقات (تك 2: 20). ثالثا: بالتجسد رفع القصاص عن الإنسان: تمثل القصاص في الطرد من جنة عدن، والتعب والأوجاع وحكم الموت (تك 3: 16، 19، 24) "لقد اجتاز الموت إلى جميع الناس إذا أخطأ الجميع (رو 5: 2)... يا له من أمر مروع أن يفنى الإنسان الذي خلق على الصورة الإلهية، يفنى المخلوق على مرأى من الخالق، تتلاشى الخليقة صنعة يدي الله بسبب إهمالها وانخداعها من الشيطان ولا يمد الله يديه لإنقاذها، هذا لا يتفق مع صلاح الله وجوده، وما الحكمة أن يخلق إنسانا ليفنى هل يعجز الله أن يخلصه؟ حاشا فكان التجسد "لأنه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع (كو 15: 22)". تجسد وتأنس لم يكن ممكنا أن يخلص الجنس البشري بواسطة إنسان "لأن الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله" (رو 3: 3) فلم يكن في مقدرة الإنسان أن يخلص نفسه أو يعرف الله، لذلك ظهر الله في الجسد ليعرفنا بذاته "بنورك يا رب نعاين النور". ولم يكن ممكنا أن يخلص الإنسان بواسطة ملاك (لا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا نبي ائتمنتهم على خلاصنا بل أنت بغير استحالة تجسدت و تأنست) "القداس الغريغوري" الجبلة إذا فسدت فلا يقدر أن يصلحها إلا جابلها. فلا يقدر أن يقيمنا من سقوطنا إلا الله الذي خلقنا وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي "إن تلطخت الصورة المنقوشة على الخشب بالأدران من الخارج وأزيلت، فلابد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية لكي يساعد الرسام على تجديد الصورة على نفس اللوحة الخشبية لأنه إكراما لصورته يعز عليه أن يلقي بتلك اللوحة وهي مجرد قطعة خشب بل يجدد عليها الرسم وعلى هذا المثال عينه أتى إلى عالمنا ابن الآب الكلي القداسة لكي يجدد خلقة الإنسان الذي خلق على صورته. لذلك كان الطريق الوحيد لخلاص الإنسان هو أن ينزل الله من السماء ويتحقق وعده بنجاة الإنسان. نسل المرأة يسحق رأس الحية (تك 3: 15).. فلم يكن التجسد ظهورا بقدر ما كان عمل إخلاء و اتضاع يفوق تصور البشر، بل كان صنيع محبة الله التي لا تدرك فأخذ الله جسدا من جنسنا من عذراء طاهرة عفيفة بتول و أعده هيكلا له ولد بطريقة فوق التصور... لذلك تهللت السماء وفرحت الملائكة وحملت جنود الملائكة الروحانيين قيثاراتهم وصاروا ينشدون تسبحة الخلاص "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة" (لو 2: 14). وانقشع الحزن عن البشر وفي تذاكيه الاثنين من التسبحة ترتل الكنيسة "آدم فيما هو حزين القلب سر الرب أن يرده إلى رئاسته، أشرق متجسدا من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا". فلنفرح فرحا روحانيا بهذا العيد الذي تمت لنا في مواعيد الله الذي أحبنا وتجسد لأجل خلاصنا طالبين شفاعة القديسة الطاهرة مريم تلك الكرمة الحقانية التي حملت عنقود الحياة قائلين "السموات تطوبك أيتها الممتلئة نعمة العروس بلا زواج ونحن أيضا نمجد ميلادك غير المدرك يا والدة الإله، يا أم الرحمة والخلاص تشفعي من أجل خلاص نفوسنا" (قطع صلاة نصف الليل). |
||||
05 - 09 - 2012, 09:01 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: عيد الميلاد " روحياً عقيدياً طقسياً "... للقمص مكسيموس وصفي
شكرا على المشاركة
ربنا يفرح قلبك |
||||
05 - 09 - 2012, 10:06 AM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: عيد الميلاد " روحياً عقيدياً طقسياً "... للقمص مكسيموس وصفي
ميرسى يامارى على مرورك
|
||||
|