|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إسمعوا شكوى مريم العذراء الوجيعة منّا نحن البشر الخطأة، وآلام قلبها الطاهر، لحظة حَضَت جسد ابنها الإلهيّ، وقد فارفته روحُه القدّوسة! أثناء عذابات ابنها كان هناك من يخففّ أوجاعها عنها نوعًا ما؛ وهو يسوع نفسه حيًّا، مشفقًا عليها. أمّا الآن فليس معها هذا المعزّي، لأنّه قد مات. لقد توقّفت آلام الفادي المخلّص، أمّا آلام أمّ الفادي فكانت تزداد أكثر فأكثر! تأمّلوا كيف أنَّ هذه الأم الموعبة من مرائر الحزن أقبَلت نحو التلاميذ لتعانق جسد حبيبها المحمول منهم . رافعةً يديها منتصبةً على رؤوس أصابع رجليها لمساعدتهم، وكيف أنّها بعد أن أخذته في حضنها وسَندته على ركبتيها جالسةً تحت صليبه . محُدقةً بنظرها في جسمه، متأمّلةً في فمه المفتوح، وعينيه المعتمتّين ، ولحمانه الممزقّة المملؤة جراحاتٍ، وعظامه المجرّدة، ثم كيف أنّها رفعت إكليل الشوك المغروس في رأسه متأمّلةً في الثّقوب الموجودة في هامته المقدّسة من تلك الأشواك، ناظرةً الى يديه ورجليه المثقوبة من المسامير وقائلةً: " واحسرتاه يا ابني ونور عينيّ! الى أيّة حالٍ أوصلتك محبّتك العظيمة للبشر، فترى أيّ شرٍ صنعتَ أنت معهم، حتى يعاملوكَ بهذه القساوة. فأنت كنت معي أباً لي وأخاً وعروساً، وأنت حبيبي ونعيمي ومجدي وكل شيءٍ كنت املكه. فأنظر إليَّ يا ابني بما أنا فيه من الأحزان والأوجاع وارمُقني بنظرك معزيّاً إيّاي. ولكن أواه أنت ما عُدتَ تشاهدني! فاعطيني كلمةً يا كلمة الله، وعزّني بلفظةٍ واحدةٍ، يا ويلاه أنتَ ما عٌدتَ تتفوّه بكلمةٍ لأنّك قد متّ". بعد ذلك يلاحظها القديس برنردينوس مُلتفتةً نحو آلات آلامه قائلةً نحوها: أيّتها الأشواك القاسية، والمسامير والحربة الجارحة المؤلمة، كيف أمكنكِ أن تعذّبي بهذا المقدار خالقكِ. ولكن أنتم يا معشر الخطأة، أنتم هم الذين عاملتُم ابني هذه المعاملة السّيئة المُرثى لها. أواه أيّتها البتول الكلية القداسة. هوذا العالم يردّ إليكِ ابنكِ، الذي كنتِ بحبٍّ عظيمٍ أعطيتيه إيّاه:"ولكن واحسرتاه (تقول مريم للعالم) بأيّة حالٍ أنتَ تردّه لي: إنَّ حبيبي أبيض أشقر مُنتَخبٌ من بين ربواتٍ: (نشيد 5: 10) فأنا قد سلّمتك ابني كلّيّ البياض أحمر اللّون، وأنت تُرجعه إليَّ الآن لا بِلونه، بل مسودّاً مصبوغاً بالدماء، معدوماً من قبل الجراحات المُكتسية بها أعضاء جسده. أنا دفعته إليكَ فريدًا في جماله وحُسنِه، وأنت تردّه لي فاقد الصّورة وعديم الجمال! فهو كان يجتذب القلوب الى الغرام بحبّه، لمجرّد النّظر الى بهاء طلعته. والآن تكره العيون أن ترمقه لسوء حاله. فيقول القديس بوناونتورا: "أواه كم من السّهام الأليمة قد رشَقت قلب هذه الأم المحزونة ، وكم من السّيوف اجتازت في نفسها، حينما أُحضِر لديها جسد يسوع مُنزلاً من على الصليب . فيكفي التأمّل في الحزن الذي يلمّ عادةً بكلٍّ من الأمّهات، عندما تشاهد جسد ابنها ميتًا." فترى أيُّ شيء كانت لتتكبّد منّا عند مشاهدتها إياّنا نحن البشر، بعد أن صُلب ابنها ومات من أجلنا، ترانا أمُّه نُجدّد ثانيةً صلبَه وموته بارتكابنا الخطايا والآثام، التي هو تألّم من جرّائها، ومات ليفيها عنها؟! فإذًا يليقُ بنا، لا وبل يلزمنا ألّا نُحزِن بعد قلب هذه الأمّ الموجوعة. واذا كنّا فيما مضى نحن أيضًا سبّبنا لها التألّم بمآثمنا ، فلنصنع الآن ما تقوله لنا عن لسان النبي أشعيا (46: 8): "إرجعوا أيّها الفجّار إلى القلب"؛ أي إرجعوا أيّها الخطأة الى قلب ابني يسوع المجروح، وعودوا إليه تائبين وهو يقتبلكم محتضنًا. فاهربوا منه بحسب كونه قاضيًا، وارجعوا إليه بحسب كونه فاديًا. أهربوا من المحكمة القضائيّة، الى منبر الصليب. "فيا أيّها الخطأة، يقول القدّيس برنردوس، إنّ قلب المسيح قد جُرِح جرحاً حسّياً ظاهراً، حتى إذا عاينتُم هذا الجرح المنظور، تفطنوا بجرح المحبّة غير المنظور التي هو أحبّكم بها": وهنا تختتم والدة الإله: "إن كان ابني قد أرتضى بأن يفتح جنبه بطعن الحربة لكي يعطيكَ قلبَه أيّها الإنسان، فعادلٌ وحقٌّ أن تعطيه وتهبه أنتَ قلبك" فإن كنتم يا أولاد مريم البتول تريدون إرادةً ثابتةً أن تجدوا مكاناً في قلب يسوع، فامضوا جميعكم مع هذه السّيدة، وهي تستمدّ لكم هذه النعمة. |
13 - 04 - 2020, 09:13 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شكوى مريم العذراء الوجيعة
شفاعتها تكون معنا ربنا يبارك حياتك |
||||
16 - 04 - 2020, 12:45 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: شكوى مريم العذراء الوجيعة
ميرسى على مرورك الغالى |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ا مريم الوديعة والمتواضعة القلب |
الوديعة العذراء مريم (خلفية موبايل بجوده عالية) |
هذه هى مريم العذراء الوديعة |
العذراء الفتاة الوديعة المتواضعة |
مريم الفتاة الوديعة المتواضعة |