لا يغفر الله كما يغفر الناس. الإنسان يغفر عن أنانية خفية، او حسابات سياسية، او تطلعات مثالية، عن رفعة او احتقار وازدراء. يطيب له ان يرى نفسه اعلى من خصم يلتمس منه المعذرة. ويغفر الإنسان عن ضعف كالأب السموح الذي يتظاهر انه لم يلحظ خطأ ابنه. او كالمربّي المتواطئ الذي يغض النظر عن سوء تصرف تلميذه. او كالصديق المتورط الذي يعذر صديقه ويجد له الأسباب التخفيفية ان لم يتملقه ويجعل نقائصه حسنات محببة.
أمام خطيئة الإنسان، الله لا يقطع الأمل بالإصلاح ولا ينزع ثقته ومحبته، ولا يعتبر خيانة اليوم مانعاً يتنافى مع أمانة الغد. غفران الله فعل حرية من محبته الخلاقة والفادية. به يحفظ الله محبته للإنسان الخاطئ لا بل يجددها. ومجانية الحب تصبح هنا رحمة لا حدود لها ولا عائق... موقف الإنسان من خطيئة قريبه موقف المقتصّ او موقف المتغاضي. اما الله فبوسعه ان يدلّ بالإصبع إلى إثمنا، ويضع يده على الجرح، ويقول الكلمة الشافية التي لا تشكو الا لتعتُق وتحرر. تقول لنا، كما لداود، "انتَ هوَ الرجل" وبذات الوقت تعزّي وتُضمّد وتشفي بقولها: "قد نقلت خطيئتك عنك فلا تموت". ( 3 صموئيل 12/ 7 و 13)