|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 119 (118 في الأجبية) - قطعة ت - تفسير سفر المزامير 22 - ت علمني، أعني، ابحث عني![169-176] ختام المزمور مفرح، يكشف لنا عن غاية المزمور كله، وهو تهليل النفس بالرب معلمها، الذي يهبها الحياة والفهم والخلاص، ويقدم لها العون، ويعلن مبادرته بالحب نحوها. يختتم المرتل المزمور بسؤاله الرب أن يقود حياته، فهو واهب المعرفة، والحياة والفرح، والخلاص... لقد ازدادت صلواته قوة وغيرة، وكأنه قد دخل إلى الحضرة الإلهية، لكنه يشتهي الدخول إلى أعماق جديدة ليرى الرب وجهًا لوجه. لقد شعر بضعفه في حضرة الرب فسقط أمامه يتوسل إليه أن يرده كراعٍ يقبل الخروف الضال. يطلب منه أن يبحث عنه ويطلبه ولا ينتظر من المرتل أن يأتي إليه. إنه محتاج إلى مبادرة الرب -المعلم الإلهي الفريد -بالحب له. 1. الدنو من الرب معلمه 169-170. 2. فرح المرتل بمعلمه الإلهي 171-172. 3. الرب هو المخلص 173-174. 4. الرب هو المعين 175. 5. الرب المبادر بالحب 176. من وحي المزمور 119 (ت) 1. الدنو من الرب معلمه يرى العلامة أوريجينوس أنه قد جاء في سفر الخروج أن الله أمر موسى النبي أن يصعد على الجبل ومعه هرون وناداب وأبيهو وسبعون رجلًا من شيوخ بني إسرائيل فيسجدوا من بعيد، ويقترب موسى وحده قدام الرب، أما هم فلا يدنون معه، ولا يصعد الشعب معه (خر 1:24،2). هكذا قسمهم الله ثلاث فئات: أ. الفئة الأولى تضم موسى وحده، يصعد على الجبل ويدنو من الله. ب. الفئة الثانية تضم الأشخاص السابق ذكرهم، هؤلاء يصعدون مع موسى على الجبل لكنهم لا يدنون من الله. ج. الفئة الثالثة وهي الشعب، لا يصعدون على الجبل ولا يقتربون منه. وكأن المؤمن يلتزم بأن يرتفع في درجات الكمال للتأهل إلى الصعود على الجبل، بل والدنو من الرب، ليختبر شركة فريدة واتحادًا عجيبًا ورؤى وإعلانات. هذا ما اشتهاه المرتل في نهاية حديثه عن كلمة الله أو الوصية الإلهية، طالبًا من الله أن يرفعه إلى هذه الدرجة السامية من الكمال، قائلًا: "فلتدن وسيلتي قدامك يا رب، كقولك فهمني" [169]. من يقترب من الله إنما يقترب من شجرة الحياة؛ فقد اقترب آدم من شجرة معرفة الخير والشر فأخذ خبرة الشر. أما من يقترب من الله فيأكل من شجرة الحياة، وتصير له خبرة جديدة وهي معرفة الخير وإدراك النور الإلهي. يتمتع بالحياة المُقامة عوض الموت الذي حلّ به، ويتمتع بإشراقات الفهم عوض ظلمة الجهالة التي أحدقت به. حين يدنو المرتل بطلبته قدام الرب معلمه يتوسل إليه أن يسمح لها بالاقتراب منه، يُنصت إليها، ويهتم بها، ويرتضي بها، فإنه لا يقدمها لأحد غيره. يطلب أن يهبه الفهم والمعرفة، مشتاقًا أن يتمتع بحقه كعروسٍ روحية تدخل إلى حجال العريس السماوي، وتتمتع بأسراره الإلهية الخاصة، علامة الوحدة الفائقة. ليست له طلبات مادية، بل يطلب الفهم الروحي والحكمة السماوية. ربما يحكم عليه البشر أنه حكيم وصاحب فهم، لكنه يطلب حكم الله ليُحسب من المتعلمين من الرب. كما قيل: "كل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيكِ كثيرًا" إش 13:54؛ "إنه مكتوب في الأنبياء ويكون الجميع متعلمين من الله" يو 45:6. * ما لم يفتح المسيح عيوننا، كيف يمكننا أن نرى الأسرار العظيمة التي تحققت في الآباء (البطاركة) والتي رُمز إليها بالليالي والمواليد والزيجات...1 * نفهم معنى الناموس إن قام يسوع بقراءته لنا، وأوضح لنا معناه الروحي. ألا ترى بهذه الطريقة أمكن للقائلين: "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يُكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب؟! أن يدركا المعنى؟2 * تعال أيها الرب يسوع مرة أخرى لكي تشرح هذه الأمور لي وللذين هم ههنا يبحثون عن القوت الروحي3. العلامة أوريجينوس يؤكد المرتل ذات الطلبة، قائلًا: "لتدخل طلبتي إلى حضرتك يا رب، ككلمتك أحيني" [170]. إنه يتشبه بإستير الملكة التي في جسارة الإيمان دخلت إلى حضرة الملك لتلمس قضيب ملكه الذهبي وتنعم بحنوه، فسألها أن يعطيها طلبتها إلي نصف المملكة، أي تشاركه أمجاده، فخلصت هي وشعبها. يطلب من الله أن تدخل طلبته إلى حضرته، فقد أدرك أنه توجد أحيانًا موانع تحرم طلبته من الدخول إلى حضرته، لذا فهو يطلب إزالة هذه العوائق مثل عدم نقاوة القلب وانشغاله بالزمنيات. كأنه يقول: "نقِ قلبي حتى أطلب ما يليق بي كابن لك، فتستجيب لطلبتي". يرى المرتل في كلمة الله سرّ حياته: "ككلمتك أحييني"، إذ كثيرون يعيشون في العالم لكنهم أموات، أما من يلتصق بكلمة الرب فيبقى حيَّا حتى وإن مات بالجسد. لا تُقاس حياة المؤمن بالسنوات التي يعيشها وهو بعد في الجسد، بل تصير حياته خالدة، لأنه ارتبط بالكلمة الأبدي. لقد مات القديسون بالجسد، لكنهم أحياء يسبحون الله، ويشفعون في البشرية، مشتهين خلاصهم الأبدي. 2. فرح المرتل بمعلمه الإلهي إذ يصير للمؤمن دالة أن يدخل بطلبته إلى عرش النعمة، ويلتقي بالمخلص عريس نفسه، معلمه الإلهي، فإنه يتدرب تلقائيًا على حياة التسبيح، أو حياة الفرح الداخلي، كحياة سماوية، قائلًا: "تفيض شفتاي السبح، إذا ما علمتني حقوقك" [171]. * إننا نعرف كيف يعلم الله أولئك الذين هم ودعاء الله. فإن الذين يسمعون من الآب ويتعلمون يأتون إلى ذاك الذي يبرر الفجار (يو 45:6؛ رو 5:4). لكي يحفظوا برّ الله ليس فقط في ذاكرتهم، بل في تنفيذهم للبرّ. هكذا من يفتخر، يفتخر لا في نفسه بل في الرب (1 كو 13:1)، ويفيض حمدًا. القديس أغسطينوس "ينطق لساني بأقوالك، لأن جميع وصاياك عادلة" [172]. لقد اشتهى أن يرتفع فوق كل الطلبات حتى الروحية لتتحول صلواته إلى تسابيح حمد لله، يشكر بفيض بلا انقطاع من أجل غنى نعمة الله الفائقة، وتتحول حياته إلى شركة مع السمائيين الذين يسبحون بلا انقطاع. أما موضوع تسبيحه فهو كلمات الله ووصاياه التي تُعلن عن عدله وبره. إنه يسبح الله بقلبه كما بشفتيه، يعبر عما في داخله بعبارات. تسبيحه لله يعينه على الشهادة للوصية فينطق لسانه بأقوال الله، ويكرز بها. هنا يعلمنا المرتل أن نركز في حديثنا عن الله على أقواله ووصاياه، لنؤكد مواعيده الثمينة، وعمل نعمته الفائقة. * عندما قال أنه يُعلن عن هذه الأمور صار خادمًا للكلمة. فإنه يكرز بالله الذي يعلم في الداخل؛ فإن "الإيمان بالخبر...، كيف يسمعون بلا كارز؟" (رو10:17،14). الله هو الذي يُنمي (1كو7:3)، فليس هناك حجة إننا لا نزرع ولا نسقي. القديس أغسطينوس 3. الرب هو المخلص إذ تمتع المرتل بروح التسبيح أدرك مفهوم الخلاص، لا كغفران لخطاياه فحسب، وإنما كتمتعٍ بالشركة مع الله في أمجاده، فقال: "لتكن يدك لخلاصي، لأنني اشتهيت وصاياك. اشتقت إلى خلاصك يا رب، وناموسك هو لهجي" [173-174]. * لكي لا أخاف، ليس فقط يبقى قلبي ثابتًا وإنما حتى لساني ينطق بكلماتك "اخترت وصاياك" كتمت خوفي بالحب. إذًا لتمتد يدك لتخلصني من يد الغير. هكذا خلص الله شهداءه عندما لم يسمح لنفوسهم بالقتل. فإنه "باطل هو خلاص الإنسان" مز11:60 في الجسد. أيضًا الكلمات "لتكن يدك" تُفهم بمعنى أن المسيح هو يد الله... بالتأكيد حين نقرأ الكلمات التالية: "اشتقت إلى خلاصك يا رب" [174]، فإنه حتى إن كان كل أعدائنا يمنعوننا من العمل، يعمل المسيح لحسابنا. لقد اعترف رجال العهد القديم الأبرار أنهم تاقوا إليه، تاقت الكنيسة إلى مجيئه من رحم أمه المحدود، والآن تتوق الكنيسة إلى مجيئه عن يمين أبيه. يضيف الكلمات: "وناموسك هو لهجي"، لأن الناموس يشهد للمسيح. * من لا يقدر أن يرى كيف يساعد دم المسيح الكنيسة؟ يا لعظم المحصول الذي يظهر في كل العالم من النور؟! * "ناموسك هو لهجي"... كم بالأكثر لا يكفيكم لنفعكم الروحي أن تسمعوا الدروس الإلهية في الكنيسة بل وأنتم بين أصحابكم في البيت يلزمكم أن تنشغلوا بالقراءة المقدسة لساعات طويلة بالليل حينما يكون النهار مقصرًا. هكذا يمكنكم في مخزن قلوبكم أن تُعدوا الحنطة الروحية وتخزنوا لآلئ الكتب المقدسة في مخزن نفوسكم. عندئذ إذ نأتي أمام كرسي الديان الأبدي في اليوم الأخير، كما يقول الرسول: "لا نوجد عراة بل لابسين". القديس أغسطينوس 4. الرب هو المعين تمتع المرتل بحياة التسبيح والمجد الداخلي مع الشهادة الحية لأقواله ومواعيده الإلهية، لم يشغله عن طلب عون الله ومساندة أحكامه الإلهية له، إذ يقول: " تحيا نفسي وتسبحك، وأحكامك تعينني" [175]. يطلب منه أن يهب نفسه الحياة ويحفظها من طريق الموت. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ليطلب عمل روحه القدوس واهب الحياة، ومعطي الفرح والحكمة، بهذا تحيا نفسه وتسبحه وينعم بمعونة أحكامه. * إننا في حاجة إلى عون وإلى مساندة إلهية لكي نحفظ الحق إلى الأبد، ولكي لا يتردد فمنا بين الحق والكذب. من كان عنده الحق يطلب أن يحفظ الوصايا أو السلوك، مادام يحفظ أحكام الله في ذاكرته وقت الضيق. أعرف تمامًا أنني إن تطهرت من كل رأي خاطئ احفظ شريعتك دائمًا وإلى الأبد دون عائق. يوسابيوس القيصري 5. الرب المبادر بالحب أخيرًا في ختام مزمور الوصية الإلهية، إذ اختبرها كحياةٍ أبدية ونورٍ أبدي لسبيله، لها عذوبتها الخاصة وأمجادها، لم ينتفخ في كبرياء، وإنما في تواضع تطلع إلى نفسه كخروفٍ ضالٍ عاجز عن العودة بنفسه إلى الكلمة الإلهي، يطلب مبادرته بالحب ليجتذبه إليه، قائلًا: "ضللت مثل الخروف الضال، فأطلب عبدك فإني لوصاياك لم أنسَ. هللويا" [176]. يختم المرتل المزمور بالاعتراف بالضعف مع الثقة في حب الراعي الإلهي الذي يحملنا على منكبيه. مهما كانت حياة المؤمن يشعر انه ضال عن تطبيق وصايا الله كما يليق، وعن التمتع بخبرة السماء. يمكنه أن يبرر نفسه في حضرة خصومه ومقاوميه، لكنه إذ يوجد في حضرة الله يعترف بضعفاته الماضية والحاضرة، حاسبًا نفسه كخروفٍ ضالٍ عن مرعاه، يحتاج إلى الراعي الصالح لكي يرده إلى المرعى الروحي. إنه يحمل حنينًا صادقًا نحو الأحضان الإلهية. * لقد ضللت كخروفٍ ضالٍ، لكن على منكبي راعيي الذي يبنيكم، أترجي أن أعود إليكم1. القديس أغسطينوس يتحدث القديس جيروم عن الكنيسة كأم تطلب الخروف الضال ليرجع إلى حظيرة الراعي فيقول في إحدى رسائله: [بينما أنت تتجول في مدينتك الذاتية، مع أنه بالحق لم يعد لك مدينة إذ فقدت مالك، تشفع فيك في المناطق المقدسة التي تشهد لميلاد ربنا ومخلصنا وصلبه وقيامته... تسحبك إليها بصلواتها لكي تخلص، إن لم يكن بواسطة أعمالك فعلى أي الأحوال بإيمانها...2] يجيب المرتل على التساؤل: من الذي يقترب نحو الآخر، الله أم الإنسان؟ الإنسان في ضعفه لا يقدر أن يقترب من الله، لأنه نار آكلة؟ والله قدوس. كيف يلتصق الخاطي بالقدوس؟! لقد اقترب كلمة الله فعلًا نحو الإنسان، وبادره بالحب، إذ حلَّ بيننا وصار كواحدٍ منا، وقدم دمه الثمين لمصالحتنا مع الآب. الآن انفتح لنا باب اللقاء، لكي نرد الاقتراب بالاقتراب، والحب بالحب. على أي الأحوال إذ يشعر الإنسان بالضعف يصرخ: "أطلب عبدك"... كما طلب زكا العشار الذي لم يكن ممكنًا له أن يقترب إليه، لكنه بذل كل الجهد، معلنًا صدق رغبتة في اللقاء معه. من وحي المزمور 119(ت) أتهلل بك يا مهذب نفسي! * تقترب نفسي إليك لأنك مهذبهًا. لترتفع مع موسي على الجبل، ولتدرك النور الإلهي فتمتلئ بهاء بك! تشرق عليها بنور الفهم وتبدد ظلمة جهالتها! تتقدم إليها أيها العريس لتحملها إلى حجالك السماوي. هناك تختبر وحدة أعمق، وتدرك أسرارك الفائقة! * افتح أيها المخلص عيني نفسي، تراك وتتمتع بأسرارك العظيمة، وتفهم ناموسك ووصاياك. لتقرأ لها كلمتك، وتلهب قلبها، موضحًا لها كتبك. * لتدخل نفسي إلى حضرة معلمها السماوي، فتمد لها قضيب ملكك الذهبي، وتسألها عن طلبتها، تطلب منك حياتها وحياة كل شعبك . احسبها إستير الثانية الجريئة بالإيمان العامل بالمحبة! * لترتفع نفسي بروحك القدوس إلى عرش نعمتك، هناك تفيض شفتاها بالتسبيح والشكر. * اشتاقت كنيسة العهد القديم إلى مجيئك متجسدًا، وتشتاق كنيسة العهد الجديد إلى مجيئك في مجدك، ناموسك يلهب شوقي إليك، لذا الهج فيه بلا انقطاع لألهج في ناموسك وسط الجماعة المقدسة، وانشغل به في بيتي لساعات طويلة. ليشغلني وسط النهار، ولأتاملة في نصف الليل! لتمتلئ مخازن قلبي من حنطة كتابك ولآلئ ناموسك * أخيرًا أعترف لك بخطاياي,. أنت راعيّ الصالح، تبحث عني أنا الخروف الضال. تبحث عني لأني أعجز عن المجئ إليك. تحملني على منكبيك، وتقدم لي وصاياك فلا أنساها بعد! |
|