حقيقة تتجلى للعيان في الشكاوى الكثيرة التي يوردها الكتاب المقدس بخصوص هشاشة الحياة البشرية وزوالها المصيري وبطلانها. فالإنسان كان تراباً، حتى قبل سقوطه. ومن حيث الجسد، صُنع الإنسان من تراب الأرض، وهكذا كان ترابياً من الأرض، لكنه كان أيضاً نفساً حية (1 كورنثوس 15: 45، 47). غير أن حياة الإنسان الأول تلك كان مقصوداً لها أن تصير روحانية وممجدة إذ يسيطر عليها الروح في سبيل حفظ الناموس الإلهي. ولكن نتيجةً للتعدي، بات الناموس الفعال الآن هو هذا: أنك تراب، وإلى ترابٍ تعود (تك 3: 19).
فبدل أن يصير الإنسان روحاً، صار جسداً من جراء الخطية. وها حياته الآن ظلٌّ أو حلمٌ أو هزيعٌ من الليل، جسر عبور أو خطوة، موجةٌ من المحيط تعلو وتنكسر وتتلاشى، شعاعٌ من النور يتوهج ثم يخبو، زهرةٌ تتفتح ثم تذوي. وهي بالحقيقة لا تستحقُّ أن تُسَّمى "حياة"، هذه الاسم المجيد الزاخر بالمعنى. إنها موتٌ دائم في الخطية (يوحنا 8: 21، 24)، موتٌ بالخطايا والذنوب (أفسس 2:1).