إكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك (مسيحك-محبتك) (مز119)
الجمعة 04 ابريل 2014
القس بطرس سامي كاهن كنيسة مارمرقس بالمعادي
عندما نصلى – نحن إنسان العهد الجديد – المزامير أو سفر النشيد، وعندما نقرأ العهد القديم يجب أن نفهم تماماً أننا ينبغى لنا أن نضع المسيح ووصيته الجديدة لنا التى هى المحبة فى مكانها "وصية جديدة أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا" (يو 13). فالعهد الجديد هو عهد الخلاص الذى لنا بشخص المسيح، والذى كان هو المحور لجميع ما كُتب فى العهد القديم من نبوات و أحداث و رموز و صلوات.
و لهذا ففى المزمور ال 119 سنجد تكرار فى كل آية لكلمة (كلمتك، وصاياك، أحكامك، ناموسك، شريعتك،...إلخ) التى كلها بالنسبة لنا فى العهد الجديد تساوى مرادفات لكلمة الله الذى هو المسيح أو لوصية الله فى العهد الجديد التى تساوى محبة الله.
و لذلك فالآية المكتوبة فى بداية المقالة هى الطلبة المناسبة جداً لهذا الأسبوع أن يكشف الرب عن عيوننا لنبصر كما فعل بالمولود أعمى، و لكن الطلب لا ينبغى أن يكون متعلقا بفتح عين الجسد بل عين الذهن لكى نبصر عجائب من محبة إلهنا لنا.
القديس بولس الرسول فى رسالته لأهل أفسس الإصحاح الأول يصلى من أجل أهل أفسس قائلاً "لا أزال ذاكراً إياكم فى صلواتى كى يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان فى معرفته مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غِنى مجد ميراثه فى القديسين وما هى عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته..إلخ
أنظروا ماذا يطلب القديس بولس الرسول لأهل أفسس الذين وصفهم التاريخ أنهم كانوا قديسين و بلا عيب رئيسى فيهم إحتاج القديس بولس أن يتكلم معهم عنه، لذلك تألق بولس الرسول فى الحديث عن سر المسيح الذى هو الكنيسة التى جمعها و صار رأساً لها التى هى نحن. بولس الرسول لا يطلب لأهل أفسس سوى أن يعطيهم الرب روح الحكمة و الإعلان فى معرفته، و أن تُستنار عيون أذهانهم لكى يدركوا المقدار الذى صار لهم ولنا كقديسى العهد الجديد بواسطة نعمة الله من أجلنا.
لقد فتح المسيح عينىَّ المولود أعمى كما فعل معجزات كثيرة عظيمة مثل إقامة لعازر من القبر بعد أربعة أيام و مثل إشباع الجموع و غيرها من المعجزات، وكان لكل معجزة يفعلها رب المجد هدف روحى متعلق بالأبدية يريد الرب أن يوصله لنا، فأثناء إقامة لعازر تحدث المسيح أنه هو القيامة و الحياة و أن من آمن به و لو مات فسيحيا، وأراد الرب أيضاً أن يقدم لهم مثالاً لما سيروه بعد أيام عند قبره المفتوح الفارغ، و لم يحتاج المسيح أن يخرج ميتاً من قبره بعد أيام سوى لعازر الذى قام ثم مات أيضاً و لذلك فالهدف الأسمى كان من أجلنا أن نفهم القيامة التى لنا فى المسيح و نحيا بها طالبين السماويات "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فإطلبوا ما فوق "( كولوسى 3 )
أما فى معجزة إشباع الجموع، جاع الجموع ثانيةً و ذهبوا وراءه ليشبعهم بالجسد فى اليوم التالى ولكن تكلم المسيح معهم عن خبز السماء (يو6) وكذلك فى معجزة المولود أعمى قال المسيح أنه هو نور العالم " ما دمت فى العالم فأنا نور العالم"( يو9).
و لهذا يا أحبائى يجب علينا دائماً أن ننظر لما خلف المعجزة ونطلب المعانى الأبدية التى كان يعنيها رب المجد ولهذا وفى هذا الأسبوع إسبوع المولود أعمى لنطلب من الرب جميعنا أن يكشف عن عيوننا فنبصر عجائب من مسيحنا وعجائب من محبته لنا.
و هذه الطلبة مهمة جداً فى هذه الأيام ونحن نستعد لدخول أسبوع الآلام الذى فيه يريد الرب أن يعلن لكل واحد منا على حدة كم أحبه محبة خاصة جداً، فكل منا موجود فى فكر الله و لكل منا على حدة قيمة عظمى تساوى دم المسيح المسفوك على الصليب و تساوى محبة المسيح الفائقة المعرفة، لكل منا هذه القيمة و يريد الرب أن يعلنها لنا لكل منا منفرداً.
فلتكن صلاتنا يا إخوتى فى هذه الأيام أن يفتح الرب عيوننا ويكشف لنا عن عجائب محبته لنا فهو يريد أن يفعل ذلك ولكنه ينتظر أن يرى إشتياقات قلوبنا من نحوه والرب سيعطى لكل منا حسب إشتياقاتنا القلبية لمعرفة محبة الرب لنا.