رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يباركك الرب من صهيون
المزمور المئة والرابع والثلاثون 1. المزمور المئة والرابع والثلاثون هو المزمور الاخير في مجموعة مزامير المراقي أو مزامير الحجاج. يحضر المؤمنون عند المساء فيشتركون في صلاة مديح وشكر طوال الليل. وعند الصباح يباركهم الكهنة فيرجعون إلى بيوتهم يرافقهم حضور الرب وصلاة الكهنة. 2. وداع الكهنة في صلاة المساء قبل البركة الاخيرة. آ 1- 2: يتوجّه الشعب إلى الكهنة ويدعوهم إلى أن يسبحوا الرب. آ 3: يبارك الكهنة الحجّاج قبل رجوعهم إلى بيتهم وقد انتهى الحجّ: ليباركك الرب من صهيون. سيرجع الحجّاج إلى بيوتهم، ويبقى عباد الرب في الهيكل يسبِّحون الرب باسم الشعب الذي يرجع إلى عمله اليومي. كأني بالشعب يشارك في بداية التسبحة في الهيكل، ويتابعها في شغله اليومي الذي هو أيضًا تسبيح لله، بينما يتابعها الكهنة بانتظار الحجّ المقبل: صلاة في النهار، صلاة في الليل، سجود إلى الأرض، ورفع الايدي إلى السماء: مبارك أنت يا رب. وتأتي البركة من صهيون، لأن الرب الساكن في صهيون يبارك شعبه من صهيون، ويعمل عمله إنطلاقًا من صهيون. يمكن المرتّل أن يبتعد عن صهيون، ولكنه يعرف أن يد الله تصل إليه في كل أرض الميعاد وتباركه. ومركز هذه البركة في صهيون سيدعوه إلى الرجوع في الموسم المقبل إلى أورشليم ليهتف مع الهاتفين: مبارك أنت يا رب، فيباركه الرب بيد الكهنة. 3. تعني عبارة عبيد الرب المؤمنين الاسرائيليين (2 مل 9: 7؛ 10: 23)، وتعني هنا بدرجة خاصة الكهنة واللاويين. فالكهنة يحقّ لهم أن يقفوا في بيت المقدس ويباركوا الشعب (تث 10: 8؛ قض 20: 28)، واللاويّون يرتّلون كل بدوره (2 أخ 30: 29)، وخاصة في عيد المظال. أما البركة الاخيرة فنقرأ عنها في سفر العدد (6: 24- 26): "ليباركك الرب ويحفظك، وليضئ بوجهه عليك ويرحمك، وليلتفت بوجهه إليك ويمنحك السلام". 4. ما يميّز هذا المزمور هو ترداد كلمة "بارك" بمعنيين متكاملين: في المعنى الاول نقول: الله مبارك، فنرفع إليه المجد ونذكر أعماله العظيمة المعبّرة عن محبته. وفي المعنى الثاني نتوسّل إليه ليعطينا الحياة بكلمته الخلاّقة، لأن العهد مع الرب يحمل البركة إلى شعبه. ومع يسوع المسيح شمل العهد البشرية جمعاء وصارت بركة ابراهيم إلى غير اليهود لينالوا هم أيضًا بالايمان الروح الموعود به (غل 3: 14). المسيح يباركنا فيعطينا الحياة الجديدة، والكنيسة تبارك المسيح وترفع إليه الحمد على كل أنعامه، وترى أن ذلك واجبها وواجب أبنائها، وبالأخص الذين كرّسوا حياتهم ليقدّموا باسمها صلاة الحمد الدائمة إلى الرب الاله. 5. مزامير الصعود تشكّل مزامير الصعود أو مزامير المراقي عملاً فريدًا. نحن كما في طقس ليتورجيّ نرتفع فيه من التشكّي إلى المباركة مرورًا بالاستسلام التام لله. هذه الحركة تعود ثلاث مرات: مز 120- 122؛ 123- 128؛ 129- 134. وتكون أورشليم في قلب كل مجموعة. في الأولى نصعد إليها. في الثانية نغتذي من يقينها وإيمانها. وفي الثالثة، نستقي منها كفالة من أجل المستقبل. * الصعود إلى أورشليم (مز 120- 122) مع مز 120، هي صرخة القلق يحرّكها شرّ العالم الذي يحيط بنا. يشتكي المؤمن. ولكن لا جواب يُسمع في الحاضر، فنحنُّ إلى الطمأنينة والسلام. ويتوسّع الأفق مع مز 121. سلّم المصلّي مصيره إلى الله وأكّد أمام المشكّكين أن حارسه لا ينام، أنه لا يسمح بأن تزل قدماه، أنه يسهر على تقيّه ويحميه من شمس النهار والقمر في الليل. في مز 122، يتوضّح كل شيء، ساعة يصل الحجّاج أمام أسوار أورشليم. تأخذهم الدهشة حين يرون التماسك والوحدة في المدينة المقدّسة. تماسك الحجارة وتماسك القبائل. وهكذا يصل المؤمن إلى السلام الذي حنّ إليه في مز 120. "أدعو لك بالسلام". * الطمأنينة داخل أورشليم (مز 123- 128) لا يتحدّث مز 123- 124 عن صهيون. فالمناخ هو مناخ الضيق والذلّ. أما القلق فيكاد يختفي حين ينظر المصلّي إلى يد الربّ. وهكذا تزول ظلمات الحاضر الذي نعيش فيه بعد أن نجونا من أخطار مميتة حصلت لنا (مز 124). مع مز 125، تعطي صهيون شعورًا بالطمأنينة. كما تحيط بها الجبال، كذلك يحيط الرب بشعبه. والحرّية التي تنعم بها تشير إلى الحريّة التي تتعرّف إليها البلاد كلّها. لا شكّ في أن أورشليم عرفت ساعات قاتمة (مز 126)، ولكننا نسيناها اليوم. فقد أعيد بناؤها كمطلع فرح عميم. وهكذا يستعيد الحجّاج الطمأنينة داخل أسوارها وصولاً إلى بركة تُمنح لكل واحد منهم (مز 127- 128). فالرب هو الذي يبني البيت. وهو الذي يحرس المدينة، مدينة أورشليم. كل مجهود آخر يبقى باطلاً. والبيت يعني أيضًا العائلة والنسل، لهذا يقول 128: 3: "مثل أغراس الزيتون يكون بنوك حول مائدتك". * كفالة من أجل المستقبل (مز 129- 134) وتبدأ هذه المجوعة الثالثة (مز 129- 134) بنظرة إلى الماضي (مز 129)، ماضي اسرائيل الدراماتيكيّ. فبُغض العالم الخارجيّ لا يقدر أن ينتصر على شعب العهد. وثبات أورشليم هو عربون ثبات البلاد كلّها. فأعداء الأرض يكون: مصيرهم كالعشب الذي ييبس قبل أن يطلع النهار. وما يتفوّق على بغض العالم الخارجيّ هو الخطيئة، أي قطع كل رباط مع الله. لهذا يعود المرتل في مز 130 إلى رحمة إله العهد التي لا تُفقد. عند ذاك يستسلم المؤمن إلى الرب ويضع فيه رجاءه (مز 131). ونجد في مز 132 صلاة الملك وجواب الله وعدًا بعرش داوديّ يدوم إلى الأبد. ففي صهيون البركة والحياة (مز 133). كالزيت على رأس المكرّس. كالندى على جبل حرمون. ذاك هو فرح الاخوة حين يقيمون معًا. ويأتي مز 134 بشكل خاتمة، وكأني "بالكاهن" بطلق جموع المؤمنين ليعودوا إلى بيوتهم بعد أن انتهى موسم الحجّ: "يبارككم الرب من صهيون، الرب خالق السماوات والأرض" |
|