رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عوبديا وشر أدوم كان الشر القاسى لأدوم ، أنه عاش بلا إله ، فهذا هو الذى وضع فاصلا بينه وبين أخيه يعقوب ، … وقد ورث أبناؤه عنه هذه السمة ، فتحولوا عن اللّه ، واستقلوا ، وعاشوا بلا إله فى العالم ، وبنوا عظمتهم على أساس الاستقلال عن اللّه ، وعندما يبنى الإنسان عشه بعيداً عن اللّه ، فإنه يبنى الكارثة لنفسه مهما كانت عظمته بين الناس!!… ولعل دراسة التاريخ فى ذلك خير شاهد على الحقيقة ، … لقد حاول الشيطان أن يبنى عظمته على أساس الاستقلال عن اللّه : « والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم ، حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام » ” يهوذا 6 ” وسقط آدم وحواء فى نفس التجربة إذ أرادا أن يكونا مثل اللّه ، فطردا من جنة عدن ، ليسجل التاريخ مأساة البشر الكبرى فى كل العصور ، … لقد خدعتهما الحية بالاستقلال عن اللّه ، … ورفض المسيح التجربة عندما حاول الشيطان أن يجربه بالاستقلال : … إن خررت وسجدت لى أعطيك !! .. عندما خرج قايين من حضــــرة اللّه ، إلى أرض نـــــود أو أرض البعد ، خرج إلى التيه والضياع ، والعذاب ، الذى لاحقه الحياة كلها!!.. كانت مأساة الابن الضال القاسية ، هى بعده عن بيته ، ولم يتذوق الراحة ، حتى عاد إلى بيت أبيه ، بل ما يحمل البيت من حياة وهدوء وسلام وأمن وراحة ، وتعلم ألا يستقل عن أبيه البتة !! .. وكان أدوم آثما إلى جانب ذلك بالكبرياء التى ملأت قلبه ، كان الأدومى عملاقا فى الجسد ، متحصناً وراء ما سبقت الإشارة إليه سواء فى الذهن أو الثروة أو القوة ، ومن ثم ذكر عوبديا « تكبر قلبك » أو خطية الكبرياء والتى لحقت بالكثيرين ممن حاولوا أن يبنوا عشهم بين النجوم . وهل ننسى وصف إشعياء فى الأصحاح الرابع عشر وهو يهجو ملك بابل : « كيف باد الظالم بادت المتغطرسة … الهادية من أسفل مهتزة لك لاستقبال قدومك منهضة لك الأخيلة جميع عظماء الأرض . أقامت كل ملوك الأمم عن كراسيم كلهم يجيبون ويقولون لك أ أنت أيضاً قد ضعفت نظيرنا وصرت مثلنا . أهبط إلى الهاوية فخرك رنة أعوادك تحتك تفرش الرمة وغطاؤك الدود كيف سقطت من السماء يازهرة بنت الصبح ؟ كيف قطعت إلى الأرض ياقاهر الأمم . وأنت قلت فى قلبك أصعد إلى السموات أرفع كرسى فوق كواكب اللّه وأجلس على جبل الاجتماع فى أقاصى الشمال . أصعد فوق مرتفعات السحاب . أصير مثل العلى . لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب . الذين يرونك يتطلعون إليك يتأملون فيك . أهذا هو الرجل الذى زلزل الأرض وزعزع الممالك ؟ » ” إش 14 : 4 – 16 ” وما أكثر الذين جاءوا بعد ملك بابل لينالوا المصير نفسه ، نابليون بونابارت ، وهتلر ، وموسولينى وأمثالهم كل هؤلاء الذين بنوا عشهم ، بين النجوم ، ومن هناك أحدرهم اللّه القادر على كل شئ!! ..وكان أدوم أيضاً مصاباً بنعرة الجنس ، ولم يعد يبالى بأخيه يعقوب ، بل يناصبه العداء ، وقد فقد كل عواطف الأخوة ، … وما يزال العالم إلى اليوم يعانى ، أقسى المعاناة من التعصب الجنسى ، … كان سسل رودس يقول عن الشعب البريطانى إنه أعظم شعب فى العالم ، وها نحن إلى اليوم نرى المشكلة الروديسية بين البيض والسود، وكأنما يلوم البيض اللّه لأنه خلق أجناساً سوداء اللون ، … كان فوليتر يقول : سيأتى الوقت الذى يقال مدحاً فى الآخرين : هذا فرنسى المذاق .. وقال أحد السياسيين الأمريكيين : إن اللّه لم يصنع شيئاً أو أحداً يساوى الأمريكيين ، ولا أظن أنه سيصنع!!.. وهل هناك حماقات تؤذى البشر أكثر من هذه الحماقات !! ؟ .وقد تمكنت من أدوم عاطفة من أقبح العواطف وأثرها فى الإنسان ، وهى عاطفة الشماتة فضلا عن أنها عاطفة بغيضة جداً فى نظر اللّه إذ هى تيار أسود ملئ بالحقد والضغينة وعدم المروءة ، فهى أمر غير إنسانى وقبيح ، فمن سوء الأخلاق وضعتها وانحطاط النفس ، أن نقف من تعاسات الآخرين وعجزهم وضعفهم موقف المتشفى المبتهج بهذا العجز والألم والتعاسة والضيق ! . ولم يقف أدوم عند حدود الشماتة ، بل تعدى الأمر إلى الظلم متمشيا مع التعبير الشعبى القائل : عندما تقع البقرة تكثر السكاكين ، … وعندما حدثت المأساة لشعب اللّه، فرح أدوم ، واتهمهم بكل نقيصة وشر ، ووسع دائرة الاتهام ، وألصق بهم مالم يفعلوه ، وحملهم النتائج القاسية التى وصلوا إليها .. مع أن الخصم النبيل ولا نقول الأخ ، … هو الذى لا يضرب إنساناً ساقطاً أمامه !! .. ولا يجهز على بائس مسكين يترنح من الضربات التى تكال له !! .. لكن أدوم أكمل شره بالقساوة الباغية ، فقد تربص للضعفاء الهاربين من الغزو على مفارق الطرق ليقضى على المنفلتين ، وهم فى عمق بؤسهم وضيقتهم ، بشدة ولؤم وخسة !! .. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
عوبديا وسقوط أدوم |
عوبديا وخداع أدوم |
عوبديا وسقوط أدوم |
عوبديا وخداع أدوم |
عوبديا وشر أدوم |