|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رفض مشورة الحكماء: 3 وَأَرْسَلُوا فَدَعَوْهُ. أَتَى يَرُبْعَامُ وَكُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَكَلَّمُوا رَحُبْعَامَ قَائِلِينَ: 4 «إِنَّ أَبَاكَ قَسَّى نِيرَنَا، وَأَمَّا أَنْتَ فَخَفِّفِ الآنَ مِنْ عُبُودِيَّةِ أَبِيكَ الْقَاسِيَةِ، وَمِنْ نِيرِهِ الثَّقِيلِ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْنَا، فَنَخْدِمَكَ». 5 فَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَيَّ». فَذَهَبَ الشَّعْبُ. 6 فَاسْتَشَارَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ الشُّيُوخَ الَّذِينَ كَانُوا يَقِفُونَ أَمَامَ سُلَيْمَانَ أَبِيهِ وَهُوَ حَيٌّ، قَائِلًا: «كَيْفَ تُشِيرُونَ أَنْ أَرُدَّ جَوَابًا إِلَى هذَا الشَّعْبِ؟» 7 فَكَلَّمُوهُ قَائِلِينَ: «إِنْ صِرْتَ الْيَوْمَ عَبْدًا لِهذَا الشَّعْبِ وَخَدَمْتَهُمْ وَأَجَبْتَهُمْ وَكَلَّمْتَهُمْ كَلاَمًا حَسَنًا، يَكُونُونَ لَكَ عَبِيدًا كُلَّ الأَيَّامِ». 8 فَتَرَكَ مَشُورَةَ الشُّيُوخِ الَّتِي أَشَارُوا بِهَا عَلَيْهِ وَاسْتَشَارَ الأَحْدَاثَ الَّذِينَ نَشَأُوا مَعَهُ وَوَقَفُوا أَمَامَهُ، 9 وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا تُشِيرُونَ أَنْتُمْ فَنَرُدَّ جَوَابًا عَلَى هذَا الشَّعْبِ الَّذِينَ كَلَّمُونِي قَائِلِينَ: خَفِّفْ مِنَ النِّيرِ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْنَا أَبُوكَ». 10 فَكَلَّمَهُ الأَحْدَاثُ الَّذِينَ نَشَأُوا مَعَهُ قَائِلِينَ: «هكَذَا تَقُولُ لِهذَا الشَّعْبِ الَّذِينَ كَلَّمُوكَ قَائِلِينَ: إِنَّ أَبَاكَ ثَقَّلَ نِيرَنَا وَأَمَّا أَنْتَ فَخَفِّفْ مِنْ نِيرِنَا، هكَذَا تَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ خِنْصَرِي أَغْلَظُ مِنْ مَتْنَيْ أَبِي. 11 وَالآنَ أَبِي حَمَّلَكُمْ نِيرًا ثَقِيلًا وَأَنَا أَزِيدُ عَلَى نِيرِكُمْ. أَبِي أَدَّبَكُمْ بِالسِّيَاطِ وَأَنَا أُؤَدِّبُكُمْ بِالْعَقَارِبِ». 12 فَجَاءَ يَرُبْعَامُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى رَحُبْعَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَمَا تَكَلَّمَ الْمَلِكُ قَائِلًا: «ارْجِعُوا إِلَيَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ». 13 فَأَجَابَ الْمَلِكُ الشَّعْبَ بِقَسَاوَةٍ، وَتَرَكَ مَشُورَةَ الشُّيُوخِ الَّتِي أَشَارُوا بِهَا عَلَيْهِ، 14 وَكَلَّمَهُمْ حَسَبَ مَشُورَةِ الأَحْدَاثِ قَائِلًا: «أَبِي ثَقَّلَ نِيرَكُمْ وَأَنَا أَزِيدُ عَلَى نِيرِكُمْ. أَبِي أَدَّبَكُمْ بِالسِّيَاطِ وَأَنَا أُؤَدِّبُكُمْ بِالْعَقَارِبِ». 15 وَلَمْ يَسْمَعِ الْمَلِكُ لِلشَّعْبِ، لأَنَّ السَّبَبَ كَانَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ لِيُقِيمَ كَلاَمَهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَنْ يَدِ أَخِيَّا الشِّيلُونِيِّ إِلَى يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ. "أتى يربعام وكل جماعة إسرائيل وكلَّموا رحبعام قائلين: إن أباك قسَّى نيرنا، وأمَّا أنت فخفِّف الآن من عبوديَّة أبيك القاسية، ومن نيره الثقيل الذي جعله علينا فنخدمك" [3-4]. لم يشتكِ الشعب لأن أباه سليمان أعطى ظهره لله وتجاهل الوصيَّة الإلهيَّة وأقام مذابح وثنيَّة، إنَّما ما كان يشغلهم أنَّه فرض عليهم السخرة في العمل مع ضرائب باهظة. إنَّهم يطلبون الحياة السهلة دون مبالاة إن كانوا يعبدون الله أو عشتروت أو ملوك. كانت الشكوى تحمل جانبًا من الحقيقة لكنَّها تجاهلت الجوانب الأخرى الإيجابيَّة. فإن كان بالفعل قد فرض ضرائب باهظة على شعبه، لكنَّنا لا نتجاهل أنَّه بحكمة فائقة كسب ذهبًا وفضَّة لحساب مملكته من الدول المجاورة حتى صارت الفضَّة من الكثرة كالحجارة. كذلك اتَّسم عهده بالسلام الخارجي والداخلي، فلم تتحوَّل ميزانيَّة الدولة إلى الجيش، ولا تحوَّلت طاقات الشعب إلى الحروب. لهذا السلام أثره على رفاهيَّة الشعب. من جانب آخر فإن الشعب لم يقم بالثورة على رحبعام؛ بل أعلنوا رغبتهم في خدمته إن شاركهم مشاعرهم وخفَّف عنهم عبء الضرائب. لم يطلبوا الإعفاء الكامل من الضريبة بل التخفيف منها. لم يطلبوا منه أن يكون لهم عبدًا بل يكونوا هم خدَّامًا، فيقبلوه أبًا وملكًا لهم، ويتبارون في الخدمة له بكل قلوبهم. إذ يرى الشعب قائدهم يعيش من أجلهم لا من أجل ذاته، يحبُّونه ويسمعون له ويخدمونه ويدافعون عنه. أمَّا القائد الطاغية المعتزّ بذاته فيخلق شعبًا متشكِّكًا فيه، يود أن يتمرَّد عليه. يليق بالقائد ألاَّ يحمِّل الناس أثقاله، بل يحمل في قلبه أثقالهم، وينشغل فكره بالمسئوليَّة لحسابهم، مكرِّسًا وقته لبنيانهم، فيخضعون له كأبناء، وأعضاء في جسده بكونه الرأس. سعيد هو الشعب له قائد كهذا، وفي آمان القائد الذي له شعب كهذا. "فقال لهم اذهبواإلى ثلاثة أيَّام أيضًا ثم ارجعوا إليَّ، فذهب الشعب" [5]. طلب منهم مهلة ثلاثة أيَّام ليعطيهم ردًا على سؤالهم. هذا التصرُّف حسن، إذ أعطى لنفسه مهلة للتفكير، لكنَّه تجاهل الدور الإلهي. كان يليق به أن يطلب مشورة الله بكونه الملك الحقيقي لشعبه، والذي أقامه ملكًا على كرسي أبيه وجدُّه. "فاستشار الملك رحبعام الشيوخ الذين كانوا يقفون أمام سليمان أبيه وهو حي قائلًا: كيف تشيرون أن أرد جوابًاإلى هذا الشعب. فكلَّموه قائلين: إن صرت اليوم عبدًا لهذا الشعب وخدمتهم وأحببتهم وكلَّمتهم كلامًا حسنًا يكونون لك عبيدًا كل الأيَّام" [6-7]. قدَّم الشيوخ مفهومًا صادقًا للملك، وهو أن يحمل روح الرعاية والحب والكلمة العذبة والخدمة، فيحصد حبًا صادقًا وخضوعًا له كل الأيَّام. لقد أرادوا من رحبعام أن يحقِّق ما نادى به والده، وهو أن الكلام الطيِّب يصرف الغضب. لم يدرك رحبعام أن من أراد أن يكون سيِّدا فليكن خادمًا. وأن الملك الحكيم يرى أنَّه خادم لشعب الله، غايته سعادتهم. فترك مشورة الشيوخ التي أشاروا بها عليه، واستشار الأحداث الذين نشأوا معه ووقفوا أمامه. وقال لهم: بماذا تشيرون أنتم، فنرد جوابًا على هذا الشعب الذين كلَّموني قائلين: خفِّف من النير الذي جعله علينا أبوك. فكلَّمه الأحداث الذين نشأوا معه قائلين: هكذا تقول لهذا الشعب الذين كلَّموك قائلين إن أباك ثقَّل نيرنا وأمَّا أنت فخفِّف من نيرنا. هكذا تقول لهم إن خنصري أغلظ من متنيّ أبي" [8-10]. كان هذا المثل شائعًا يحمل معنى أنَّه أقوى من أبيه وأكثر سلطانًا، فإن أصغر إصبع في يده أغلظ من فخذ أبيه. والآن أبي حمّلكم نيرًا ثقيلًا، وأنا أزيد على نيركم، أبي أدَّبكم بالسياط، وأنا أؤدبكم بالعقارب" [11]. قدَّم له الشباب أصدقاؤه الذين نشأ وسطهم مشورة خطيرة. قدَّموا له مفهومًا مختلفًا عن الملك، وهو السلطة والسيطرة والعنف في التعامل مع الخاضعين له. بثُّوا فيه روح الكبرياء واحتقار الآخرين. لقد طلب منه الشيوخ أن يقدِّم لشعبه كلامًا حسنًا يكسبهم به دون أن يملُّوا عليه بما يقوله. أمَّا هؤلاء المشيرون فأمْلوا عليه ليست فقط روح التشامخ والسيطرة بل حتى الكلمات التي ينطق بها مع الشعب. في تشامخهم أيضًا طلبوا من رحبعام أن يعترف بأن والده حمَّلهم نيرًا ثقيلًا، لا لكي يرفع عنهم ما وضعه والده بل يزيده ثقلًا. لم يقف الأمر على زيادة الضرائب أكثر فأكثر، بل هدَّدهم بإصدار قوانين عنيفة مثل العقارب. لا نلم المشيرين وحدهم بل نلوم رحبعام الذي في إعطائه ظهره لله تركه الله لغباوته، وسلَّمه في أيدي مشيريه العنفاء، حتى تنشق المملكة ويفقد رحبعام عشرة أسباط. تحدَّث القديس يوحنا كاسيان في الكتاب الرابع من "المؤسَّسات" في الفصلين 9 و10 عن التزام الحديثين في الرهبنة ألاَّ يعتمدوا على تمييزهم الشخصي، ولا يخفون شيئًا من أفكارهم عن الشيخ المختبر الذي يتعهَّدهم. بهذا لا يقدر الشيطان أن يدمِّر الشخص الحديث اللهمَّ إلاَّ إذ أغواه بالكبرياء بإخفاء أفكاره. يطيعون بثقة ويقين وبلا تردَّد كما لو كان الأمر صادرًا من السماء. * من كان له الفكر الصالح وفي تواضع مع شوق يتمثِّل بإخلاص بما يراه، سواء خلال التعليم أو اقتداءً بما يراه في الآباء، بدلًا من الانشغال في الجدال، بهذا تستقرّ فيه معرفة كل شيء باختبارٍ عملي. أمَّا الذين ابتدءوا تعلُّمهم بالجدال، فلن يدخلوا إلى غاية الحق... لذلك فإن عدوِّنا (الشيطان) يدفعهم بسهولة بعيدًا عن معرفة الآباء، حتى لتبدو لهم الأمور المفيدة والنافعة كأنَّها غير ضروريَّة، بل ومضرَّة. بهذا يلعب العدوّ الماكر بفطنة، جاعلًا إيَّاهم يتمسَّكون برأيهم الخاص في عناد، مقتنعين بأن ما يملأ عقولهم النجسة من أخطاء هو صلاح وحق ومقدَّس. الأب بيامون * الطاعة احتجاج أمام الله. فان سُئلت منه: لماذا فعلت هذا؟ تجيبه "أنت يا سيِّد أمرت بالطاعة، أنا فعلت ما أُمرت به"، فتجاوبه هكذا وتتبرَّر.إن السفر بهذه السفينة فيه أمان من الغرق. فيسافر الإنسان وهو نائم، كما يسافر الإنسان في السفينة نائمًا ولا يلتزم بتدبيرها، لأن مدبِّرها حاضر. هكذا حال الإنسان السائر تحت الطاعة، يسافر نحو السماء والكمال وهو نائم من غير تعبٍ ولا تفكير فيما ينبغي أن يفعل. لأن الرؤساء هم مدبِّرو هذه السفينة والساهرون من أجله. لعمري أنَّه ليس بالأمر الهيِّن بل هو عظيم جدًا. فالإنسان يجتاز بحر هذا العالم وهو على ساعد غيره وذراعه!! هذه هي النعمة الكبرى التي يفعلها الله مع السالك تحت الطاعة. القديس يوحنا الدرجي * من يعتمد على رأيه الذاتي، ولو كان قدِّيسًا، فهو مخدوع، وخطر خداعه أخطر من خطر المبتدئ الذي سلَّم تدبيره بيد غيره. فالأول يشبه ربَّان سفينة ألقى بنفسه في مركبٍ بلا شراع ولا مجدافٍ في وسط البحر، متَّكلًا على حذاقته وفن تدبيره. والثاني أي المبتدئ يشبه من لا خبرة له في سفر البحر، فيطلب من نوتيٍ ماهرٍ أن يركبه في سفينته العامرة بكل لوازمها واحتياجاتها.فلا ينخدع أحدكم ويهرب من نير الطاعة الليِّن، عازمًا أن يتمسَّك برأيه في الأمور الروحيَّة مثل الصوم والصلاة وغير ذلك من علامات الإيمان والنسك، ظانًا أنَّه بذلك يخلص! * الطاعة... هي جحود النفس، موت المشيئة، قبر الهوى، قيامة التواضع، الطاعة موت أعضاء الجسد وهوى النفس، وذلك يكون للمبتدئ بألم، وللمتوسِّط تارة بألم وأخرى بلا ألم، وأمَّا الكامل فلا يشعر بألم إلاَّ إذا فعل شيئًا بحسب هوى نفسه... فالذين يريدون أن يحملوا نير المسيح على رقابهم، ويُحمِّلون أحمالهم على رقاب غيرهم (آبائهم أو مرشديهم الروحيِّين)، سبيلهم أن يرفضوا أهواءهم الذاتيَّة ويفعلون ما يرون أنَّه موافق لإرادة الله. * بلا مدبِّر لا تكون السلامة. فمن الطاعة التواضع، ومن التواضع الشفاء من الآلام. فقد كُتب أنَّه بتواضعنا ذكرنا الرب وخلَّصنا من أعدائنا. يوحنا الذهبي الفم العقارب: هنا هي أنواع من السياط في أطرافها عُقد حديديَّة يُضرب بها العبيد، يُلقى العبد على بطنه وهو عاري الظهر وتُشدّ أطرافه (اليدان والرجلان) ثم يُضرب بهذه السياط فتمسِك الأطراف الحديديَّة في جسمه وتهرأه.عرف الرومان أيضًا نوعًا من الآلات العسكريَّة تسمَّى "العقارب" خلالها يطلقون السهام السامة فتكون كلدغات العقارب القاتلة. "فجاء يربعام وجميع الشعبإلى رحبعام في اليوم الثالث. كما تكلَّم الملك قائلًا: ارجعواإليّ في اليوم الثالث. فأجاب الملك الشعب بقساوة، وترك مشورة الشيوخ التي أشاروا بها عليه. وكلَّمهم حسب مشورة الأحداث قائلًا: أبي ثقَّل نيركم، وأنا أزيد على نيركم، أبي أدَّبكم بالسياط، وأنا أؤدِّبكم بالعقارب. ولم يسمع الملك للشعب، لأن السبب كان من قبل الرب ليُقيم كلامه الذي تكلَّم به الرب عن يد أخيا الشيلوني إلى يربعام بن نباط" [12-15]. * لا شيء يجعل الرِجلْ تزلّ إلاَّ الكبرياء! المحبَّة تحرِّك الرِجلْ للسير والتقدُّم والصعود، أمَّا الكبرياء فتدفع الرِجلْ إلى السقوط. القديس أغسطينوس |
|