|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
الكنيسة القبطية في القرن الخامس عشر 1. الشهيد صليب 2. إيبارشيات الخمس المدن الغربية 3. لمحة عن عصر ا
الكنيسة القبطية في القرن الخامس عشر 1. الشهيد صليب 2. إيبارشيات الخمس المدن الغربية 3. لمحة عن عصر المماليك 1. القديس صليب الشهيد لما كان حُكْم المماليك مليئاً بالضيقات والاضطهاد، فقد زخر هذا العصر باضطهاد الأقباط المتمسِّكين بعقيدتهم، الراضين بكل ما يترتب عليه هذا التمسُّك من تعذيب وتنكيل. ولا شكَّ أنه قد نال الكثير من الأقباط إكليل الاستشهاد في هذا العصر، إلاَّ أنَّ الأسماء التي وصلتنا عن هؤلاء قليلة. وفي هذه الفترة لم يصل إلينا إلاَّ سيرة قديس استطاع أن يصمد في وجه الآلام إلى حدِّ الاستشهاد. نشأة الشهيد صليب وزواجه: وُلد هذا الشهيد في بلدة هور، مركز ملوي بمحافظة أسيوط (كانت في ذلك العصر تابعة لمحافظة أسيوط). وكان والده من الصُّنَّاع الماهرين، وكان له منزلة بين أهل بلدته. وقد أدَّب ابنه بآداب البيعة المقدسة، كما علَّمه صناعته ليُعاونه في عمله، شأن كل البيوت المسيحية في تلك الأزمنة. ولما اشتدَّ عود هذا الشاب، فكَّر والداه في اختيار زوجة له من أقاربه. فزوَّجاه رغم إرادته، ولكنهما ظلاَّ بتوليَّيْن تحرسهما العناية الإلهية. هجرته من بيته إلى الجبال والبراري: وعقب زواج صليب، هجر منزل والديه وصار يجوب الجبال والبراري، ويزور الأديرة ويسمع الكلام الإلهي، ويُعزِّي نفسه الطاهرة بسِيَر القدِّيسين والنُّسَّاك المتعبِّدين. ولما عثر عليه أهله، قيَّدوه بالحديد حتى لا يُفارقهم، ولكنهم اكتشفوا فيما بعد أن هذه القيود قد انحلَّت من قدميه. شهوته للاستشهاد: كان صليب يواصل ليله ونهاره بالصلوات. وكانت أمنيته الوحيدة التي كان يتوسَّل بها للقديسة العذراء مريم والدة الإله، أن تُعينه على نيل إكليل الاستشهاد على اسم ابنها الحبيب. فظهرت له العذراء الطاهرة في حلم وأفهمته أن طلبته استُجيبت وأنه سينال أمنيته، وسيكون رئيس الملائكة ميخائيل في حراسته. وهكذا تقوَّى صليب وتشدَّد بالروح القدس، وكان لا ينفك شاهداً لاسم المسيح ربنا مُعلناً إيمانه الوطيد بألوهيته ورجاءه في ملكوته الأبدي. وهكذا استُهدِفَ لغضب وحقد جماعة من غير المؤمنين، فقبضوا عليه، وقدَّموه للمتولِّي حاكم بلاد الصعيد لمحاكمته. اعتراف الشاب صليب: انتهز صليب هذه الفرصة الثمينة، فرصة محاكمته، فاعترف جهراً بإيمانه وتعبُّده للرب يسوع المسيح. فانهالت عليه الشتائم والإهانات واللطمات، فتحمَّلها هذا الشجاع بكل صبر واحتمال منتظراً الجزاء السمائي. وبعد اعترافه، قيَّده الناس بقيود من حديد ثم رجموه، فلم يُصِبْه أذى لأن ملاك الرب كان يحرسه، كوعد القديسة العذراء مريم له. ثم أودعه الحاكم في السجن. وكان صليب يصرف ليله في الصلاة، فتوافيه السيدة العذراء في الرؤيا في هالة من الضوء الفائق أكثر من ضوء الشمس بهاءً، وتُعزِّيه قائلة: - ”اصبُرْ يا صليب، فإنك ستنال إكليل الشهادة باسم الحبيب يسوع المسيح له المجد. وسيحوطك رئيس الملائكة ميخائيل برعايته إلى أن تُكمِّل جهادك“. فلما شاع هذا الحادث بين نزلاء السجن، قرَّ رأيهم أن يهربوا من السجن، فلم يُوافقهم صليب على ذلك. ترحيله إلى مصر لمحاكمته: وبعد أيام أرسله قاضي المدينة إلى مصر مُقيَّداً بالأغلال الحديدية محروساً بقوة من الشرطة. ولما ركب السفينة كانت أُمه وإخوته قد عرفوا أنه مُزمع على الانتقال من بلدتهم، فقابلوه بالبكاء عندما رأوه مُقيَّداً كالأشرار والقَتَلَة. ولما تأكَّدوا من تصميمه على إتمام شهادته، ودَّعوه بقولهم: - ”اذكرنا يا ولدنا الحبيب عند المسيح إلهنا. والرب يكون معك، ومعونة والدته القديسة مريم تشملك إلى أن تُكمِّل سَعْيك وجهادك الحسن“. ثم رجعن وهُنَّ يندبن على فراق ولدهن وأخوهن ”صليب“. + كانت الرحلة النهرية شاقة، وقد قضاها القديس صليب في التسبيح والتقديس. وكانت السيدة العذراء تُشرق عليه ليلاً بنورها البهيِّ وتُعزِّيه، كما كان رئيس الملائكة الطاهر ميخائيل يُعزِّيه ويُحافظ عليه ويُلازمه في غربته. + ولما وصلت السفينة إلى مصر، أصاب صليب الكثير من العذابات التي لا توصف. وأخذه القائد إلى جماعة من المسيحيين المؤمنين وطلب منهم أُجرة سفره، لأن القديس لم يكن معه شيء من مال هذا العالم الزائل. فدفعوا له ما طلب بعدما عَلِموا قضيته، ثم طلبوا من القديس أن يتناول خبزاً عندهم، فلبَّى دعوتهم ونال من عطفهم ورعايتهم ما عزَّاه كثيراً في شدَّته، الأمر الذي جعله يُخاطبهم بقوله: - ”لقد تعبتم معي وتكلَّفتم الكثير من أجلي. فالرب يسوع المسيح يُجازيكم بخيرات ملكوته الأبدي، ولا يُعوزكم شيئاً من خيرات الدنيا الفانية“. + ثم توجَّه صليب بصحبة القائد إلى أهله بمصر حيث كانت تُقيم شقيقته وكانت سيدة مؤمنة. فلما رأته وعلمت بقضيته وعَزْمه على نَيْل إكليل الشهادة على اسم المسيح، أخذت تبكي وتتوسَّل إليه أن يَعْدِل عن عزمه ليخلص من القيود والعقاب. فودَّعها وداعاً صامتاً. وقاده حارسه إلى الحاكم الذي فحص قضيته وأخذ يسأله عمَّا جاء فيها من الاعتراف الجريء بإيمانه وعقيدته. فامتلأ صليب قوةً من الروح القدس واعترف الاعتراف الحسن بكل قوةٍ وجسارة، بأنه ليس إله في السماء وعلى الأرض إلاَّ يسوع المسيح. فلما سمع الحاكم منه ذلك، قرَّر إرساله إلى الملك. + وفي الصباح الباكر مَثَلَ الشهيد بين يدي الملك الأشرف قانصوه الغوري ممتلئاً بالشجاعة والقوة. ولم يخشَ رهبة مجلس الحُكْم حيث العساكر والجيوش وأرباب الدولة والولاة، كما أنه لم يتأثَّر من هيبة الملك. كما لم يرهب قلبه من العذاب الذي توعَّده به. ثم خاطبه الملك قائلاً: - ”أيها النصراني، أتسمع ما يقوله عنك هؤلاء؟ اصْغِ لنصيحتي واترك دين آبائك وأنا أُسامحك“. فأجاب القديس قائلاً: - ”إن الذي يقولونه هو اعترافي، فإني أُقرُّ علانية بأنني مسيحي مؤمن بدين المسيح“. + فأرسله الملك إلى القضاة ليسمعوا كلامه ويحكموا عليه. وهكذا حدث، إذ عُرضت قضيته أمامهم. ولما سمعوا شهادة الشهود، وسمعوا منه اعترافه الصحيح، حكموا عليه بالإعدام وإشهاره في أرض مصر مُكبَّلاً بالحديد. + فأحضر الأمير الذي كُلِّف بتنفيذ الحُكْم جَمَلاً وأمر بأن يضعوا عليه القديس مصلوباً على صليب خشبي. وأخذوا يطوفون به في المدينة ويُنادون أمامه بجريمته. وكان صليب يُقابل كل ذلك بصبر عجيب مُتهلِّلاً لِمَا ناله من العذاب على اسم ربنا يسوع المسيح. وكان وجهه مُضيئاً لامتلائه من نعمة الله ومعونته، وبما شَمَله المسيح من النعمة التي جعلته يُحقِّق أمنيته وهي استشهاده على اسمه القدوس. + ولما وصلوا إلى ساحة تنفيذ الحُكْم، كان السيَّاف واقفاً في انتظاره يحمل سيفاً مسلولاً يلمع، والجموع محتشدة لرؤيته وقت قطع رأسه. ولكن القديس لم يتأثَّر من هذا المنظر المُرعب، كما لم يخشَ الموت ورعبته. فسأله القاضي عمَّا إذا كان يودُّ الرجوع عن اعترافه لينال العفو وإطلاق سراحه+ أجابه القديس بأنه عاش مسيحياً ويموت مسيحياً، ولن يترك ربَّه ومُخلِّصه يسوع المسيح. فأمر القاضي بقطع رأسه، فضرب السيَّاف عُنق القديس بحدِّ السيف في الساعة السادسة من النهار (الثانية عشرة ظهراً) من يوم الاثنين المبارك الثالث من شهر كيهك سنة 1229 للشهداء. وهكذا نال إكليل الشهادة. + وكان استشهاد القديس صليب في يوم تذكار دخول سيدتنا العذراء القديسة مريم إلى الهيكل. وكان ضرب عنقه أمام المدرسة النجمية الصالحية التي بناها الملك الصالح نجم الدين بخط ”بين القصرين“ بجوار منية الصالح بالجمالية بالقاهرة المُعِزِّيَّة (أي التي بناها المُعزُّ لدين الله الفاطمي) - عن كتاب الميرون رقم 106 طقس، بمكتبة الدار البطريركية. بركة الشهيد صليب تكون معنا. آمين. 2. إيبارشيات الخمس المدن الغربية في أوائل القرن السادس عشر الخمس المدن الغربية كانت من أهم الإيبارشيات التابعة للكرسي الإسكندري، وكانت عامرة بالمؤمنين المسيحيين، ويرعاها أساقفة، وذلك حتى قبيل الغزو العثماني لمصر. وكانت هذه الإيبارشيات كالآتي: 1. أفريقيا، 2. برقة، 3. برنيقة، 4. طرابلس الغرب، 5. تونس، 6. درنة، 7. قابس، 8. قريني (قيروان)، 9. ليبيا، 10. مراقبة(1). + وكان آخر أسقف سيم لهذه البلاد في أيام الغزو العثماني. ويظهر ذلك من طرس البركة الصادر من البابا يؤانس الثالث عشر البطريرك الـ 94 يوم الاثنين 29 كيهك سنة 1225ش/ 1509م. ويُستفاد من ذلك أن كرسي الخمس المدن الغربية كان ضمن الكراسي التي لم يتمكن أساقفتها من الوصول إليها وتركوها في بداية القرن السادس عشر. وكان يشغل هذا الكرسي قرياقص مطران الخمس المدن الغربية، واعتفى من خدمته لحوادث طارئة أيام احتلال العثمانيين هذه البلاد، وهَجَر كرسيه، وأقام في جبل شيهيت معتزلاً الحياة، ودُعِيَ اسمه ”ساويرس“. وله مؤلَّفات في دير السريان الذي اتخذه محلاًّ لإقامته (عن مقال للعلاَّمة جرجس فيلوثاوس عوض، مجلة الحياة، سنة 1941، ص 230،229). 3. لمحة عن عصر المماليك المماليك هم سلالة من الجنود حكمت مصر وغيرها من البلدان أكثر من قرنين ونصف. وكان هؤلاء المماليك عبيداً أولاً استقدمهم الأيوبيون (سلالة صلاح الدين الأيوبي)، وزاد نفوذهم حتى تمكَّنوا من الاستيلاء على الحُكْم في مصر سنة 1250م. وقد قضى عليهم محمد علي باشا يوم أول مارس عام 1811 في المذبحة الشهيرة المُسمَّاة ”مذبحة القلعة“. + وقد عانى المصريون ألواناً من التعسُّف والظلم في عهد المماليك. ولا عجب فلم يكن المماليك من مصر بل من بلاد أخرى غريبة. فقد تعالى عليهم المماليك واحتقروهم وأذلُّوهم وفرضوا عليهم الضرائب الفادحة، وملأوا حياتهم قلقاً واضطراباً لكثرة الفتن الداخلية التي حدثت في عصرهم. + أما الأقباط، فبالإضافة إلى ما أصاب إخوتهم المسلمين، فقد وقع عليهم من العذاب ألوان متباينة، فلم يكن لشخص منهم حُرْمة. حتى البابوات فلم يكونوا في مأمن من أذاهم. فبطشوا بالأشخاص، وخرَّبوا كل ما امتدَّت إليه أياديهم من كنائس وأديرة(2). أهم الأديرة والكنائس التي تهدَّمت في هذه الحقبة: 1. دير القصير: في قلته، وكان فيه رهبان مُقيمون. وفي هيكله صورة للقديسة العذراء مريم، وكان الناس يقصدون هذا الدير للنظر إلى هذه الصورة. وفي أعلاه غرفة بناها ”خمارويه“، وكان كثير الزيارة لهذا الدير مُعجَباً بالصورة التي فيه. وإلى جانبه صومعة لا تخلو من حبيس يكون فيها. 2. دير مار حنا: هذا الدير على شاطئ بِركة الحبش، وهو قريب من النيل، وإلى جانبه بساتين أنشأ بعضها المُعزُّ. 3. دير مغارة شقلقيل: مُعلَّق على الجبل، وهو منقور في الحجر، ولا يمكن الوصول إليه من أعلاه ولا من أسفله، ولا سُلَّم له. وإنما جُعلت له نقور في الجبل. فإذا أراد أحد أن يصعد إليه، أُنزِل له حَبْل فيمسكه بيده، ويضع رجليه في تلك النقور ويصعد. وبه طاحونة يُديرها حمار واحد. ويطلُّ هذا الدير على النيل تجاه ”منفلوط“ وتجاه ”أُم القصور“. وأمامه جزيرة يُحيط بها الماء، وهي التي يُقال لها ”شقلقيل“. وكان لهذا الدير عيد يجتمع فيه الأقباط، وهو على اسم أبا مينا (ويُنطق قديماً ”بو مينا“). 4. دير بقطر: بحاجر أبنوب من ”بني مُرّ“ تحت الجبل. وهو دير كبير جداً. 5. دير أبو هرمينا: بحري ”فاو“، وبَحَريه ”بربا فاو“. وهو مملوء كُتباً وحِكَماً. والقديس ”أبَّا هرمينا“ هذا من قدماء الرهبان المشهورين. أديرة أخرى كثيرة: دير السبعة جبال بأخميم؛ ودير أبَّا بسادة الأسقف بالحاجر؛ ودير ”نهيا“ بالجيزة؛ ودير ”إيسوس“ وله في الخامس عشر من بشنس عيد، فإذا كانت ليلة هذا العيد ظهرت فيه المياه في بئر تُعرف باسم بئر ”إيسوس“؛ ودير يحنس القصير على رأس الجبل غربي أسيوط على شاطئ النيل؛ أديرة دُرُنكة، ويُقال إنها كانت ثلاثمائة وستون دير؛ دير موشه خارج أسيوط بين الحقول. ”ونساء نصارى الصعيد وأولادهم لا يتكلَّمون إلاَّ بالقبطية الصعيدية ولهم أيضاً معرفة تامة باللغة اليونانية“ (الخطط، للمقريزي، ص 512، 517-518). كنائس: بومينا بالحمراء؛ كنيسة الزهري، كنيسة إبسوتير بناحية أشنين، وكان بهذه الناحية مائة وستون كنيسة خُرِّبت كلها إلاَّ أربع كنائس؛ كنيسة أبَّا قلته الطبيب الراهب بناحية ”ريفة“ بأسيوط. وبناحية أبو تيج كنائس كثيرة قد خُرِّبت، وصار المسيحيون يُصلُّون في بيت لهم سرّاً. (هذه الأخبار عن كتاب: ”الديارات“، تأليف أبو الحسن على بن محمد الشابشتي، سنة 998م). ويمكن قراءته وتنزيله عن طريق الإنترنت. (1) عن مقال لكامل صالح نخلة عن إيبارشيات الخمس المدن الغربية، نشره في مجلة التوفيق 16 ديسمبر 1938، ص 10؛ عن كتاب: ”قصة الكنيسة القبطية“ لإيريس حبيب المصري، الكتاب الثالث، ص 401. (2) الخطط، للمقريزي، ص 502-504، 506-507؛ عن كتاب: ”قصة الكنيسة القبطية“ (المرجع السابق). |
|