رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإنسان رؤية مسيحية لنيافة الأنبا موسى الإنسان فى المسيحية يتمتع بكرامة خاصة حيث كان متميزاً فى خلقه، وفى فدائه، وخلاصه، وتقديسه، وإعطائه حياة أبدية مع الله فى ملكوت السموات. 1- من هو الإنسان ؟ الإنسان كائن متميز، كرَّمه الله بأمور لم يحظ بها أى مخلوق آخر، حتى الملائكة. ذلك لأن الإنسان نفحة قدسية من الله، استودعت فى التراب لفترة طالت أم قصرت، لكى يعيش الإنسان بروحه العاقلة ونفسه المتميزة، وجسده المصنوع بيد الله، حياة ترضى القدير وتمجد اسمه، وبعد ذلك.. يرث الإنسان ملكوت السموات، ليقضى حياة أبدية مجيدة فى لدن الله. لذلك نسمى الإنسان "تاج الخليقة" أو "كاهن الخليقة"... نسميه "تاج الخليقة" لأن الله خلق الإنسان بعد أن خلق له كل شئ: الشمس والقمر والنجوم والماء والنبات والحيوان... وفى سفر التكوين نجد أن إلهنا العظيم بعد أن خلق كلاً من المخلوقات السابقة كان يقول: "ورأى الله ذلك أنه حسن" (تك 21:1 و18و21) ولكنه حينما خلق الإنسان، يقول فى سفر التكوين: "ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً" (تك 31:1). والإنسان يدعى "كاهن الخليقة" بمعنى أنه المنوط به تقديم التسبيح والتمجيد لإلهنا العظيم، نائباً عن كل المخلوقات فى الكون، فهو الكائن الوحيد العاقل الناطق، المتجاوز لذاته المحدودة، تطلعاً إلى السماء والسمائيات، وهو الذى سلطه الله على "سمك البحر، وطير السماء، والبهائم، وعلى كل الأرض، وكل ما يدب على الأرض" (تك 26:1). لذلك وجب على الإنسان أن يرفع قلبه وعقله كل يوم، تسبيحاً للخالق العظيم، الذى خلقه على صورته ومثاله. وهنا نسأل: ما معنى أن الإنسان مخلوق على صورة الله؟ 2- الإنسان مخلوق على صورة الله : ورد فى سفر التكوين، أن إلهنا العظيم، قال حينما شرع فى خلق الإنسان: "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا... فخلق الله الإنسان على صورته... وباركهم وقال لهم: اثمروا واكثروا واملأوا الأرض" (تك 26:1،27). والمقصود هنا أن الإنسان شابه صانعه العظيم فى أمور كثيرة منها : 1- القداسة : فقد خلق الله آدم باراً ومقدساً، متشحاً بثوب البر، الذى أعطاه له الرب القدوس، وذلك قبل السقوط طبعاً. 2- الحكمة والنطق : لأن الله هو الحكمة اللانهائية (اللوغوس فى اليونانية)، لهذا أعطى آدم قبساً من حكمته، تمثل فى العقل الإنسانى، القدرة على التفكير والتفسير والنطق والدراسة والتحليل والاستنتاج. 3- الحرية : فإلهنا العظيم حر بصورة لا نهائية، لا يطاوله الشر، فهو الخير المطلق، والقدرة اللانهائية، وقد أعطى الإنسان الحرية الكاملة، فى أن يقرر ويختار طريقه، وحتى مصيره الأبدى. لقد وضع الله أمام الإنسان طريقين: الحياة والموت، وأوصاه أن يختار الحياة. لكن الإنسان كان ولا يزال حراً فى أن يختار الخطيئة والشر والموت، والله لا يمنعه عن ذلك قهراً أو قسراً، بل ينصحه بالكتب المقدسة والوعظ الروحانى، دون أن يفرض عليه طريقاً ما، ينصحه أن يختار طريق الخير والحياة الأبدية، وهو الذى يقرر ماذا يختار؟ 4- الخلود : فالله خالد لا يموت، وقد أعطى الإنسان روحاً عاقلة خالدة لا تموت، فالجسد يموت ثم يقوم، بعد أن تعود إليه روحه العاقلة. وبعد أن يقوم الإنسان فى يوم القيامة العامة، يستمر حياً إلى الأبد، فى أحد مكانين: إما ملكوت السموات أو جهنم... 3- مكونات الطبيعة الإنسانية : إن المكونات الأساسية للطبيعة الإنسانية هى : 1- الروح : العنصر الذى به يتجاوز الإنسان محدوديته، ليدخل إلى اللامحدود. فالإنسان هو الكائن الوحيد الذى يتجاوز ذاته، وما يراه وما يعرفه، وما يحس به، إلى عالم "الميتافيزيقيا" أى "الماورئيات".. ماذا وراء المادة؟ والكون؟ والزمن؟ والطبيعة؟ والموت؟ إن الروح الإنسانية هى العنصر الذى من خلاله يعرف الإنسان الله. ويكون له إتصال بالحقائق الإيمانية، ويتطلع إلى السماء والخلود. والإنسان منذ فجر الخليقة كائن متدين.. حتى إذا ما أخطأ فى معرفة من هو الله؟ فتصوره مرة قوة كالنار، أو مصدر حياة كالشمس، أو غير ذلك من التصورات الوثنية القديمة.. إلا أنه فى النهاية دائماً يسأل عن غير المحدود، أساس الكون، مصدر الحياة، معنى الوجود، وواجب الوجود، وأصل كل وجود، كما رأينا فى أخناتون الفرعون المصرى المؤمن بالله الواحد. 2- العقل : وهو عنصر التفكير والاستيعاب والإدراك والتعبير والتحاور والاكتشاف والاختراع.. والعقل الإنسانى يختلف عن العقل الغريزى الذى للحيوانات، والذى من خلاله يتعرف الحيوان أن هذا طعام، أو أن هذا صيد ثمين، وكيف يصل إليه؟ العقل الإنسانى وزنة إلهية، لأنه عطية الله "اللوغوس" للإنسان. ومن خلاله يتأمل ويدرس ويستنتج. ومن خلاله يقترب من الألوهة واللامحدود. العقل الإنسانى - بالقطع - محدود، ويستحيل أن يدرك اللامحدود، ولكنه يستطيع أن يستنير بروح الله، ليدرك الكثير من حقائق الإيمان. العقل يبدأ والإيمان يكمل!! دون مصادمة، ودون استغناء الواحد عن الآخر!! فنحن "بالإيمان نفهم أن العالمين أتقنت بكلمة الله" (عب 3:11). إن العقل كالعين المجردة المحدودة، التى تحتاج إلى التلسكوب، لترى ما هو بعيد، وما هو فوق طاقتها. فلا العين تستغنى عن التلسكوب، ولا التلسكوب يستغنى عن العين... كذلك لا العقل يستغنى عن الإيمان، ولا الإيمان يستغنى عن العقل... والإيمان لا يلغى العقل بل يتجاوزه، أنه ليس ضد العقل، بل هو فوق العقل. 3- النفس : وفيها الغرائز (الدوافع النفسية) الأساسية جداً لاستمرار النوع الإنسانى: كالجنس، والطعام، والخوف، والاستطلاع.. الخ. وفيها أيضاً الحاجات النفسية المختلفة: كالحاجة إلى الحب، والأمن، والتقدير، والإنتماء. وكذلك الأفعال المنعكسة بدءاً من الرضاعة، إلى كل فعل منعكس آخر، أساسى لحفظ الإنسان. وفيها الدوافع العامة: كالاستهواء، والتقليد. وفى النفس أيضاً عناصر أخرى مكتسبة (غير الغرائز والحاجات النفسية الموروثة) مثل: العواطف، والعادات، والإتجاهات، التى تتكون لدى الإنسان أثناء مسيرته فى الحياة. ولاشك أن للنفس دور هام فى تحديد ملامح الشخصية، بما فيها من أمور طبيعية يمكن أن تفيد وأن تضر. وبما لابد منه من تسام: بدوافع معينة، وما لابد من ضبطه: من عواطف، أو التخلص منه: كالعادات الضارة، أو اكتسابه: كالعادات البناءة، أو فحصه: كالاتجاهات.. بل بما يحدث فى النفس من متاعب بسبب مصادمات الحياة المختلفة، وما يعتريها من قلق واكتئاب وحيرة وخوف وتأزم.. ما هو طبيعى، وما يمكن أن يكون مرضاً يحتاج إلى تدخل من الأطباء. 4- الجسد : فجسد الإنسان، بصحته أو أمراضه المختلفة، له دخل فى تحديد ملامح الشخصية.. مثل العاهات الجسمية وأثرها.. مراحل العمر.. مستوى الجمال.. نوع التغذية.. طول القامة.. وأمور أخرى كثيرة، يمكن أن يكون لها عائد على الشخصية. وعلى رأى الإنسان فى نفسه، ومدى ارتياحه ورضاه، أو تمرده ورفضه، أو اجتهاده فى تغيير ملامح معينة، وكذلك ما يتعرض له الجسد من حوادث وأمراض مختلفة تؤثر فى قدرة الحركة، والإنتاج.. الخ، أو ما يؤثر فى الصحة الجسدية كالتدخين والمخدرات والمسكرات والأمراض المنقولة جنسياً... كل هذه الأمور التى تؤثر على الجسد، تشارك فى تحديد ملامح الشخصية الإنسانية. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الحرية رؤية مسيحية...نيافة الأنبا موسى |
البابا... اللؤلؤة!! لنيافة الأنبا موسى |
كيف نشهد للمسيح؟ لنيافة الأنبا موسى |
ما لقيصر وما لله لنيافة الأنبا موسى |
الميلاد يجدد الإنسان - لنيافة الأنبا موسى |