رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا كيرلس الرجل الموهوب الفصول التى رتبتها الكنيسة للقراءة فى هذا الصباح ، كلها الحقيقة لها معان عميقة ، وتحتاج أن الإنسان يقف أمامها ويتأملها، خصوصا ونحن فى هذه الفرصة المباركة . فالفصل الذى قرأناه من البولس وهو مأخوذ من الإصحاح الثانى عشر من رسالة القديس بولس إلى رومية أو إلى روما ، فيه كلام ينفعنا جميعا ونحن جميعا سائرون فى طريق السماء . ” لنا مواهب مختلفة حسب النعمة المعطاة لنا ، ( مواهب ، ليست موهبة واحدة ، لنا مواهب مختلفة حسب النعمة المعطاة لنا ) أنبوة فبالنسبة إلى الإيمان ، أم خدمة ففى الخدمة ، أم المعلم ففى التعليم ، أم الواعظ ففى الوعظ ، المعطى فبسخاء ، المدبر فباجتهاد ، الراحم فبسرور ، المحبة فلتكن بلا رياء ، كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير، وادين بعضكم بعضا بالمحبة الأخوية ، مقدمين بعضكم بعضا فى الكرامة ، غير متكاسلين فى الاجتهاد ، حارين فى الروح ، عابدين الرب، فرحين فى الرجاء . صابرين فى الضيق مواظبين على الصلاة، مشتركين فى احتياجات القديسين ، عاكفين على إضافة الغرباء، باركوا على الذين يضطهدونكم ، باركوا ولاتلعنوا ، فرحا مع الفرحين ، بكاءً مع الباكين، مهتمين بعضكم لبعض إهتماما واحدا، غير مهتمين بالأمور العالية ( الأمور العالية معناها المراكز العليا أو شىء من هذا القبيل) بل منقادين إلى المتضعين، لا تكونوا حكماء عند أنفسكم ، لا تجازوا واحدا عن شر بشر ، معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس ، إن كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس . لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل اعطوا مكانا للغضب ، لأنه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب . فإن جاع عدوك فاطعمه ، وإن عطش فاسقه ، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار وتضعه على رأسه . لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير “. جميل جدا هذا الفصل الذى قُرأ علينا هذا الصباح ، وفيه كل المبادئ المسيحية ، التى بها يسمو الإنسان فوق الشر وفوق الضعف، وبها أيضا يخدم الله ويخدم الآخرين من بنى الناس . نحن خُلقنا للعمل ، لم نُخلق لتسير حياتنا على وتيرة واحدة ، ولذلك جميل أن الله أعطانا مواهب ، كل واحد فينا له موهبة ، فمن هنا كل منا يمكنه أن يعطى وأيضا يمكنه أن يأخذ . عظمة الخالق أنه لم يخلق إنسانا يملك كل شىء ، إنما كل واحد له موهبة ، ومعنى الموهبة عطية من الله ، إنما معطاة لك ياإنسان كوزنة لكى تتاجر بها ، تخدم بها سيدك الذى خلقك ، وتخدم بها الناس الذين خلقهم الله أيضا على صورته ومثاله . عليك أن تكتشف أيها الإنسان موهبتك ، لا تقل أننى غير موهوب، أبدا أبدا أبدا ، أنت موهوب ، ولك هبة ، لا يوجد إنسان غير موهوب ، ليست المواهب هى المال ، مواهب مختلفة ، بعضها عقلية ، وبعضها روحية ، وبعضها مادية ، وبعضها إمكانات فكرية، فى الابتكار وفى الخلق وفى الإيجاد ، لا يوجد إنسان منا إلا وله موهبة يمكنه بها أن يتاجر وأن يربح ، ولا يوجد إنسان يملك كل شىء ، كل إنسان منا يملك شيئا يعطيه لغيره ، ولكن أيضا ينقصه شىء يأخذه من غيره . عظمة الخالق لهذا المجتمع لكى يكون مجتمعا ناجحا ومترابطاً ، التكافل الاجتماعى هو الذى من أجله وزع الله مواهب مختلفة ، يشعر كل واحد أنه يقدر أن يعطى ، وأيضا يأخذ لأنه ينقصه شىء ، لا يوجد إنسان يملك كل شىء ، ولا يوجد إنسان لا يملك شيئا ، لا .. أنت عندك موهبة ، عليك أن تكتشف هذه الموهبة . فهنا يكلمنا الكتاب المقدس عن أنواع مواهب مختلفة ، وحتى فى مواهب الخدمة فى الكنيسة ، هذا له موهبة النبوءة ، وأيضا موهبة التعليم ، وموهبة الوعظ ، وموهبة العطاء للآخرين ، مواهب مختلفة. وهذه لخير المجتمع . الله خلق هذه الأشياء لكى يشغلها ، وبها نمجد الله ونعمل عمل الله لأن الله صانع الخيرات ، وبه أيضا نخدم بعضنا البعض وبهذا تزداد المحبة بيننا وبين البعض ، لأنك أنت لست بمنعزل، ولكن تعطى هذا الأخ أو ذاك الأخ يعطيك ، إن جاع عدوك فاطعمه وإن عطش فاسقه ، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار وتضعه على رأسه ، لا يغلبنك الشر ، بل أغلب الشر بالخير . هذه هى الإيجابيات التى علمنا إياها المسيح . هذه المعانى الجميلة نذكرها بهذه المناسبة الجميلة ، مناسبة ذكرى البابا كيرلس السادس الرجل الموهوب ، موهوب بمواهب مختلفة ، لم تكن مواهبه ظاهرة فى حياته كمثل ما ظهرت بعد ذلك. لأنه كان راهبا حبيسا ، أغلق على نفسه الأبواب ، لكى يعطى لنفسه فرصة النمو الروحانى ، وفتح الأبواب المغلقة للتأملات العالية ، وفعلا البابا كيرلس على الرغم من أنه كان رجلا يميل أكثر إلى الصمت وعدم الكلام ، لكن ما من كلمة قالها إلاّ وكانت هذه الكلمة لها معناها ومبنية على قواعد ، ومبنية على أشياء كثيرة ، كان أحيانا يكلم واحداً كلمة فتكون هذه الكلمة رسالة لهذا الإنسان ، يكون هو بحاجة إليها وتنفعه فيما بعد فى حياته ، هذه ليست صفة الإنسان العادى إنما الرجل خزن الكثير اختزن لأن حياته كراهب جعلته يختزن بالدخول إلى الأعماق ، لا يقنع بالسطوح ، قليلا ما كان الرجل يتكلم ، ولكنه كان يتأمل والتأمل دخول فى عالم وراء المنظور . |
|