|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تسبحَة القيَامَة التسبحة هي تقدمة شكر يرفعها المفديون لله من أجل بركات الخلاص التي وهبها الله لشعبه، أما هذه التسبحة فهي "مزمور القيامة" [19]، خلاله يعلن الشعب ثقته في الله . يتطلع إشعياء النبي إلى خروج الشعب من السبي حاملين روح الغلبة والنصرة بينما تسقط بابل وكل أسوارها الفريدة حتى الأرض [12] كصورة حيَّة للقيامة من الأموات، لهذا ينطلق لسانه بالتسبيح مؤكدًا الثقة في الله واهبًا الحياة والقيامة. يرى بعض الدارسين أن ما ورد هنا عن القيامة من الأموات [19] هو أول نص صريح في العهد القديم عن القيامة. مزمور للحث على الثقة بالله: 1 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يُغَنَّى بِهذِهِ الأُغْنِيَّةِ فِي أَرْضِ يَهُوذَا: لَنَا مَدِينَةٌ قَوِيَّةٌ. يَجْعَلُ الْخَلاَصَ أَسْوَارًا وَمَتْرَسَةً. 2 اِفْتَحُوا الأَبْوَابَ لِتَدْخُلَ الأُمَّةُ الْبَارَّةُ الْحَافِظَةُ الأَمَانَةَ. 3 ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِمًا سَالِمًا، لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ. 4 تَوَكَّلُوا عَلَى الرَّبِّ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّ فِي يَاهَ الرَّبِّ صَخْرَ الدُّهُورِ. يبدأ المزمور بالمقدمة: "في ذلك اليوم يُغنى بهذه الأغنية في أرض يهوذا" [1]. إنها أغنية العهد الجديد؛ لم يكن ممكنًا لرجال العهد القديم أن يتغنوا بها، لذا يقول "في ذلك اليوم". ما تمتع به الشعب القديم من بركات كالعودة من السبي لا يبعث فرحًا دائمًا إلاَّ من حيث كونه رمزًا للخلاص المبهج الذي تحقق بردنا من سبي الخطية خلال عمل الصليب. هذا المزمور هو تسبحة لأورشليم مدينة الله بسبب ما تمتعت به من قوة وحصانة مع أبواب مفتوحة وبرّ لسكانها وأمانة وسلام... "لنا مدينة قوية" [1]، يقصد بها أورشليم رمز أورشليم السماوية، وأيضًا كنيسة العهد الجديد بكونها مدينة الله التي يسكنها الرب نفسه مع شعبه. "يجعل الخلاص أسوارًا ومترسة" [1]؛ أعمال الله الخلاصية هي أسوار المدينة وأدواتها الحربية، فلا يقدر عدو الخير أن يقتحمها. له أن يحاربها ويحاول إغراءها لكنه لن يستطيع أن يغلبها ما دامت أمينة للرب. كثيرًا ما تحدّث آباء الكنيسة -خاصة القديس أغسطينوس- عن حياتنا الداخلية ككنيسة المسيح، مدينة الرب السماوية. هذه المدينة في جوهرها هي سكنى الله -الحب- مع الناس؛ الحب هو مؤسسها، وهو كنزها، وهو لغتها وشريعتها... مدينة الرب هي مدينة الحب! * إذ يصير لك كمال المعرفة وإذ تصبح عرش الله بالحب تصير سماءً! السماء التي نراها بأعيننا حين ننظر إلى فوق ليست ثمينة جدًا عند الله؛ النفوس القديسة هي سماء الله... كل نفس هي صهيون... واضح أن صهيون هي مدينة الله؛ وما هي مدينة الله إلاَّ الكنيسة المقدسة؟! إذ يحب البشر بعضهم بعضًا ويحبون الله الساكن فيهم يصيرون مدينة الله... فقد كُتب بصراحة: "الله محبة" (1 يو 4: 8). من يمتلئ حبًا يمتلئ من الله. * لقد تعلمنا أنه توجد مدينة الله، مؤسسها أوحى لنا بالحب الذي يجعلنا نشتهي المواطنة فيها. القديس أغسطينوس هذه المشاعر النبوية تمتع بها إشعياء ربما حين رأى بالروح الراجعين من السبي يدخلون أبواب أورشليم المفتوحة أمامهم، وهم داخلين كما في موكب نصرة أو موكب عيد مفرح في الرب. لقد قال: "افتحوا الأبواب لتدخل الأمة البارة الحافظة الأمانة" [2]. * "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم" (مز 24: 7)؛ لنذهب باستقامة إلى السماء. ليت بوق النبي يضرب عاليًا: "ارفعوا أنتم يا رؤساء الهواء الأبواب التي أقمتموها في أذهان البشر..." القديس أغسطينوس [لقد وجدوا أنه يلزم أن يُعد أمام وجه هذا "المنتصر" الجديد طريقًا جديدًا، لأنه هو دائمًا كما كان أعظم من غيره، ولكن لأن أبواب البر التي هي أبواب العهدين القديم والجديد، التي فيها تنفتح السموات، هي أبواب دهرية، لذلك فهي بالحق لا تتغير، لكنها ارتفعت لأن الداخل فيها ليس إنسانًا بل العالم كله في شخص مخلص الكل... إذ أدرك (الملائكة) اقتراب رب الكل، أول قاهر للموت، والمنتصر الوحيد، أمروا الجنود (السمائيين) أن يرفعوا الأبواب قائلين في هيام وتعبد... "ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية فيدخل ملك المجد"]. هكذا إذ تنفتح السماء أمام المؤمنين المتحدين بربنا يسوع فيرتفعوا معه إلى سمواته، يعيشون هنا في سلام حقيقي وثقة بالمخلص. لذا يقول النبي: "ذوي الرأي الممكن تحفظه سالمًا سالمًا لأنه عليه متوكل" [3]. تعبير رائع عن الطمأنينة الأكيدة التي يهبها الله لمؤمنيه المخلصين له، فيعطيهم سلامًا يتبعه سلام حتى يبلغوا إلى النصرة النهائية من أجل اتكالهم عليه. يقصد بذوي الرأي الممكن أصحاب الهدف الثابت أو أصحاب الفكر المتزن غير المتزعزع الذين لا تفقدهم عواصف الأحداث ثقتهم في الله مخلصهم، يهوه صخر الدهور (إش 26: 4؛ مز 18: 31): "توكلوا على الرب إلى الأبد لأن في ياه (يهوه) الرب صخر الدهور" [4]. * بئس الشعب الذي يتحول عن الله... أما السلام الخاص بنا فننعم به الآن مع الله بالإيمان، ونتمتع به أبديًا معه بالعيان. القديس أغسطينوس * اشفق يا رب على النفس التي اشتعلت بحبك، لأنها هي مسكن السلام، فلا تترك أثرًا للخطية في الضمير مكان سكناك، بل احرقه بنار حبك. القديس يوحنا التبايسي |
|