"فُقراءِ الرُّوح" في الأصل اليوناني πτωχοὶ τῷ πνεύματι, مشتقة من العبرية עֲנָוִים فتشير الى الذين يعيشون الفقر الباطني الذي هو شرط ضروري لدخول الملكوت، فاللفظة تدل على موقف نفساني أكثر منه على أوضاع اقتصادية او اجتماعية. (أشعيا 61: 1). والفقر الباطني هو شُعور الإنسان أنه بحاجة لله والاتكال عليه، وليس تعلّق نفسه بالمال او التمسّك بخيرات الدنيا تماشيا مع قول سليمان الحكيم "باطلُ الأَباطيل كل شيَءٍ باطِل (جامعة 1: 2)، "وكلّ ما فوق التّراب تراب" كما كتبت رابعة العدويّة مؤسسِّة مذهب الحب الالهي. ويُعلق القديس أوغسطينوس "الفقير بالروح هو من لا يرجو سوى الله، لأن الرجاء فيه وحده لا يخيِّب. الفقير بالروح يتخلّى عن كل ماله ويتبع المسيح. وإذ يتحرّر من كل حِمْل أرضي يطير إليه كما على أجنحة". طلبه بانسحاق شديد واتضاع يرفعه الله لملكوته ويسكن عنده "هكذا قالَ العَلِيُّ الرَّفيع ساكِنُ الخُلودِ الَّذي قدُّوسٌ آسمُه: ((أَسكُنُ في العَلاءِ وفي القُدْس ومع المُنسَحِقِ والمُتَواضِعِ الرُّوح لِأُحيِيَ أَرْواحَ المتواضِعين وأُحيِيَ قُلوبَ المُنسَحِقين" (أشعيا 15:57). وخير مثال على فقراء الروح هو العشار الذي وقف بعيدا في الهيكل وقرع صدره قائلا " الَّلهُمَّ ارْحَمْني أَنا الخاطئ! (لوقا 18: 9-14).فمن ناحية، يُدرك الأنسان بالتواضع أنه بدون الله يكون كلا شيء، ويُعلق القديس لاون الكبير البابا في التطويبات "إنَّ ملكوتَ السماواتِ يُعطَى للذين تواضعَتْ أنفسُهم وليس للذين قلَّتْ أموالُهم"