رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مريم في البشارة ولقد حَسُن لدى أبي النعم أن يسبق التجسد رضى هذه الأم المختارة، حتى أنه كما ساهمت امرأةٌ في عمل الموت، تساهم أيضاً امرأةٌ في الحياة. وهذا ما يَصحُّ بنوعٍ عجيب في أم يسوع التي أعطت العالم الحياة، حياةً منها تجدَّدَ كلُّ شيء، وقد حَباها الله نِعماً على مستوى مهمة عظمى كهذه. وبالتالي فليس من الغرابة بأمر، أن تكون راسخةٌ العادةُ المتَّبَعة عند الآباء القديسين أن يَدعوا أمَّ الله كليَّة القداسة وبريئةً من كلِّ دنسِ الخطيئة، وكأنَّ الروح القدس قد جَبَلَها وجعل منها خليقة جديدة. وقد زهت عذراء الناصرة، منذ اللحظة الأولى للحبل بها، بقداسةٍ وهّاجة وفريدة جداً، فحيَّاها ملاك البشارة المنتدب من الله ممتلئةً نعمة (لو 1، 28). فأجابت البشير السماوي، “هاءنذا أمةُ الربِّ، فليكن لي حسب قولك” (لو 1، 38). وهكذا قد أعربت مريم، بنت آدم، عن قبولها كلمة الله، فأصبحت بذلك أم يسوع وقد تجاوبت بملء رضاها وإرادة الله الخلاصية دون أن تُعيقها أيةُ وصمةِ خطيئةٍ، بتقديم ذاتها كلياً أمةً للربِّ لشخصِ ابنها وعمله، لتُسهِم معه وتحت أمره في سرِّ الخلاص وذلك بنعمة الله القدير. وهكذا يَعتبر الآباء القديسون بحقٍّ أنَّ مريم لم تسهم في خلاص البشر كأداةٍ سلبية بين يدي الله فقط، وإنّما بحرَّيةِ إيمانها وطاعتها. وبالفعل هي نفسها بطاعتها، على حسب قول القديس إيريناوس “قد غدت سبب خلاصٍ لِذاتها وللجنس البشري بأجمعه” ولقد عبَّرَ عن ذلك معه وبرضى عددٌ غفيرٌ من آباءِ الكنيسة الأولين في مواعظهم إذ قالوا، “إن العقدة التي سبَّبَها عصيان حواء، حُلَّت بطاعةِ مريم؛ وما ربطته العذراء حواء بقلَّة إيمانها، حلَّته مريم العذراء بإيمانها”، وبمقارنتهم مريم بحواء، يسمون مريم “أمَّ الأحياء” ويصرِّحون مِراراً “على يد حواء كان الموت، وبمريم كانت الحياة”. |
|