رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأقنوم كائن في الجوهر الإلهي والآن دعوني أطرح عدة تساؤلات:
نادر: اسمحوا لي أن أجيب على السؤال الأول. لا يوجد تعارض بين عقيدة التثليث وعقيدة التوحيد، وبدأ يشرح قائلًا:
قال القانون الأثناسي "هكذا الآب إله واحد والابن إله والروح القدس إله لكنهم ليسوا ثلاثة آلهة بل إله واحد". قال القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس: " إذا نظرنا إلى الذات نفسها باعتبار معنى الأبوة كان أقنوم الآب هو الإله. وإذا نظرنا إلى هذه الذات بعينها باعتبار معنى النطق كان أقنوم الابن هو الإله. وإذا نظرنا إلى هذه الذات المشار إليها نفسها الحياة أعني الروح القدس كان أقنوم الروح هو الإله. فكل واحد من الخواص الثلاثية أعني الأقانيم الثلاثة هو الله، ولا يلزمنا القول بثلاثة آلهة إذا كانت الذات واحدة ". أيضًا عقيدة التثليث تشرح عقيدة وحدانية الله. ففي العهد القديم جاء اسم الله الواحد بصيغة الجمع " في البدء خلق ألوهيم السموات والأرض" (تك 1: 1). وهنا نلاحظ أن الوحي وضع الفعل (خلق) في صيغة المفرد، بينما وضع الفاعل (الوهيم) في صيغة الجمع. فألوهيم كلمة عبرية معناها الآلهة (أل يم في العبرية تفيد الجمع) ومفردها إلوه، وهي كلمة مشتقة من الاسم "إيل" أي الله، وكلمة الوهيم في اللغة العربية تساوي كلمة "اللهم"، ونحن كمسيحيين عندما نقول "اللهم ارحمنا" فنحن ندرك تمامًا أننا نخاطب الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس، ولكن عندما يقول الإنسان غير المسيحي "اللهم ارحمني" يستحيل عليه تفسير معنى اسم " اللهم". إذًا الوحي أشار إلى جوهر الله الواحد عندما وضع الفعل (خلق) في صيغة المفرد، وأشار إلى تعدد الأقانيم عندما وضع الفاعل (الوهيم) في صيغة الجمع، وقد وردت لفظة إلوهيم في العهد القديم 2555 مرة، منها 2310 تخص الله لذلك جاءت الأفعال بصيغة المفرد، ومنها 245 مرة تخص آلهة الأمم أي الأصنام ولذلك جاءت الأفعال بصيغة الجمع. والأقانيم الثلاثة ليسوا أجزاءًا أو أقسامًا في الجوهر الإلهي، لأن الجوهر الإلهي الواحد جوهر بسيط كامل لا يقبل التقسيم ولا يقبل التجزئية،تمامًا كما تعلمنا من الصفات الإلهيَّة لله أنه روح بسيط لا تركيب فيه، غير قابل للتجزئة ولا للتقسيم، ولذلك لا نستطيع أن نقول أن الآب جزء من الله والابن جزء ثان والروح القدس جزء ثالث.. في الجوهر الإلهي البسيط نرى الوجود أو الكينونة (الآب) ونرى العقل (الابن) ونرى الحياة (الروح القدس). ويقول البابا أثناسيوس الرسول " إن الإيمان المسكوني هو أن نعبد إلهًا واحدًا في ثالوث، وثالوث في وحدانية غير مشوش الأقانيم، ولا مقسمي الجوهر (أي لا نقسم الجوهر الإلهي).. لكن للآب والابن والروح القدس لاهوتًا واحدًا، ومجدًا متساويًا، وعظمة متساوية في الأزلية" (1). كما يقول "الثالوث المبارك لا يتجزأ، وهو واحد في ذاته، لأنه حينما ذُكِر الآب ذُكِر الابن الكلمة والروح القدس الذي في الابن، وإذا ذُكِر الابن فإن الآب في الابن، والروح القدس ليس خارج الكلمة.. هناك طبيعة إلهيَّة واحدة" (سرابيون 1: 14) (2). وقال أيضًا " إن للأقانيم الثلاثة لاهوتًا واحدًا، ومجدًا متساويًا، وجلالًا أبديًا، فليس في الثالوث أول وآخر، ولا أكبر وأصغر، لأن اللاهوت واحد ووحيد، لا يتفكك ولا يتجزأ على الإطلاق" (3). بسادة: مالك يا نادر تزحف على إجابة السؤال الثاني؟ الأخ زكريا: هل لك يا منير الإجابة على السؤال الثالث؟ منير: قبل إجابتي عن السؤال الثالث أريد أن أوضح نقطة خاصة بالإجابة عن السؤال الثاني، وهي أن الأقنوم كائن في الجوهر الإلهي مثل قول الإنجيل: " الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر" (يو 1: 18). وفي صلوات القداس الإلهي يصلي الأب الكاهن قائلًا: " أيها السيد الرب يسوع المسيح الكائن في الذات الإلهيَّة، وكلمة الله الطاهر، الواحد مع الآب في الجوهر ومع الروح القدس". أما عن إجابة السؤال الثالث فأقول أن الأقانيم ليسوا أشخاصًا منفصلين.. نعم هم أشخاص ولكن ليسوا مثلنا، أشخاص متمايزون من بعضهم البعض ولكن ليسوا منفصلين، فهم ليسوا مثل ثلاثة أشخاص (مينا ومايكل ويوحنا) لأن كل من مينا ومايكل ويوحنا له كيان مستقل منفصل تمامًا عن الآخر، فيمكن أن يكون أحدهم مريضًا والآخران بصحة جيدة، أو أحدهم حزينًا والآخران مسروران، أو ينتقل أحدهم ويظل الآخران أحياءًا.. ولكل منهم إرادة وصفات وخصائص تختلف عن الآخر مهما كانت درجة التقارب، حتى لو كان الأشخاص الثلاثة تواءم. أما الأقانيم الثلاثة فلهم إرادة واحدة، وقدرة واحدة، وقوة واحدة، وجوهر واحد، ولاهوت واحد، ويمكن تشبيه الأقانيم الثلاثة بالجسد والعقل والروح في الإنسان الواحد كما سنرى فيما بعد. ويقول البابا أثناسيوس الرسولي "الله واحد في جوهره مثلث في أقانيمه، فإذا سمعت بتثليث الأقانيم فلا تظن أنهم آلهة ثلاثة، ولا ثلاثة وجوه متفرقة مختلفة الشبه والشكل والحلية مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب، ولا مثل ملوك ثلاثة جلوس على ثلاثة عروش متفرقين، ولا مثل ثلاثة نجوم أو مصابيح، أو ثلاثة ملائكة مثل ميخائيل وجبرائيل وروفائيل، لأن ذلك كله كفر وضلال يتبعه أصحاب الأصنام" (4). _____ الحواشي والمراجع :(1) سر الثالوث القدوس ص 15، 16 (2) أثناسيوس الرسولي في مواجهة التراث الديني غير الأرثوذكسي ص 146 (3) أورده القس صموئيل مشرقي - حقيقة الثالوث ص 89 (4) أورده القس منسى يوحنا - كمال البرهان على حقيقة الإيمان، ومفيد كامل في كتابه الثالوث الذي نؤمن به ص 49 |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما هو الأصل الكريم الذي للحكمة سوى أنها الأقنوم الإلهي الثاني |
الأقنوم الإلهي |
الجوهر الإلهي |
هل أحدث التجسد أي تغيّير في الجوهر الإلهي غير المتغير؟ |
الأقنوم كائن حقيقي له إرادة |