العظة علي الجبل من يغضب علي أخيه باطلامت5:22
بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر المتنيح :الباباشنودة الثالث
٣١ يناير ٢٠١٥
من يغضب علي أخيه باطلامت5:22
قال السيد الرب في العظة علي الجبلسمعتم أنه قيل للقدماء لاتقتل,أما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب علي أخيه باطلا,يكون مستوجب الحكممت5:22,21.
عبارة أما أنا فأقول لكمتدل علي سلطانه في التشريع
وبالتالي تدل علي لاهوته إذ يضع هنا تشريعا ولكنه ليس نقضا للشريعة القديمة فهو لم ينقض عبارةلاتقتلوإنما بحث عن الخطوة الأولي للقتل ومنعها وهي الغضب.
وعبارة يغضب باطلاتعني بلا سبب ملزم,أو بلا سبب علي الاطلاق.
لاتقتل:
ليس المقصود بالقتل هنا مجرد إنهاء حياة إنسان بل أن عبارة لاتقتل تشمل تفاصيل عديدة.
0علي أنه يدخل في جريمة القتل:الانتحار والاجهاض.
ففي الانتحار يقتل الإنسان نفسه,بينما نفسه ليست ملكا له,فهي ملك لله الذي خلقها والذي افتداها وهي ملك للكنيسة وللمجتمع.
والاجهاض هو أيضا جريمة قتل.فيها قتل جنين لو أعطيت له فرصة للحياة لتمتع بالوجود ومن يدري أية درجة كان سيصل إليها.
يعفي من جريمة الانتحار,إن كان المنتحر فاقد العقل أثناءها وكذلك في الاجهاض إن كانت ولادة الجنين تتسبب في موت الأم.
0يدخل أيضا في وصيةلاتقتلالقتل الجزئي.
ونحسب في نطاقه:التدخين,والسكر,والمخدرات,حيث أن في إدمان هذه الأمور الضارة يقتل الإنسان نفسه قتلا جزئيا -فهو وإن كان لايموت مباشرة -إلا أنه يخطو خطوات نحو الموت,كما يقتل إرادته.
0هناك نوع آخر من القتل,هو القتل المعنوي.
فالذي يحطم شخصية إنسان إنما يقتله قتلا معنويا,مثال ذلك الأب الذي لايعطي لابنه فرصة للتفكير,بل يجعله حبيسا في دائرة من الأوامر والنواهي كمجرد جهاز تنفيذ.
وكذلك أب الاعتراف الذي يرغم من يعترف عليه أن يستشيره في كل صغيرة وكبيرة وكأنه عاجز عن التصرف في شيء,وبالمثل المدير الذي يتعامل مع مرءوسيه بنفس الأسلوب والزوج الذي يحرك زوجته بالـRemote Control
0هناك أيضا قتل بطريقة سلبية.
كمن يرفض إنقاذ شخص يكون مشرفا علي الموت بالغرق أو الحريق وما أشبه أو من يترك مريضا ليموت وبإمكانه علاجه.
وبالمثل صاحب العمل الذي يعطي الأجير عنده أجرا لايساعده علي الحياة ولايكفل له القوت الضروري أو من يرتهن اللوازم الأساسية لحياة إنسان.
0هناك قتل آخر بالمسئولية:
كصاحب عربة تدوس إنسانا فيموت,أو صاحب كلب سعران يعض شخصا فيموت أو صاحب ثور نطاح يتركه طليقا فيقتل من يصادفه.
0أو قد يوجد قتل غير مقصود.
كما في حالة مقاول للمباني يترك حفرة يقع فيها إنسان فيموت دون أن يتخذ سبل الوقاية من السقوط فيها أو يترك سلك كهرباء مكشوفا يتسبب في ماس قاتل.أو بائع أنبوبة بوتاجاز يكون فيها خلل أو ثقب يسرب الغاز.
0نوع آخر من القتل هو قتل الروح.
عن طريق العثرات والإغراءات المسببة للسقوط.
أو بنشر البدع والهرطقات التي تضلل عن الإيمان السليم.
أو بالحرمان الظالم الذي يصدر من إحدي درجات الكهنوت.
أو بإهمال الرعاية مما يتسبب عنه الضياع والانحراف,مما قال عنه الرب في سفر حزقيال النبيذلك الشرير يموت بأثمه أما دمه فمن يدك أطلبهحز3:18حز33:8ويدخل في هذا المجال أيضا:التربية الخاطئة في البيت وفي المدرسة أيضا.
0نوع آخر من القتل,هو قتل الأعصاب.
بأن يضغط شخص علي آخر ضغطا يثيره عصبيا أو يحتمل صامتا من الخارج بينما أعصابه تتحطم في داخله.
وفي عبارة أما أنا فأقول لكمفي عظة السيد المسيح علي الجبل إنما تعني أقول لكم التفاصيلومنها الغضب الباطل.
الغضب الباطل:
إنه لم يمنع الغضب بصفة مطلقة بل منع الغضب الباطل.
فالغضب ليس كله باطلا إذ يوجد غضب مقدس.
فالله غضب علي العالم الخاطيء لما أغرقه بالطوفانتك6وغضب علي أهل سادوم لما أحرقهم بالنارتك19وغضب علي قورح وداثان وابيرام لما أمر أن تفتح الأرض فاها وتبتلعهم عد16:31-33.
وهناك آيات واضحة في هذا المجال,مثل قول الرسول ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة..رو2:5.
ولا ننسي غضب السيد المسيح في تطهيره للهيكل إذ قال لليهود مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعي وأنتم جعلتموه مغارة لصوصوهكذا قلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحماممت21:13,12.
أيضا يظهر غضب الرب في توبيخه للكتبة والفريسيين بقوله لهم:ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون..أيها القادة العميانمت23.
وظهر غضب القديس بولس الرسول واضحا في حكمه علي خاطيء كورنثوس إذ أسلمه للشيطان لاهلاك الجسد1كو5كذلك قيل عنه لما ذهب إلي اثينا إن روحه احتدت فيه:إذ وجد المدينة مملوءة أصناماأع17:16
كذلك غضب موسي النبي لما رأي الشعب قد عبدوا العجل الذهبي وهنا يقول الكتاب فحمي غضب موسي وطرح اللوحين من يديه وكسرهما..ثم أخذ العجل الذي صنعوه وأحرقه بالنار وطحنه حتي صار رمادا وذراه علي وجه الماءخر32:20,19.
وانتهر هارون أخاه.
وأمثلة الغضب المقدس كثيرة في قصص الآباء والأنبياء.
والغضب المقدس هو غضب لأجل الحق ولأجل العقيدة والإيمان.
والآباء القديسون تعرضوا في الحديث عن هذا الموضوع فقالوا إن الله قد وضع فينا القوة الغضبية لكي نغضب علي الخطية والشيطان ونغضب علي أنفسنا إذا سقطنا وليس لكي نغضب باطلا علي إخوتنا.
أما الغضب الباطل فيكون لأسباب شخصية وليس لأجل الله.
لأجل أمور مادية أو أمور تافهة أو لأجل كرامتنا وحقوقنا.
وقد يكون غضبا بدون تحقيق لمجرد سماع ما يثيرنا دون نتأكد من وجه الحق فيه.كما يحدث أحيانا أن امرأة الأب قد تثيره علي أبنائه فيعاقبهم دون تحقيق,أو كما حدث أن امرأة فوطيفار أثارته ضد يوسف الصديق فألقاه في السجن ظلماتك39:20,19.
0نقطة أخري وهي أن هناك فرقا بين الغضب والنرفزة.
فكلمة نرفزة أتت من الـNerves أي الأعصاب وهي تدل علي حالة توتر الأعصاب,وطبعا غضب الله لا علاقة له بالأعصاب لأنالله روحيو4:24.فغضب الله يدل علي عدم رضاه وعدم موافقته كما يدل علي معاقبته كما قيل:
إن غضب الله معلن من السماء علي جميع فجور الناسرو1:18..
كما يتميز الله تبارك اسمه-بأنه بطيء الغضب وأن غضبه لايدوم إلي الأبدمز103:9,8.