منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 22 - 05 - 2014, 04:27 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

كتاب البتولية في فكر الآباء
القمص أثناسيوس فهمي جورج
البتولية - مقدمة


تحدَّث الآباء عن ”البتولية“ كنذر إنجيلي عاشوه واختبروه، لذلك أتت كتاباتِهِم لتفصح عن جمال عظمتها ومجدها، مع الاهتمام بالكشف عن طبيعتها كحياة كنسية إنجيلية أصيلة.
والحقيقة أنَّ عِلْم الباترولوچي يكشِف لنا إنجيلية الحياة البتولية من حيث فِكرتها واتجاهاتها وغايتها وطريقة عيشها، على اعتبار أنها فائقة للطبيعة: سِرْ الحياة السمائية والتشبُّه بالسمائيين.
وأفاضت كِتابات الآباء في وصف ومدح البتولية وفي شرح مفهومها كحياة ملائكية مُفرحة لها مُقوماتها وطريقها ليس كغاية في ذاتها إنما طريقة دخول في المَعِيَّة الإلهية.
كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
إلاَّ أنَّ مُعظم ما كُتِبْ عن البتولية إنما يقترِن بالحياة النُّسْكية التي تُؤكِد الوثائِق الأولى على تعريفها بأنها شَرِكَة آلام المسيح، وبأنها أيقونة حيَّة للحُب الحق ودخول إلى الحياة الفِردوسية، وبأنها إمتداد لحركة الاشتياق للاستشهاد مع المسيح ومن أجله.
وفي واقع عِلْم الباترولوچي نفهم حياة النُّسْك بصفة عامة ونذر البتولية بصفة خاصَّة كحياة إنجيلية فِصْحية مجيئية وسَرَائِرِية، تلتقي فيها النَّفْس مع عريسها الإلهي وتدخُل لتجد نفسها في حِجال المسيح الملك فتعيش حياة الفرح المخفي.
لقد قدَّمت لنا كِتابات الآباء شهادة حيَّة تحوي الكثير عن البتولية كحياة، إمَّا في كِتابات مُباشرة، أو بالحديث العَرَضِي في عِظة أو مقال روحي أو تفسير كِتابي... وجاءت أيضًا بعض الكِتابات ضِمن أقوال وسِيَرْ الآباء النُّسَاك.
وهناك آباء اهتموا بالكِتابة عن البتولية اهتمامًا خاصًا فأفردوا لها كُتُبًا ذات فِكْر كَنَسي شامِل مُعطين إيَّاها نوعًا من الاستقلال، فجاءت دَسِمَة مُتنوعة مُشبَّعة بالجانب النُّسْكي والعقيدي والدِفاعي بأبعاده السِرِية والرمزية والروحية.
إنَّ هذه الدراسة التي نُقدِّمها ضِمن سلسلة أخثوس ΙΧΘΥΣ تُلبي حاجة في صفوف المُهتمين بأقوال الآباء وبالحياة التكريسية... إذ أنَّ الرجوع إلى هذه الينابيع الروحية يُوسَّع أُفقنا الروحي ويُعمِّق فِهمِنا، فالحقيقة أننا بأمَسْ الحاجة إلى السلوك بحسب فِكْر ومنهج الآباء، الأمر الذي يقوده ويشجعه في جيلنا المُعاصِر خليفة الآباء البابا المُكرَّم الأنبا شنوده الثَّالِث أطال الله حياته.
ذلك أنَّ الكِتاب الذي بين أيدينا يحمِل مسيرة حلوة سعى إليها آباء الكنيسة سعيًا حثيثًا لا يتعب ولا يفتُر بل في مجّانية الاشتياق و”الشوق إلى الله“ في معناه المُضاعف المُعاش والمُختبر، كلِّمونا بخبرة حقيقية لا تتوقف عن المسير أبدًا، مُريدين أن يعلِّمونا الطريقة التي نسلُك فيها.
ويتضمن هذا الكِتاب أقوالًا وكلِمات ذات جمال أدبي في طليعة الأدب الصوفي العالمي – فهو كِتاب كلاسيكي في الأدب النُّسْكي الأرثُوذُكسي – إلاَّ أننا نُقدِّمها في نور الروح القدس لتبلُغ بنا إلى الله، نُقدِّمها لتكون أعمق من الكلام المكتوب، طعامًا روحيًا يُغذينا ويُحيينا، نُقدِّمها نموذجًا وقياسًا للسَّالكين في دروب التكريس لتقديم مُثُلْ السيرة البتولية، نُقدِّمها إلى الأحياء الذين تكرَّسوا للعريس الخَتَنْ الحقيقي من رُهبان وعذارى ومُكرسين.
ولا يسعني إلاَّ أن أسجُد للثَّالوث القدوس المُبارك من أجل هذا العمل المُبارك الذي تبلورت فِكرته في زيارتي الخَلَوِية لدير مارجرجس الحرف الفِردوس الأرض بلُبنان، وهناك تأثرت كثيرًا بما شاهدت ورأيت ولمست، فلا عجب أن يكون ذلك كذلك وهم الذين قدَّموا لنا كِنوز ودُرَرْ الآباء: أُصول الحياة الروحية – السُّلَمْ إلى الله – أقوال الآباء الشيوخ، وغيرها من الكِتابات الآبائية الدَسِمة، التي صارت ”جسرًا ناقِلًا“ وشاهدًا قويًا في هذا العصر للأُرثوذُكسية الشاملة الجامعية. .
شُكرًا لهم على ما قدَّموه وما يُقدموه من عمل ذِهني وعلى تأسيسهم لـ”منشورات التُراث الآبائي“ من أجل التمتُّع باللاهوت الكَنَسِي الأُرثُوذُكسي.
إنني أهدي هذا العمل المُتواضع إلى روح الوحدة المسكونية، إلى الأب الجزيل الاحترام الأرشمندريت ألياس مرقس رئيس دير مارجرجس الحرف بجبل لُبنان، وإلى الأرشمندريت أفرآم كرياكوس بدير مارِميخايِل – بسكنتا – لُبنان – راجيًا لهما عُمرًا مديدًا.
إنه الوقت المُناسِب الآن لوحدة الكنيسة الأُرثوذُكسية، لتستعيد مكانتها ودورها اللاهوتي والخلاصي والاجتماعي، من أجل حِفْظ التقوى وحِفْظ حضور كنائِس الشرق على المُستوى العالمي الكَنَسِي، ذلك الحِلم الذي يُحققه الآن قداسة البابا المُعظّم الأنبا شنوده الثَّالِث لا كحقيقة نظرية بل كواقِع مُعاش، جاعلًا من روح وفِكْر ونُسْك وحياة الآباء نمط عمل... فليحفظه الرب في كلّ حين في كنيسته المُقدسة إلى مُنتهى الأعوام وإلى يوم المجيء.
وللثَّالوث القدوس المُبارك كلّ المجد والكرامة،،،
من الآن وإلى الأبد.

13 فبراير 1996م
القمص أثناسيوس فهمي جورج (أنطون فهمي چورچ سابقًا)
تِذكار نياحة القديس يوحنَّا الحبيب البتول
رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند الآباء الرسوليين



ظهرت الكِتابات عن البتولية مُبكرًا منذ العصر الرسولي ومن بعده في زمن الآباء الرسوليين، فجاءت كِتاباتِهِم وأقوالهم مُعبِّرة عن اهتماماتِهِم بحياة البتولية، خلال رسائِل القديس كلِمنضُس الروماني (أسقف روما في القرن الأوَّل)، وخلال الدِيداكية (تعليم الرب للرُّسُل الاثني عشر) ( 100 – 150م) وخلال كِتابات الراعي هرماس وكِتابات القديس أغناطيوس الأنطاكي.
فأفاضوا في مدح البتولية وتمجيدها، وأظهروا تقدير الكنيسة في العصر الرسولي وما بعده للبتولية وللمُتبتلين كطغمة من طغماتها، إذ أنها كرَّمتهم وجعلت أماكن جلوسهم في الصفوف الأولى بالكنيسة في مُقدمة جماعة المُؤمنين.
وتُعتبر الرسالتان المنسوبتان للقديس كلِمنضُس الروماني تلميذ الطوباوي بطرُس الرسول، أقدم وثيقتين لتاريخ البتولية وقوانين الحياة النُّسْكية، إذ تُمثِلان مدحًا لحياة البتولية كعمل إلهي فائِق للطبيعة وكحياة ملائكية، ويتحدَّث فيهُما الكاتِب عن طبيعة البتولية ومفهومها كحياة روحية وجسدية وليست مُجرّد ألقاب.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

تتحدَّث الرسالة الأولى مُخاطِبة كلّ الذين يُحِبون المسيح وينشغِلون به، المُتبتلين الطوباويين الذين كرَّسوا أنفسهم لحِفْظ البتولية من أجل ملكوت السموات مُتأهلين في كلّ شيء بالبِر والإيمان ليكون لهم نِعمة وفِطنة صالحة قُدَّام الله والناس.
وتحرِص الرسالة على اعتبار أنَّ سُبُل البتوليين ينبغي أن تكون كنور مُشرِق يتزايد نوره ليصل إلى النهار الكامِل، وعلى أنَّ أشعة نورهم ينبغي أن تُضئ الخليقة كلّها من الأعمال الصالِحة، مُلتزمين بالكمال في الكلِمات والأفعال مُتزينين في حياتهم بسلوك نموذجي وترتيب.
كما ركِّزت الرسالة على ضرورة أن يكون المُتبتلون مثالًا للمُؤمنين وأن يسلُكوا في أعمال كاملة لائِقة، إذ لا يقدِر الإنسان أن يخلُص لمُجرّد أنه بتول، فقد دعى ربنا مثل هذه البتولية ”جهلًا“ كما جاء في الإنجيل، ويعتبر كاتِب الرسالة أنَّ مَنْ يُنكِر قُوَّة البتولية والقداسة إنما يُقدِّم عبادة باطلة، وتُعتبر بتوليته من نوع دَنِسْ.
وتشرح الرسالة مفهوم البتولية بطريقة عملية باعتبارها انسحاب وانفطام عن الشهوات وكذلك كاختبار للحياة الإلهية السمائية على مثال الملائكة القديسين، عملها سامي عظيم، لها أتعابها ومشقاتها الحقَّة التي لا تتوقف وعملها المُقدس الكريم ومُصارعتها القانونية للنُّصرة على التنين والأسد والحيَّة والشيطان، ومن ثمَّ يصير مجد البتولية وسمو رِفعتها ودعوتها العُليا.
كما تُقدِّم الرسالة نماذِج لشخصيات عاشت عظمة البتولية التي تعتبرها امتثال بالمسيح في كلّ شيء، وبالعذراء البتول التي أخذ من جسدها البتول جسده، وتُقدِّم أيضًا نذير ربنا يوحنَّا المعمدان كنموذج للسيرة البتولية، وكذلك سميُّه يوحنَّا الحبيب الذي اتكأ على صدر ربنا، كما تُقدِّم القديس بولس وبرنابا وتيموثاوس نماذِج لقداسة البتولية، علاوة على إيليا وأليشع وكثيرين من الذين يجب أن نتشبه بهم.
وحرصت الرسالة على إبراز حتمية بتولية الروح إلى جِوار بتولية الجسد، إذ ليس من البتوليين مَنْ لم يكُن مثل المسيح في كلّ شيء، والذين هم مُتبتِلون يفرحون لأنهم يصيرون مثل الله (الآب) ومسيحه، فلا يكون فيهم فِكْر الجسد الذي هو عداوة لله، لأنَّ البتوليين خاصَّة ليس فيهم شيء من فِكْر الجسد بل تكون فيهم ثِمار الحياة ويكونون مدينة وبيوتًا وهياكِل لسُكنى الله، ويظهرون للعالم كأنوار مُستحِقة للمدح والافتخار ولأكاليل الفرحة والبهجة.
وتُحذِّر الرسالة من المخاطر والعثرات والشِباك والفِخاخ المُحيطة بطريق البتولية وتُقدِّم الفضائِل المُلازمة لها مع بعض النصائِح التي تجعل من المُتبتلين فَعَلَة بلا لوم أُمناء عمَّالين، إذ أنَّ التبتُّل الحقيقي يفرِض مسئوليات جَدِيّة فهو ليس مُجرَّد حالة جسدية إنما هي زيجة روحانية...
وعندما نأتي إلى الرسالة الثَّانية نجد تحذيرات تتعلَّق بخُلطة النُّسَاك والناسِكات، وبسلوك المُجاهدين في دروب البتولية وتنظيم مواضِع سُكناهم لتأمين دعوتهم بعيدًا عن العثرة، على مِثال يوسف الصِّدِّيق... وتروي الرسالة سِيَر آباء من العهدين (سقوط شمشون الجبَّار – سقوط داود – أمنون وثامار – سُليمان ابن داود – سوسنَّة والشيخان...).
كذلك جاء أيضًا في مُؤلف من الأدب المسيحي منسوب إلى كلِمنضُس الروماني يُسمَّى ب ” عهد الرب“ وهو ضِمن مجموعة الثمانية كُتُب المدعوة ”الثَّماني Octateuque“ وُجِدت أولًا تحت عنوان ”القوانين الرَّسولية Les Constitutions Apostoliques“ ما يُفيد أنَّ البتول لا يُقام أو يُرسم، بل هو نفسه يختار راضيًا فيُعرف بهذا الاسم، لا تُوضع اليد للبتولية، لأنَّ هذه الحالة هي إرادة شخصية إلى جِوار أنها هِبة وعطيَّة ونِعمة.
ثم نأتي بعد ذلك إلى القديس أغناطيوس الأنطاكي الذي تحدَّث عن البتولية كسِرْ، فقال: ”بتولية مريم وابنها وكذا موت الرب، أمسكوا برئيس هذا العالم. هذه الأسرار الثَّلاثة (أي سِرْ بتولية العذراء، وابنها، وسِرْ موت الرب) تمَّت في السكون الإلهي...“.
وفيما هو يعتبِر البتولية سِرْ إلهي، يرى ضرورة تلازُمها بالاتضاع، فعلى البتول أن يحفظ بتوليته إكرامًا لجسد الرب، لكنه لو تكبَّر أضاع نفسه.
وهنا يحِث القديس أغناطيوس الذين يعيشون في البتولية على ضرورة الشعور بعدم الاستحقاق، لأنَّ البتولية المُعطاة لهم هي نِعمة سَرَائِرية ليس لهم فضل فيها، وبفهم صحيح يكون عندهم قُدرة ليُقدِّموا ذواتهم بالكُلية للمسيح، وإكرامًا لجسده يُقدِّمون أجسادهم وأرواحهم له وكلّ ما لديهم من طاقة وقُدرة وجهد ووقت وتفرُّغ ذهني وقلبي وروحي وليس فقط مُجرَّد التفرُّغ الوقتي، ليكون إكرامًا لجسد الرب، ويقول القديس: ”إذا كان بإمكان أحد أن يبقى مُتبتِلًا مُتشرِفًا بجسد السيِّد فليبقَ كذلك مُتضِعًا“.
ويجمع القديس أغناطيوس الأنطاكي في رسائِله بين ما جاء في إنجيل يوحنَّا وما قاله القديس بولس عن الثبات في المسيح والإتحاد بالمسيح والاقتداء بالمسيح، فكتب إلى أهل رومية (8: 5-6) يُذكِّرهم أنَّ ”مَنْ يهتم بالجسد لا يُمكنه أن يعمل الأعمال الروحية ومَنْ يهتم بالروح لا يُمكنه أن يفعل أفعال الجسد“ ويُوصي بالثبات والإتحاد والاقتداء بالمسيح، ونَحَتْ القديس أغناطيوس لهذه الغاية اصطلاحات ”حاملي الإله“، ”حاملي المسيح“، ”حاملي الهيكل“.
هذا وفي رسائِل المُتوشِح بالله أغناطيوس الأنطاكي يُقدِّم دائمًا تحية ومُصافحة أبوية كأسقف لبيوت العذارى والمُتبتِلات والمدعوات أرامِل، مع نصائِح رَعَوِية لهُنْ ليكُنَّ أقوياء بفضيلة الروح ويتشددن بالإيمان والمحبة جسديًا وروحيًا.
أمَّا الشهيد بوليكاربوس (انظُر كتابنا ”القديس بوليكاربوس“ – سلسلة آباء الكنيسة - أخثوس ΙΧΘΥΣ) أسقف سميرنا فيُوجِه نداءهُ إلى الأرامِل اللاتي تكرسن للرب في فيلبي لكي يكُنَّ ”عاقِلات في الإيمان بالرب“ ويُعرِّفهُنَّ أنَّهُن هيكل للرب، فهو الذي يفحص كلّ شيء بدقة ولا يُخفى عنه شيء من أفكارنا وعواطِفنا وأسرار قلبِنا.
ويقول هرماس الذي ذَكَره القديس بولس الرَّسول في رسالته إلى أهل رومية (16: 14) وهو صاحب كِتاب الرَّاعي: إنَّ البتولية ليست بين الأعمال التي يجب القيام بها، ولكنها بين الأعمال التي تتم طواعية كالاستشهاد، أي أنها ليست للجميع بل للذين أُعطِيَ لهم، فهي بين الأعمال التي يتم التبرُّع بها.
ويرى كاتِب الرَّاعي هرماس أنَّ البتول هو العفيف البعيد عن كلّ شهوة رديئة والمُمتلِئ بساطة وبرًا، لذلك يصِف العذارى بالجمال، ويُوصيهن بالاستعداد والمهابة وكذا بالقُدرة على الاحتمال والرجولة الروحية.
وتُشير رؤيا هرماس إلى أنَّ العذارى يُساهِمن في بُناء الكنيسة وفي حراسِتها، ويُسرِعنَ لمُلاقاة رب الكنيسة والسير معه في خِدمته، لهُن أرواح مُقدسة، ويلبِسنَ الوِشاح مملوئات فضائِل.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:30 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند الآباء المدافعين


وعندما نأتي إلى الكِتابات الدِفاعية، نجد آراء القديس يوستين الشهيد (انظُر كتابنا ”القديس يُوستين والآباء المُدافِعون“ – سلسلة آباء الكنيسة - أخثوس ΙΧΘΥΣ) عن البتولية : ”لقد سِرْنا قبلًا في النجاسات، والآن نُحِب ونحفظ العِفة فقط، بينما استخدمنا فنون السِحْر في الماضي، نحن الآن مُكرَّسون لله ضابِط الكُلّ، فيما سبق أحببنا المال والقِنية فوق كلّ ما عداها، أمَّا الآن فنترُك الأشياء القليلة التي نمتلِكها في شَرِكَة ونُوزِعها على الأكثر احتياجًا....“.
وعن العِفة يقول: ”كلّ مَنْ نظر إلى امرأةٍ ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه (مت 5: 28) كذلك الذي يشتهي أن يزني، لأنه ليس فقط أفعالنا بل وأفكارنا أيضًا معروفة لله... وهناك الكثير من الرِجال والنِساء لهم من العُمر 60 أو 70 عامًا، وهم تلاميذ المسيح منذ شبابهم، وحفظوا بتوليتهم، وأنا أُعلِن أنني أستطيع أن أُريكم مثل هؤلاء في كلّ أرض وكلّ شعب“.
ويرى المُدافِع أثيناغُوراس الأثيني Athenagoras أنَّ التبتُّلْ أجمل ثِمار المسيحية ومن أعظم فضائِلها وأحلاها لأنَّ المُتبتِل يجد نفسه أكثر إتحادًا بالعريس السمائي، وأقرب إلى الاتصال والتحدُّث إليه.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
وكَتَبْ أثيناغُوروس في التماسه من أجل المسيحيين والذي وجّهه إلى الإمبراطور مرقُس أوريليوس مُفنِدًا الاتهامات التي وجَّهها الوثنيون إلى المسيحيين، والتي كان من بينها الاتهام بالمُعاشرات الأوديبية، فكان ردُّه على هذا الاتهام: ”المسيحيون يزدرون بالحياة الحاضِرة والبعض منهم يحيا في حياة طهارة كاملة مُتبتِلًا لله، والبعض الآخر تزوج لكن بقصد الإنجاب فقط... فليس عند المسيحيين أي اختلاط أُوديبي، لأنهم يُؤمنون أنَّ الله رقيب على أفكارهم وحركات قلوبهم وأنهم سيُدانون على كلّ فِكْر شرير، ويمنعون أنفسهم حتّى من النظرة الشِّرِّيرة، فكم بالأحرى جدًا يعِفُّون عن أعمال النجاسة؟“.
ويعتبِر أثيناغُورس أنَّ البتولية حالة أكثر إتحادًا مع الله وأكثر كمالًا لكنها اختيارية، وركِّز في دِفاعه على الاحترام المُتبادل بين المسيحيين وبعضهم البعض ونظرتهم المُقدسة للزواج وحبُّهم لحياة البتولية.
هذا ويُعد ميليتو المُدافِع أسقف ساردس البتول من كواكِب كنيسة آسيا وأكثر شخصيات القرن الثَّاني وقارًا وهيبة، والمحسوب من أجل بتوليته أحد الأنوار العظيمة بحسب وصف بوليكراتس أسقف أفسُس: ”ميليتو البتول الذي يعيش كُلّيةً في الروح القدس ورقد في ساردس مُنتظِرًا الدعوة من السماء عندما سيقوم من الأموات“.
وقد حث نواتيانوس المُدافِع الروماني في رسالته عن الاتضاع De Bono Pudicitoe ، على الاستمساك بالإنجيل والعِفة... وجعل هذا العلاَّمة الروماني العِفة درجات أوِّلها التبتُّل والثَّانية الاعتدال، والثَّالِثة الأمانة التامة لسِرْ الزيجة وعهد الزواج، ومع أنَّ الزواج تزامن مع خلق الإنسان وتبارك من ربنا يسوع الذي بارك عُرْس قانا الجليل، وأيضًا برُسُله القديسين، لكن التبتُّل والعِفة الكاملة يفوقان الناموس... وهو مُساوِ لصِفات الملائكة، بل وجهاد البتولية والانتصار على الطبيعة البشرية لا وجود له عند الملائِكة، وهذه النُّصرة هي التي تجعل من البتولية أعظم اللذات.
وعندما نأتي إلى المُدافِع الأفريقي العلاَّمة ترتليان نجده قد كتب ما لا يقِل عن ثلاثة كُتُب عن الزواج وتكرار الزيجة فينصح الأرامِل أن يبقين هكذا وألاَّ يتزوجن ثانية، إذ لا يوجد أي سبب حَسَنْ للزيجة الثَّانية، فإذا أراد الله لأرملة أن تفقِد زوجها بنياحته، يجب ألاَّ تُحاول هي بزواجها ثانية أن تستعيد ما أخذه الله، وهذا الإتحاد ما هو إلاَّ عائِق في طريق القداسة!! ولكن هذه الرؤية لا تُقرها الكنيسة فقد كان ترتليان مُتطرِفًا في رؤيته للزواج نتيجة سقوطه في البِدعة المونتانية (انظُر كتابنا ”العلاَّمة ترتليان الأفريقي“ – سلسلة آباء الكنيسة - أخثوس ΙΧΘΥΣ حيث ستجِد فيه تحليلًا وافيًا عن مراحِل تحوُّل ترتليان من الأُرثوذُكسية إلى البِدعة المونتانية وانعكاسات ذلك على فِكره عن الزواج).
ويُعالِج العلاَّمة ترتليان موضوع الزيجة الواحدة كما تكلَّم عن خمار العذارى الذي رأى ضرورته للمُتزوجة وغير المُتزوجة دون أن يستثني أحد من هذه القاعدة، إذ أنَّ الكِتاب المُقدس والطبيعة والسلوكيات الحَسَنَة جميعها تحِث العذارى على تغطية رأسها، وإذا كانت تفعل هكذا داخل الكنيسة فَلِمَا لا تفعله خارِجها؟
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:31 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند آباء الإسكندرية 1

كانت مدرسة الإسكندرية اللاهوتية عقل المسيحية يأتي إليها الغرب طلبًا لاستنارة أعظم باعتبارها أقدم مركز للعلوم القُدسية في تاريخ المسيحية، حيث تُمارس العِبادة جنبًا إلى جنب مع الدراسة، ويحيا فيها المُعلِّمون وتلاميذهم حياة نُسكية... فقد عُرِف غالبية أساتذة هذه المدرسة اللاهوتية الشهيرة بحبهم لحياة البتولية والزُهد في العالم.
واعتبر الآباء السكندريون أنَّ البتولية شَرِكَة عميقة مع الله وأنها ليست غاية في ذاتها إنما هي طريق للدخول العميق في المَعِيَّة الإلهية، وأنَّ الإتحاد مع الرب بِداية شوطها ونهايتها، ولهذا سَلَكْ فيها كثيرون كطريق ضيِّق لكن ليس مُستحيل.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ومن بين أشهر رؤساء مدرسة الأسكندرية نجد القديس كلِمنضُس السكندري أحد أعمدة التقليد السكندري والذي أكَّد المُؤرخون على بتوليته، فقال عنه جونز كواستن Quasten المُؤرِخ الآبائي الشهير: ”سَلَكْ بالبتولية إذ لم يتزوج حُبًا في الرب“، وكان كلِمنضُس مرارًا كثيرة يمدح البتولية والذين وهبهم الله إيَّاها، مُقتنِعًا بأنَّ مَنْ يبقى بمُفرده لكي لا يُحرم من خدمة الرب يربح مجدًا سمائيًا، وحين قارن القديس بين المُتزوج والأعزب، رأى أنَّ المُتزوج أسمى من الأعزب، لكنه ميَّز بين الأعزب والبتول.
وكَتَبْ القديس كلِمنضُس أيضًا عن قُدسية الزواج ورفع من شأنه كعمل شَرِكَة مع الخالِق، إلاَّ أنه يُؤكِد على مفهوم أنَّ الكلّ ليس مُلتزِم بالزواج ولا الكلّ مُلتزِم بالبتولية، مُعتبِرًا أنَّ الإيمان هو بِدء الحياة المسيحية وسِرْ قُوَّة الله العاملة فينا وسَنَدْ الحياة الأبدية، هذا ويُلخِص القديس كلِمنضُس رؤيته للبتوليين باعتبارهم مُختارين أكثر من المُختارين.
أمَّا العلاَّمة أوريجانوس أحد أشهر مُعلِّمي الإسكندرية فكان تعليمه عميقًا عظيمًا ومُعاشًا، إذ بينما كان يشتاق أن ينال إكليل الاستشهاد مع والده الشهيد، أرسل إليه يُحذِّره ”إحذر أن تغيَّر قلبك بسببنا“، وبعدئذٍ وجد أوريجانوس أنَّ حياة البتولية هي ظِلْ للاستشهاد، لذلك قدَّم حياته مثلًا للحياة الإنجيلية مُكرِسًا إيَّاها بالكامِل.
ورأى العلاَّمة أوريجانوس أنَّ الإنسان البتول يطلُب الإتحاد مع الله خلال التمسُّك بحِفْظ البتولية، ولذلك كان قائِدًا لتلاميذه وسامعيه في ذات الطريق، واقترنت كِتاباته بزيادة الحُبْ الإلهي أكثر فأكثر والسعي نحو الكمال والنقاوة والحواس النورانية.
وقد تضمنت تفاسير العلاَّمة أوريجانوس لأسفار الكِتاب المُقدس إشراقات كثيرة حول مفهوم البتولية، فاعتبر أنَّ كنيسة الأبكار هي أعلى مرتبة في الملكوت السمائي وأنها أرقى هذه الدرجات التي سيرتقيها البتوليون باعتبارهم أعضاء في كنيسة الأبكار ينعمون بِشَرِكَة تبعية المسيح البِكْر.
وفي كِتابه عن ”المبادئ“ تكلَّم عن البتولية كذبيحة، فقال: ”إن أردت تفسيرًا أخلاقيًا وسلوكيًا لِمَا وَرَدْ في (لا 1: 1) فلديكَ أنتَ أيضًا عِجْل، عليكَ أن تُقدِّمه، وهذا العِجْل هو حقًا تقدِمة ثمينة، إنه جسدك، فإذا أردت أن تُقدِّمه هِبَة للرب، وأن تحفظه طاهرًا بتولًا.. يجب أن تبتعِد عن الشهوة وتهرب من الزلل، وضع يدك على ذبيحتك لكي تُقبَلْ من الرب، اذبحها أمام الرب، أي ضع عليها لِجام العِفة البتولي، ولا تنزع عنها نير التأديب (1كو 9: 27) واذبحها أمام الرب، أمِتْ بلا تردُّد أعضاءك.. فالكلِمة الإلهية تُريد إذن منك أن تتقدَّم لله بعاطفة مقبولة، وتُقدِّم له جسدًا عفيفًا، حسب قول الرَّسول (رو 12: 1)، فهناك قوم يُقدِّمون بلا شك أجسادهم مُحرِقة، أعضاء بالجسد لكن نِفوسهم ليست عفيفة، فربما قد تدنَّسوا بشهوة المجد البشري أو تنجَّسوا بمُغريات البُخْل أو تلطَّخوا بشر الغيرة والحسد“.
ويعتبر أوريجانوس أنَّ الذبيحة الأولى في الكنيسة بعد ذبيحة الرُّسُل هي ذبيحة الشُّهداء والثَّانية هي ذبيحة البتوليين... لكنه يُنبِه أنَّ أجساد البتوليين والعُّبَاد إذا تنجست بدنس الكبرياء ونجاسة الكِذب، لا تعود بعد ذبيحة مُقدسة مرضية أمام الله، طالما أنها بتولية في الجسد فقط، لأنه في الناموس عندما كانت تُقدَّم الذبيحة كان الكاهن يفحص باهتمام ليس فقط لكي تكون الذبيحة المُختارة من بين الحيوانات الطاهرة بل وأيضًا أن تكون بلا عيب في عينيها وأُذُنيها فلا يقرُب إلى المذبح المُقدس حيوانًا أعرج أو أعور أو أصم.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:32 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند مُعَلِّمي الإسكندرية


ثم نأتي إلى البابا أثناسيوس الرَّسولي أشهر آباء الإسكندرية، لنجده بتولًا ناسِكًا يقضي أوقاته في قلاليالرُهبان التي صارت كهياكِل مُقدسة في الجبال مليئة بجماعة الأتقياء، يُرنمون ويشغفون بالقراءة ويصومون ويُصلُّون فَرِحين برجاء الحياة العتيدة.
والبتولية في نظر القديس أثناسيوس في مُستوى الشهادة والاعتراف، الأمر الذي أكَّده عندما كتب في سيرة الأنبا أنطونيوس: ”وعندما توقف الاضطهاد أخيرًا وأكمل المغبوط بطرُس خاتِم الشُّهداء عام 311م، انصرف أنطونيوس واعتزل ثانيةً في صومعته وبقى هناك كلّ يوم شهيدًا أمام ضميره مُناضِلًا في جهاد الإيمان وصار نُسكه أشد صرامة“.
ونجد أنَّ الاتجاه النُّسْكي وحياة البتولية صارا خطًا أساسيًا في كِتابات البابا السكندري العشرين، حتّى أنه في كِتاب ”تجسُّد الكلمة“ يقول: ”إنَّ حِجَجْنا هذه التي نُقدِّمها لا تنبُع من كلِمات وحسب، لكن لها شاهد حقيقي لصدقها وذلك بالمُمارسة والاختبار والذي يُريد أن يتحقَّق من ذلك فليذهب ليرى بُرهان الحق في حياة عذارى المسيح المُتبتِلات وفي حياة هؤلاء الشباب الذين يُمارِسون حياة العِفة المُقدسة (البتولية)“.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
وخير دليل على تشجيع هذا الراعي العظيم لحياة البتولية، هو النشاط المُتزايِد جدًا في الخروج من العالم في زمان بابويته، فكم مِنْ عذارى نذرنَ أنفُسهُنَّ للمسيح وكم من شباب خرجوا للحياة الرَّهبانية، وكم مِنْ آباء أقنعوا أولادهم وكم من أولاد أقنعوا أباءِهِم لمزيد من النُّسْك المسيحي والتشجيع على البتولية.
كذلك رأى البابا أثناسيوس أنَّ طقس البتولية وخاصَّة للعذارى هو طقس ملائكي، كرامته في الكنيسة تفوق الوصف وله عمله السِّرِّي لدرجة أنه كان يقول أنَّ المدينة إذا كان يوجد فيها عذراء نقية مُتبتِلة للمسيح، فإنَّ الله يحفظ هذه المدينة بلا سوء بسبب هذه العذراء (قوانين أثناسيوس).
ولعلَّ مقالاته وكِتاباته عن النُّسْك والبتولية وهو ناسِك ورئيس نُسَّاك قد شجَّعت كثيرين على عِشْق البتولية ودفعت بأولاده لينخرطوا في الحياة الرَّهبانية والسيرة البتولية مُتأثرين بعِظاته وتعاليمه، يُؤسِّسهم على الإيمان بالله والقداسة في المسيح.
فصارت هذه الطغمة تُعد بعشرات الآلاف، لذا أحس القديس أثناسيوس أنه يمُتْ إلى هذه الطغمة بصلة وثيقة فوضع نفسه على رأسها يهتم بها ويرعاها، وصارت الحياة البتولية والعذراوية تزداد انتشارًا، حتّى أنَّ الكنيسة سمحت بأن تُقيم العذارى في بيوت عائلاتهِن في أماكن مُخصَّصة داخل البيت، أو يعِشن في بيوت خاصَّة لهُن... حيث يُشرِف عليها الأسقف بنفسه، وكان البطريرك يكتُب لهُن توجيهات خاصَّة.
ويُخبِرنا القديس چيروم المُؤرِخ الكَنَسِي بأنَّ القديس أثناسيوس الكبير عالج موضوع البتولية مرارًا كثيرة، ووصلنا الكثير من عِظاته ومُؤلِفاته عن البتولية، بعضها ثبت بصفة مُؤكدة إنها بقلمه أو من أقواله، والبعض الآخر لا يزال العُلماء يدرسونه.
وكذلك اكتُشِفت شذرات كثيرة من كِتاباته باللُغات القبطية والسريانية عن حياة البتولية.
وفي كِتابات القديس أثناسيوس السكندري الموثوق بها نقرأ الكثير عن قوانين العذارى وصلوات لهُن تُقال في مُناسبات كثيرة وفي الأغابي التي تصنعها العذارى، وعمَّا يجب أن يكون عليه سلوكِهِنْ وسيرَتِهِنْ.
ومن الاصطلاحات المأخوذة عنه اعتبار الرهبنة ” طقس ملائكي“ وأنَّ ” العذارى هُنَّ عرائِس المسيح“ وأنهُن ”ختمنَ عقدًا مع المسيح إلى الأبد“ ويُعتبر البابا أثناسيوس أنَّ البتولية ”موهبة إلهية“ ويُسمِّيها ”غِنَى الكنيسة“ فهي ”عطية البذل المحفوظة لله“ ويرى أنَّ ”العذراء تعيش حياة غير مائتة في جسد مائِت“.
وبحسب نظريته اللاهوتية العميقة نجده يصِف البتولية بأنها علامة الديانة الصحيحة لأنَّ الديانة الحقيقية هي التي تُحبِّب البتولية إلى الناس خلافًا لغيرها فكان الهراطقة يكرهون البتولية ويُقبِّحونها.
ومن المفاهيم الروحية الأصيلة لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية رؤيتها في السيِّدة العذراء الدائِمة البتولية نموذجًا ومِثالًا لحياة البتولية، فتحدَّث عنها البابا أثناسيوس باعتبارها ”إيبارثينوس أي عذراء“ في مخطوطة عن البتولية ليظهر ببساطة أنها أصل الحياة النُّسْكية والنموذج الحي لها.
ويرى القديس أثناسيوس في إحدى شروحاته أنَّ ابن الله ربنا ومُخلِّصنا هزم الموت وحرَّر الجِنْس البشري من العبودية ومنحنا من بين هِباته العديدة نِعمة امتلاك صورة قداسة الملائكة على الأرض وهي البتولية، لذلك تُلقِب الكنيسة المُقدسة العذارى اللواتي يملُكنَ هذه الفضيلة بلقب عرائِس المسيح.
كتب القديس أثناسيوس رسائِل إلى رُهبان ومُتوحدين، من بينها الرسالة إلى الأب آمون والتي جاء فيها قوله الشهير: ”هناك طريقان للحياة: الأوَّل هو الزواج، وهو المُعتاد والأكثر اعتدالًا، والآخر هو البتولية، وهو طريق ملائكي والأكثر كمالًا، إن اختار إنسان طريق حياة العالم أي الزواج فإنه يكون حقًا بلا لوم، ولكنه لم يَنَلْ ما يُمكن أن يناله من المواهِب التي في الطريق الآخر، وإن هو أثمر أيضًا، فإنه ينال ثلاثين ضِعفًا ( مر 4: 20) أمَّا مَنْ يسلُك الطريق الآخر، فإنَّ هذا الطريق المُقدس والسمائي لا زال له المواهِب الأسمى، حتّى وإن كانت شاقة ومُضنية لاقتبالها، مُقارنة بالطريق الآخر، إذ تُعطي الثمر الأكثر كمالًا: مِئة ضِعْف“.
وفي موكِب آباء الإسكندرية نتوقف عند القديس إيسيذروس الفرمي أو البيلوزمي (انظُر كتابنا ”القديس إيسيذروس الفرمي“ – سلسلة آباء الكنيسة - أخثوس ΙΧΘΥΣ) الذي قام بعمل مُقارنة بين الزواج والبتولية، مُؤكِدًا على أنه مثلما السماء أفضل من الأرض، والنَّفْس أفضل من الجسد، كذلك البتولية أفضل من الزواج، مُعتبِرًا أنَّ الزواج حَسَنْ لكن البتولية أحسن.
ويرى القديس إيسيذروس في حياة البتولية مثال الكمال المسيحي وتتميم جميع وصايا الله، وكان يعتبِر يوحنَّا المعمدان نموذجًا ومِثالًا للحياة الرَّهبانية وللسلوك البتولي.
وهكذا تروي صفحات التاريخ السكندري الكَنَسِي سِيَر وحياة نماذِج كثيرة لقديسين اختاروا طريق البتولية حتّى بالرغم من زواجِهِم، ذلك لأنهم قد أُجبِروا هم وزوجاتِهِم على الزواج رغم إرادتهم مع أنهم قد اختاروا هم ونساؤُهم حياة البتولية... وهكذا تُصلي كنيستنا القبطية في القُداس الكيرلُسي ”وهبتني أن أشرب كأس دمك طاهرًا أعطني أن أمتزِج بطهارتك سِرًا“.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:33 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند القديس باسيليوس الكبير


كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
عندما نأتي إلى الأقمار الثَّلاثة نلتقي بالقديس باسيليوس الكبير الذي سَنْ قوانين نُسكية ووضع نُظُمْ رهبانية ونهجًا فلسفيًا مُتدرِجًا، يرى فيه أنَّ اللذة الجسدية مليئة بالتعب وأنَّ الزواج يتعرَّض لشر العُقُمْ والترمُّل والزِنى... ويصِف دعوة البتولية بأنها دعوة سيدية ولكنها ليست سهلة فقد يخور فيها الإنسان في رِحلته فيرتد إلى الوراء... فالله بسط للبشر طريق الزواج وطريق البتولية، ومَنْ يرغب في العيشة الملائكية ويرى أن يكون رفيق القديسين وواحدًا من تلاميذ المُخلِّص، عليه أن يدخُل بشجاعة وفرح بلا خوف، ويبدِّل الخيرات المادية بالخيرات التي لا تزول فينال عِوَض كلّ شيء.
ثم يشترِط القديس في مَنْ يطلُب الحياة الرَّهبانية الحماس لأنه لا يختار هذه الحياة الصعبة مَنْ لم يملأ قلبه الانجذاب إلى المسيح ومَنْ لم يُؤخذ بعِشقه، ويعتبِر القديس باسيليوس أنَّ هذه الطريقة بمثابة وضع اليد على المحراث، والسير في دروب الرب والالتهاب به والاستشهاد اليومي.
ويرى بطريرك الكبَّادوك أنَّ غاية البتولية هي إصلاح الطبيعة التي فسدت وإرجاعها إلى حالتها الأولى، وأنَّ حياة البتولية هي رجوع إلى الجمال القديم البهي والمثال الأوَّل الذي يُشبِه صورة الله بالتمام، وأنَّ أساس هذه الحياة هو السماع لنِداء المحبة الإلهية وإلاَّ فسدت وضاع معناها الحقيقي.
وفي تناغُم فِكري مع بقية عموم الآباء يجد كلام القديس باسيليوس التوجيهي والتفسيري معناه الكامِل في رؤيته للزواج على اعتبار أنه من أقدس ما في حياة الإنسان، يحمِل في طياته معاني العطاء، لكنه يميل إجمالًا إلى حياة البتولية والتكريس الكامِل كاختيار مبدئي حُرْ، إذ أنَّ وجه هذا العالم في تغيُّر والزمان قصير والذين لهم نِساء يكونون كأنَّ لا نِساء لهم، ومَنْ يُريد أن يتبع الله حقًا ينبغي أن يترك كلّ ارتباط بهذه الحياة... وإذا كان الزواج مُباحًا إلاَّ أنه من الصعب الجمع بين الاهتمام فيما للرب والاهتمام فيما للزواج (1كو 7: 32).
والقديس باسيليوس أسقف قيصرية -مهما يكُن من أمر- لا يزدري بالزواج، إنما هو يدعوك إلى سلوك طريق أكمل يُرضي الله، واتباع طريق الكمال بالتخلي عن أفراح الزواج لخدمة الله وحده، ومع ذلك يقِر بالزواج كدعوة إنسانية ذات وجود أساسي.
وعلى أيَّة حال فإنه يعتبِر أنَّ الرُهبان والمُتبتلين هم النِفوس العطشى إلى اتباع خُطَى المسيح، وأنَّ حياتهم هي الأضمن والأكثر كمالًا للإقتداء بالسيِّد المسيح، وهي تجسيد واقعي للنمط الحياتي الذي عاشه المسيح على هذه الأرض.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:34 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند القديس اغريغوريوس النزينزي



كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
وفي عِظة القديس إغريغوريوس النزينزي عن الجليل في القديسين باسيليوس الكبير نجده يتحدَّث عن بتوليته فيقول في تأبينه: ”عظيمة هي البتولية والانتظام مع الملائكة ذوي الطبيعة البسيطة وأخشى أن أقول والانتظام مع المسيح، الذي لمَّا شاء أن يُولد لأجلِنا وُلِدْ من بتول فاشترع البتولية لكي تنقِلنا من ههُنا وتفصلنا عن العالم أو بالأحرى تجعلنا ندوس العالم لأجل العالم الآخر، الحاضِر لأجل الآتي، فَمَنْ أكرم البتولية أكثر من باسيليوس ومَنْ سَنَّ القوانين لضبط الجسد أكثر منه؟ فهو الذي أنشأ ملاجِئ العذارى ووضع القوانين التي تحِث على البتولية الصادِقة... وجعل الجمال داخلي من الأمور المنظورة إلى الأمور الغير منظورة وكشف قلبه لله الذي هو وحده عريس النِفوس الطاهرة والذي يُدخِل معه النِفوس الساهرة إذا ما أتت لمُلاقاته بمصابيح مُضيئة ومؤنة وافرة من الزيت“.
وعندما نأتي إلى القديس غريغوريوس النزينزي الذي يروي عنه التاريخ على لسانه أنه منذ أن أخذ يحِس بالتمييز بين الخير والشر هام بحُب التبتُّل، فعندما كان في السَّابِعة من عُمره، رأى في حُلْم أنَّ هناك سيدتين جائتا إلى جِوار فِراشه، وهما ترتديان ثيابًا بِيض وعلى وجهيهِما حِجابًا لم يخفي جمال أعينهُما، وأخبراه أنَّ اسميهِما هما ”النقاوة والعِفة“، وأنهما رفيقتا يسوع، وأمرتاه أن يصحبهُما ويشترك معهما ثم اختفتا، وكان لهذا الحُلْم عميق الأثر في شخصية إغريغوريوس.
لذلك أحبَّ القديس إغريغوريوس الانشغال كُلِّيةً بالله فلا شيء عِنده يُساوي حال إنسان أقفل أبواب حواسه عن المُثيرات الخارجية، مُشيرًا إلى جمال الطهارة البتولية مُستنِدًا إلى تعليم بولس الرَّسول الذي بيَّن فضل الزواج والبتولية، وإلى ولادِة الرب يسوع من عذراء لكي يُشرِّف الولادة ويجعل البتولية فوقها قدرًا.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:36 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند القديس يوحنا فم الذهب

أمَّا القديس يوحنَّا فم الذهب بطريرك القُسطنطينية فقد أحبَّ الحياة الملائكية وعَشَقْ البتولية... وكَشَفْ لنا نِعمة الله الغنية العاملة في السلوك البتولي مُدعِمًا بحياته الذهبية فمه الذَّهبي، فهو لم يختار حياة البتولية تفضيلًا لحياة على الأخرى، بل أراد أن يضبِط شهواته وينال من السيِّد المسيح إكليلًا ويعيش بالفرح والسلام مُكمِلًا حياته بالنِعمة والتعزية.
وفي مقالته ”مُقارنة بين الملِك والراهب“ يسجِل أحاسيسه النُّسكية الصادِقة مُتحدِثًا عن السمائيات وطغمات القديسين وربوات جماعات البتوليين الذين هدموا طُغيان الشيطان ليبشَّروا بملكوت المسيح وبهاء مجده.
وعندما اعتبر بعض المسيحيين أنَّ البتولية ضرب من الجنون، وقامت حملات عنيفة ضد النُّسْك الرَّهباني، كتب ذهبي الفم كُتُبًا ثلاثة يُدافع فيها عن جمال البتولية، مُقدِمًا الردود التي تُبرِز بهاء البتولية.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ويعتبِر القديس يوحنَّا ذهبي الفم أنَّ البتوليين يُشكِّلون مُعسكر المسيح وجماعات القُوَّات العَلَوِية باعتبارهم القطيع الملوكي، الذين يقتاتون بأقوال الله ويحومون كالنحل حول الكِتاب المُقدس، ويتغذون بطعام كُلي السمو.
ومن بين المقالات التي كتبها ذهبي الفم أفرد مقالًا للحديث عن البتولية جاء في جزئين:
الجزء الأوَّل: يُهاجِم فيه الهراطِقة الذين يحتقرون الزواج.
الجزء الثَّاني: يُقدِّم فيه الرؤية المسيحية للبتولية، وكيف أنَّ غير ”القادرين على الخوض في معارِك البتولية من أجل الملكوت“ لا يُكرسونها، مُوضِحًا أنَّ الزواج صالِح لكن البتولية أفضل.
شجَّع القديس ذهبي الفم بيوت العذارى والمُتبتِلات اللائي تحولنَ في رجاء صالح إلى طيور روحية مُنطلِقات نحو المسيح، وحثَّهُنْ على تركيز حُبِّهُنْ في أعمال الرب، لأنَّ السيِّد نفسه يُفضِّل العطاء فوق البتولية ويقبل الذين غلبهم العطاء بمجد عظيم، ويدعوهم ”مُباركي أبي“... لذلك يرى أنَّ الصدقة أكثر أهمية من البتولية.
وكتب القديس رسائِل إلى عذارى ورُهبان ينصحهم أن يُبقوا كما هم في عذارويتهم على اعتبار أنَّ دعوات أولاد الله مُتنوعة وهم يعيشون مواقِف تتناسب مع دعواتهم وقامتهم واستجابتهم لعمل نِعمة الله معهم، فيُؤكِد ذهبي الفم على أنه كما لا يُسمح قط للبتول المُكرَّسة أن تتزوج، لأنَّ عريسها حي دائمًا ولا يموت، كذلك لا يُسمح للمُتزوجة أن تتكرَّس إلاَّ بعد موت زوجها.
ويتفِق القديس يوحنَّا فم الذَّهب مع عموم الآباء في أنَّ البتولية هي حياة فهم الإنجيل وأنها نِعمة وموهبة خاصَّة من الله كعطاء مُتبادِل للشخص كلّه بما فيه الجسد، فيقول: ”كان هناك سببان لتأسيس الزواج... الحياة بعِفة وولادة البنين“ وهو بهذا لم يُنقِص من قيمة الزواج كسِرْ، ويذكُر أيضًا في إحدى عِظاته أنه يوجد في أنطاكية 3000 عذراء يخدمنَ الكنيسة، مِمّا يُدلِّل على انتشار البتولية في تمام مضمونها الجسدي والروحي.
وفي تفسير ذهبي الفم للآية ”وأمَّا العذارى ليس عِندي أمر من الرب فيهِنَّ ولكني أُعطي رأيًا كَمَنْ رحمه الرب أن يكون أمينًا“ (1كو 7: 25) يعتبِر أنَّ ما جاء بها نصيحة من القديس بولس الرَّسول وليس وصية من الرب، حتّى إذا خالف أحد هذه الوصية لا يكون مُتعديًا على وصية الرب... ومَنْ نفِّذها يكون قد عمل عملًا حسنًا، فهو يُقدِّم نصيحة دون أن تكون وصية، مُمتدِحًا البتولية، ومَنْ يقبل نصيحته ينتفِعْ بها ومَنْ لا يقبلها لا يكون قد تعدَّى وصية إلهية. ويعتبِر القديس يوحنَّا أنَّ البتولية في ذاتها ليست خيرًا أو شرًا، لكن يجب أن تتحوَّل إلى طاقات حُبْ لله وخدمته والشهادة له.
ويُؤرِخ ذهبي الفم لتاريخ البتولية في كِتاباته باعتبار أنه لم يكُن هناك موضِع للبتولية في العهد القديم ولا في شرائِعه ولا في المثاليات التي عاش بها رِجاله وقديسوه، لكن الله لم يعدِم الوسيلة التي يُمهِّد بها للبتولية لتأخُذ وضعًا مُتميِزًا قبيل ظهور السيِّد المسيح مُباشرةً.
ونستطيع القول أنَّ كلمة ”البتولية Παρθενια“ غريبة على المُجتمع البشري، لم تظهر إلاَّ في زواياه الخلفية بعيدًا عن الأنظار ولم تَنَلْ تكريمًا أو اعتبارًا عند الناس والمُجتمعات سواء في الفِكْر اليوناني أو بين اليهود، ويقول ذهبي الفم : ”البتولية لم تكُن معروفة في الشريعة القديمة أي الناموس، ولم ينطِق أحد من القُدماء بهذا الاسم على فمه“ ويُكرِّر هذا المعنى في تفسيره لإنجيل متَّى (عِظة 1: 5، 78: 1).
لذلك يرى فم الذَّهب أنَّ كلمة البتولية دخلت في قاموس الجِنْس البشري بميلاد المسيح من عذراء، وأكَّد رب المجد قيمتها العالية حينما نطق بهذا القول: ”يوجد خِصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات“ ( مت 19: 12) وجاء بولس الرَّسول يعيشها ويُوصي بها للمُؤمنين (1كو 7: 25-40، 9: 5-15).
ويقول ذهبي الفم ”ما إن ظهر الله للعالم مولودًا من عذراء حتّى بدأ الإنسان يعرِف مُمارسة هذه الفضيلة“.
ويُعرِّف البتول أنه -رجُل كان أم عذراء- استبدِل الحنين للجسد الآخر بالالتصاق بالرب في عِشْق إلهي (1كو 6: 17) والبتول اتسع حضنه ليحوي الخليقة كلّها عِوَض الانحصار في أُسرة واحدة وبنين لا يزيد عددهم عن أصابِع اليد، فالبتولية من أجل الله شيء ليس من هذا العالم بل غِنَى للعالم ووفرة مُضافة لحساب البشرية.
وامتدح البوق الذَّهبي بعقله السمائي الحياة الرَّهبانية باعتبار أنَّ البتولية أحد نِذورها فكتب عنها شارِحًا أنَّ الله يجد فيها جيشه المُهيأ للحرب وكتيبته المحفوظة للأعمال المُقدسة، موكِبه الشَرَفِي، وطغمته المُشيدة له بالمدائِح، وأهل بيته الجاثين عند قدميه، وجنوده البواسِل.
أكَّد القديس على أنَّ النِفوس المدعوة للبتولية إنما هي مدعوة إلى كمال أعظم وإلى حياة سمائية وإلى ترك الأرض لأجل السماء والوقت لأجل إكرام الأبدية، مُعتبِرًا أنَّ حياة البتولية شهادة إنجيلية وكمال إنجيلي وحياة جميلة شريفة، أمَّا عن موت المُتبتلين والرُهبان، فيقول أنَّ موتهم هو انتصارهم وهو الساعة التي يعظُم فيها فَرَحهم، إنه وقت سفرهم وظهور عَظَمَتهُم.
وعن تأثير الرُهبان والمُتبتلين يقول: ”لمَّا أسَّس الله بالمشورات الإنجيلية هذه الحياة كان في عزمه أن يجعلها كتيبة شَرَفه ومجد كنيسته وإكليل المسيحية، بيد أنه لم ينسانا نحن أيضًا بل أعطانا هذه الطغمات إنارة وسَنَدًا ومِثالًا“.
وفي عِظته التي يمدح فيها الشهيدة الأولى تكلة أبرز مفاهيم روحية ثمينة عن بتولية هذه القديسة مُعتبِرًا أنَّ بتوليتها صارت لها استشهادًا دائمًا بمُكافحتها للذة الجسد كما في مُكافحة الوحوش الضارية، وفي ثباتها أمام حرب الأفكار كما أمام العذابات، وفي انتصارها الباطني أمام ضرورات الطبيعة كما أمام النيران.
وامتدح فم الذَّهب الشهيدة تكلة التي قهرت طبيعتها وحافظت على طهارة بتوليتها وارتباطها بالعريس السمائي وحِيازتها إكليل البتولية، وفي معرض هذا الحديث يقول القديس يوحنَّا: ”إني لا أطعن في طبيعة الزواج لكن هناك اهتمام بالشئون الجسدية وعِناية بالشئون السمائية، هناك الشيء الحَسَنْ وهناك ما هو أحسن منه“ ويعتبِر أنَّ تكلة الشهيدة البتول قد سبقت فتذوقت الخيرات المُستقبلية مُقدمًا وشاركت في قداسة القيامة الأخيرة كما قال الرب ”إنهم في القيامة الأخيرة لا يُزوِجون ولا يتزوجون“ (مت 2: 30).. فيا لسعادة العروس المُرتبِطة دومًا بالبتولية، تلك التي ليس لها سرير عُرسي إلاَّ البتولية.
وأخيرًا في تعليمه عن المريمات علَّم بوضوح عن دوام بتولية القديسة مريم واعتبرها نموذجًا ومِثالًا للمُتبتلين، إذ يقول: ”نحن نجهل الكثير: كيف يوجد غير المحدود في رَحِمْ، كيف يُحمل ذاك الذي يحمِل كلّ شيء وتلِده امرأة، كيف تلِد البتول وتبقى بتولًا؟!“.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:37 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند مار آفرآم السرياني


رأى القديس مارِأفرآم السُرياني قِيثارة الروح أنَّ مسكن البتولية هو الفِردوس مع الله والملائكة، فالبتولية استباق للحالة الفِردوسية، ومُشابهة لله لا تظهر فقط في الكلام والعقل بل في الإرادة الحُرَّة، هذه الحُرية التي غرست فِردوسًا روحيًا يفوق لمعانًا الجنة السمائية التي صنعها الخالِق.
وامتدح مارِأفرآم السُرياني موهبة وعطية البتولية بل كان مذهولًا بها، مُعتبِرًا أنها تُدخِلنا الفِردوس أكثر من الأسهار والأصوام، وأنَّ صورة المسيح موضوعة في قلب البتوليين والبتولات، فالمسيح حاضِر فيهم، ويرى أنَّ يوحنَّا الإنجيلي هو عنوان طهارة فاقت بتولية الملائكة.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ويتحدَّث مارِأفرآم السُرياني عن البتولية في الميمر السَّابِع (نقلًا عن كِتاب ”مارِأفرآم السُرياني“ (بتصرُّف) – إعداد اسبيرو جبور والأب أفرآم كرياكوس – مُطرانية الروم الأُرثوذُكس باللاذِقية – 1994م – ص 145: 149) فيقول:
(إنَّ بولس الرَّسول يُعلِّمنا جميعًا عن بتولية النَّفْس وطهارتها ويحسب رُتبة البتولية أفضل وأغلى من رُتبة الحياة في العالم، لأنه قال: ”إنَّ غير المُتزوج يهتم فيما للرب وأمَّا المُتزوج فيهتم للعالم كيف يُرضي امرأته“ (1كو 7: 32 – 33) فذلك الاهتمام يُؤدي إلى العذاب وأمَّا هذا فيُؤدي إلى الحياة الخالدة.
فالطوبى لِمَنْ يهتم بأن يرى الله ويصون جسده طاهرًا ليصير هيكلًا مُقدسًا وطاهرًا للمسيح الملك... أيها الإنسان إنَّكَ باختيارك قد صِرتَ هيكلًا لله لا عن إلزام أو إكراه بل عن رغبة ونشاط، وإذ صرت إنسانًا للإله العلي عرفت بتدقيق أنَّ روح الله يسكُن في الهيكل (1كو 6: 19 – 20 ) فإن كان طاهرًا نقيًا يُقدِّسه (روح الله) لكي يكون استعماله مرضيًا لسيِّده، اسمع ما أقوله لك واطبعه في ذِهنك: تمنطق وتدرَّع بالإيمان النقي الخالِص والرجاء والمحبة، وقِفْ كالرجُل الشهم حافِظًا هيكل الله من جميع الأفكار النجِسة التي زرعها العدو، إبذِل كلّ جهدك مُراقِبًا على الدوام تجارِب العدو لأنها تتوالى باستمرار لتجد إنسانًا مُسترخيًا لكي تُفسِد جسده فلا يرغب فيما بعد أن يستمِع لسيِّده، فاحذر أن تُدخِل تجارِب العدو عِندك، أتجهل مَنْ هم المُحارِبون الخُبثاء ومُروجو الأفكار الدنِسة والشهوات الرديئة، والغضب والاضطرابات والسخط والعبودية للأهواء؟ إنهم المُجرِبون الأشرار الذين لا يكفُّون عن الشر ولا يشبعون منه، وإذا غُلِبوا يُعيدون الكرَّة دائمًا لأنَّ أصل الشهوة واقع، فاقتلِع جذور الشهوة لئلاَّ تتجذَّر وتثبُت، فإذا اجتزرتها ربوات من المرَّات تثبت بالقدر عينه مُضاعفًا إن لم تقلع الجذور تمامًا، جاهد حسنًا لتكون هيكلًا لله لا دنس ولا عيب فيه، إن هيَّأت هيكلك لله فالإله القدوس يُعطيك لراحتك عِوَضًا عنه في فِردوس النعيم. احتفِظ بانتصارك على العدو أي الأفكار والأهواء الدنسة حافِظًا الهيكل المُقدس ليكون بهيًا لله ومقبولًا قبولًا حسنًا، إنتبه لذاتك لئلاَّ تدخل وتُقتبل في الهيكل، عِوَضًا عن السيِّد القدوس الطاهر، العدو النجِس فيفسد هيكلك بوقاحته، ويُزاحم ليدخل، وأمَّا الله فإنه غير سقيم بل طاهر وقدوس لا يبتعد عنك إنما أنت تطرده، فإذا أدخلت الدنس وتمرغت في الحمأة، وفقدت النور واشتركت في الظُّلمة بسبب تراخيك أسلمت ذاتك إلى العدو النجِس.
إنَّ الإله القدوس رضى بأن يسكُن في هيكلك على الدوام وأمَّا أنت فأحزنت السيِّد الصَّالِح الرب الذي لا يُشبع منه والتائِق إلى أن يُعطيك مُلْكه لأنَّ الله يسكُن في الصَّائرين هياكِل طاهرة لا عيب فيها، فإن وددت أن يسكُن الله دائمًا في هيكل جسدك كلّ أيامك التي تعيشها على الأرض فهو يسكُنك ويُريحك في فِردوسه، في النور الذي لا يُوصف والحياة التي لا تموت إلى أبد الدهور في فرح عظيم.
أتراني قد سمعت بهذا وقرأته: ”يومًا واحدًا في دِيارك خير لي من ألف“ (مز 83: 11) افتح قلبك وارتضِ أن تشتاق إلى الله كلّ أيام حياتك، إنه حلاوة واستنارة وفرح دائم فإن صبوت دائمًا إلى الاشتياق إلى الله يسكُن هذا فيك إلى الأبد، الله غيور وطاهر قدوس يُقيم في نِفوس الذين يتقونه ويصنع مُراد الذين يحبونه، أتوِد أن تكون طاهرًا لا عيب فيك؟ إذًا ارسم أيقونته دائمًا في قلبك، وأعني بأيقونة الله لا تلك المرسومة بالأصابِع على ورقة أو خلافها بل تلك المُلونة في النَّفْس على منوال باهر بالأعمال الحسنة والأصوام، بالإمساك وصُنع أعمال الفضائِل الحسنة والأسهار والصلوات، فأصباغ صورة السيِّد السمائي هي مُمارسة الفضائِل والأفكار النقية والتجرُّد من الأرضيات مع الطهارة والوداعة، إذ بدون الجهاد لا يُكلَّل أحد في العالم وفي الحياة النُّسْكية لا يُمكن أن ينال أحد الأكاليل التي لا تذبُل والحياة الخالدة بدون صبر واجتهاد.
أطلُب منك يا أخي المحبوب أن تصير مُشابِهًا للآباء السالكين في البتولية الطاهرة والنُّسْك، في الصلاة والصوم... أحبِبْ النُّسْك وتُقْ إلى الصلاة التي هي مُخاطبة السيِّد لأنَّ كلّ صلاة مُقدسة ونقية تُخاطِب السيِّد، إنَّ صلاة المُشتاقين كُلّيًا إلى الله ترتقي إلى السماء باستمرار وفرح عظيم وتبتهِج بها الملائكة ورؤساء الملائِكة ويرفعونها إلى عرش العلي القدوس حينئذٍ يكون السرور إذ يُقدِّمون لله صلوات الصِّدِّيقين).
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:38 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,303

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية عند القديس يعقوب السروجي



أمَّا القديس يعقوب السروجي فقد تحدَّث في ميمره الثَّامِن والثَّلاثين عن البتولية (اعتمدنا في عرضِنا لفِكْر مارِيعقوب السروجي عن البتولية على ميمره الثَّامِن والثَّلاثين والمنشور في كِتاب ”مواعِظ السروجي“ – مطبعة مصر بالفجالة – 1903م – ص 426: 430) التي يرى أنها طريق مُرتفعة فوق الارتفاع وتحت قدميها كلّ ارتفاعات العالم فهي التي تباهى بها آدم قبل أن يأكُل من الشجرة، وأيضًا في هذه الدرجة المجيدة المُرتفِعة المُمتلِئة حُسنًا عاشت حواء قبل أن تغويها الحيَّة، فالبتولية هي درجة الكمال، وهي تسير مع الملائكة في الأعالي فوق العالم، فهي بجناحاتِها العظيمة ترتفِع فوق العالم ولا تطلُب شيئًا منه، لا تهتم قط ببنين أو بنات بل تُحِب الاسم الحَسَنْ وتفتخِر به...

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ويرى القديس أنَّ هذا العالم ليس موضِع البتولية بل مكانها بين الملائِكة، أمَّا عن نظرِة القديس للبتولية والزواج فتتضِح من قوله: ”إنَّ مَنْ يثبُت في البتولية هو من الروحانيين، أمَّا الذي يسير في طريق المُتزوجين فهو من القديسين“، ويصِف الإنسان البتول بأنه قائِم مع صفوف الملاك غُبريال، أمَّا المُتزوِج فهو مُتكِأ مع إبراهيم.
ويُقدِّم مارِيعقوب العذراء القديسة مريم كأعظم مِثال على البتولية، فقد حَلَّ الله الكلمة في البتول وأعطاها إكليل البتولية وبذا تعلَّمنا أنَّ البتولية هي أعظم طريق ودرب، فليس هناك فضيلة تبلُغ عِظَم البتولية، ورب المجد يسوع عندما اختار أن يحِلْ في بتول أوضح وأعلن أنه يُحِب البتولية.
فالبتولية هي زهرة مُرتفِعة في السماء بين الملائِكة، وليس أعلى منها إلاَّ الأزلي الذي صوَّر فيها مِثاله حين خَلَقه، وهي رأس جميع الفضائِل...
والبتولية أولًا ورثت شجرة الحياة (حواء وآدم قبل السقوط).
البتولية أهِّلِت للفِردوس (بالعذراء مريم).
البتولية اتكأت على صدر ابن الله وتعلَّمت منه الأسرار الخفية عن التلاميذ (القديس يوحنَّا الحبيب).
البتولية حرَّكت الأرض والسماء (إيليا النبي).
البتولية مهِّدت الأرض لبشارة الملكوت (القديس يوحنا المعمدان) وهي عروس الملك المخطوبة له لتفرح معه، ولها ينظُر ويُري حُسنها وبهاءها لملائِكته، فقد تركت الزواج وخُطِبَت إلى غير المائِت لِتُزَفْ إليه هو الخَتَنْ الحقيقي، وعريس البتولية يأتي عندما تنحل السماء والأرض ويقوم الموتى من قبورِهِم. ويُسمع الصوت القائِل ”هوذا العريس قد أقبل فاخرُجنَ للقائِهِ“ حينئذٍ ترفع البتولية رأسها لاستقبال العريس، وفي العُرس تفرح بالعريس المُتكِئ مع القديسين، ويفرح بها العريس لأنها صعدت من الجهاد الصَّالِح البَّار، ويضع لها أكاليل النور البهي المجيد، وهناك تفرح لأنها جازت من العالم وباحتراسها ازدرت به هناك تُسَرْ لأنَّ جوهرتها لم يسرقها اللصوص، هناك تفرح وتتهلَّل سفينتها المُتعبة من الجهاد لأنها لم تتحطَّم بين أمواج العالم الشرير، ففي ذلك العُرس ترتفِع رأس البتولية لأنها كانت تنتظره ولأجله تركت عنها كلّ مسرّة جِسدانية، فمن أجل مجد العُرس الأبدي بغضت كلّ مجد باطِل، ومن أجل فِراش النور الغير ملموس رضيت أن تُبغِض فِراش المُتزوجين.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أحد المخلع القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب البابا شنودة المعلم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
ترانيم القمص أثناسيوس فهمى جورج


الساعة الآن 02:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024