رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م) 11 كانون الثاني غربي (24 كانون الثاني شرقي) ولد ثيودوسيوس في قرية الكبّدوكية تدعى موغاريسوس لأبوين تقيّين. اسم أبيه كان بروهيريسوس واسم أمه أفلوغيا، ترهّبت، في كبرها، وصار ابنها ثيودوسيوس أباها الروحي. نما ثيودوسيوس في النعمة والقامة وكان قوي البنية. قيل إنه منذ أن كان فتى لم يسمح لنفسه بأية متعة جسدية ولا سمح لنفسه بأن تميل إلى محبة الغنى والقنية والمال. امراً واحداً كان يملأ جوارحه: الرغبة في رؤية الأرض المقدسة. اعتاد أن يقرأ الكتاب المقدس باستمرار. قرأ في سفر التكوين أن الله دعا إبراهيم لأن يترك أهله وأصدقاءه وعشيرته وكل شيء له إذا كان يرغب حقاً في أن يرث البركة الأبدية. هذه الدعوة اقتبلها ثيودوسيوس كما لو كانت موجهّة إليه، سلوكاً في الطريق الضيّق المفضي إلى بركات الدهر الأتي. وحانت الساعة فخرج إلى أورشليم. |
13 - 03 - 2017, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
القديس سمعان العمودي لما بلغ ثيودوسيوس انطاكية ذهب ليتبرّك من القديس سمعان العمودي (الثالث عشر من أيلول) ويأخذ منه كلمة منفعة. فلما دنا من العمود وقبل أن يحيّي القديس سمعان هتف به هذا الأخير من أعلى العمود قائلاً: "أهلاً بثيودوسيوس، رجل الله!". فوقع ثيودوسيوس باتجاهه ساجداً مندهشاً. ثم صعد إليه على العمود فحيّاه سمعان واحتضنه بقبلة مقدسة وتنبّأ له بما سيصير إليه. بعد ذلك أسرع ثيودوسيوس الخطى إلى أورشليم، وكان جوفينال، بطريركاً عليها. |
||||
13 - 03 - 2017, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
الأنبا لونجينوس وصل طالب الرهبنة الجديد إلى أورشليم ولم يدر أي طريق يأخذ وكيف يباشر ما عزم عليه، أيختار الحياة المشتركة أم يلتمس حياة النسك من أول الطريق؟ وبعد أخذ ورد تكوّنت لديه قناعة أنه خير له أن يتمّرس على الحياة النسكية على يد أحد الآباء المجرّبين أولاً ثم يخرج إلى العزلة والصحراء. وهكذا كان. هداه الله إلى أب شيخ مبارك يدعى لونجينوس كان هو أيضاً كبّادوكياً فأقام معه زماناً طويلاً قرب برج داود سالكاً في الطاعة له في كل أمر. وإن امرأة اسمها إيكيليا. وقورة ، تقية، كانت تؤدي للونجينوس الشيخ خدمات جلّى. هذه كانت تملك قلاّية صغيرة وكنيسة على الطريق إلى بيت لحم. فالتمست من الشيخ أن يكون ثيودوسيوس في القلاّية المذكورة فسمع لها وأجابها على طلبها. انتقل ثيودوسيوس صاغراً إلى المكان الجديد. لكن، ما لبث اسمه أن ذاع فأخذ الناس يقبلون عليه مما ضايقه لدرجة أنه ترك الموضع وانتقل إلى أعلى الجبل حيث استقر في مغارة ما تزال رفاته رابضة إلى اليوم فيها. يذكر أن تقليداً سرى بين الآباء في ذلك الزمان مؤدّاه أن ذلك المكان هو إياه الموضع الذي قضى فيه المجوس ليلتهم بعدما سجدوا للرب يسوع مولوداً جديداً. وهناك بالذات حضرهم ملاك الرب وأمرهم بالعودة إلى بلادهم في طريق أخرى. |
||||
13 - 03 - 2017, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
المغارة اختيار ثيودوسيوس لهذا الموضع الجديد كان الدافع إليه الهرب من ممارسة السلطة على الآخرين والانصراف الكلّي إلى إتمام عمل الرهبنة. وقد ذُكر أن القديس ضبط جسده بحكمة ودراية. همّه، بكل عناية، كان أن يفعل ما يرضي الله ويحجم عما لا يرضيه. وقد أبدى في ذلك جرأة كبيرة لا يهاب عثرات الطريق في شيء. لم يكن ليلين أمام المخاطر أو يذعن للكلام الملق إذا كان ما هو معروض عليه من غير مشيئة الله. كان دائم النظر في أفكار قلبه، سالكاً بأمانة في حكمة ربّه، عالماً باحتيالات العدو الذي يشاء أن يدفع المجدّين إلى التطرّف والنسك الزائدين لإلقائهم في الكبرياء والغرور. اعتاد اليقظة بنعمة ربّه وكان دائم الصلاة. يذرف الدمع مدراراً. وقد علّق حبلاً في سقف المغارة وربط نفسه به حتى إذا ما أخذه النعاس شدّ عليه الحبل فأيقظه. على هذا كان يقف في الصلاة الليل بطوله وكان حازماً حيال نفسه في ما يمتّ بصلة إلى حركات البدن، لا يشبع من الطعام، يكتفي منه بما هو ضروري اجتناباً للوقوع في الوهن والمرض. نظامه الغذائي اقتصر على البلح والخرّوب والبقول والخضار المنقوعة. |
||||
13 - 03 - 2017, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
الخبز طيلة ثلاثين عاماً. بالمقابل كان دائم التأمل بأحكام الله. وقد أدام على هذه الحال لا في سني شبابه وحسب بل حتى الشيخوخة.
وكما أن مدينة مشادة على جبل لا تخفى، كذلك اعتلن ثيودوسيوس للناس فأخذوا يقبلون عليه ملتمسين لديه الفضيلة والترقّي في دروب الحياة الفضلى. ردّة الفعل الأولى لديه كانت أنه صدّ الناس لئلا يتعكّر صمته. أخيراً رضخ بعدما إلحّ عليه طلاّب الرهبنة وأعطاه الرب الإله اقتناعاً. كان عدد الذين قبلهم أولاً لا يتجاوز السبعة، هؤلاء استقروا في المغارة من حوله. |
||||
13 - 03 - 2017, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
باسيليوس الراهب ذكر الموت بالنسبة لثيودوسيوس كان عماد الحياة النسكية والدافع الأقوى إلى حياة الفضيلة. لذلك جعل تلاميذه يبنون لأنفسهم قبراً ليرى كل منهم إلى أين هو ذاهب وما ستؤول إليه حاله فيعدد نفسه لرحلة العمر إعداداً جيداً. فلما استكملوه التفت ثيودوسيوس إليهم وقال لهم: "ها أن القبر قد أصبح جاهزاً فمن منكم يرغب في أن يُدفن فيه أولاً؟" وكان بين التلاميذ كاهن راهب فاضل مطيع يدعى باسيليوس وكان متحمّساً يشبه ثيودوسيوس في كل شيء كمثل طفل لأبيه. هذا تكلّم أولاً فقال: "أنا، يا معلمي، من سوف يفتتحه بصلاة قدسك!" ولما قال هذا حنى عنقه وانتظر راجياً ثيودوسيوس أن يأذن له بالدخول إلى القبر. وهكذا كان. لم يكن الرجل يشكو من أية علّة في البدن، فأشار إليه ثيودوسيوس بالدخول فدخل لينام نوماً هادئاً. فأمر القديس بإقامة الخدمة الجنائزية عليه كما في اليوم الثالث والتاسع والأربعين. فلما أكملوا صلاة الأربعين لفظ أنفاسه بسلام. وقد بقي بعض الإخوة يشاهدونه قائماً معهم مرتّلاً في الكنيسة طيلة الأيام الأربعين. |
||||
13 - 03 - 2017, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
من لدن الله يروى أنه لم يكن لدى الرهبان، في إحدى السنوات، ما يحتفلون به بعيد الفصح المجيد. وكان اليوم سبت النور. عدد التلاميذ، يومذاك، كان قد بلغ اثني عشر. حتى الخبز للذبيحة الإلهية كان ينقصهم، فتذمّروا على الشيخ في قلوبهم فقال لهم: "أعدّوا المائدة المقدّسة ولا تحزنوا لأن من أطعم الجموع في البريّة حتى الشبع سوف يعيننا نحن أيضاً وإن لم نكن مستأهلين لعونه". فلما قال لهم هذا إذا برجل يسوق بغلين يبلغ الدير حاملاً الخبز والخمر وضرورات الحياة الأخرى. حتى الخبز للذبيحة الإلهية كان بين ما حمله. وقد بقي الإخوة يقتاتون من المؤونة المنقولة حتى العنصرة. |
||||
13 - 03 - 2017, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
حمار معاند من أخباره أيضاً أن رجلاً مقتدراً رحيماً كان يوزّع البركات على النسّأك ويسألهم الصلاة ولسبب ما، ربما بتدبير من الله، كان لا يرسل لثيودوسيوس ورهبانه شيئاً. فجاء التلاميذ إلى معلمهم وألحّوا عليه أن يقول للغني كلمة فيرسل للإخوة ما يتعزّون به لأن مؤونتهم وشيكة النفاذ. فأجابهم القديس ألا ييأسوا بل يلقوا رجاءهم على الله الحي لا على الناس. ولم يطل الوقت حتى لاحظ الإخوة رجلاً على الطريق يحاول أن يسوق حماره بعيداً عن المغارة والحمار واقف بعناد لا يشاء أن يتزحزح. كان الرجل يضرب الحمار والحمار لا يتحرك . فأدرك، إذ ذاك، أن مشيئة الله ليست أن يذهب الحمار في الاتجاه الذي يريده هو، ولما تركه على سجيته تحرّكت البهيمة باتجاه مغارة القديس ثيودوسيوس وتوقّفت هناك. وإذ سأل الرجل الرهبان وعلم أنهم لا يملكون شيئاً تعجّب من رحمة الله وحمل إليهم ضعف ما حمله لغيرهم. مذ ذاك تعلّم تلاميذ القديس ثيودوسيوس ألا يضطربوا متى نقصت مؤونتهم وصاروا يلقون رجاءهم، كمعلّمهم، على الله الحي. |
||||
13 - 03 - 2017, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
بناء الدير وازداد عدد الإخوة يوماً بعد يوم، وضاقت المغارة بهم. وكان بينهم بعض الأغنياء والمقتدرين. لهذا السبب أخذوا يلّحون على قديس الله أن يعطي البركة لبناء دير يفي بالحاجات المتزايدة. تردّد القديس لبعض الوقت. رغبة قلبه كانت أن يترك كل شيء ويلتمس الوحدة والهدوء، ولكن محبة الله واعتبار قصده في هؤلاء الإخوة حتّما عليه الرضوخ. فقام وأخذ مبخرة وجعل فيها فحماً لم يشعله وبخوراً قائلاً في قلبه: أذهب بهذه المبخرة وحيثما اشتعل الفحم وفاحت رائحة البخور يكون هذا هو الموضع الذي اختاره الرب الإله لعبيده ديراً. فخرج على هذه الحال وتبعه تلاميذه. ولكن طالت بهم المسافة ولم يعطِ السيّد الإله ناراً. كل الأماكن التي كان يمكن، في ظن القديس وتلاميذه، أن تكون مناسبة عبروا بها ولكن من غير طائل. بلغوا صحراء كوتيلا وبحيرة الأسفلت ولمّ تظهر أية علامة. أخيراً ظنّ القديس أنها ليست مشيئة الله أن يشاد للإخوة دير فقفل عائداً إلى مغارته. ولكن، ما كاد وتلاميذه يعبرون بمغارة مهجورة حتى اشتعل الفحم وانبعثت رائحة البخور طيباً زكي الرائحة. فسرى الفرح عارماً بين الإخوة وعمدوا للحال إلى المباشرة بتنفيذ مأربهم. كان المكان على حوالي سبعة كيلومترات من بيت لحم. |
||||
13 - 03 - 2017, 06:44 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس البار ثيودوسيوس رئيس الأديار (+529م)
على هذا بنى الإخوة كنيسة جميلة وديراً فسيحاً ومستوصفاً ومضافة وكل ما يعين لا في قضاء حاجة الإخوة وحسب بل الحجّاج والزوّار والفقراء والمرضى من قصّاد الدير أيضاً. وكذلك الرهبان الزائرين والنبلاء. يقولون أن القديس ثيودوسيوس كان ذائع الصيت خصوصاً لثلاث مزايا اقتناها: أولاً النسك بدقة، ثانياً الضيافة بحبور دونما محاباة للوجوه، وثالثاً التركيز المتواتر على الصلاة المشتركة، لهذه الأسباب كثيرون تدفّقوا على الدير، فقراء ومعوزين، وكان القديس يهتم بهم فرداً فرداً ولا يهمل أياً منهم. بفرح كبير ومحبة دفّاقة كانوا يُستقبلون. كان القديس للأعمى عيناً وللعريان ملبساً وللبائس ملجأ وللمريض طبيباً ولكل مضروب بعاهة في النفس والجسد خادماً. كان يهتم بآلامهم الجسدية وجراحهم، يغسلهم ويلبسهم ويعزّيهم ويشجعهم على الصبر في البلوى التماساً للملكوت الآتي. وكان يقال أن الذين كانوا أكثر حاجة من سواهم وأقل أهمية من غيرهم ، كان القديس يهتم بهم بالأكثر. وقلما انقضى نهار واحد ولمّا يفد على الدير مائة زائر ويزيد. |
||||
|