رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأسد الجريح! إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي، بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي، عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟ ( مزمور 22: 1 ) يتكرر تعبير ”البُعد“ ثلاث مرات في مزمور 22: (1) ع1 «بعيدًا عن خلاصي». (2) ع11 «لاَ تَتَبَاعَد عني». (3) ع19 «أما أنتَ يا رب فلا تَبعُد». ثلاث مرات يشكو المسيح من البُعد. إنه غير قادر على بُعد إلهه عنه ثلاث ساعات. فلقد كانت بالنسبة له كأنها دهر مُمتد. تُرى ماذا سيفعل الخطاة في أبدية لا تنتهي، إلى أبد الآبدين سيكونون بعيدين عن مركز البركة والنور والسلام والمحبة؟! «بعيدًا عن خلاصي، عن كلام زفيري» ... وعبارة ”زفيري“ كما ورَدت في العديد من الترجمات تعني “زئيري Roaring”. ها أسد سبط يهوذا جريح، يزأر متألمًا من شيء فوق طاقة احتماله. وإن كان المخلوق الأعجمي لا يملك أن يعبِّر عن آلامه سوى بتلك الزفرات الرهيبة، فإن مفردات لغة البشر عجزت عن أن تعبِّر عما كان يحس به القدوس المتـألم! وهنا نسأل: هل مجد لاهوته جعل المسيح لا يشعر بالألم؟ كلا، فهذا يتعارض مع حقيقة ناسوته. العكس هو الصحيح، فإن لاهوته جعله يحتمل، وناسوته جعله يحس بتلك الآلام التي نعجز عن وصفها. وتمت في الجلجثة الصورة التي كان قد رأى موسى قديمًا ملامحها عندما قال: «أميلُ الآن لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العُلَّيقة؟». وكانت الإجابة أن الله كان في وسط تلك الشجيرة التي نبتت في الأرض اليابسة، والتي لم يكن لها اعتبار في عين الإنسان ( خر 3: 3، 4). لهذا لم تقضِ النار عليها في الحال، بل استمرت مشتعلة وقتًا طويلاً. ثم يواصل المسيح فيقول: «إلهي، في النهار أدعو فلا تستجيب، في الليل أدعو فلا هُدوُءَّ لي». ونستطيع أن نفهم هذه العبارة بمعنيين. ففي كل أيام حياته علي الأرض كان الصليب ماثلاً أمام عينيه. لقد أشار إلى الصليب مِرارًا في حديثه مع تلاميذه. وطالما صلى لأجل هذا الأمر، في النهار والليل ( عب 5: 7 ). لكن في يوم الصلب كان يوجد أيضًا نهار وليل؛ ساعات النور وساعات الظلام. ولقد صلى الرب في النور كما صلى أيضًا في الظلام، ولم تكن له استجابة! وهو لا يكف عن الصراخ، والله لا يُجيب مطلقًا. ومع أن الله لا يستجيب، فإن المسيح يظل يدعو، لأنه لا خيار آخر أمامه. لكن أخيرًا لما أتم المسيح العمل حدثت الاستجابة ( مز 22: 21 ، 24). |
|