رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَتَصْطَادُ التِّمسَاحَ بِشِصٍّ، أَوْ تَضْغَطُ لِسَانَهُ بِحَبْلٍ؟ [1] في حديث الله مع أيوب عن الشيطان يريد أن يؤكد له أنه مع كل ما اتسم به من قوةٍ وعنفٍ، لكنه بالنسبة للمؤمن ليس إلا شبه سمكة يًمكن اصطياده بصنارة صغيرة. لوياثان، ويقصد به هنا الشيطان، وقد كثرت الآراء من جهة هذا الاسم نذكر منها: 1. حيوان مائي ضخم، عنيف ومفترس، وقد جاء في الترجمة السبعينية Dralaonate، أي تنين dragon، كما جاء في السريانية والعربية القديمة. وقد شبه النبي الكذاب وضد المسيح بالتنين البحري والتنين البري (رؤ 13). 2. نوع قاتل وفريد من الحيات السامة. ورد في بعض القصص اليهودية أن حيَّة ضخمة تلتف حول الأرض كلها تبث سمومها. 3. نوع من الحيتان الفتَّاكة. 4. يُقصد به تمساح نهر النيل، كما قال Bochart. 5. يرى Hasaeus أنه ليس بحوتٍ، بل Orca وهو مسخ (حيوان مهول غريب الشكل) مائي، مسلح بأسنان حادة يُرعب الحيتان. 6. يرى Grotius أنه سمكة ضخمة جدًا تدعى mular أو musar، وُجدت في البحر الأبيض المتوسط. 7. يرى البعض مثل Schultens أنه اسم رمزي يمثل حيوانات مرعبة قديمة، يقصد به الشيطان. 8. يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن اسمه يمكن أن يُدعى Leviathan كنوعٍ من السخرية، إذ تعني الكلمة شيئًا ضخمًا ورهيبًا. يعتمد القائلون بأنه التمساح على الآتي: 1. لا توجد حيتان بالبحر المتوسط والأنهار في تلك المنطقة، وإنما وُجد التمساح في نهر النيل وبعض أنهار آسيا وأفريقيا، فغالبًا لم يكن لدى أيوب معرفة بالحيتان، وإنما بالتماسيح. حقًا أن المتكلم هو الله وهو عالم بكل ما خلقه، لكنه لا يحدث أيوب عن حيوان لم يسمع عنه ولا عرفه. 2. السمات الواردة هنا عن لوياثان تنطبق على التمساح بكونه متوحشًا وعنيفًا ولا يمكن السيطرة عليه. فمه مخيف وحجمه ضخم للغاية، مسلح بصفٍ ضخم من الأسنان، ومُغطى بحراشيف متقاربة معًا، يتميز بعينيه الرهيبتين. لا يمكن اصطياده بالطرق العادية لاصطياد الوحوش المفترسة. طوله عادة ما بين 18 و20 قدمًا، لكنه يبلغ أحيانًا الثلاثين قدمًا. تبلغ عدد أسنانه الحادة جدًا 30 فأكثر في كل فكٍ. يُعتبر من أرعب الحيوانات البحرية. غالبًا ما يسبح على سطح الماء ليقتنص أي حيوان يجده، وإذ لم يجد طعامًا يقترب من الشاطئ ويختبئ بين أوراق البردي، حتى متى اقترب أي حيوان ليشرب هجم عليه وسحبه في الماء ليغرقه ويأكله. يشتهر باصطياده النمور القادمة لتشرب. 3. مما يؤيد افتراض أنه التمساح ما ورد في (أي 40: 15) عن بهيموث، وهو حيوان بحري. ولعل الاثنان كانا يقطنان في ذات المنطقة فإن كان بهيموث هو فرس البحر أو البهموت أو مارد البحر hippopotamus الذي كان في نهر النيل، فإن لوياثان هو التمساح الموجود في ذات النهر. جاء في بعض الرسومات في Herculaneum مناظر طبيعية مصرية حيث نرى التمساح راقدًا بين القصب (المائي) وفرس البحر على النباتات في جزيرة. وأيضًا الموزييك الشهير في Praeneste يمثل نباتات وحيوانات مصر وأثيوبيا. يشير فرس البحر والتمساح معًا في مجموعة واحدة في نهر النيل. يشير هيرودوت Herodotus إلى أن بعض المصريين يعتبرون التمساح مقدسًا، وآخرون يهاجمونه. أحيانًا يعاملونه بتكريم زائد ويقدمون له أسماك وأطعمة ثمينة، ويزينون رأسه بأقراطٍ وقدميه بأساورٍ وحلقان ذهبية مطعمة بحجارة ثمينة. يروضونه بلطفٍ شديد، وبعد موته يطيبونه بأطياب ثمينة، هذا في مناطق مثل طيبة وOwbite وArsinoite وMaabdeh مقابل مدينة منفلوط الحالية. وفي مناطق أخرى كانوا يتعاملون معه بشيء من الاشمئزاز الشديد، فلا يتركون فرصة يمكنهم فيها تدميره. يرى Gesenws أن لوياثان مشتقة من لوي Laowah، حيث ينحني كائن ما حول آخر ويلتف حوله، ربما ليدمره أو يفترسه. يذكر هيرودوت أن من بين طرق اصطياد التمساح أن يضعوا قطعة لحم خنزير في شصٍ (صنارة)، ويلقونها على الماء لتطفو ثم يأتوا بخنزير حي على الشاطئ ويضربونه حتى يصرخ. فيأتي التمساح على صوت صراخه نحو الشاطئ ليقتنصه، وإذ يجد قطعة اللحم يبتلعها فيسحبونه بالصنارة نحو الشاطئ، وأول ما يفعلونه به هو أن يملأوا عينيه بالطين حتى يمكنهم السيطرة عليه. ليس للتمساح لسان، أو له لسان صغير جدًا ملتصق بالفك السفلي، ولكن كما أنه في اصطياد السمك تسحب السمكة الصنارة التي بها الطُعم خلال لسانها، هكذا يسأل الله إن كان يمكن سحب لوياثان بلسانه. يرى Thevenot أن البعض كانوا يحفرون بعض الحفر على الشاطئ ويغطونها بعصي، وإذ يسقط التمساح في إحداها لا يقدر أن يخرج منها. يتركونه لمدة عدة أيام بلا طعام، وبعد ذلك يربطون فكه بحبال يعقدونها حوله ثم يقومون بسحبه. يوجه الله أنظارنا إلى عدو البشرية كلها، فإنه إن كان يصعب صيد لوياثان بصنارة وسحبه من لسانه بحبل، فماذا يفعلون مع إبليس؟ إبليس عنيف للغاية ويصعب الغلبة عليه، لكن ابن الله الحي نزل إلى أرضنا، وإذ تجسد صار جسده هذا أو ناسوته هو الصنارة التي يصطاده بها. ظن إبليس في المسيح أنه مادام يحمل جسدًا كسائر بني البشر، وله نفس بشرية، فله سلطان عليه، يدخل به إلى مملكة الظلمة التي له. هيج أتباعه على صلبه، حاسبًا هذا نصرة عليه، ولم يدرك الشص الموضوع له، إذ بالصليب شهر به، وأفقده سلطانه، وسحب منه الأسرى الذين سقطوا تحت سلطانه. ترك الرب لعدو الخير وأتباعه أن يجدفوا عليه، ويقدموا اتهامات ضده، ولم يدرك العدو أنه بهذا انسحب بلسانه لينحدر إلى جهنم هو وملائكته الذين شاركوه تجديفه على مخلص العالم. * اُصطيد لوياثان بصنارة صيد، وذلك عندما أُمسك بطُعم جسد مخلصنا، إذ بالوخزة الحادة للاهوته قد طعنته للحال. لقد أمسكت السنارة كما بحنجرة من يبتلعها، عندما ظهر طُعم الجسد للمفترس كي يمسك به في وقت آلامه، فقبض اللاهوت عليه ليقتله. * لتفهم يا أيوب ما أفعله أنا، إذ أرسل ابني وحيد الجنس في الجسد لموت المُفسد، ففي ابني يظهر الجسد القابل للموت، بينما لا تظهر قوة خلوده، هذا نوع من الصنارة التي تحطم من يبتلعه، وذلك بإخفاء حذاقه القوة التي بها يجرحه. "تضغط لسانه بحبلٍ".... فإن الخطايا يُرمز لها بالحبل كقول النبي: "ويل للجاذبين الإثم بحبال البُطل" (إش 5: 18)... أيضًا "الحبل" يعبر عن الإيمان، كما يشهد سليمان القائل، "الخيط المثلوث لا ينقطع سريعًا" (جا 4: 12). فإن الإيمان بالحق الذي ينسجه فم المبشرين بمعرفة الثالوث يبقى ثابتًا في المختارين. إنه ينقطع فقط في قلب الشرير. هنا يمكن أن تفهم كلمة الحبل الإيمان أو الخطية. لأن ربنا المتجسد ربط فم لوياثان بحبلٍ، إذ ظهر في شبه جسد الخطية ودان كل تعاليمه الخاطئة... خلال شبه جسد الخطية برد الحوار المخادع في الجسد رُبط لسان لوياثان إذ عُرف الحق الذي له صمتت التعاليم الباطلة. البابا غريغوريوس (الكبير) * الآن يا أحبائي قد ذُبح الشيطان، ذاك الطاغية الذي هو ضد العالم كله... لا يعود يملك الموت، بل تتسلط الحياة عوض الموت، إذ يقول الرب: "أنا هو الحياة" (يو6:14)، حتى امتلأ كل شيءٍ بالفرح والسعادة، كما هو مكتوب: "الرب قد ملك فلتفرح الأرض"... الآن إذ بطل الموت وتهدمت مملكة الشيطان امتلأ الكل فرحًا وسعادة.* إن كان الشيطان عدو جنسنا قد سقط من السماء وتحوّل إلى مجالنا السفلي، فقد صار له سلطان على الأرواح زملائه الذين يستخدمهم كأتباعه يعملون بالخداعات لأجل المعصية. لا يعملون فقط في الذين ينخدعون، وإنما يحاولون إعاقة المرتفعين إلى فوق، وكما يقول الرسول: "حسب رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية" (أف 2: 2). لقد جاء الرب ليطرد الشيطان ويطهِّر الهواء منه، مهيئًا الطريق إلى السماء وذلك "بالحجاب أي جسده" (عب 10: 20). كقول الرسول: أي نوع من الموت يقدر أن يحقق هذا، إلاَّ الموت الذي يتم في الهواء، أقصد بالصليب...! لقد لاق جدًا أن يحتمل الرب هذا الموت، فبرفعه (على الصليب) طهر الهواء من شر إبليس وكل أنواع الشياطين، إذ يقول: "رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء" (لو 10: 18)، بهذا صنع افتتاحًا جديدًا لطريق السماء، إذ يقول أيضًا: "ارفعوا أبوابكم أيها الرؤساء ولترتفع الأبواب الدهرية" (مز 24: 7 - السبعينية). فإن الكلمة لم يكن في حاجة إلى فتح الأبواب إذ هو رب الكل، ولا يُغلق شيء من أعماله أمامه، إنما نحن الذين في حاجة إلى فتح الأبواب، إذ حملنا في جسده. لقد قدم الموت لحسابنا، ممهدًا لنا الطريق إلى السماوات . * لأن الرب تلامس مع كل جزء من الخليقة وحررها وأعتقها من كل خداعات الزيف والوهم كما يقول القديس بولس إذ جرد بنفسه الرياسات والقوات، ظافرًا بهم على الصليب. حتى لا ينخدع أحد بعده بل يجد في كل مكان كلمة الله الحقيقي . القديسالبابا أثناسيوس الرسول * صمد الرب أمام التجارب التي من العدو لكي يرد النصرة للبشرية. بهذا جعل الشيطان ألعوبة، وكما أعلن داود: "لوياثان الذي خلقته ليلعب فيه (مز 104: 26)... وأيضًا: "كسرت رؤوس لوياثان على المياه" (مز 73: 13-14). يعلن الرب في سفر أيوب أن لوياثان هذا يصير ألعوبة، ويُمسك في هذه التجربة "تصطاد لوياثان بشصٍ" (أي 41: 1). الأب خرموتيوس *يُخدع الشيطان إذ يجرح نفسه بذات لدغته، ويُحصن ذاك الذي يظن أنه يضعفه، يحصنه ضده. فقد حُصن القديس أيوب بالأكثر عندما جرحه، ذاك الذي غطى كل جسمه بالقروح، فاحتمل لدغات الشيطان ولم يؤثر فيه سمه. لذلك حسنًا قيل له: "تصطاد التنين بشصٍ، وتلعب به كطائرٍ. تربطه كما يفعل صبى بعصفور، وتضع يدك عليه" (أي 1:41، 5، 8 LXX). إنكم ترون كيف سخر به بولس، كصبي كما ورد في النبوة، وضع يده على حفرة الثعبان، ولم تؤذِه الحية. لقد سحبه من موضعه الخفي، وجعل من سمه دواءً، فصار السم لتحطيم الجسم دواءً لشفاء الروح. فما يؤذي الجسم يفيد الروح (1 كو 5:5). إذًا، لأَترك الحية تضرب ما هو أرضي في (جسدي)، أتركها تعض جسدي وتُسبب ازرقاقًا فيه، فسيقول الرب عني: "ها هو في يدك، ولكن احفظ نفسه" (أي 2: 6). يا لقدرة الله! إنه يسلم حفظ نفس الإنسان في يد الشيطان الذي يريد هلاكه...! فبوصايا السيد جعل الشيطان حافظًا لغنمه، فبغير إرادته صار ينفذ وصايا السماء، وبقسوته يطيع وصايا الوداعة! * شدة عظيمة هكذا وحزن جسيم حلّ بالشياطين وجنودهم في يوم صلب إلهنا، لأنه عند موته ونزوله إلى الجحيم صنع فيهم ما صنعه بفرعون والمصريين، وعتق بني آدم من حبسهم كما عتق بني إسرائيل من أرض مصر . القديس أمبروسيوس * على الرغم من كثرة افتخار (إبليس) في الكلام والوقاحة، قبض عليه المخلص بصنارة كتنينٍ عظيمٍ (أي 41: 1)، وكدابة وُضع الرسن في فكيها، وكهارب أوثق منخره بخطام، وثقب شفتيه ببرة (أي 41: 2)، فأوثقه الرب كعصفورٍ حتى نسخر منه (أي 41: 5)، ومعه الشياطين رفقائه كالحيات والعقارب (لو 10: 19) كي نسحقها وندوسها تحت أقدامنا. البابا أثناسيوس الرسولي |
|