رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ننشر العظة التي ألقيها البابا تواضروس في قدّاس عيد القيامة
نحو العاشرة مساء سيلقى قداسة البابا تواضروس عظة قداس عيد القيامة المجيد، وقد انفردت «بوابة الأهرام» بالحصول على نص العظة والتى سيبدأها قداسته بتحية القيامة "المسيح قام ... بالحقيقة قام". والتى تعيد بها جميع كنائس العالم. "ضمير صالح .... قلب طاهر .... عقل متميز"... وهذه الثلاث تميز الإنسان عن باقى المخلوقات، وكان آدم يتمتع بالعيش فى الجنة مع حواء متمتعاً بالحضور الإلهى الدائم، ولكن بدخول الخطية عن طريق الحية حُكم على الإنسان بالموت، وصار هناك احتياج إنسانى للقيامة، وبتجسد السيد المسيح وموته وقيامته "وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ" (أفسس 2: 6). ويضيف قداسة البابا: وصرنا بقيامته نتذوق السماء ونحن مازلنا على الأرض وقامت فينا ما تميزت به إنسانيتنا.. وأولها الضمير أى الإحساس بالآخر، فمنذ بدء الخليقة والإنسان يعيش الأنا، يحب نفسه فوق الجميع، آدم الإنسان الأول برر خطيئته وقال لله: الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنىً، قايين قال: أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي (تكوين 4 :9)، ويعقوب سرق بكوريه أخيه، وابشالوم أراد أن يسرق المُلك من أبيه داود، وعندما أرسل الله يونان لشعب نينوى خاف أن يتوبوا فلم يرض أن يذهب إليهم وعاند نداء الله له. ويتوقف البابا عند ولادة السيد المسيح قائلا: عندما ولد المسيح، أراد هيرودس الملك قتله لئلا يأخذ كرسيه... وهاجمه اليهود معتقدين أنه ملك أرضى، لكنه أعلن قائلا: "مملكتى ليست من هذا العالم"(يوحنا 18: 36)، وبدأ يضع تعليماً جديداً للإنسانية، ثم أراد الفريسين والصدوقين التخلص منه، وأخيراً قام اليهود بالشكاية عليه لأنه يظهر ضعفهم وأرادوا صلبه، وعندما خيروهم بين باراباس والسيد المسيح اختاروا إطلاق بارباس القاتل؟؟ ويؤكد قداسة البابا أنه بعد القيامة استيقظ ضمير البشرية فصارت تبحث عن المساعدة، عن العطاء، عن الخدمة، عن الفرح الحقيقى، ضمير يعلى الأخلاق، السلوك، العمل، الاجتهاد، وكما شرح بولس الرسول في (أعمال الرسل 24 : 16 ) "لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ". وقد كتب لأهل كورونثوس قائلاً: "لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِي بَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِي حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِي نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَا فِي الْعَالَمِ، وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ." (2 كورنثوس 1: 12). ويضيف البابا، لقد كان السيد المسيح محاطاً بأشخاص يخافون فقط على مراكزهم أمثال بيلاطس البنطى ورؤساء الكهنة، والشعب الصارخ اصلبه اصلبه، والتلاميذ الهاربين، والتلميذ الذى أنكره وغيرهم. أما بعد القيامة اختفت الأنا وظهر الإحساس بالآخر: فصارت المجدلية تبشر وبطرس الرسول يُعلم وتلميذ آخر يستضيف السيدة العذراء في بيته وشعب يضع كل أمواله عند أقدام الرسل. ويوضح البابا كيف اختفت الأنا وظهر الإحساس بالآخر من خلال مريم المجدلية وسُميت بالمجدلية نسبة الى موطنها الأصلي في "المجدل" علي الساحل الغربي لبحر الجليل، علي بعد ثلاثة أميال إلى الشمال من طبرية و"مجدل" معناها في اليونانية برج مراقبة. كانت بعيدة، مُتعبة مما أصابها، أخرج الرب منها سبعة شياطين وشفاها، ومن تلك اللحظة تبعته من الجليل وشاهدت حادثة الصلب، وكانت واقفة عند الصليب حتى النهاية، إلى أن رأت مكان القبر، كل هذا من بعيد !!! أما بعد القيامة تغير الوضع، كل التلاميذ كانوا خائفين أما هي وفي فجر الأحد باكراً جداً ذهبت إليه حاملة حنوطاً، لذا استحقت أن تكون أول من رأي الرب القائم، وقد صارت أول كارزة بالقيامة ونقلت الخبر إلى التلاميذ والرسل. مريم المجدلية كانت تحتاج الله فى حياتها، كانت تعيش الظلمة وبعد القيامة لم تصبح فقط تعيش فى النور بل أيضاً تكرز به، لقد استيقظ ضميرها بعد أن كان غائباً أو نائماً. إن قيامة الضمير تعني الإحساس بالآخر في صور متنوعة منها: ضمير العمل: الضمير الذي لا يتأثر بالمصالح، الذي يُعلي العام على الخاص، وهو الضمير الذي يجعل الشعوب تتقدم وتحترم الإنسان كيفما يكون... ضمير السلوك: الضمير الذي لا يتأثر بالشهوة بل إنسان لديه سلوك مستقيم، يميز بين الأبيض والأسود - واضح ولايسير في الرمادى - يسلك بخوف الله مع كل أحد يتعامل معه. ضمير الخير: الرحمة والشفقة هى أحد أصوات قيامة الضمير، أن تشعر بأخيك، بجارك، بزميلك في العمل، حتى بالآخر الذي لا تعرفه، وبقيامة المسيح صرنا نرفع شعار "مَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ." (يعقوب 4: 17). ويشير البابا الى أن القيامة يصاحبها قيامة القلب... اتساع القلب بالحب للكل.. كل إنسان لا يحمل الله فى قلبه، يكون قلبه ميت، ليس فيه حياة لأن الله قال عن نفسه "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ"(يوحنا 14 : 6)، وكل قلب بداخله الله يعيش السماء على الأرض. الإنسانية بقيامة الرب يسوع أصبح لديها مفهوم "تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ" (متى 22: 39) تبعاً لوصية السيد المسيح. "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. (يو 13: 34) لأنه مكتوب "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". (يوحنا 3: 16). هكذا صار مفهوم المحبة هو البذل والعطاء والغفران... مفهوم جديد على البشرية، لأن الخطية كانت قد أخفت هذا المفهوم إذ دخلت الخطية إلى العالم ودنست خليقة الله وصار الإنسان فى حاجة لمن يقيمه، جاء الله متجسداً ليقيمنا من موت الخطية ليثبت لك يومياً أن حياتك ثمينة جداً عنده.. "عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ." (رومية 6: 6). ويضرب البابا مثالآ آخر على أنه بقيامة السيد المسيح تختفى الأنا ويكون هناك إحساس بالآخر ببطرس الرسول. فقبل الصلب: كان سمعان بطرس من بيت صيدا عاش فى كفر ناحوم متزوج ويعيش من مهنة الصيد، عاش لمدة 3 سنوات تلميذ للسيد المسيح،شخصية مندفعة، أحياناً يرى نفسه الأفضل.. "وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ"(متى 26: 33)، قال لا يمكن أن أنكرك، لكنه قبل أن يصيح الديك مرتين أنكر الرب يسوع ثلاث مرات وقت الصليب (متى 26: 75). أما بعد القيامة: خجل من السيد المسيح خاصة حين سأله "أتحبنى ؟" فكانت إجابته "أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ"(يوحنا 21: 17) (عرف حجم نفسه، عرف احتياجه الحقيقى) ثم وفى عظة واحدة كسب ثلاثة ألاف نفس (أعمال الرسل 2 ). وعملياً: حين دخل الهيكل ورأى على باب الهيكل رجل أعرج من بطن أمه جلس يستعطى، فنظر إليه وقال له "لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ! " فقام ومشى (أعمال الرسل 3: 6) ويؤكد البابا أن العطاء الحقيقى هو محبة ومساعدة وقبول الآخر مهما كان ونحن سفراء القيامة مطلوب منا أن نحيا باتساع القلب والذى يعنى: الغفران: نقول فى صلواتنا اليومية "وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا." (مت 6: 12) وتصير طبيعة فينا إننا نغفر للمذنبين إلينا. القبول: نقبل الآخر مهما كان مختلفا، يونان النبى لم يقبل أن أهل نينوى يتوبوا ويعودوا إلى الله ولكن الله قبل الجميع. المحبة: الأب فى مثل الابن الضال (لوقا 15) مثال رائع على تقديم المحبة، كما وصفها الكتاب المقدس "اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا (1 كورونثوس 13: 8). الله حينما أراد أن يصف نفسه كان وصفه "اَللهُ مَحَبَّةٌ"(1 يوحنا 4: 16). وينبه البابا إلى أن قيامة المسيح يتبعها قيامة العقل... الرؤية الإيجابية للأمور: خلق الله الإنسان بعقل مستنير مميز لما حوله، آدم باكورة الخليقة استطاع أن يعطي أسماء لجميع الحيوانات وهذا إبداع لأنه يبتكر أسماء غير موجودة في اللغة، لكن حواء دخلت في حوار مع الحية لتقنعها ان الله اعطاها كل شئ، وفي لحظه فكرت واقتنعت ان تصير مساوية هي وادم لله، وفي هذه اللحظة اظلم عقلهم بكلمات الحية وسقطوا في الخطية وفقدوا الاستنارة. وخلال رحلة البشرية نجد كثيرين ابتعدوا عن الله بسبب عقولهم المظلمة، ففكر البشر في بناء برج بابل ليتحدوا الله ظناً منهم انهم يقدروا.. ثم جاء السيد المسيح ونادى مَنْ "يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يوحنا 8: 12). وبقيامته أعطانا الله رؤية جديدة للحياة، رؤية إيجابية للأحداث، لقد أوصانا بولس الرسول "وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ." (رومية 12: 2). ويضيف البابا وقصة تلميذي عمواس شاهدة على قيامة العقل: لقد سار تلميذان إلى قرية عمواس التى تبعد قليلاً عن أورشليم وكانا يتناقشان فيما بينهما حول ما حدث فى أورشليم يوم القيامة، وظهر لهم السيد المسيح وقصوا عليه ما سمعوه عن هذا الإنسان النبي المقتدر في الفعل والقول أمام الله وجميع الناس وكيف صلب ومات وكيف شهد تلاميذه والمريمات أنه قام وأن القبر فارغ. "فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ" (لوقا 24 : 25-27). كان اليهود لهم النظرة الضيقة للخلاص، يعتبرون أن الخلاص لليهود فقط ينتظرون مخلص أرضي من الاستعمار الروماني، وبصلب المسيح وقيامته تغيرت كل المفاهيم، في هذا الحوار ظهر لهم مفهوم جديد لكلام التوراه، مفهوم مختلف عن الخلاص، استنارت عيونهم بالقيامة. ويفسر البابا قائلا: إنه بقيامته حول عقولنا من السلبية المظلمة الى الإيجابية المستنيرة: محول للمواقف: كسب المرأه السامرية عندما اعترفت بالحقيقة وقال لها "بالصدق أجبتي "(يوحنا 4)، وفى موقف معجزة اشباع الجموع "فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الاثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: «اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَامًا، لأَنَّنَا ههُنَا فِي مَوْضِعٍ خَلاَءٍ" (لوقا 9: 12) لكن الرب يسوع حول هذا الموقف العصيب الى بركة من خمس خبزات وسمكتين لإشباع الآلاف. يمكنك أن تستخدم المواقف الصعبة وتحولها لنجاح، تستطيع أن تكون أقوى من خلال كل ضيقة، عندما يكون لك فكر المسيح الإيجابي. مبادر للعمل: بدلاً من أن تلعن الظلام أضئ شمعة نحن لا نشابه العالم في التفكير بل نبحث عن ماذا نستطيع أن نقدم للإنسانية، قد رأيت أنُاساً انشغلوا بالسلبيات فلم يحققوا تقدماً بل إنهم حاولوا أن يُعيقوا المتقدمين، وأنت أين من هؤلاء وأولئك؟، هل ننشغل بما حولنا أم نتقدم للعمل ؟ يبنى ولا يهدم: تفكيرك الكثير فى الضيقة والمتاعب يفقدك حياتك، "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ."(رومية 8: 28). لذلك ابنى ثقة مع الآخرين ...ابنى جسور محبة... ابنى أعمالا للوطن. هكذا يكون إنسان القيامة الجديد صاحب ضمير صالح وقلب طاهر وعقل مستنير .. وهكذا تكون قيامة الإنسان.. لقد قام ليمنحنا هذه القوة الجديدة لحياتنا الإنسانية. ويختتم البابا عظته قائلآ: ليحفظ الله بلادنا العزيزة فى عزة ورخاء وسلام ويعطى الحكمة والقدرة على مواجهة كافة التحديات عالمين أن مصرنا محفوظة فى قلب الله الذى قال "مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ" (إش 19: 25). كل قيامة وجميعكم بخير وسلام،،،، |
|