رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في الخدمة والتعامل مع الآخرين الاهتمام بالجموع الغفيرة وكذلك الأشخاص منفردين: يميل البعض للاهتمام بالأعداد الكثيرة ويهملون الاحتياجات الفردية، لكن سيدنا؛ وسط مشاغله الكثيرة والجموع الغفيرة التي كانت تحيط به، لم ينسَ أو يقلِّل من أهمية العمل الفردي؛ فنقرأ مثلاً في يوحنا 4 قصة تقابلة مع المرأة السامرية على انفراد حيث روى عطشها الروحي فتحولت إلى امرأة كارزة للآخرين. وغيرها في الإنجيل ذاته. الاهتمام بالأمور الكبيرة وكذلك الصغيرة: عندما نقرأ معجزة إشباع الجموع الغفيرة في الأناجيل الأربعة، نرى كيف أن السيد العظيم لم يهتم فقط بإشباعهم من الخبز والسمك بل اهتم أيضًا بطريقة توزيع الطعام؛ حيث أمر التلاميذ أن يُتكئوا الجموع «رفاقًا رفاقًا» على العشب الأخضر، ثم بعد أن أكلوا وشبعوا «قال لتلاميذه: اجمعوا الكِسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء» (مرقس 6: 39-44). أين نحن من هذا؟ كثيرًا ما نركز على الأمور الكبيرة ولا نهتم بالتفاصيل الصغيرة؛ فنُصاب بالفشل في تحقيق الهدف المطلوب من الخدمة. الاهتمام بالاحتياجات الروحية وكذلك الجسدية للمخدومين: كثيرًا ما نركز على الاحتياجات الروحية للنفوس التي نخدمها وننسى أن الله خلق الإنسان كيانًا واحدًا متكاملاً، روحًا ونفسًا وجسدًا، فتكون خدمتنا ناقصة. أما سيدنا فنقرأ عنه أنه «أبصر جَمعًا كثيرًا، تحنن عليهم وشفى مرضاهم» ولما تقدم إليه التلاميذ قائلين «الموضع خلاء والوقت قد مضى، اصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا»، كان جوابه لهم «لا حاجة لهم أن يمضوا، أعطوهم أنتم ليأكلوا» وكانت النتيجة النهائية «أكل الجميع وشبعوا» لقد سدد الاحتياجات الروحية والنفسية والجسدية (متى 14: 14-21). ما أعظمه معلِّمًا! الغيرة المقدّسة والانتباه لعدم إيذاء الآخرين: كثيرًا ما نندفع بغيرة مقدسة صحيحة، لكن لا نراعي وضع الآخرين الذين نتعامل معهم؛ فنتصرف بدون حكمة ونتسبب في إيذاء الآخرين بدلاً من إصلاح وضعهم، وهكذا تفقِد رسالتنا تأثيرها الصحيح في النفوس. ولكن دعونا نتأمل ما فعله سيدنا عندما دخل الهيكل ووجد الذين كانوا يبيعون بقرًا وغنمًا وحمامًا والصيارف جلوسًا. ماذا فعل؟ صنع سوطًا من حبال وطرد الجميع من الهيكل الغنم والبقر، وكب دراهم الصيارف وقلب موائدهم. ولكن يا للعجب، عندما جاء إلى باعة الحمام لم يقلب أقفاص الحمام، وإلا كانت قد طارت في السماء وخسر الباعة مصدر رزقهم. لكن ما أمجدة سيدنا إذ قال «ارفَعُوا هذهِ مِنْ ههُنا» (يوحنا 2: 13-17). كلام النعمة المصلح بملح: ما أخطر تأثير الكلمة على سامعيها وبحق قال الرب يسوع «بكلامك تتبرر وبكلامك تُدان» (متى 12: 37). كثيرًا ما لا نتنبة لكلامنا الخارج من أفواهنا، ونندفع بدعوى إعلان الحق دون انتقاء الكلمات المناسبة للشخص الذي نتكلم معه، فنقدم “ملحًا بدون نعمة”. دعونا نرجع لمقابلة الرب مع المرأة السامرية، ونرى كيف كان حديثهُ معها المثال الأعظم لتوازن النعمة والحق معًا. فعندما قال لها «ادعِي زَوجَكِ» كانت إجابتها «ليس لي زوج». فماذا كان ردّه؟ كان يمكن أن يقول لها “نعم أنا أعلم انكِ تعيشين في الزنا وعليك أن تتوبي عن ذلك الآن”. لكن ما أعظمه مثالاً في كل شيء، قال لها «حسنًا قُلتِ... هذا قُلتِ بالصدقِ». وهكذا استطاع كلام النعمة المُصلَح بالملح أن يكسر الحاجز النفسي لديها لتفتح قلبها له حتى النهاية. هذا قليل من كثير نرى فيه حياة الاتزان الرائعة التي عاشها سيدنا العظيم على الأرض. ليتنا نتعلم هذا الدرس الرائع والهام فلا ننجرف للتطرف إلى اتجاه معين دون أن نضع في الاعتبار الجوانب المختلفة من الأمر، وبالتالي بدلاً من أن نكسب الآخرين نتسبب لهم في متاعب أكثر. لنذهب إليه ونتعلم منه، فهو الذي قال بحق «تعلَّموا منِّي، لأني وديع ومتواضع القلب» (متى 11: 29). |
|