كل طرق الله ومعاملاته مع الإنسان تتصف بطول الأناة. ولعل كل فرد منا لو تأمل في نفسه لأدرك كم كان الله ولا يزال طويل الأناة معه. وعندما نزل الرب في سحاب لعبده موسى في سفر الخروج
نقرأ ..
فَاجْتَازَ الرَّبُّ قُدَّامَهُ، وَنَادَى الرَّبُّ:
" الرَّبُّ إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ (طويل الأناة) وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ".
(سفر الخروج 34: 6)
ولما تكلم بولس عن رجوعه إلى الرب يشهد عن طول أناة الله بقوله:
"لكِنَّنِي لِهذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ فِيَّ أَنَا أَوَّلاً كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالاً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ"
(1تيموثاوس 16:1).
ثم نقرأ أيضًا عن طول أناة الله في أيام نوح حين كان الفلك يُبنى. كما نسمع هذه الكلمات المباركة جوابًا عن أولئك الذين يحسبون أن الرب يتباطأ:
"لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ"
(2بطرس 9:3).
والآن، دعنا نطبّق مبدأ طول الأناة علينا نحن:
يقول بولس الرسول أنه كان يخدم في
"صَبْرٍ كَثِيرٍ، ... فِي أَنَاةٍ، "
(2كورنثوس 6)،
ونقرأ عن "طول الأناة" أيضًا أنه من ثمر الروح وهو يقترن دائمًا بالمحبة
(غلاطية 5).
إن المحبة تدفع العامل والخادم لكي يخطو إلى الأمام بقدم ثابتة في وسط الصعاب والمقاومات، رافعًا قلبه إلى مصدر العون والقوة، كما صلى داود قائلاً:
"لأَنَّنِي إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي. لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ صَالِحٌ وَغَفُورٌ، وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِكُلِّ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ... أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ"
(مزمور 4:86-5 و15).
مرة أخرى دعنا نتفكّر في السبب الذي ساعدنا على التوبة والرجوع إلى الله، ألم يكن هذا السبب هو
"غنى لطفه وإمهاله وطول أناته"
(رومية 4:2)؟
لقد أظهر الله هذا الصبر وطول الأناة من نحونا أيضًا، إذ بالنعمة خضعت قلوبنا وانحنت أمام صبره وطول أناته، وعرّفنا أنفسنا، كما يعرفنا هو، مذنبين قدامه وأمواتًا في الذنوب والخطايا، فرجعنا إليه لنتذوّق محبته التي طالما استخففنا بها.
ليت الله يجمّل حياتنا بالصبر وطول الأناة في سعينا وراء النفوس لكي ترجع إليه. لنذكر أن محبة الله وحدها هي التي كسرت إرادتنا العاصية، وبنفس المحبة الصبورة والطويلة الأناة نكسب الآخرين.
ليتنا نتتلمذ في مدرسة المسيح لنتعلّم منه، فنكون آلات نافعة لخدمته واجتذاب الآخرين إليه.
* * *
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال...هو ينتظرك
* * * *
والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح
دائماً.. وأبداً.. آمين