رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ظهور السيد المسيح لبلعام لم يظهر السيد المسيح قبل التجسد لأناس أبرار فقط، بل ظهر أيضًا لأناس آخرين مثل لابان خال يعقوب أب الآباء، وكان لابان يعبد الأصنام؛ ولكن ظهر له إله إبراهيم وإسحق ويعقوب ليحذّره من أذية يعقوب ابن شقيقته رفقة، بعد هروبه منه ومعه زوجتيه بنات لابان (انظر تك31: 24-32). كذلك ظهر السيد المسيح لبلعام بن بعور -النبي الأحمق- ثلاث مرات وأراد أن يقتله لولا أن الأتان قد حادت عن الطريق، هذا إلى جوار ما رآه بلعام في نبواته عن السيد المسيح. فزع موآب من الشعب الخارج مع موسى النبي، فأرسل بالاق ملك موآب رسلًا إلى النبي بلعام بن بعور ليأتى ويلعن هذا الشعب لكي يتمكن من الانتصار عليهم. فقال لهم بيتوا هنا الليلة فأرد عليكم جوابًا كما يكلّمني الرب. "فأتى الله إلى بلعام وقال من هم هؤلاء الرجال الذين عندك. فقال بلعام لله: بالاق بن صفور ملك موآب قد أرسل إلىّ يقول: هوذا الشعب الخارج من مصر قد غشى وجه الأرض. تعال الآن العن لي إياه لعلى أقدر أن أحاربه وأطرده. فقال الله لبلعام: لا تذهب معهم ولا تلعن الشعب لأنه مبارك" (عدد22: 9-12). ففي الصباح قال بلعام لرؤساء بالاق أن الرب أبى أن يسمح له بالذهاب معهم فذهبوا وأخبروا الملك بالاق الذي عاد وأرسل أيضًا رؤساء أكثر وأعظم من أولئك مع وعود بعطايا كثيرة. فطلب منهم أن يمكثوا هذه الليلة ليعلم ماذا يعود الرب أن يكلّمه به. "فأتى الله إلى بلعام ليلًا وقال له إن أتى الرجال ليدعوك؛ فقم اذهب معهم. إنما تعمل الأمر الذي أكلمك به فقط. فقام بلعام صباحًا وشد على أتانه وانطلق مع رؤساء موآب" (عدد22: 20، 21). "فحمى غضب الله لأنه منطلق. ووقف ملاك الرب في الطريق ليقاومه وهو راكب على أتانه وغلاماه معه. فأبصرت الأتان ملاك الرب واقفًا في الطريق وسيفه مسلول في يده؛ فمالت الأتان عن الطريق ومشت في الحقل. فضرب بلعام الأتان ليردها إلى الطريق" (عدد22: 22، 23). وتكرر الأمر في خندق للكروم بين حائطين، وفي مكان آخر ضيق حتى ربضت الأتان تحت بلعام، وفي كل مرة كان بلعام يضرب الأتان. وأخيرًا فتح الرب فم الأتان وعاتبت بلعام على ضربه إياها ثلاث دفعات "ثم كشف الرب عن عيني بلعام فأبصر ملاك الرب واقفًا في الطريق وسيفه مسلول في يده، فخرّ ساجدًا على وجه. فقال له ملاك الرب: لماذا ضربت أتانك الآن ثلاث دفعات.. لو لم تمل من قدامى لكنت الآن قد قتلتك واستبقيتها. فقال بلعام لملاك الرب: أخطأت إني لم أعلم أنك واقف تلقائي في الطريق. والآن إن قبح في عينيك فإني أرجع. فقال ملاك الرب لبلعام: اذهب مع الرجال وإنما تتكلم بالكلام الذي أكلمك به فقط. فانطلق بلعام مع رؤساء بالاق" (عدد22: 31-35). من هو ملاك الرب الذي ظهر لبلعام؟ كما ذكرنا سابقًا فإن كلمة "ملاك" باللغة العبرية (ملاخ) تعنى مرسل أو سفير أو مفوض ولا تعنى بالضرورة أحد الملائكة العاديين مثل الملاك ميخائيل أو الملاك جبرائيل. وعبارة "ملاك الرب" هي في النص العبري (ملاخ يهوه) أي "سفير يهوه" واستخدمت في بعض المواضع للإشارة إلى السيد المسيح في ظهوراته السابقة للتجسد، مثل ظهوره لمنوح والد شمشون وجدعون وغيرهما. ونلاحظ أن الله قد أتى إلى بلعام ليلًا وقال له "تعمل الأمر الذي أكلمك به فقط" (عدد22: 20). ثم حينما لاقاه ملاك الرب في الطريق قال له "إنما تتكلم بالكلام الذي أكلمك به فقط" (عدد22: 35) ففي كلتا الحالتين الله هو المتكلم، وملاك الرب هو المتكلم، لأن السيد المسيح هو الذي تكلم مع بلعام في كلتا الحالتين في ظهوراته السابقة للتجسد الإلهي. فالسيد المسيح هو الذي يمكن أن يأخذ لقب "سفير الرب" لأنه مرسل من الآب. عندما وصل بلعام قال لبالاق الملك "الكلام الذي يضعه الله في فمي به أتكلم" (عدد22: 38). وبعد أن أصعدت الذبائح على سبعة مذابح "وضع الرب كلامًا في فم بلعام وقال ارجع إلى بالاق وتكلم هكذا" (عدد23: 5) وبدأ بلعام يبارك الشعب فقال له بالاق "لتشتم أعدائي أخذتك وهوذا أنت قد باركتهم. فأجاب وقال أما الذي يضعه الرب في فمي احترص أن أتكلم به" (عدد 23: 11، 12). وهذا يؤكد أن ملاك الرب الذي تكلم مع بلعام هو الرب الإله. وتكرر الأمر ثلاث مرات في مباركة الشعب. وفي المرة الثالثة كان روح الله على بلعام "فنطق بمثله وقال: وحى بلعام بن بعور. وحى الرجل المفتوح العينين. وحى الذي يسمع أقوال الله" (عدد24: 3، 4). وبالرغم من كل هذه البركات والنبوات إلا أن بلعام قد جعل الشعب يخطئ بمشورة رديئة. السيد المسيح في رؤى بلعام تكلمنا عن ظهورات السيد المسيح لبلعام بن بعور وغضبه عليه، وتحذيراته له، وعدم تمكن بلعام من أن يلعن الشعب بروح النبوة. ولكن يتساءل البعض: لماذا حمى غضب الرب على بلعام عندما انطلق لمقابلة بالاق ملك موآب، مع أن الرب في المرة الثانية سمح له بالذهاب؟! وللرد على هذا التساؤل نقول إن بلعام كان نبيًا للرب ولكنه كان محبًا للمال ويتصرف بحماقة كما شهد الكتاب المقدس عنه (انظر 2بط 2: 15، 16). في نبواته لم ينطق بشيء مخالف لما يريد الرب أن يُقال، ولكنه في مقاصده الشخصية ونواياه كان ميالًا لمحبة المال بصورة أغضبت الرب عليه ووضعته في مصاف الحمقى والمخالفين. وقد وصل به الأمر أنه قد أشار على الملك بالاق الموآبى بمشورة رديئة أسقطت عدد كبير من شعب إسرائيل في الزنى وعبادة الأوثان وتسببت في غضب الرب عليهم وسقوط أربعة وعشرين ألفًا من القتلى بالوباء، مع أن بلعام لم يقبل أن ينطق بلعنات إلهية على هذا الشعب قبل أن يشير على بالاق الملك بمشورته الرديئة. بل بالعكس لقد بارك الشعب عدةمرات بحسب كلام الرب. ثم حل عليه روح الرب وتنبأ عن تجسد السيد المسيح بنبوءة في منتهى الروعة، ذكر فيها أنه قد رآه بروح النبوة من بعيد. في بداية الأمر منع الله بلعام من الذهاب مع رسل الملك وبالفعل لم يذهب إليه. فعاد الملك ووعده بوعود مالية أكبر بكثير، فعاد يسأل الله إن كان يذهب فسمح له. وهذا درس للجميع في عدم محاولة سؤال الله عن شيء ضد مشيئته والإلحاح عليه في الطلب سعيًا وراء تحقيق المآرب والشهوات الشخصية. وأمام إلحاح بلعام في الذهاب وافق الله ولكنه أمره بألاّ ينطق إلاّ بالكلام الذي يضعه في فمه،وفرح بلعام وشد على أتانه وذهب مع رسل الملك، وفي الطريق لاقاه السيد المسيح في ظهور من ظهوراته السابقة للتجسد وشرع في أن يقتله ثلاث مرات وأنقذه الحمار.. وفي المرة الثالثة بدأ الحمار ينطق بكلام كأنه إنسان بطريقة معجزية موبخًا بلعام. وكان ذلك كله لكي يظهر السيد المسيح له أنه غاضبٌ عليه وعلى مسلكه المحب للمال مع تحذيره من أن ينطق شيئًا مخالفًا لما يضعه في فمه. وبالفعل نفَّذ بلعام أوامر السيد المسيح حرفيًا؛ وبارك الشعب ولم يلعنه، بل وتنبأ عن تجسده في ملء الزمان. ولكنه اكتفى بحرفية تنفيذ الوصية. أما قلبه فلم يكن مع السيد المسيح مثلما قال الله "هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا" (مر7: 6). من الناحية الرسمية نفَّذ بلعام الوصية، ولكنه بقلبه وفكره ومشورته لم ينفذها بل عمل عكسها. والله لا يخدعه بالطبع التنفيذ الشكلي للوصايا بل قال "يا ابني أعطني قلبك ولتُلاحظ عيناك طُرقي" (أم 23: 26). ما ورد في العهد الجديد عن بلعام في سفر الرؤيا قال السيد المسيح لملاك كنيسة برغامس: "عندك هناك قومًا متمسكين بتعليم بلعام الذي كان يعلِّم بالاق أن يلقى معثرة أمام بنى إسرائيل أن يأكلوا ما ذبح للأوثان ويزنوا" (رؤ2: 14). وفى رسالة يهوذا الرسول يقول عن الناس الأشرار: "ويل لهم لأنهم سلكوا طريق قايين وانصبوا إلى ضلالة بلعام لأجل أجرة وهلكوا في مشاجرة قورح" (يه 11). وفى رسالة بطرس الرسول يقول عن المعلمين الكذبة الذين يدسّون بدع هلاك: "لهم قلب متدرب في الطمع، أولاد اللعنة. قد تركوا الطريق المستقيم فضلّوا تابعين طريق بلعام بن بصور الذي أحب أجرة الإثم. ولكنه حصل على توبيخ تعديه إذ منع حماقة النبي حمار أعجم ناطقًا بصوت إنسان" (2بط2: 14-16). ويتضح من هذه الآيات التي وردت في العهد الجديد أن بلعام قد أشار على الملك بالاق أن يرسل نساءً زانيات في وسط محلة بنى إسرائيل ليسقط الأجناد في الزنى وعبادة الأوثان. فيحل غضب الرب عليهم. وهذا بالفعل هو ما ورد في سفر العدد عما فعله الملك إذ أرسل نساءً زانيات وضرب الرب الشعب بالوباء لسقوطهم في الخطية "وابتدأ الشعب يزنون مع بنات موآب. فدعوْن الشعب إلى ذبائح آلهتهن فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهن" (عد 25: 1، 2). رؤية بلعام عن تجسد السيد المسيح بالرغم من الوضع المأساوي الذي فعله بلعام إلا أنه قد سبق فتنبأ عن ظهور السيد المسيح بالجسد في ملء الزمان. وهذا يجعلنا لا نتكل على مواهب الروح القدس مثل موهبة النبوة لأن السيد المسيح قد أكّد على أهمية حفظ وصاياه وأن كثيرين سيقولون له في اليوم الأخير: "أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟" فيقول لهم: "إني لم أعرفكم قط اذهبوا عنى يا فاعلي الإثم" (مت 7: 22، 23). وكانت نبوة بلعام هكذا "فكان عليه روح الله. فنطق بمثله وقال: وحى بلعام بن بعور وحى الرجل المفتوح العينين. وحى الذي يسمع أقوال الله الذي يرى رؤيا القدير.. وهو مكشوف العينين. ما أحسن خيامك يا يعقوب مساكنك يا إسرائيل..! أراه ولكن ليس الآن، أبصره ولكن ليس قريبًا، يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفي موآب ويهلك كل بنى الوغى" (عد24: 2-5، 17). والمعروف أن كوكب يعقوب الذي ظهر في ملء الزمان هو السيد المسيح. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ظهور الله لبلعام |
ظهور السيد المسيح لبلعام |
ظهور السيد المسيح ليشوع |
ظهور السيد المسيح لاستفانوس |
ظهور السيد المسيح لجدعون |