رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فأَجابَهم: لأَنَّكم أُعطيتُم أَنتُم أَن تعرِفوا أَسرارَ مَلكوتِ السَّمَوات، وأَمَّا أُولَئِكَ فلم يُعطَوا ذلك. تشير عبارة " فأَجابَهم" إلى جواب يسوع على سؤال لماذا تكلم بالأمثال مُميزا بين سامعيه الذين استناروا بتعاليمه فكانت لهم طريق للحق السَّماوي، والذين لم يستنيروا كانت أمثال يسوع عبارة عن قصص وأحاديث فقط، ولأجل ذلك كان الإنجيل رائحة حياة للبعض ورائحة موت للآخرين كما جاء في تعليم بولس الرسول " لِهؤُلاءِ رائِحَةٌ تَسيرُ بِهم مِن مَوتٍ إلى مَوت، ولأُولئِكَ رائِحَةٌ تَسيرُ بهم مِن حَياةٍ إلى حَياة" ( 2 قورنتس 2: 16) ؛ أمَّا عبارة " أَنتُم " فتشير إلى صورة التأكيد على التلاميذ (داخل الكنيسة) مقابل أولئك (خارج الكنيسة) الذين يجهلون الحق الروحي. لقد أعطى يسوع التلاميذ وحدهم أن يفهموا أسرار الملكوت، لأنَّهم من الداخل، من أهل البَيت. إن التلاميذ فهموا أسرار الملكوت، وهي جوهر رسالة يسوع. ولذلك لم يحتاجوا أمثالا لجذب انتباههم. أمَّا عبارة "لأَنَّكم أُعطيتُم أَنتُم" فتشير إلى الملكوت الذي يُقدَّم على سبيل هبة لا على سبيل أجرة يستحقونها للذين يرغبون في معرفة الحق (رومة 6: 23). فالخلاص مُقدَّم للجميع، كما جاء في تعليم بولس الرسول "فإِنَّه يُريدُ أَن يَخْلُصَ جَميعُ النَّاس ويَبلُغوا إلى مَعرِفَةِ الحَقّ" (1 طيموتاوس 2: 4)، لكن يسوع يحتفظ بسر تعليمه إلى تلاميذه الذين جعلهم الإيمان يفهمون أن ملكوت الله هو في مجيء يسوع. لذلك المَثل مُوجّه لأولئك الذين يجهلون الحق الرُّوحي جهلاً تامًا لجذب انتباههم. أمَّا عبارة "عرِفوا" فتشير إلى إحدى الكلمات الأساسية لمجموعة التلاميذ التي لا نجدها في مكان آخر في إنجيل متى. فالتلاميذ يواصلون اختبار يسوع الذي يُشركهم في وحي الملكوت، كما جاء في تعليم بولس الرسول "فالَّذينَ سَبَقَ أَن قَضى لَهم بِذلك دَعاهم أَيضاً، والَّذينَ دَعاهُم بَرَّرَهم أَيضاً والَّذينَ بَرَّرَهم مَجَّدَهُم أَيضاً " (رومة 8: 30). ولذلك استطاع أن يعرفوا ولم يلبثوا أن يعترفوا بإيمانهم على لسان بطرس "أَنتَ المسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ "(متى16: 16)، علمًا أن الفرِّيسيِّين والكتبة يزدادون قساوة. أمَّا عبارة " أَسرارَ " فتشير إلى ما لا يُدركه عقل بشري بلا وحي إلهي. وأعظم أسرار الملكوت نفسه يُعطى التلاميذ معرفته، أو إلى سر يسوع بصفته فاتح الملكوت (1 تسالونيقي 3: 16) أو إلى الأسرار المتعلقة بالملكوت بما فيها من ميزة مخفيّة ومتنازع عليها. وكَلِمة سر في العهد الجديد تعني سر مُعلن، أعلنه الوحي بعد أن كان قبلا مَخفياً، كما جاء في تعليم بولس الرسول "كَيْفَ أُطلِعتُ عَلى السِّرِّ بِوَحْيٍ كَما كَتَبتُه إِلَيكم بإِيجازٍ مِن قَبْلُ" (أفسس 3: 3). أمَّا عبارة "مَلكوتِ السَّمَوات " فتشير إلى عبارة مألوفة في الأدب الرؤيوي المُعاصر ليسوع، وهي تدلّ على ما في الله من تدابير خَفيّة تتعلّق بآخر الأزمنة: سر تدبيره ومجيء ملكوته النهائي (دانيال 20: 18-19) وهذا السر، سر ملكوت الله، المَخفي عن الجميع حتى الآن، لا يستطيع أحد أن يكشفه إلاّ الله بواسطة يسوع. ولذلك إن النهاية بدأت مع يسوع وتمّ ملُ الزمان (غلاطية 4: 4). وهذا السِّر هو محور أعمال يسوع وأقواله، ويكشفه يسوع لتلاميذه. (مرقس 3: 13)، أمَّا عبارة "أَمَّا أُولَئِكَ فلم يُعطَوا ذلك" فتشير إلى الذين لا يبالون بالمسيح، وهم الذين من الخارج (مرقس 4: 11)، وهذا يدل على طريقة متى الإنجيلي في إدراكه لماذا تُضرب الأمثال آخذًا بعين الاعتبار كيف رفض إسرائيل البشارة وكيف اختبرتها الكنيسة الأولى. تشير هذه الآية إلى أنَّ أمثال يسوع من وجهها التعليمي المليء بالاستعارات والقريب إلى عقول الكثيرين لا يُدرك معناها إلاّ إذا فهم النَّاس أنَّ قدرة الله قد ظهرت في يسوع. لكن سرّ عمله هذا بقي مُغلقًا على كثير من النَّاس. اختار الرب الكلام بالأمثال مع الذين يستمعون لكي يدركوا قساوة قلوبهم وعدم قدرتهم على الإصغاء والترحيب والفهم. ليس الغموض هو هدف الأمثال، إنما هو إلقاء الضوء على المُقَاوَمَة والقَساوة التي تسكن قلب الإنسان. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
في مَثَل الزارع | فَاسْمَعوا |
في مَثَل الزارع | أهل العهد القديم |
في مَثَل الزارع | فقد غَلُظَ |
في مَثَل الزارع | ولا هم يَفهَمون |
في مَثَل الزارع | الزَّارع |