|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كَالْمَاءِ انْسَكَبْتُ. انْفَصَلَتْ كُلُّ عِظَامِي. صَارَ قَلْبِي كَالشَّمْعِ. قَدْ ذَابَ فِي وَسَطِ أَمْعَائِي. انفصلت كل عظامى: ضاعت كل قوتى. إن الطبيعة البشرية بالموت تنحل بسرعة، مثل سكب الماء، فالمسيح يعبر عن الآلام والموت الذي سيحل به ويفصل روحه عن جسده. المسيح كان ينسكب كالماء عندما كان يصلى بحرارة في بستان جثسيماني وهو مقبل على آلامه وكان عرقه يتصبب كقطرات دم (لو22: 44). عندما طعن الجندى المسيح في جنبه على الصليب خرج منه دم وماء (يو19: 34)، وانسكب على الأرض، فهو تطبيق حرفي لهذه النبوة. إن انسكاب حياة المسيح على الصليب كالماء تظهر احتقار اليهود الأشرار له، وقد قبل المسيح عار الصليب وانسكاب حياته، كشئ رخيص جدًا من أجل حبه فينا ليفدينا. إن انسكاب الماء على أي شيء يغسله ويطهره، فبانسكاب حياة المسيح على الصليب طهر المؤمنين به من خطاياهم. بثقب جسد المسيح بثلاثة مسامير، تعلق الجسد بكل ثقله على هذه المسامير، وأدى هذا إلى انفصال عظامه عن بعضها. انفصال عظام المسيح ليست فقط معناها موته على الصليب، بل تعنى أيضًا تفرق الكل عنه، كما قال لتلاميذه "وتتركوننى وحدى" (يو16: 32) وتشتت معظم تابعيه، أما الرسل فقد اختبأوا في العلية المغلقة خوفًا من اليهود ( يو20: 19). ولأن الكنيسة هي جسد المسيح، فإذا تفرق أولاد الله المؤمنون به وتركوه، فهم يمثلون العظام التي في الجسد، التي تنفصل عن بعضها، ولكن في نفس الوقت يعد الله في المزمور ويقول عن عظام الصديقين أنها لا تنكسر، أي يعود الله ويجمعها مرة ثانية (مز34: 20). كما حلت الآلام على جسد المسيح في الصليب، كذلك أيضًا مشاعره الداخلية كانت حزينة (قلبه ذائب كالشمع) على تلاميذه الذين تخلوا عنه، بل وباعه أحدهم، وتشكك بعضهم. وحزن أيضًا على اليهود المصرين على الشر. فهو يشعر أن الكل أولاده. و"أمعائه" هذه تعبر عن جوفه الذي ولد كل هؤلاء البنين العصاة. ولكن أبوته ظلت تصلى لأجلهم وهو على الصليب قائلًا "يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو23: 34). إن الشمع يذوب بالنار والحرارة، وهذا يرمز إلى أن نفس الإنسان تنصهر بالألم، فتصير نقية من كل شر، وحينئذ تظهر بسهولة صورة المسيح في هذا الشمع السائل. لذا فالمؤمن لا يخشى الضيقات؛ لأنها تطهره، وتقربه من الله، ويصير صورة واضحة للمسيح. |
|