أي إنسان هذا حتى استحق أن يموت من أجله ابن الله؟ إنه صورة الله وآيته، صورته التي تشوهت، وآيته التي ادلهمت، وإرادته الخيرة التي هزمت أمام أعدائها: الكبرياء والطمع، وحب المجد والغرور، فانزلقت إلى منحدرات الموت، وصارت ممن جاز عليهم حكم الموت.
إن هذا الإنسان الذي رسمته ريشة المحبة، ليكون ترجيعاً لها في الخلق والإبداع سقط في محبة ذاته، وجعل منها معبوداً نحت تمثاله عقل كسيح، وبصيرة حولاء، وخيال مبتور الجناح، وروح أظلمت بانقطاعها عن مجاري القوة الكبرى التي تغذي الصورة والآية بعصير الإشراق والانفتاح، وترويها بمياه الأزل وتوجه الإرادة في الطريق المستقيم وتجعل من الظلمات خادمة لإرادة أشعلت الليل بعزمها، وتركت الضعف هشيماً يحترق في أتون القوة الظافرة، في أتون الإنسان الصاعد نحو عالم الإشراق.