عقوبة القديس الأنبا بيمن
قيل أن قديسًا يدعي الأنبا بيمن كان متقشفًا جدًا، وكان يعيش حياة الفقر والعوز، وتخلو مغارته من غطاء يقيه البرد بالليل، هذا القديس زاره شاب فقضي الليلة في مغارة أخري إلي جواره ولما أصبح الصباح سأله القديس بيمن كيف قضي ليلته، فأجاب الشاب تعبت من شدة البرد لعدم وجود غطاء". فقال القديس في خجل "أما أنا فنمت متدفئًا". فسأله الشاب كيف كان ذلك، فأجاب "أتي أسد بالليل ونام إلي جواري فدفأني بجسمه". ولما انذهل الشاب مما حدث للقديس وكيف يرقد إلي جواره أسد دون أن يفترسه. حينئذ قال القديس "أنا أعلم يا ابني، انه لابد ستفترسني الوحوش في يوم من الأيام. ذلك لأن شابًا طرقتي ذات ليلة فلم أفتح له، وكان خائفًا وقد افترسته الوحوش فعلًا كما عرفت"..
.
وحدث ما توقعه الأنبا بيمن.. هذه أمثلة للعقوبة الأرضية. ويوجد من أمثلتها الكثير جدًا لمن يقرأ الكتاب ويطلع علي قصص التاريخ، وضعت كلها مثالًا لتعليمنا..
لهذا كله، لا يصح أن نفهم مراحم الله الواسعة منفصلة عن عدله. لئلا بحجة مراحم الله وحنوه وعطفه، نقاد إلي الاستهانة والاستهتار، ونرتكب الخطية غير شاعرين بخطورتها، وفي محبة الله لنا نسي مخافته..!
لأن بعض الناس تسبيح لنفسها الخطية، وتظن أن الأمر في منتهي السهولة! مجرد دقائق تقضيها مع أب الاعتراف، تعترف وتنال الحل، وكان شيئًا لم يحدث..!! كان وصايا الله لم تكسر. وكأن قلب الله لم يجرح..! حقًا أيها الأخ، إن الأب الكاهن عندما يقرأ لك صلاة التحليل، إنما يضيف خطيتك إلي الكأس التي شرب الرب مرارتها، فتنجو من العقوبة الأبدية بدم المسيح أنت كنت تائبًا. أما العقوبة الأرضية فلها حساب آخر ربما لا تنجو منه.. أحذر إذن لنفسك، فالأمر ليس سهلًا كما تظن.. ومع ذلك فلتعزيتكم، ولكي لا تقعوا في التعب واليأس، أقول لكم إن الله لا يعاقب بعقوبة أرضيه علي كل خطية.. . وذلك لأن خطايا الإنسان لا تحصي، وهو في كل يوم يخطئ.. "وفي أشياء كثيرة نعثر جميعًا" (يع 3: 2). فلو كان الله يعاقب بعقوبة أرضية علي كل خطية لتوالت العقوبات في غير نهاية، وبغير حصر، لتناسب عدد الخطايا.. ولكن الله يترك الكثير.. ووسط مئات الخطايا، قد يعاقب علي واحدة منها، حتى لا يستهتر الإنسان ويقع في اللامبالاة، وأيضًا لكي يتضِع ويستفيد روحيًا كما حدث لداود النبي.
إن العقوبة الأرضية، هي ولا شك من مراحم الله، يدعونا بها إلي اليقظة، فنضيق من غفلتنا، كما أنه يقودنا بها إلى الانسحاق. فنشعر أننا أخطأنا، وأننا أغضبنا الله منا، فنتوب، ونرجع إليه.. وهكذا ننجو من العقوبة الأبدية، ليس لأن العقوبة الأرضية قد حلت محلها، حاشا! بل لأنها أيقظتنا لنتوب، فنستحق المغفرة.
أننا إن تألمنا هنا، فهذا أفضل من الآم الأبدية، ومن عارها..
ومع ذلك، فإن كانت عقوبات الأبدية مخيفة، فإن الأمر لا يزال بيدنا. فحتى هذه اللحظة، مازال في أيدينا أن نقرر مصيرنا..
لقد استطاع القديس بولس الرسول أن يقول بكل جرأة "وأخيرًا وضع لي إكليل البر، الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل" (2 تي 4: 8).
فهل تستطيع أن تقول نفس عبارة القديس بولس؟! ليتك تستطيع.. وحتى إن كان إكليل البر قد وضع لك، فاحترس، و"تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك" (رؤ 3: 11). وعش في حياة التوبة والاحتراس كل أيامك.
إن الخوف من عقوبة الخطية، يدفعك إلي التوبة