فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّة،ُ وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ [6].
إن رجع الإنسان إلى أصله قبل الخلقة، واعتزل الله خالقه يسير ترابًا ورمادًا، رمة ودودًا! والعجيب أن الكلمة الإلهي في تجسده تواضع جدًا، فقال على لسان النبي: "أنا دودة لا إنسانٍ" (مز 22: 6).
*كل البشر مولودون من جسد، ماذا هم سوى دود؟ من هذا الدود يصنع الله ملائكة. إن كان الرب نفسه يقول: "أما أنا فدودة لا إنسان" (مز 6:22)، من يتردد في النطق بما ورد في أيوب: "كم بالأحرى الإنسان رمة، وابن آدم الدود" [6]. قال أولًا "الإنسان رمة"، وبعد ذلك "ابن الإنسان دودة"، لأن الدودة تخرج من الرمة... انظروا ماذا أراد أن يصير من أجلكم هذا الذي "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يو 1:1).
القديس أغسطينوس
*"كم بالأكثر الإنسان هو فساد، وابن الإنسان دودة؟" [6] كأنه يقول بوضوح: إن كان هؤلاء الأشخاص أنفسهم لا يقدرون أن يتجنبوا العدوى، الذين وسط ظلمة الحياة الحاضرة يضيئون ببهاء اقتناء الفضائل، فكم يكون شر المربوطين بالحياة حسب الجسد؟ إن كان هؤلاء الأشخاص لا يقدرون أن يتحرروا من الخطية، هؤلاء الذين بالفعل يسلكون في طريق الشهوات السماوية، فماذا بالنسبة للذين لا يزالون ساقطين تحت أثقال العادات الشريرة، والذين هم متروكون لملذات أجسادهم، لا يزالون يحملون نير الفساد؟ لهذا يقول بطرس: "إذا كان البار بالجهد يخلص، فالشرير والخاطئ أين يظهران؟" (1 بط 18:4) يقول إشعياء: "على أرض شعبي يطلع شوك وحسك، فكم بالأكثر في كل بيوت الفرح في المدينة المبتهجة" (إش 13:32)... المدينة الفرحة هي ذهن الشرير الذي لا يبالي بالعقوبات القادمة، وذلك من أجل مسرة الجسد، وإذ يخرج الذهن عن كيانه يلهو في مرحٍ كاذبٍ.
البابا غريغوريوس (الكبير)
يلاحظ البابا غريغوريوس أن الإنسان الأول يُدعى فسادًا، إذ حلٌ به الموت بالخطية ففسد. وأما ابن الإنسان فيدعى دودة، حيث يلد الفساد دودًا في جسم الميت.