رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل أن العذراء مريم ابنة الثلاث عشرة سنة أدركت فحوى بشارة الملاك لها؟! والجواب هو أن اللّه الذي اختارها هو الذي قوّاها ووهبها حكمة ونعمة وإيماناً متيناً ثخيناً فقبلت الحقائق الإيمانية وسلمت بها تسليماً ولكي تعرف كيف تتصرف مع هذا الأمر العجيب سألت الملاك بإيمان قائلة: كيف يكون هذا وأنا لم أعرف رجلاً؟ فشرح لها الملاك سر التجسد الإلهي الذي إنما تم بصورة تفوق الطبيعة واعتبر أعجوبة الأعاجيب والذي وصفه الرسول بولس بعدئذ بقوله: «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى اللّه ظهر في الجسد»(1تي 3: 16) وفي هذا الصدد أجاب الملاك العذراء مريم قائلاً: «الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله»(لو 1: 34 ـ 36) فأجابت مريم الملاك قائلة «هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك»(لو 1: 38) وبهذا سلمت مريم إرادتها بيد الله، وهذا هو الإيمان بل هذه هي الحكمة الحقيقية السامية أن يسلم الإنسان إرادته بيد الله. ليقول للرب صادقاً «لتكن مشيئتك» وحالما فاهت العذراء بعبارة: «فليكن لي كقولك» حل عليها الروح القدس فطهرها، ونقاها وقدسها. كما حل نار اللاهوت في أحشائها، وجبل ابن اللّه له جسداً كاملاً من جسدها اتحد به اتحاداً أقنومياً طبيعياً، فولدته العذراء مريم وهي عذراء قبل الولادة وفي الولادة وبعد الولادة، واستحقت أن تدعى والدة الإله لأنها ولدت الإله المتجسد وكانت ولادته عجيبة كما كان الحبل به عجيباً فريداً. فكما ظهرت العوسجة للنبي موسى وهي تلتهب بالنار، ولكنها لم تحترق، كذلك أنار نار اللاهوت العذراء مريم ولم يحرقها. |
|