رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الضمير يمكن أن يخطئ الضمير ليس صوت الله في الإنسان، لأن الضمير يمكن أن يخطئ. وأن ينحرف وصوت الله لا يمكن أن يخطئ. الضمير داخل الإنسان كالعقل والروح. فالعقل يمكن أن يخطئ، وكذلك الروح وكذلك الضمير. الضمير كأي جهاز من أجهزة الإنسان، يمكن أن يضعف وان يقوى: يمكن أن يستنير بالروح القدس وبأقوال الآباء والوعظ والتعليم وبالحياة الروحية.. كما أنه يمكن أن يضعف وأن ينام، وتغطى عليه المصلحة، وتغطى عليه الإرادة. ما أسهل أن يختل الضمير، وتتغير أحكامه، وتتقلب موازينه، كالمدرس الذي يدفعه ضميره إلى تغشيش تلميذ، أو كالطبيب الذي شفقة على امرأة يجهضها، أو يعمل عملية ليستر فتاة فقدت بكارتها، أو يكتب شهادة مرضية لغير مريض ليساعده. أو كالأم التي تستر على أولادها لكي تنقذهم من عقوبة أبيهم، فتغطي أخطاءهم بأكاذيب. والعجيب في كل هؤلاء أن ضمائرهم لا تتعبهم ولا تبكتهم. بل على العكس يشعرون أنهم عملوا شيئًا حسنًا، يفرح قلوبهم.. إن عدم تبكيت الضمير على الخطأ، يدل على خلل فيه، أما كونه يفرح بالخطأ، فهذا يدل على انقلاب في كل موازينه. إن الضمير يمكن أن يتشكل حسب مبادئ الإنسان ومثالياته. ويتغير تبعًا لتغير هذه المثاليات. لهذا لا يكون حكمه سليمًا باستمرار، ولهذا تختلف وتتنوع ضمائر الناس، فما يراه أحدهم صوابًا يراه غيره شرًا، والعكس بالعكس. وتوجد أمثلة كثيرة تظهر إمكانية خطأ الضمير وانحرافه. قال السيد المسيح لتلاميذه، تأتى ساعة.. يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله" (يو2:16). ولا شك أن الضمائر التي تظن أن قتل الرسل خدمة لله، هي ضمائر منحرفة. مثال ذلك أيضًا أباطرة الرومان الذين كانوا يبخرون أمام أصنام آلهتهم قبل محاربة أعدائهم، ويقتلون من يرفض ذلك، وضميرهم مستريح. وبهذا السبب أستشهد القديس موريتيوس قائد الكتيبة الطيبية، لأنه رفض التبخير أمام الأصنام، وقتلت معه كتيبته!! مثال ذلك أيضًا أهل الجاهلية الذين وقعوا في وأد البنات، وأيضًا الناس الذين يوزعون السجاير في الجنازات على ضيوفهم، وضميرهم يتعبهم إذا لم يقدموها!! وكذلك أيضًا الذين يستخدمون الميكروفونات بطريقة تتعب الناس، وتؤذي المريض، وتعطل الطالب عن مذاكرته وتزعج النائم المحتاج إلى راحة.. كذلك المصريين القدماء الذين كانوا يلقون فتاة جميلة في النيل لاسترضائه ليأتي الماء في مناسبة وفاء النيل. إن الضمير قاض يحب الخير، ولكنه ليس معصومًا من الخطأ. كما أن الخير يختلف مفهومه عند كثيرين، والضمير أيضًا يقع تحت تأثيرات كثيرة. نذكر في مقدمتها نوع المعرفة، والشهوات والعاطفة والإثارة، وتأثير الجماعة، وتأثير القادة، وكذلك الإرادة في قوتها أو ضعفها. الضمير موجود قبل الشريعة المكتوبة. به أصبح قايين مدينًا أو مستحقًا للعقوبة (تك4). قبل إن توجد وصية تقول "لا تقتل"،وبه ترفع يوسف الصديق عن خطية الزنا بقوله "كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟!" (تك9:39). وبالضمير وجد في العالم الوثني فلاسفة يدعون إلى الخير والفضيلة، دون أن تكون لديهم شريعة إلهية. وعنه قال الكتاب "إن الأمم الذين بلا ناموس هم ناموس لأنفسهم" (رو14:2).. ولكن لاختلاف معرفة الناس، ولاختلاف عقلياتهم ونفسياتهم، لذلك تختلف الضمائر. هناك ضمير صالح، مثل ميزان الصيدلي: الزيادة فيه تضر، والنقص يضر. هناك ضمير فريسي يهتم بالحرف لا بالروح. وضير آخر منحرف. وضمير لا يبالى..وقد يوجد إنسان له ضميران: واحد يحكم به على غيره بكل عنف وقسوة. وواحد يحكم به على نفسه بكل رقة ومجاملة! وضمير تؤثر عليه العقائد والتقاليد. فعابد الوثن إذا لم يبخر أمام الوثن ويسجد، يتعبه ضميره. وفى بعض البلاد إذا لم يقتل الأب أبنته التي فقدت بكوريتها، يثور عليه ضميره لأنه لم يغسل شرف الأسرة من العار. وكذلك أيضًا الابن الذي لم ينتقم لمقتل أبيه بقتل قاتليه. هناك ضمير واسع يبلع الجمل، وضمير ضيق يصفى عن البعوضة. الضمير الواسع يمكن أن يجد تبريرًا لأخطاء كثيرة. أما الضمير الضيق فهو ضمير موسوس، يظن الشر حيث لا يوجد شر، ويضخم من قيمة الأخطاء، ويقع في (عقدة الذنب) ويرى نفسه مسئولًا عن أمور لا علاقة له بها إطلاقا، وتملكه الكآبة أحيانًا واليأس، ويطن أنه لا فائدة من كل جهاده، وأنه هالك، وقد وقع في التجديف على الروح القدس. |
|