|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عوبديا وسقوط أدوم ونتعرض أخيراً لسقوط أدوم البشع ، ولعل أول مظهر من مظاهر سقوطه ، كان فى الفرصة الضائعة ، لقد أصيب أخوه يعقوب بالنكبة التى كانت تقتضى منه المسارعة إلى المعونة ، لا الوقوف موقف المتفرج ، أو الإجهاز على بقايا المنفلتين . وما أكثر ما يقف الناس على الطريق فى موكب الحياة ، موقف أدوم القديم : « يوم وقفت مقابله يوم سبت الأعاجم قدرته ودخلت الغرباء أبوابه وألقوا قرعة على أورشليم كنت أنت أيضاً كواحد منهم . ويجب أن لا تنظر إلى يوم أخيك يوم مصيبته ولا تشمت ببنى يهوذا يوم هلاكهم ولا تغفر فمك يوم الضيق. ولا تدخل باب شعبى يوم بليهم . ولا تنظر أنت أيضاً إلى مصيبة يوم بليته ولا تمد يداً إلى قدرته يوم بليته . ولا تقف على المفرق لتقطع منفلتيه ولا تسلم بقاياه يوم الضيق » … ” عو 11 – 14 ” وما أكثر ما يفعل الناس هكذا وهم مشغولون بأنانيتهم وكبرياء قلوبهم .. فى أسطورة وثنية قديمة ، أن واحداً من الرؤساء القدامى حفر بئراً ، وأمر بألا يشرب منها أحد غيره وغير عائلته ، وكانت النتيجة أن البئر لم تعط ماء ، فطلب العرافين الذين قالوا له إن البئر لا يمكن أن تعطى ماء إلا إذا شارك الشعب فى الانتفاع بها ، فما كان منه ، مدفوعاً بأنانيته ، إلا أن يصدر قراراً بأن يشرب الشعب منها فى الليل ، وهو وبيته يشربون منها فى النهار ،… وحدث أن البئر فاضت بالماء عند غروب الشمس ، وظلت طوال الليل تعطى ماء ، وفى الصباح جفت ، وعندئذ علم أن المشاركة الصحيحة هى أن يشرب هو والشعب فى وقت واحد ، … وفاضت البئر عندئذ ليلا ونهاراً .. إن الحياة فى حقيقتها هى الإيثار لا الاستئثار وهى الخدمة الباذلة المضحية ، وليست الأنانية أو الوصولية أو النفعية التى يعيشها ملايين الناس على الأرض !! .. فى ساحة إحدى الكنائس عبارة مكتوبة : « ما أعطيه أملكه وما أحفظه أفقده » ، .. لقد زمجر عاموس – فيما ذكرنا عند التعرض لشخصيته – لحياة الأنانية التى تنسى آلام الآخرين : « ويل للمستريحين فى صهيون .. أنتم الذين تبعدون يوم البلية وتقربون مقعد الظلم ، المضطجعون على أسرة من العاج والمتمددون على فرشهم والآكلون خرافاً من الغنم وعجولا من وسط الصيرة ، الهاذرون مع صوت الرباب ، المخترعون لأنفسهم آلات الغناء كداود ، الشاربون من كؤوس الخمر والذين يدهنون بأفضل الأدهان ولا يغتمون على انسحاق يوسف » .. ” عا 6 : 1 – 6 ” إن الأنانية وحدها بشعة كل البشاعة ، ولكنها أكثر بشاعة عندما تكون فى مواجهة النفس والمنكوب والمتألم والمتضايق !! .. وسقط أدوم أيضاً عندما لم يدرك أن الزمن دوار ، وطوبى للرحماء لأنهم يرحمون…. فى أساطير عيسوب أن الحمار الضعيف المسكين توسل إلى زميله الحصان أن يحمل عنه بعض حمله ، وقال له إنه إن لم يفعل فالنتيجة ستكون أنه سيموت ، وسيحمل الحصان الكل ، … ولم يبال الحصان بالكلام ، فسقط الحمار تحت ثقله ومات ، ونقل صاحبهما كل حمل الحمار ووضعه على الحصان ، بل أكثر من ذلك أنه وضع عليه جثة الحمار الميت ، وقال الحصان : يا لى من أحمق ! لقد رفضت أن آخذ شيئاً من حمل الحمار ، وها أنا لا آخذ حمله فحسب ، بل أحمل جثته أيضاً !! .. لعل من أطرف ما قيل ، أن أحد المرسلين – وكان جراحاً فى مدارس بالهند رأى ذات يوم عند بابه كلباً صغيراً مكسور القدم ، فما كان منه إلا أن جبر ساقه ، وقال المرسل إن الشئ الغريب الذى حدث أنه أحس بخربشة فى اليوم التالى عند الباب وعندما فتح الباب وجد الكلب ، وقد صحب كلباً آخر صغيراً مكسور الساق ، وقد جاء به ليعالج،.. لئن صحت الرواية ، فإن الإنسان مرات كثيرة يكون أحط من الحيوان ، وأكثر أنانية،… ولعل هذا ما حد برئيس الأساقفة هو يتلى أن يقول : إذا سألتنى أن أخبرك عما يسبب الاضطراب الأكبر ، والذى يهدد بأقسى الأخطار ، فإنى أستطيع أن أقول لك إنك إذا تطلعت إلى المرآة ، هناك سترى أصدق صورة لذلك ! .. ومن المؤسف حقاً أن الناس فى كثير من أدوار الحياة تنسى أن الدنيا لا تبقى إنساناً على حال فهى ترفع المنخفض ، وتخفض المرتفع ، وهى تغنى الفقير وتفقر الغنى ، وهى تقوى الضعيف ، وتضعف القوى .. إنها الساقية التى تدور بسرعة أو ببطء ، لكنها على أية حال تدور!!… وقديماً قال أحدهم للنعمان : إن كنت تعلم يا نعمان أن يــــدى قصيرة عنك ، فالأيام تنقلـــــب وقال آخر : أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتى به الغيـر وسالمتك الليالى فاغتررت بهــــــا وعند صفو الليالى يحدث الكدر والمثير فى الأمر على الدوام ، أن الجزاء من جنس العمل : « كما فعلت يفعل بك ، عملك يرتد على رأسك . لأنه كما شربتم على جبل قدسى يشرب جميع الأمم دائماً يشربون ويجرعون ويكونون كأنهم لم يكونوا » ” عو 15 و 16 ” .. عندما قبض الإسرائيليون على أدونى بازق وقطعوا أباهم يديه ورجليه ، قال الرجل : « سبعون ملكاً مقطوعة أباهم أيديهم وأرجلهم كانو يلتقطون تحت مائدتى . كما فعلت كذلك جازانى اللّه » … ” قض 1 : 7 ” وقال جدعون ، « لزبح وصلمناع : كيف الرجال الذين قتلتماهم فى تابور ؟ فقالا مثلهم مثلك . كل واحد كصورة أولاد ملك . فقال هم اخوتى بنو أمى . حى هو الرب لو استحييتماهم لما قتلتكما » .. ” قض 8 : 18 و 19 ” ولم يدر هامان وهو يجهز الصليب المرتفع ليصلب عليه مردخاى ، أنه يجهز لنفسه المصير التعس الذى سيصل إليه !! .. كان أدوم يرى نفسه ، كما لاحظنا ، القوة والمنعة ، وهو « القائل فى قلبه من يحدرنى إلى الأرض » ( عو 3 ) لقد وضع عشه بين النجوم أو أعلى من أن تصل إليه يد بشرية ، ولكن المثل الشائع يلحقه : |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
عوبديا وخداع أدوم |
عوبديا وشر أدوم |
عوبديا وسقوط أدوم |
عوبديا وخداع أدوم |
عوبديا وشر أدوم |