البابا مينا الأول البطريرك رقم 47..
إنتخب الشعب والأساقفه القس مينا الراهب من سمنود ببيعه أبى مقار وكان فى شبابه تلميذا للبابا خائيل ، وجلس مينا الأول البابا رقم ( 47) على كرسى مرقس رسول المسيح فى شهر برموده 486 ش 767م 0 وعاصر الخليفه المنصور بن محمد 0 بدأ هذا البابا عهده ببناء ما تهدم من كنائس وكان الأقباط والمسلمون يتعجبون من النعمه الباديه على وجهه ، وإستطاع أن يتمم بنائها فى سرعه لما كان هناك هدوءا فى البلاد وكأن الله أراد ذلك حتى يستطيع البابا أن يواجه عاصفه أخرى داخليه ( أى من شخص قبطى والمؤلم أنه راهب الذى يعتبر زاهدا فى حياه العالم وسلطانه) ويعلق كتاب تاريخ الأمه القبطيه ا0ب0تاتشر ج3 ص208عما حدث قائلا (أن عله الأقباط من قديم الزمن منهم فيهم 0 ودائهم صادر منهم)
بطرس وصنعه جابر:
حدث ان راهبا إسمه بطرس من قريه تسمى ديسمه ، طمع فى نوال رتبه الأسقفيه ، وإستهان بشريعه الله المعطاه لتلاميذه القديسين ، فألح على البابا ، ولكنه رفض طلبه لعدم إستحقاقه (كان هذا الراهب معتد بنفسه متكبرا ذو خيلاء متسلطه وكبرياء محب للرياسه والسلطه أنانيا ومتعجرفا سارقا ولصا وخادعا ومغرورا )، فأخذ يشيع الأقاويل على البابا ، فإستدعاه البابا ونصحه بأن يترك طريق الشر الذى يسير فيه لإن آخرته مره ، إلا أنه تمادى فى شره
فكتب خطابا الى البطريرك الأنطاكى مقلدا خط البابا مينا ووقعه بإمضاء مزيف للبابا 0 وذكر فيه أن الحروب والثورات والإضطهادات قد إستنذفت كل المال الموجود فى الخزانه الباباويه ، وطلب من البطريرك الأنطاكى أن يمد له يد المساعده 0 وذهب بالخطاب الى البطريرك الأنطاكى وإدعى أنه مبعوث من البابا بنيامين1 ، وإنخدع البطريرك الأنطاكى وسارع بجمع المال وأعطاه له ليمد يد المعونه لكنيسه الإسكندريه الشقيقه ، وزوده أيضا بتوصيات الى كبار وعظماء قومه الذين يعملون فى بلاط الخليفه ليجمع منهم بعض المال ، وإستعمل التوصيات والمال الذى حصل عليه كرشاوى لموظفى البلاط ليقدموه للخليفه ، وعندما مثل هذا المنافق امام الخليفه ووقع نظر الخليفه عليه تعجب وإندهش ، لإنه كأنما يرى إبنه الذى كان قد مات منذ عده شهور حيا مره أخرى أمامه ، ففرح به وأخذه الى زوجته الباكيه والنائحه لكى تتعزى ، ونال بطرس الراهب حظوه ومكانه عند الخليفه وزوجته مالم تكن فى الحسبان ، فعاش فى قصر الخلبفه عده شهور ، وسأله الخليفه فيما يتمناه أو ان له مطلبا كان السبب فى الحضور إليه ليمنحه إياه ، وكان كل أمنيه بطرس ان يصير أسقفا ، إلا أنه بعد صداقته للخليفه الملك الأرضى طلب أن يصير بابا الإسكندريه وبطريرك الكرازه المرقسيه ، فكتب الخليفه المنصور كتابا الى الوالى عبد الرحمن وكلفه بأن يجهز لبطرس ثيلبا فاخره ويكتب عليها بالخط العربى " بطرس بطريرك مصر " وألحقها بإسم الملك فغيرها بطرس بعد إسمه ب ( عبد الملك) وكأن الله أراد أن يفضح هذا الحقير بأنه يشتاق الملك الأرضى أكثر من السمائى ، وأنه عبد الخليفه الملك وليس عبد ملك الملوك ورب الأرباب
وصل بطرس الى مصر متوهبا أنه حصل على القياده الروحيه بعزل البابا مينا1 بكتاب الخليفه ، وأرسل الوالى يستدعى البابا الى دار الولايه ، وأحس البابا أن فى الامر شيئا فتوسل فى صلاه حاره أن يقف الله معه فى ما يطلبه منه الوالى ، وعندما دخل قاعه الإستقبال وجد بطرس الراهب هناك ، قال له الوالى: " قد تسلمت رساله من الخليفه يطلب منك الخضوع لمسيحى من أولادك0" وفهم مينا الأول البابا القبطى معنى هذه الكلمات فتفرس فى وجه بطرس وقال أن إنجيلنا يقول ( لا ينال هذه الكرامه أحد من تلقاء ذاته بل من دعاه الله كما دعا هارون) راجع الكتاب اليهودى الخروج28 وعبرانيين 5: 4 وقال أيضا سيدنا المسيح كل غرس لا يغرسه أبى السماوى يقلع ويلقى به فى النار راجع متى 15:13 فإن إغتصبت رتبه الكهنوت فسوف تنزع عنك وستنتهى فقيرا حقيرا ومصيرك سيكون الهاويه ) فأجابه بطرس: أننى أحمل كتاب الخليفه وما عليك إلا الخضوع وإلا فسوف يتصرف معك الخليفه0 " وأراد أن يذكر الوالى بواجبه فقال: " كيف يجرؤ هذا الأسقف على مخالفه أوامر الخليفه أمامك0" فذعر الوالى من هذا التهديد الخفى ونظر الى البابا القبطى فشعر البابا بتضارب الصراع الداخلى فى الوالى يطيع الخليفه ام يقف مع الحق ، وهنا قال البابا:" لا ينبغى أن يطاع الخليفه وأكون ضد الله " فسأل الوالى بطرس على الإجراءات الواجب إتباعها فى هذه الحاله فقال أن يرسل فى إستدعاء الأساقفه الى الفسطاط ويلزمهم بطاعته ويذهب الى الإسكندريه ليتسلم كنائسها ويعتقل البابا وتادرس أسقف مصر ، وفى يوم الأحد التالى كان الأساقفه وصلوا الى بابليون وإجتمعوا فى صلاه خاصه من أجل الكنيسه ، ولم ينتظر هذا المغرور حضور ألساقفه الى دار الولايه بل أنه ذهب الى الكنيسه حيث كانوا يصلون ومعه جنود الوالى ، وتقدم أمامهم وصعد الى الهيكل لابسا رداء الملك ليقول صلاه الشكر كالبطريرك ، متزينا بالقلنسوه المكتوب عليها إسم الملك على رأسه ، ولما شاهد الأباء الأساقفه إستهانته بمقدسات الله ، أسرع مينا أسقف صنبو وأنبا موسى أسقف أوسيم وأمسكا بالقلنسوه ورميا به من الهيكل وقال له الأساقفه: " لا تقف أمام الهيكل لئلا تنجسه بأعمالك ، فأمر الجنود بالقبض عليهم ووضع فى رقابهم وأرجلهم السلاسل الحديديه ووضعهم فى السجن0 وأنتظر البابا ورفقاؤه الموت بين لحظه وأخرى ، وطلب بطرس من الوالى أن يأتى بهم من السجن ، قال بطرس: " إحضر لى أوانى الذهب والفضه لتحمل الى الخليفه فقال البابا: " إن الكنيسه من توالى الإضطهادات والطمع والجشع فقدت ما عندها من المعادن الثمينه "
وهنا قال له بطرس أنا أعرف أنك تملك كتاب صنعه جابر يمكنك أن تصنع به ذهبا وفضه ( أطلق عليها فى العصور الوسطى صنعه جابر ويسميه بعض الأغبياء الإسطرلاب وكان العامه والجهلاء يعتقدون بإمكانيه تحويل المعادن الرخيصه مثل الحديد والنحاس وغيرها الى معادن ثمينه مثل الفضه والذهب وقد قرأت كتابا كان يمتلكه أحد الأصدقاء مخطوط باليد غلافه من جلود الحيوانات لا يخرج عن خلط المعادن ببعضها البعض لعمل سبائك ، وأذكر أيضا أن أحد العلماء الفرنسيين فى العصور الوسطى قال أن هذه الصنعه ليست إلا صناعه سبائك ، وأضفى مؤلفى هذه الكتب شيئا من الخرافات وبعض الجداول الحسابيه وفى النهايه أضفوا عليه الطابع الدينى قائلين بتغير الحديد والنحاس بقوة أم الخلاص0)فقال البابا له: "إنه ليست لى معرفه عن هذه الكتب0" فغضب بطرس وأمر أن يشتغل الخليفه ومن معه فى طلى المراكب بالزفت فأستمر البابا فى هذا العمل لمده سنه ووجوههم إحترقت من الشمس ، حتى كان البعض يحزن عليهم والبعض يبكى من مشاهدتهم هكذا ، أما بطرس فكان يطالبهم بتسليم ألأوانى حتى يرضى الخليفه ، ولكن البابا قال له إذهب الى كنائس الإسكندريه ستجد ان كل أوانيها من الزجاج والخشب0 فساء ما عمله بطرس والوالى يزيد بن حاتم ببطريركهم ،
فعصى جماعه منهم فى الوجه البحرى وطردوا المستخدمين وجباة الجزيه المسلميين من بلادهم وصاروا يديرون بلادهم بأنفسهم ، وقال المقريزى فأرسل والى مصر جيشا قويا ليحاربهم ويخضعهم ، ولكن الأقباط أحاطوا بهم وقتلوا العديد من جنود حيشه فلم ينج منهم أحد ، ومن المعروف أن المصرى لم يطمع فى أكثر أن يتركه حكامه يعبد إلهه بدون تدخل ولكن هؤلاء بالرغم من أن فتره إحتلاهم للبلاد طويله إلا أنهم لم يستطيعوا ان يفهموا وأظن انه ليست لهم القدره على الفهم لإداره البلاد بدون تعصب أو إضطهاد أو قتل أو تعذيب ، وجهز الوالى جيشا آخرحاصر الثواروبالطبع كانوا جنود متمرنين على القتال ووعد الوالى جنوده بالسلب والنهب والسرقه وأنهم يحاربون الكفار وأنهم إذا إستشهدوا سيدخلون الجنه التى أنهارها خمر ولبن وماء وعسل وسينكحون ما طاب لهم من النساء والصبيان 0 أى ان لهم النصر فى الدنيا والآخره ، وفى أثناء حصارهم أكل الثوار جثث موتاهم لشده الجوع كما ذكر المقريزى ، وأهدمت جميع كنائس الفسطاط ما عدا كنيسه الأنبا شنوده ، وقدم الأقباط للوالى خمسين ألف دينار لكى يتجاوز عن كنيسه كلنت قائمه لهم فى حصن قسطنطين ، وان لا يدمرها ولكن الوالى الغشيم هدم الكنيسه ولم يترك فيها حجرا على حجر 0 وعين الخليفه عبد الله بن عبد الرحمن بن معاويه واليا على مصر وعندما حضر الوالى الجديد وعرف ما حدث من بطرس فأراد تهدئه الموقف ، فهدده بطرس قائلا: " أتريد أن أطيع البطريرك وأخالف الخليفه0" فخشى الوالى أن ينم بطرس فيه لدى الخليفه فقبض عليه وكبل يديه ورجليه بالسلاسل وطرحه فى مكان ضيق وأفرج عن البابا ومن معه فذهبوا إلى الإسكندريه وإستقبلهم الأقباط بفرح عظيم ، أما بطرس فقضى ثلاث سنين فى السجن ، وتغير الوالى الذى كان يمقته وعين بدلا منه أخوه محمد الذى لم يمكث سوى شهور قلائل ومات وعين بعده والى إسمه موسى بن على سنه 772 وفتح ولايته بفحص أوراق المسجونين والتهم الموجهه إليهم ومعرفه جرائمهم ولما عرض عليه بطرس وجد أنه ليس عليه أى تهمه ، فأطلق سراحه وأرسله الى الخليفه ليرفع دعواه إليه فذهب الى المنصور فأكرم وفادته وأعلن إسلامه وغير إسمه من بطرس الى أبو الخير وطلب من الخليفه أن يعطيه قوة كبيره لينتقم من البطريرك مينا والأقباط ، وسمع الأقباط برجوع الخائن فإستعدوا للثوره ولكن قبل وصول الجيش الذى يقوده أبو الخير مات الخليفه ، وتركه الجيش وبهذا أصبح من بيده السلطان بدون سلطان ، ومضى بطرس أبو الخير الى بلدته فأبى معارفه وأقرباؤه الإختلاط به فذهب الى البابا والأساقفه الذى كان يسعى فى هلاكهم وطلب منهم أن يقبلوا توبته ولكن طلبه رفض رفضا باتا لإنهم لم يثقوا فى توبته ، وكانت حالته فريده من نوعها لإن الكنيسه القبطيه إشتهرت بقبول كل تائب ونادم إليها 0 وظل مرزولا الى أن مات0
وتنيح البابا مينا 1 البطريرك رقم 47 فى آخر يوم من طوبه سنه 478ش 776م وأمضى 8 سنين على كرسى مرقس رسول المسيح
رجال الله يصنعون العجائب
الفتره بين 451م
مقدمه: فى 54 سنه تولى مصر 45 واليا كلن أولهم إبن عم السفاح ، ولم يأمن الخلفاء العباسيين بأن يولوا واليا واحدا على أى ولايه لمده طويله حتى لا يستقل بالحكم او يتمرد عليهم ولنأخذ مثلا الخليفه هارون الرشيد وقد تولى السلطه لمده 23 سنه وعين فى مصر 24 واليا وهذه الخطه نجحت فى إستمرار إحتفاظهم بالحكم مده طويله ، إلا أنها من وجهه نظر أخرى أضرت هذه السياسه، بالمصريين الأقباط ، وبمصر ، وبإقتصاد البلاد0 كما أدى تغيير الولاه الى قيام شعوب الولايات بالعديد من الفتن ، وما كان من المسلميين إلا أن يعلنوا غضبهم وسخطهم على هذه التغيرات حتى ينضم إليهم الأقباط ( راجع تاريخ مصر فى الصور الوسطى إستانلى لابون بوول ، وقصه الكنيسه القبطيه ج2 ص407)
صلوات الأقباط ترفع مستوى منسوب نهر النيل:
بلغ إرتفاع مستوى منسوب مياه نهر النيل أقل من 14 ذراعا ، والمفروض ألا يقل عن 16 ذراعا حتى يروى الأراضى والناس ، وإلا فسيكون هناك قحط وجوع وعطش وحدث أن الأساقفه الأقباط إجتمعوا فى عيد الصليب فى بابليون 0 وكانوا يجتمعون مرتين فى السنه ، وقد ذكر يوحنا شماس البابا خائيل ماحدث ( راجع ك0 تاريخ الأمه القبطيه ا0ب0تاتشر ص203) فى 17توت-26سبتمبر وهو عيد الصليب المجيد
إجتمع قسوس الجيزه وبعض إكليروس البلاد النائيه وجمهور من سكان الفسطاط كبارا وصغارا ونساء ورجالا ، وساروا فى احتفال كبير وبأيديهم الأناجيل المقدسه والمجامر ويطلقون البخور ويرنمون وينشدون الألحان ، ودخل الجمع كنيسه القديس بطرس الكبرى التى كانت أساساتها على شاطئ النيل ، فلم تسعهم الكنيسه على إتساعها فظل أكثر الشعب وقوفا خارجها 0 وبعد فتره جاء البابا ورفع الصليب بيمينه وبجانبه مينا أسقف ممفيس ( الجيزه ) ممسكا الإنجيل 0 وسار أمامنا وفى يد كل منا صليب الى ان وصلنا إلى شاطئ النهر 0 فوقفنا هناك وكان ذلك قبيل طلوع الشمس 0
وبدأ البابا ومينا الأسقف بالصلاه والتسبيح والشعب يردون ورائهم فى الفضاء قائلا: " كيريالايسون" ( اى بمعنى يارب إرحم ) وإستمرت الصلاه والتراتيل لغايه الساعه الثالثه من النهار 0وإستيقظ المسلمون واليهود من نومهم وسمعونا نبارك أسم الله وأصوات الإبتهالات والتضرع لرحمته 0 وإجتمعوا ليروا ، وقد سمع الله لصراخنا وأجاب طلبنا وأرتفع النيل فى ذلك اليوم ذراعا واحدافمجد الناس وشكروا نعمته ،
وعندما سمع الوالى المسلم أخذه العجب والإندهاش واستولاه الخوف والرعب هو وجميع جنوده ) وإغتاظ الوالى وساءه أن تتم هذه الأعجوبه على يد الأقباط وصلواتهم وتقربهم من الله ، فأمر المسلميين أن يذهبوا فى صباح اليوم التالى فى نفس المكان الذى صلى فيه الأقباط ، لعلهم يزيدون مياه النيل ذراعا واحدا ، وذلم بواسطه ركوعهم وقيامهم على شاطئ النيل ، فلما صلى المسلمون وركعوا وقاموا فعكس الله الأمر معهم ، فنقصت مياه النيل ذراعا واحدا بدلا من أن تزيد ذراعا كما كانوا يأملون ، وكان هناك مقياسا للنيل فى الروضه لمعرفه إرتفاع منسوبه ، فغضب الوالى وأصدر أمرا بألا يصلى أحدا بعد ذلك ، فبقى النهر على حاله ، إلا أن ه رأى الخطر يتهدد البلاد وطلب منه المصريون جميعا لأن يترك البابا القبطى يصلى ،
فطلب الوالى من الأقباط ان يصلى ثانيه ، فحضر البابا والأساقفه ، وإحتفلوا بعمل صلاه القداس الإلهى وإستمروا الى الساعه السادسه من النهار ولما ألقوا مياه غسل الأوانى المقدسه فى النهر ، حلت فجأه على مياهه حركه غير عاديه وزياده فى مياه النيل 00وأذ يرتفع بين تهليل المسيحيين وتسبيحهم ، إلى أن وصل منسوبه الى 17 ذراعا ،
أحب أبو العون الوالى الأقباط وعمل الخير فى كنائسهم وإستراح الأقباط من مر العذاب والإضطهاد مده 4 سنين0
وفى هذه الفتره إفتقد البابا خائيل شعبه فطاف فى البلاد وذهب الى القرى والمدن ليرى شعبه فكان يمر بينهم مصليا وشافيا ، يرد الضال وينصح الرعيه ويعظهم وأثناء تجواله عثر على طائفه من أتباع المنشقيين المسيحين كان يعتقد أنها إختفت من البلاد ، وكانت تتبع هرطقه ميليتوس ، ويقدر عدد رجالها 300 رجل إعتكفوا وإختفوا فى الكهوف ومغاير الأرض ، وكانوا منزويين فى واحه من واحات القطر المصرى ولا يعلم عنهم احد ، بالرغم من إنتهاء هذه الهرطقه ، ولما علم بوجودهم قابلهم بمحبته المعهوده وبشاشه وجهه وضمهم الى أحضان كنيسه الله
خلاف بين الإخوه:
توفى بطريرك الكنيسه الأنطاكيه أثناسيوس ثم خلفه يوحنا الذى مكث 3 سنين وتوفى ، وظل الكرسى الأنطاكى شاغرا ، وحدث أن إمرأه الخليفه المنصور أبى جعفر كانت عاقرا فسمعت عن تقوى إسحق أسقف حاران ألأنطاكى وأعماله العجائبيه 0 فإستدعته فحضر لديها وصلى لإجلها فرزقت ولدا ، فسألته أن يطلب شيئا ، فسأل إسحق الخليفه أن يأمر بتعينه بطريركا 0 ولكن النظام الكنسى فى الكنيسه الأنطاكيه يحتم الإنتخاب بدون تدخل السلطه المدنيه ، فأمرهم الخليفه بإنتخاب إسحق بطريركا، ولم يكن السبب السابق هو المانع الوحيد ، بل أنه لا يجب أن يكون أسقفا يتولى رعايه أبروشيه وشعبا ، فنقل أساقفه معينين على أماكن بها كنائس ( أبروشيه) غير جائز فى الكنائس الشرقيه ، فإستعمل إسحق التهديد وسلطه الخليفه والمال للضغط على الأسلقفه فأوقع الرعب فى الأساقفه ، إلا أن أسقفين لم يوافقا عليه وقاوماه ، فأضمر لهما الشر وقتلهما بدس السم ، وأزاحهما من طريقه لمنصب البطريركيه ، وتم له ما تمنى وجلس على كرسىالبطريركيه ،
وكعاده بطاركه أنطاكيه أرسل كتابا الى البابا خائيل يعرفه بخبر نواله الرتبه ، ويسأله فى إعتباره شريكا معه فى الخدمه الرسوليه ، وهذا بالتالى يؤدى الى ذكر إسمه فى الصلوات التى تتليها الكنيسه القبطيه وأرسل هذا الكتاب مع مطران دمشق ومطران حمص وكاتبين كان أحدهما شماسا والآخر قسيسا ، كما انه كلف الخليفه بأن يكتب خطابا الى والى مصر أن يتمم الأوامر الصادره برغبه أسحق من البابا المصرى ، وإن لم يصادق خائيل على تعيين إسحق بطريركا فلا بد من القبض عليه وإرساله الى الخليفه ليتولى أمر معاقبته0
إطلع البابا على الكتاب ولم يقرر رأيا قبل مشوره الأساقفه فعقد مجمعا إستمروا يتناقشون حول هذا الموضوع لمده شهر ، وكانوا بين رأيين أحلاهم مرا ، إما أن يرفضوا طلب الخليفه وأن تقع الأمه تحت طائله الإضطهاد وينتهى الأمر بتعذيب البطريرك وموته كعاده الحكم الإسلامى ، أو أنهم يوافقوا على تعيين بطريركا إغتصب الرتبه فى كنيسه أخرى بدون وجه حق ، كما انه قتل مطرانين ،
وجاء القرار القبطى على لسان البابا عندما قال: " لا سيف ولا نار ولا حيوانات ضاريه ولا نفى ولا تعذيب تستطيع ان تضرنى الى التصديق على أمر يخالف ضميرى ومبدأ دينى ومعتقدى0 " فالبطريرك المصرى لا يستطيع ان يكون فى شركه مع بطريرك أخذ الرتبه بقوه السلطان0 وبناء على رفض البطريرك المصرى للتصديق ، طلب رسل البطريرك الأنطاكى من والى مصر أن يسلمهم البطريرك القبطى مقبوضا عليه تبعا لأمر الخليفه ، وكان الوالى يميل الى البطريرك القبطى فحاول ان يؤخر القبض عليه بإقناع الأنطاكيين بإعطائه فرصه لتغيير رأيه ،
وبعد مفاوضات بائت بالفشل ، لم يغير البابا المصرى رأيه لأنه لإتخذ قرارا لصالح كنيسه الله ، وسمع موسى أسقف اوسيم بذلك فأعلن رغبته فى مرافقه رئيسه بابا الأقباط الى آخر العالم وحتى الى القبر وكذلك يوحنا الشماس كاتب هذه السيره ، وعندما إستعدا الأبطال الثلاثه للسفر ، وردت أنباء بموت إسحق ، وحل الله المشكله الأخويه لصالح العلاقه بين الكنيستين ، فلم يكن هناك حاجه لسفر خائيل ورفيقيه ، كما ان الوالى أيضا منعهما من السفر وقلبه مملوء من الفرح والسرور
وبنى أبو عون الوالى حيا جديدا فى مدينه الفسطاط عرفت بإسم الحمراء القصوى ثم عرفت بعد ذلك بإسم العسكر ، وكلنت مكانا لسكن الوزراء ، والحرس الخاص له ، وكانت متصله بضواحى الفسطاط ( تاريخ مصر فى العصور الوسطى لستانلى لابن بوول ص30-31) *** ويقال أن البابا خائيل أراد حمايه الكنيسه بعد هذه الحادثه ووضع قانونا منع فيه إنتخاب البطريرك من أستقفه الأبروشيات ، وعاش البابا خائيل بعد هذه الحادثه 11 سنه ، والوالى الذى تولى مصر بعد ذلك هو يزيد بن حاتم وهو الذى نقل الدواوين الخاصه بالجزيه الى قصر الشمع بحصن بابليون المعروف بقصر الشمع ، وخدم البابا خائيل كنيسه الله بأرض مصر 23 سنه 6 أشهر 17 يوما وأنتقل فى 16 برمهات سنه 758 م ( طبقا لما ورد فى مخطوطه محفوظه فى مكتبه دير الأنبا مكارى الكبير)
الإضطهاد الدينى للأقباط فى عصر هذا البطريرك - وثورة القبط
قال المقريزى فى كتاب القول الإبريزى للعلامة المقريزى : " سنة 758 ميلاديه ثم لما مات ميخائيل قدم اليعاقبه فى سنة ست واربعين ومائه انبا مينا فاقام سبع سنيين ومات .
وفى ايامه خرج القبط بناحية سخا واخرجوا العمال فى سنة خمسين ومائه وصاروا فى جمع فبعث اليهم يزيد بن حاتم بن قبيصه امير مصر عسكرا فاتاهم القبط ليلا وقتلوا عده من المسلميين وهزموا باقيهم فاشتد البلاء على النصارى واحتاجوا الى اكل الجيف !!!!!!وهدمت الكنائس المحدثه فى مصر فهدمت الكنائس المحدثه فى مصر فهدمت كنيسة مريم المجاوره لابى شنوده بمصر وهدمت كنائس محارس قسطنطين فبذل النصارى لسليمان بن على امير مصر فى تركها خمسين الف دينار فأبى فلما ولى بعده موسى بن عيسى اذن لهم فى بنائها فبنيت كلها بمشورة الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعه قاضى مصر واحتجا بان بناءها من عمارة البلاد