منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 07 - 2014, 03:31 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

موجز عن حياة القديس ديديموس

كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
ولد بالإسكندرية وأصيب بمرض في عينيه وهو في الرابعة من عمره ففقد بصره. ولكن رغبته الشديدة غي العلم ذللت أمامه كل عقبة فلم يمنعه فقد البصر ولا الفقر من تعلم الحروف الأبجدية على لوح محفور. وهكذا تعلم النحو والمعاني والبيان والفلسفة والمنطق والرياضة والموسيقى، وكان متمكنًا من هذه العلوم وفاق أترابه ونظرائه.
وكان صديقًا حميمًا للقديس انطونيوس. وذات يوم إذ هما يتحدثان عن الكتب المقدسة سأله القديس: لعلك لا تحزن على كونك كفيف البصر، فقال له ديديموس: إن ذلك ليحزنني جدًا. فقال القديس: "إني أعجب لحزنك على فقد ما تشترك فيه معك الحيوانات.. ولا تفرح متعزيًا بأن الله وهبك نظرًا آخر لا يهبه تقديس اسمه إلا لمحبيه، فأعطاك عينين كأعين الملائكة تبصر بها الروحيات، بل بواسطتهما أدركت الإله نفسه وسطع نوره أمامك فأزاح دياجير الظلام عن عيني قلبك فاستنرت، فصار ديديموس بهذا القول متعزيًا طول حياته.
عينه البابا أثناسيوس الرسولي مديرًا للمدرسة اللاهوتية بالإسكندرية سنة 340 م. فكان علمًا باهرًا قويًا عن الإيمان القويم. فتقاطر طلاب العم إليه من كل مكان وتتلمذ له روفينوس وإيرونيموس، ولما كان كثيرون من ذوي البصر يتلقون العلم عن ذلك الضرير لقب حينئذ بالأعمى البصير.
وهذه المدرسة اللاهوتية التي صار مديرًا لها أمتد فضلها إلى كل الأصقاع وانتشر نورها في كل مكان، وتخرج منها كثيرون من باباوات الإسكندرية. ومما يدل على عظم شأنها أن منصب مديرها كان يلي المنصب البطريركي في الرتبة وقد انتخب أكثر البطاركة القدماء من رؤسائها.
ولما تقدمت به السن كان حزنه على المسيحيين الذين وقعوا تحت اضطهاد يوليانوس الجاحد عميقًا،فصرف يومًا كاملًا في الصلاة والصوم يبتهل إلى الله أن يرفع البلاء عن شعبه إلى أن أضناه التعب فنام. وفي أثناء نومه سمع صوتًا من العلاء يقول: "قم وقل لأثناسيوس أن القيصر قد مات". فكتب تاريخ اليوم والساعة التي سمع فيها هذا الصوت فوافق بالتمام الوقت الذي قتل فيه يوليانوس.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
قال سقراط المؤرخ:
أن ديديموس كان يعتبره الناس حصنًا حصينًا وسندًا قويًا للديانة المسيحية قبل أن يتولى رئاسة المدرسة اللاهوتية، وكان يعد خصمًا عنيدًا كسر شوكة اتباع اريوس وأذلهم في مناظرته لهم، وله مصنفات عديدة.
وقد وضع تفسيرًا للمزامير ولإنجيل متى ويوحنا وكتابًا في عقائد الدين وكتابين دحض فيهما ضلال الأريوسيين وكتابًا في الروح القدس ترجمه إيرونيموس إلى اللاتينية وعشرة كتب في تفسير نبوة أشعياء وثمانية في نبوة هوشع وبعت إلى إيرونيموس بثلاثة كتب في تفسير آيات من الأسفار المقدسة، وكتب خمسة كتب في نبوة زكريا وفسر سفرا ايوب وغير ذلك.
وإيرونيموس تلميذه الذي عدد مؤلفاته كتب عنه في سنة 392م يقول عنه: "وهو حي إلى الآن وقد جاوز الثالثة والثمانين من عمره". وتوفى ديديموس سنة 396 م.(1).
_____
الحواشي والمراجع:
(1) تاريخ الكنيسة لمنسى يوحنا.
رد مع اقتباس
قديم 14 - 07 - 2014, 03:31 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

مقدمة



كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
سجل لنا راحلنا العظيم الشماس يوسف حبيب ترجمة لشرح أحد أسفار الكتاب المقدس بواسطة مدير مدرسة الإسكندرية القديس ديديموس الضرير.. وإن كان هذا هو آخر ما قدمه لنا على الأرض، لكن تبقى حياته الغنية بالفكر الإنجيلي الآبائي وسلوكه الأبوي والأخوي بيننا جميعًا وكتاباته وترجماته الخاصة بسير الآباء وكتاباتهم كنزًا لا ينضب. إننا مدينون له بالكثير، فقد عاش مملوء حبًا واتضاعًا، قدم لنا الحياة الإنجيلية الآبائية الكنسية في لطفه وهدوء وحبه، بذل كل ما يملك من أجل الكنيسة وإنجيلها وآبائها، مقدمًا الفلس الأخير بفرح حقيقي ليترك لنا تراثًا غنيًا يسند الأجيال القادمة.
وإننا في نهاية عام انقضى على رحيله بالجسد عنا نشعر بالدين الكبير نحوه في المسيح يسوع ربنا الذي يكلله بشركة الأمجاد الإلهية ويحسبه مع مصاف القديسين الذي أحبهم وأحب حياتهم الغنية وعاش كواحد منهم، صديقًا لهم.

القمص تادرس يعقوب ملطي
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 07 - 2014, 03:33 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

ترجمة النصوص، عرض وتحليل


ترجمة النصوصعن
SOURCES CHRETIENNES
DIDYME L’AVEUGLE
SUR ZACHARIE
Texte inédit d’aprés un papyrus de Toura
Introduction, texte critique, traduction et notes de Louis Doutrclean S. J. du secretariat des “SOURCES CHRETIENNES”
TOME I

كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
ولد ديديموس في الإسكندرية وعاش فيها أو في ضواحيها طوال حياته من سنة 313 م. حتى سنة 398 م.(1). فقد ولد عندما انتهت إضطهادات دقلديانوس في مصر. وفقد بصره في طفولته عندما كان عمره حوالي خمس سنوات. ونتساءل: كيف توصل إلى التعلم منذ ذلك الحين.
كان موهوبًا بالانتباه إلى الأمور الروحية يتذكرها ويتذوقها، وظهرت عليه علامات ذلك منذ نعومة أظفاره، كما أنه كان يعيش في وسط ثقافي منظم اجتمعت فيه الظروف الملائمة لنموه العقلي كضرير.
وكان عمره اثنتا عشر سنة وقت مجمع نيقية الذي حرم أريوس. وعندما تولى القديس أثناسيوس عرش بطريركية الإسكندرية كان ديديموس لا يزال عمره خمس عشرة سنة. وعندما نفي القديس أثناسيوس لأول مرة كان ديديموس قد بلغ الثالثة والعشرين. وفي هذا لاسن يستطيع الإنسان أن يحدد موقفه، فجعل القديس من معركة أثناسيوس معركته الخاصة، فكانت الضربات التي تصيب البطريرك تصيبه هو أيضًا، مع انه كان يعيش منعزلًا عند مداخل الإسكندرية مع المتوحدين العديدين الذين تفرقوا هناك بالآلاف. وقد زاره "بالاديوس" Palladius في العشر سنوات الأخيرة من القرن الرابع.
ان حياة الرهبنة لا تمنع الاستزادة من العلم. ولا يعرف كيف صار ديديموس سريعًا أستاذًا ومعلمًا،إلا أن ذلك على أي حال كان بموافقة القديس أثناسيوس الرسولي ويفضل نصائحه له. فقد جمع ديديموس في ذاكرته كل المعارف التي كانت متداولة في عصره. وكانت ذاكرته لا تخونه أبدًا.
ولم يفتأ الناس يتهافتون على حضور محاضراته انه حتى نهاية القرن الرابع. ومن أشهر تلاميذه "روفان" Rufin d’Aquilée (القديس روفينوس)، و"ميلانيه" Mélanie l’Aneienne والقديس "جيروم" St. Jérome (القديس إيرونيموس).
أما عن حياة ديديموس الضرير فأننا لا نعرف إلا القليل عنها، أين مكان تعليمه؟ هل هو قلاية مع ملحقاتها أم في مكان عام في المدينة؟ ولا بد لنا من صرف النظر عن معرفة من الذي كان يصرف على صيانة مكتبته ومكتبه، ومن الذي كان يخدمه في القراءة، ومن الذي كان يحرسه ويقوده خارج مسكنه
تنيح القديس أثناسيوس سنة 373 وخلفه الأنبا بطرس الثاني (373-380) وكان الأريوسيون يدبرون المؤامرات الكثيرة ويزيدون أعمال العنف. فلم تكن فترة هدوء بالنسبة لديديموس.
وبالإضافة إلى هرطقة أريوس ظهرت هرطقة مقدونيوس أيضًا. فصار ديديموس الذي كان خصمًا للأريوسيين مع القديس أثناسيوس، خصمًا للمقدونيين أيضًا، وكتب مؤلفه عن الروح القدس.
ولكن الهدوء عاد إلى الكنيسة بعد مجمع القسطنطينية سنة 281 فعاش منذ ذلك الحين ديديموس عيشة هادئة في عزلته منصرفًا إلى عمله المفضل وهو تفسير الكتاب المقدس. فكان يعمل طالما وجدت لديه القوة للعمل.ورقد في الرب بعد خمس وثمانين سنة قضاها في الجهاد والأمانة المسيحية.
_____
الحواشي والمراجع:
(1) هذه التواريخ محسوبة حسب أقوال "بالاديوس" PALLADIUS Bistoire Lsusiaque.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 07 - 2014, 03:37 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

مؤلفات القديس ديديموس الضرير


من المتفق عليه أن مؤلفات ديديموس تنقسم إلى مجموعتين:
المؤلفات العقائدية والمؤلفات التفسيرية، مع تفسيره الروحي.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
أولًا: المؤلفات العقائدية للقديس ديدموس الضرير

1- عن العقائد
2- ضد الأريوسيين

كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
3- ضد أونوميوس
4- ضد المنيكيين
5- عن الثالوث الأقدس
6- عن الابن
7- عن الروح القدس
8- عن الإيمان
9- عن الروح
10- عن الفضائل
11- عن غير المتجسدين
12- إلى الفيلسوف
13- عن موت الأطفال الصغار
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
ثانيًا الأعمال التفسيرية للقديس ديدموس الضرير

فسر ديديموس أسفار الكتاب المقدس الآتية:
التكوين - الخروج - اللاويين - أيوب - المزامير - الأمثال - الجامعة - نشيد الأنشاد - أشعياء - أرميا - دانيال - هوشع - زكريا - القديس متى - القديس لوقا - القديس يوحنا - أعمال الرسل - رومية - كورنثوس الأولى - كورنثوس الثانية - غلاطية - أفسس - العبرانيين - رؤيا.
وربما تكون هذه القائمة ناقصة، إلا أنها هائلة، بالأخص لو تذكرنا أن معظم هذه المؤلفات ليست مجرد كتيبات صغيرة، بل مؤلفات ضخمة.
وقد وصل إلينا القليل من هذه المؤلفات، وربما يرجع ذلك إلى المنازعات التي حدثت بعد نياحة القديس.
اكتشاف طره: وفي طره أثناء الحرب العالمية الثانية في شهر أغسطس سنة 1941 بينما كان بعض العمال المصريين يقومون بأعمال الحفر بمغارة في جبل طره، عثروا على كوم من أوراق البردي تحتوي على مؤلفات كثيرة لديديموس. لم يكن العمال بالطبع يعرفون شيئًا عنها، فتفرقت هذه المخطوطات.
كان هناك أكثر من 150 دفترًا أي حوالي 2500 صفحة. وقد أودعت أغلب أوراق البردي في المتحف المصري بالقاهرة. والباقي عند أشخاص من هواة جمع المستندات.
وقد أذيع نبأ هذا الاكتشاف الهام في أنحاء العالم في أغسطس 1946، إذ ظهرت إلى النور بعد خمسة عشر قرنًا من الزمان مجموعة من المخطوطات تعد أكبر من كل ما وصل إلينا في أثناء الخمسة عشر قرنًا الماضية،وجاري الآن فحص ودراسة هذه المخطوطات وبخلاق كتاب "تفسير سفر زكريا النبي" الذي ظهر، فقد وجد أيضًا تفسير سفر التكوين وتفسير سفر أيوب.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
التفسير الروحي للقديس ديدموس الضرير

يرى ديديموس أن التفسير الحقيقي للكتاب المقدس يكون تفسيرًا روحيًا، وكذلك كان يرى اوريجانوس، وهذا يتفق أيضًا مع تقليد جامعة الإسكندرية اللاهوتية القديمة، ومع كل الكنيسة. فكل شيء عند ديديموس غايته النظرة الروحية. ويتضح ذلك جليًا لدى قراءة تفسيره لآيات الكتاب المقدس.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 07 - 2014, 03:39 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

معنى النور

كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
بعض الرموز التي يراها ديديموس في الأقوال الإلهية، أو المعاني التي تتعلق بتلك الرموز تتكرر مرات كثيرة في مؤلفاته، وهي لذلك موضع تفضيله وتبين لنا مشاعره العميقة وتعبر عن كون تفكيره. والموضوع الذي يعاود ذكره أكثر المرات في كتاباته هو موضوع النور. أن حنين عقله الباطن كما لاحظه القدماء وأودعوه في هذه القصة:
ذات يوم عول القديس الأنبا انطونيوس أن يبدى له ديديموس على الأقل تعبيرًا عن أسفه على ضياع بصره، إن لم يكن شكوى منه. فلما قال ما أراد قال له بحزم: "ولماذا تشكو؟ هل لنبصر كما يبصر النمل؟ أن لك أفضل من ذلك: عندك أنوار الروح".
يتكلم ديديموس عن الأبرار فيقول أن حالتهم نورانية، وعن الإنسان الداخلي فيقول أن وجهه نوراني، وعن الإيمان الأرثوذكسي أنه متألق، وعن الروح الذي يعيش في النور، وعن تعليم الثالوث الأقدس النوراني، وعن محبة الله النورانية.
ويذكر أقوال الكتاب المقدس عن إشراق الرب على الناس.
وعن الأبرار الذين يضيئون كالشمس، وعن أورشليم المتألقة التي ليس فيها ظل، وعن نور الرب الأبدي، ويروي معجزة المولود أعمى التي ترمز إلى استنارة الإيمان، قصاص "اليماس" الذي صار أعمى حتى يستطيع أن يتأمل فيما بعد في شمس البر بطريقة أفضل. ويذكر أن العميان لهم نصيب في الحكمة التي تنيرهم، وأن الأشرار يفقدون البصر قصاصًا لهم، ويتكلم بشاعرية في وصفه الموكب النوراني الذي للعذارى الحكيمات اللواتي أصبحن كلهن نورًا بنصيبهن في الله النور الحقيقي.
وينبه عمل الرب في التعليم بضوء المصباح، ويعبر عن المعرفة بعبارات النور،وكذلك الطهارة، بينما تكون الخطية ظلمة والشيطان أسود. وتعدد العبارات التي تظهر فيها فكرة النور، وفكرة الظل والظلمة. وكتاج لهذا نجد أن آخر كلمة في تفسير السفر تذكر أيضًا النور، شمس البر الذي يتألق في بيت الله الأبدي.
وفي ذكره موضوع النور مغزى، فقد رضي بالعمى، وأقام بلا ندم في النور الروحاني، وأن حنينه، أو بالحري رجاءه، ليترجم في هذا الذكر الدائم وما هو إلا مناجاة للنور الحقيقي الذي سوف يضيء عليه في ذلك اليوم.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 07 - 2014, 03:42 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

الفرح الروحي

وموضوع الفرح أيضًا يتكرر ذكره مرات عديدة، وهو مكمل للموضوع الأول، كما أنه مرتبط بموضوع السلام وسماحة الروح وكذلك وفرة الخيرات الروحية. وهذه أيضًا تعبير لكنوز السلام والفرح التي في نفس ديديموس، مثلما كان النور رغبته الدفينة. أما صدى هذا الفرح في تفسيره فهو التهليل الروحاني مع كل ما يقترن به في الكتاب المقدس، مثل الموسيقى، والتراتيل، والمدائح والأعياد.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
ولا يذكر ديديموس إطلاقا فرحًا دنيويًا. أن أسباب فرحة لم تكن إلا في الرب. الفرح بأن يكون مشابهًا لصورة ابن الله، الفرح بالتأمل في أسرار الملكوت، الفرح بالترنم بالرب، الفرح بحضور الخلاص، يقول:
هذا الفرح يعيه الرب، قال عنه إشعياء النبي: "فرحًا أفرح بالرب - تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص، كساني رداء البر مثل عريس يتزين بعمامة ومثل عروس تتزين بحليها" أش 61: 10.
أنه ثمرة الروح القدس مثل السلام والمحبة: "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف" غل5: 22-23.
والتعبير عن هذا الفرح إنما يكون بهذه الغبطة المعتدلة التي تبهج الذين شربوا من كأس الرب.
ويلزم إشراك الآخرين في هذا الفرح. والمفهوم أنه مرتبط بالنمو الروحي، ويعطي السلوك الحسن الحق فيه أن هذا الفرح هو الوجه الآخر من المكافأة، هو نهاية الحزن. نزرع بالدموع، ونحصد بالفرح، توجد ملائكة تحفظنا من الشعور بالحزن في الحياة، وقد ذهب المخلص نفسه في ليلة قبره ليحمل الفرح لأرواح الذين كانوا في الجحيم. أن هذا الفرح هو للبشرية جمعاء، لأن الشعوب مدعوة للفرح بأن الرب صار رجاءهم.
أن الأعياد تعبر عن هذا الفرح، باحتفالاتها وحرارتها الروحانية تعبر عنه، وبدونها لا يوجد في أورشليم سوى الحزن وإنما يكتمل الفرح في هذا العالم بالسعادة الإلهية في أورشليم السمائية حيث يحتفلون الاحتفالات الكاملة في الأعالي في بيت الله حيث يحصد في شكل حزم كاملة وسنابل مليئة ما سبق أن أزهر في الربيع.
أن كنز الروح في النور والفرح والخصب. وهذا يبين أنه جعل قلبه ورجاءه فيها، وسما بالعلاقات الطبيعية التي بين الآباء وأبنائهم وبين الرجال والنساء وبين الأجيال إلى مرتبة المبادئ الروحية البحتة.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 07 - 2014, 04:00 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي

قياس أورشليم
الملاك والغلام
الأشجار المخصبة
سكان أورشليم الإلهية
الرب سور أورشليم
الهروب من الشمال
المعنى الرمزي للأربع الرياح
خيرات خلاصية تتبع سكن الله في وسط المدينة المتألقة
ختام
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
فرفعت عيني ونظرت وإذا رجل وبيده حبل قياس، فقلت إلى أين أنت ذاهب. فقال لي لأقيس أورشليم لأرى كم عرضها وكم طولها. وإذا بالملاك الذي كلمني قد خرج وخرج ملاك آخر للقائه، فقال له أجسر وكلم هذا الغلام قائلًا. كالأعراء تسكن أورشليم من كثرة الناس والبهائم فيها وأنا يقول الرب أكون لها سور نار من حولها وأكون مجدًا في وسطها.
يا يا أهربوا من أرض الشمال يقول الرب. فإني قد فرقتكم كرياح السماء الأربع يقول الرب: تنجي يا صهيون الساكنة في بنت بابل. لأنه هكذا قال رب الجنود: بعد المجد أرسلني إلى الأمم الذين يلبوكم لأنه من يمسكم يمس حدقة عينه. لأني هاأنذا أحرك يدي عليهم فيكونون سلبًا لعبيدهم. فتعلمون أن رب الجنود قد أرسلني. ترنمي وأفرحي يا بنت صهيون لأني هاأنذا آتي وأسكن في وسطك يقول الرب: فيتصل أمم كثيرة بالرب في ذلك اليوم ويكونون لي شعبًا فأسكن في وسطك فتعلمين أن رب الجنود قد أرسلني إليك والرب يرث يهوذا نصيبه في الأرض المقدسة ويختار أورشليم بعد. اسكتوا يا كل البشر قدام الرب لأنه قد استيقظ من مسكن قدسه" زك: ص3.
"فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا رَجُلٌ وَبِيَدِهِ حَبْلُ قِيَاسٍ. فَقُلْتُ: «إِلَى أَيْنَ أَنْتَ ذَاهِبٌ؟» فَقَالَ لِي: «لأَقِيسَ أُورُشَلِيمَ، لأَرَى كَمْ عَرْضُهَا وَكَمْ طُولُهَا». زك 2 1: -2.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
قياس أورشليم

أن عيني الإنسان الداخلي ترتفع لكي نتأمل المناظر الخاصة بها. فالنبي يرفع عينيه ويرى إنسانًا ممسكًا بيده حبل قياس، وعليه أن يقيس به كمهندس معماري ماهر طول أورشليم وعرضها لكي يضع أساساتها ويعيد بناءها، لأن أعداءها هدموها.
"من هو ذلك الإنسان الذي ظهر للنبي. سَلْ نفسك هل هو نفسه الرجل الراكب على فرس أحمر وهو واقف بين الأس الذي في الظل" زك1: 8.
هذا حسب التفسير الذي ذكرناه هو الرب المخلص يشير إليه زكريا النبي عندما يقول: "وَكَلِّمْهُ قَائِلًا: هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلًا: هُوَذَا الرَّجُلُ «الْغُصْنُ» اسْمُهُ. وَمِنْ مَكَانِهِ يَنْبُتُ وَيَبْنِي هَيْكَلَ الرَّبِّ" زك6: 12. هو النور الحقيقي الذي يقول عنه يوحنا المعمدان: "هوذا الذي قلت عنه أن الذي يأتي بعدي صار قدامي لأنه كان قبلي" يو1: 15. وهو باني أورشليم، رسم الأساس ووضعه على طريقة مهندس معماري.
وإذا قد تهدمت أورشليم بما قام به الأعداء الذين حاصروها فإنه يقيس طولها وعرضها لكي يضع الأساسات التي ترتفع عليها الأسوار في الأماكن المناسبة في ترتيب وتنسيق.
ويكتب بولس الرسول عن هذه المدينة الإلهية التي كان ينتظرها كل الذين ارضوا الرب بإيمانهم: "كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله" عب11: 10.
ويقول حزقيال النبي أيضًا: "إذا برجل منظره كمنظر النحاس وبيده خيط كتان وقصبة القياس وهو واقف بالباب" حز40: 3.
ويقول أشعياء النبي: "على أسوارك يا أورشليم أقمت حراسًا لا يسكتون كل النهار وكل الليل على الدوام. يا ذاكري الرب لا تسكتوا" أش62: 6.
وكثيرًا ما كان تفسير أورشليم تفسيرًا روحيًا مثلثًا: في الروح الثابتة في الفضيلة، وهي الكنيسة المجيدة التي بلا دنس، "كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غصن أو شيء من مثل ذلك، أف 5: 27، بسبب كمال قداستها، وهي المدينة السماوية لله الحي: "مدينة الله الحي أورشليم السماوية" عب12: 22.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الملاك والغلام

"وإذا بالملاك الذي كلمني قد خرج ملاك آخر للقائه فقال له أجر وكلم هذا الغلام قائلًا" زك3: 3-4.
مما لا شك فيه أن إعلان السر موجه إلى شخص قدم كأنه شاب. فالرجل القديس في نظر ملائكة الله شاب، بالأخص عندما يلبس الإنسان الجديد ويمكن أن ينطبق عليه هذا القول من سفر الأمثال المقدس: "الولد أيضًا يعرف بأفعاله هل عمله نقي ومستقيم" أم20: 11. وكيف لا يكون طريق من يسلك في القداسة مستقيما؟ ويقول يوحنا الرسول في رسالته عن الذين يسهمون في الفضيلة: "كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير" 1يو2: 14. فمن كان هكذا شابًا في الروح، فإنه يتلقى تعاليم الملاك الذي يخرج لكي يعلن الإعلانات التي نراها في بقية النبوة.
ولننظر أيضًا أليس معنى خروج الملاك هو ما يتضمنه النص الآتي الذي يعني الخروج من خورس الصديقين: "خرجت لخلاص شعبك لخلاص مسيحك" حبقوق3: 13، وأيضًا: "خرجت من قبل الله وأتيت" يو8: 42، ويكون الخلاص واستعلان الله للجنس البشري الذي طرد من الفردوس بسبب تعدي النواميس الإلهية، عندما يخرج المسيح لكي يعيد المَنْفي بطاعته ووفق تعاليمه الإلهية إذ يقول: "اليوم تكون معي في الفردوس" لو23: 43.
فالملاك الخارج يخبر بأنه سيأتي بإعلانات عظيمة عن أورشليم الروحانية كما يبين ذات النص التالي:

"كَالأَعْرَاءِ تُسْكَنُ أُورُشَلِيمُ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ فِيهَا. وَأَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، أَكُونُ لَهَا سُورَ نَارٍ مِنْ حَوْلِهَا، وَأَكُونُ مَجْدًا فِي وَسَطِهَا" زك2: 4- 5.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الأشجار المخصبة

كما أن كل أشجار الفردوس تأتي بثمار كثيرة، هكذا تكون أورشليم المدينة المقدسة مكتظة بالسكان، وفيها جمع غفير من الناس. لأنه ليس معقولًا ألا يؤتي بثمر في المدينة المقدسة الإلهية طالما أن"كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار" مت7: 19. وذلك ما حدث لذلك الذي قيل عنه: "أيضًا يهدمك الله إلى الأبد. يخطفك ويقلعك من مسكنك ويستأصلك من ارض الأحياء" مز52: 5، بينما يقول بشكر ذلك الذي يبقى في بيت الله: "أما أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله"مز52: 8.
وكيف لا يتسربل بقوة النور الإلهي من يسكن في بيت الرب ويقضي وقته في عمل ما يجب عمله وفي التأمل في تعاليم الرحمة، هكذا كان ذلك الرجل المطوب في المزمور الأول كالشجرة المثمرة فقيل عنه: "فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه. التي تعطي ثمرها في أوانه. وورقها لا يذبل" مز1: 3.
ويقول أرميا النبي: "مبارك الرجل الذي يتكل على الرب وكان الرب متكلة فإنه يكون كشجرة مغروسة على مياه وعلى نهر تمد أصولها ولا نرى إذا جاء الحر ويكون ورقها اخضر وفي سنة القحط لا تخاف ولا تكف عن الأثمار" أر17: 7- 8.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
سكان أورشليم الإلهية

وبعد فإن مؤسس مدينة أورشليم المقدسة، برحمته العظيمة، لا يجعل سكانها ممن تكون أعمالهم وأفكارهم حسب المنطق والمعرفة فحسب، بل من البسطاء ذوي الفكر المتضع أيضًا. "كَالأَعْرَاءِ تُسْكَنُ أُورُشَلِيمُ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ فِيهَا" زك2: 4.
فالمخلصون هم الخراف التي تسمع صوت يسوع "خرافي تسمع صوتي وأنا اعرفها فتتبعني" يو10: 27.
ويقول الرب يسوع الذين يعملون ويفكرون حسب العقل وحسب المعرفة: "أنتم تدعونني معلمًا وسيدًا وحسنًا تقولون لأني أنا كذلك" يو13: 13. أنتم فعلًا تخدمونني بكل قلبكم بعملكم كما يجب وبتعلمكم ما يجب معرفته.
أيضًا في أورشليم جميع من الذين يستطيعون أن يقولوا عن ملك أورشليم السمائية: هو يرعانا إلى الأبد. ويقول عنهم: "ويقف ويرعى بقدرة الرب" ميخا5: 4. حتى يصرخ كل من ترعاه عنايته مرتلًا بتهليل: "الرب راعي فلا يعوزني شيء. في مراع خضر يربضني. إلى مياه الراحة يوردني" مز23: 1- 2.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الرب سور أورشليم


كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
أورشليم، تلك المدينة الخصبة المكتظة بمختلف الأجناس، لا يكون لها حارس يحميها سوى الرب الذي يحيط بها مثل سور من نار يدفئ ويحرق في آن واحد. لأنه يدفئ الذين يكونون داخل المدينة التي يحميها وينير عليهم لكي يصيروا (حارين في الروح) (رو 11:12) وعلى النقيض من ذلك فإنه يحرق الذين يأتون من خارج لكي يضروهم (لأن إلهنا نار آكلة) عب 29:12. أنهم يخرجون (شوكًا وحسكًا) عب 8:6، فيقطعون ويلقون خارجًا، لأنهم بدل الثمار الجيدة يعطون ثمار الموت والدمار. وقيل في المزامير بطريقة مشابهة أن الرب يحيط بشعبه مثلنا يحيط هنا بالمدينة المقدسة. فكما كان هناك سور من نار حول أورشليم المخصبة، هكذا يصير مجدا في وسطها، لأن الذين يسكنون المدينة المقدسة التي يحيط بها الله يشتملون بالمجد والسعادة الإلهية التي ترنم بها المرتل أو بالحرى خاطبها قائلا: (قد قيل بك أمجاد يا مدينة الله) مز 3:87 وأيضًا: (عظيم هو الرب وحميد جدا في مدينة إلهنا جبل قدسه) مز 1:48.
ونحن أيضًا سوف نعطى بنعمة الله الرحوم أن نثمر ثمار الروح. ليت الرب يحيط بنا مثل سور نار يضئ علينا ويحمينا ويحرق أعداءنا الذين يأتون ليهدمونا. حينئذ نصرخ بهتاف النصر ونشير إلى المدينة التي لا تقهر: (لنا مدينة قوية. يجعل الخلاص أسوار ومترسة) أش 1:26.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الهروب من الشمال

«يَا يَا، اهْرُبُوا مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ، يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنِّي قَدْ فَرَّقْتُكُمْ كَرِيَاحِ السَّمَاءِ الأَرْبَعِ، يَقُولُ الرَّبُّ. تَنَجَّيْ يَا صِهْيَوْنُ السَّاكِنَةُ فِي بِنْتِ بَابِلَ" زك 2 6-7.
تهدف الكلمة إلى أن توقظ المتفرقين في الشمال حيث ينفخ الشر على سكان الأرض، لأنها ترغب في نجاتهم من البلايا المشار إليها بكلمة الشمال (من الشمال ينفخ الشر على كل سكان الأرض) أر 14:1.
ولذلك يكرر كلمة التشجيع قائلًا: (يا يا أهربوا من أرض الشمال) فالهروب من البلايا التي هي أدوات مجازاة الله، هو الخروج من الشر بتوبة صادقة فعبارة (أهربوا من أرض الشمال) معناها: أهربوا من الشر. (وحد عن الشر واصنع الخير) مز 14:34. وأيضًا: (اغتسلوا تنقوا أعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني كفوا عن فعل الشر) أش 16:1 ويتم ذلك عندما نمتنع عن كل أنواع الشر ونتمسك فقط بما يكون ممدوحًا نرجوه حسب وصية بولس الرسول: (امتحنوا كل شيء، تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر) 1تس 5: 21-22 فإن من ينظر إلى الخير كأنه مرغوب فيه ويكلمه. فذاك وحده الذي يهرب من البلايا.
ومن السهل الهروب من الشمال عندما يجمع الله تعالى في صلاحه وفي عنايته سكان أورشليم المتألقة الذين كانوا متفرقين في الأربع الرياح. ولكي يجعل الهروب سهلا ميسورًا، يبين أين يكون الخلاص للذين يهربون من أرض الشمال، وفي أية مدينة (تهب ريح الشمال الباردة) حكمة يشوع 20:43 أن مكان الخلاص هو صهيون المقدسة حيث يمكن أن يخلص السكان الذين كانوا يسكنون أولا بنت بابل بكل أمان. وكما أن اسم بابل معناه (بلبله)، فكل من كانت روحه مضطربة هو بابلي، ويليق بنا أن نتخلص من تلك الحالة بالمواقف المعنوية والاستعدادات، إذا كنا نرغب في الرجوع إلى صهيون. حينئذ ننشد المدائح ونعزف على الآلات تكريمًا لله، لأنه هناك يليق أن نغنى ونعزف تكريمًا لله كما هو مكتوب: (لذلك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون ولك يوفى النذر) مز 1:65 وأيضًا: (رنموا للرب الساكن في صهيون. أخبروا بين الشعوب بأفعاله) مز 11:9.
وبما أنه يستحيل علينا أن نرنم ونعزف لله عندما لكن في بنت بابل وفي الشمال، لذلك يصيح الروح القدس بملء الصوت (يا يا اهربوا من أرض الشمال يقول الرب). احتموا في صهيون يا سكان بنت بابل لأني سوف أجمعكم من الأربع الرياح، أي من أقاصي الأرض كلها.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
المعنى الرمزي للأربع الرياح

كما يقول مخلصنا الصالح في الإنجيل: (فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصى السموات إلى أقصائها) مت 31:24.
فطالما نعتبر صهيون بنت بابل مجازًا، يجب أيضا أن نفحص معنى الرياح الرمزي. يمكن أن تكون القوات الروحية. أو التيارات المختلفة للتعاليم التي تأرجح وتحمل هنا وهناك أولئك الذين يسلكون بدون لياقة في تفكيرهم، لهم أفكار شريرة وأعمال باطلة.
يقول بولس الرسول: (كي لا نكون في ما بعد أطفالا مضطربين ومحمولين بكل ريح يعلم بحيلة الناس بمكر إلى مكيدة الضلال) أف 14:4.
وقد تعنى التجارب والظروف الصعبة، ويذكر الإنجيل مع المطر والسيول الجارفة، الرياح التي تهبط وتثور على مسكن الذين يسمعون كلمات الرب يسوع على أنها لا تستطيع أن تهدم الذين يعملون بكلام السيد أو تقبلهم، لأن هؤلاء قد بنوا على أساس حجر الخلاص، وعلى النقيض فإنها تقلب مسكن ذاك الذي بعد أن يسمع الكلمات الإلهية، لا يعمل بها، لأنه بنى بيته على الرمل.
فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل به أشبهه برجل عاقل بني بيته على الصخر. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط، لأنه كان مؤسسًا على الصخر وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يشبه برجل جاهل بني على الرمل. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط. وكان سقوطه عظيما) مت 9: 24-27.
ومهما كان تفسير الرياح، فإن الله يجمع الهاربين من أرض الشمال الساكنين في بيت بابل ويحميهم جميعًا منها ليخلصهم في صهيون التي قال عنها بولس الرسول: (بل قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينه الله الحي أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة أبكار مكتوبين في السموات وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين وإلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل) عب 12: 23-24
وهذه هي فعلا الطريقة الوحيدة التي بها يمكننا أن نفهم النبوة التي نحن بصددها بمعناها السامي.
* لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: بَعْدَ الْمَجْدِ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُمَمِ الَّذِينَ سَلَبُوكُمْ، لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ. لأَنِّي هأَنَذَا أُحَرِّكُ يَدِي عَلَيْهِمْ فَيَكُونُونَ سَلَبًا لِعَبِيدِهِمْ. فَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي. (زك 2: 8-9).
يلزم أن نفهم من عبارة (بعد المجد) ما يأتي بعد الكائن فوق الكل. فان الله غير المخلوق الأبدي كائن قبل كل شيء.
طلب موسى من الله أن يراه بوضوح. فرد عليه قائلًا: (ثم ارفع يدي فتنظر ورائي، وأما وجهي فلا يرى) خر 23:33.
ويقول الكتاب: (هذا هو إلهنا ولا يحسب آخر تجاهه هو وجد كل طريق التأديب وأعطاها ليعقوب غلامه وإسرائيل المحبوب منه. بعد هذا على الأرض ظهر ومع الناس تصرف باروخ 3: 36-38.
أن مثل هذه الإقامة بين الناس رسالة آتية بعد مجد المعترف به أنه الله القادر على كل شيء،لم يرسل المسيح كقادر على كل شيء / بل كمن أخذ شكل العبد، تنازلا منه بعد أن أخلى ذاته. (الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرًا في شبه الناس) في 2: 6-7.
يقول: (لأنه من يمسكم يمس حدقة عينه) زك 8:2.
أي أن من يضرب الأبرار يضر نفسه أكثر كثيرًا مما رام أن يضرهم به، ويشبهه بمن يضرب حدقة عينه ويمكن تأبيد هذا الرأي بفصول كثيرة من الكتاب المقدس.
فعندما أراد قايين أن يضرب هابيل، قتل نفسه سلفًا بقراره قتل أخيه. وحدث نفس الشيء لشاول عندما كان يطارد داود لكي يقتله، ولأبشالوم المتمرد ضد أبيه لكي يأخذ منه الملك.
وفى هذا الفصل من النبوة التي نحن بصددها تعنى لفظة (يمس يضر، وتضخ بالأكثر في الكلمات التي يوجهها الله نفسه للذين يضمرون القتل لرجاله: (لا تمسوا مسحائي ولا تسيئوا إلى أنبيائي) مز 6 15:10.
وتشير إلى اتصال منكر في النص القائل: (وأما من وجهة الأمور التي كتبتم لي عنها فحسن للرجل أن لا يمس امرأة) 1كو 1:7
ومتى أيضا اللمس كما قال المسيح: (من لمس ثيابي) مر 30:5 في الوقت الذي لمست فيه نازفه الدم هدب ثوبه راغبة في أن تنال الشفاء.
يقول القديس: تلك هي معاني كلمة (يمس) التي جالت بخاطرنا الآن، ويبين نص النبوة التي نفسرها أن هذه الكلمة مستعملة بمعنى (إلحاق الأذى عن قوة)، وان من يريد أن يسئ معاملة الذين يحميهم الله، فهو يمس حدقة عينه الداخلية.
ويبين الكتاب كيف يكون ذلك إذ يقول، هاأنذا أحرك يدي عليهم) زك 9:2 أي القدرة التي بها أقوم: يصيرون هم أنفسهم غنيمة الذين أخذوهم كغنيمة عندما أسروهم، ويصيرون عبيدًا للذين كانوا يستعبدونهم قهرًا، ومتى صار ذلك تصلون (أن رب الجنود قد أرسلني، لتكميل النبوات.
كما أنه في زمن السبي كان النحيب والأنين عند العبرانيين لأن الرب ابتعد عن المسبيين، هكذا يعطى لهم عند عودتهم إلى الأم الروحية المدعوة صهيون، الأمر بالترنم والفرح لأن الرب أتى وسكن في وسطها: فقد أقيم فعلا الهيكل وجعل الله مسكنه فيه لذلك يقول النبي (ترنمي وافرحي يا بنت صهيون)
هذا التهليل بالفرح الذي تدعو إليه الكلمة الإلهية، هو ذات الفرح ثمر الروح القدس الذي يقترن بمحبة الله وبالسلام الذي نغبط عليه ويشير إلى ذلك الرسول القديس بولس عندما يكتب (وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف) غل 5 22-23.
أن المسبيين المخلصين يتمتعون بهذا الأمان فيقولون: (عندما رد الرب سبى صهيون صرنا مثل الحالمين. حينئذ امتلأت أفواهنا ضحكًا وألسنتنا ترنمًا) مز 126: 1-2.
ونجد نفس الفكرة في مزمور آخر: (ليت من صهيون خلاص. عند رد الله سبى شعبه يهتف يعقوب ويفرح إسرائيل) مز 6:53. كانوا يئنون عندما تفرقوا عن وطنهم في قيود السبي، فمن الطبيعي أنهم يتهللون ويفرحون عندما يرجعون، لأن الرب ينبوع الفرح والتهليل قد سكن في وسطهم.
وما هو سبب الفرح والتهليل، أن لم يكن التمتع بالمياه المزيدة للنهر الفائض الذي كتب عنه: (سواقي الله ملآنة ماء) مز 9:65 وأيضًا: (نهر سواقيه تفرح مدينة الله مقدس مساكن العلى، الله وفي وسطها فلن تتزعزع) مز 46:4-5 لأن الله لن يبتعد عنها ولن يتركها، إذ أنه في صلاحه يسكن في وسطها دائمًا.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
خيرات خلاصية تتبع سكن الله في وسط المدينة المتألقة

أن أممًا كثيرة قد لجأوا إلى الرب في توبتهم في ذلك اليوم الذي ينيره شمس البر، (ولكم أيها المتقون أسمى تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها) ملاخي 2:4، ذلك اليوم الذي اشتهاه أب الآباء إبراهيم، (أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح) يو 56:8، وفرح برؤيته، هو والذين صاروا بالإيمان والأعمال، أبناءه وأولاده (اعلموا إذًا أن الذين هم من الإيمان أولئك هم بنوا إبراهيم) غل 7:3.
وهذا الفرح يجعلهم يقولون: (هذا هو اليوم الذي صنعه الرب نبتهج ونفرح فيه) مز 24:118.
شعب الله، إذا كانت أمم كثيرة قد التجأت إلى الرب، فيتبع ذلك أنهم يدعون شعبًا لذلك وجدوا عنده ملجأ لأنهم لا يبقون بعد شعوبًا بلا إله ولا رجاء أنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح أجنبيين عن رعوية إسرائيل وغرباء عن عهود الموعد لأرجاء لكم وبلا إله في العالم ولكن الآن في المسيح يسوع انتم الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح) أف 2: 12-13.
ويقول الله عنهم بالنبي: (وأقول للوعمي أنت شعبي وهو يقول أنت إلهي) هو 23:2.
(سأعود الذي ليس شعبي شعبي والتي ليست محبوبة محبوبة) رو25:9 حتى يمكن أن ندعوهم: (وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب) 1 بط 9:2.
فالذين لجأوا إلى الله بالطريقة التي أشرنا إليها، يقول لهم: أنتم عندي الجنس المختار، الأمة المقدسة، الكهنوت الملوكي، شعبي الذي اقتنيته ليشيد بفضائلي.
ويكنون بعد أن صاروا شعب الله وسط صهيون الطوباوية السماوية، نعم حينئذ يعرفون بصورة إلهية كاملة أن الرب القادر على كل شيء قد أرسل فادى صهيون الذي يقول عن أبيه: (روح السيد الرب على لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لأنادى المسبيين بالعتق والمأسورين بالإطلاق) أش 1:61.
ولكي يبشر المساكين بالروح يسكن في وسط صهيون يسوع المسيح بالروح القدس وبقوة الله، انه يخبر أولاد صهيون بالخلاص من الأعداء غير المرئيين الذين يأسرونهم.
وهكذا لا يبقى إذن الذين جاء من أجلهم، والذين وهب لهم الخلاص الأبدي، بعد في ضياع. وتعترف أورشليم التي سوف لسكنها، كنيسة الله الحي، بهذا الإيمان وتكمل أعمال القداسة.
وهكذا تظل موضوع اختيار ذلك الذي غسلها في دمه ذاته وجعلها تتألق.
(اسكتوا يا كل البشر قدام الرب. لأنه قد أستيقظ من مسكن قدسه) زك 13:2.
لنمتلئ كل إنسان خوفًا في حضرة الرب الإله الذي أعلن وأظهر حضوره عندما كملت النبوة القائلة: (يرون قدام الله في صهيون) مز 7:84.
(ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقًا) يو 14:1.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
ختام

لنجمع في أذهاننا هذه النصوص ذات المعاني الروحية، ولنجعل لنا قلوبًا لحمية مطيعة لأوامر ووصاياه، ولتطهر مخافتنا له. حينئذ يزيد الله إحسانه للقلوب اللحمية غير الحجرية، ويثبت فيه بروحة القدوس كتابًا إلهياُ يساعدنا على أن نصير كاملين.
(أنتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا معروفة ومقروءة من جميع الناس. ظاهرين أنكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا يجبر بل بروح الله الحيّ. لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحمية) 2 كو 3: 2-3.
وإذ نرتفع هكذا عن أسلوب النظر الجزئي الرمزي، نرى الحق وجهًا لوجه، (فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجها لوجه. الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت) 1 كو 12:13.
والمجد لله دائمًا.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 07 - 2014, 04:05 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

تفسير الأصحاح الثالث من سفر زكريا النبي

يسوع الكاهن الأعظم
الله هو الملجأ ضد الشيطان
الرب ينتهر الشيطان
الشعلة المنتشلة
الثبات في الإيمان
حجر الزاوية
الكرمة والتينة
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
وَأَرَانِي يَهُوشَعَ الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ قَائِمًا قُدَّامَ مَلاَكِ الرَّبِّ، وَالشَّيْطَانُ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِهِ لِيُقَاوِمَهُ. فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ يَا شَيْطَانُ! لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ الَّذِي اخْتَارَ أُورُشَلِيمَ! أَفَلَيْسَ هذَا شُعْلَةً مُنْتَشَلَةً مِنَ النَّارِ؟». وَكَانَ يَهُوشَعُ لاَبِسًا ثِيَابًا قَذِرَةً وَوَاقِفًا قُدَّامَ الْمَلاَكِ. فَأَجَابَ وَكَلَّمَ الْوَاقِفِينَ قُدَّامَهُ قَائِلًا: «انْزِعُوا عَنْهُ الثِّيَابَ الْقَذِرَةَ». وَقَالَ لَهُ: «انْظُرْ. قَدْ أَذْهَبْتُ عَنْكَ إِثْمَكَ، وَأُلْبِسُكَ ثِيَابًا مُزَخْرَفَةً». فَقُلْتُ: «لِيَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةً طَاهِرَةً». فَوَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ الْعِمَامَةَ الطَّاهِرَةَ، وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابًا وَمَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفٌ. فَأَشْهَدَ مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى يَهُوشَعَ قَائِلًا: «هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنْ سَلَكْتَ فِي طُرُقِي، وَإِنْ حَفِظْتَ شَعَائِرِي، فَأَنْتَ أَيْضًا تَدِينُ بَيْتِي، وَتُحَافِظُ أَيْضًا عَلَى دِيَارِي، وَأُعْطِيكَ مَسَالِكَ بَيْنَ هؤُلاَءِ الْوَاقِفِينَ. فَاسْمَعْ يَا يَهُوشَعُ الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ أَنْتَ وَرُفَقَاؤُكَ الْجَالِسُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّهُمْ رِجَالُ آيَةٍ، لأَنِّي هأَنَذَا آتِي بِعَبْدِي «الْغُصْنِ». فَهُوَذَا الْحَجَرُ الَّذِي وَضَعْتُهُ قُدَّامَ يَهُوشَعَ عَلَى حَجَرٍ وَاحِدٍ سَبْعُ أَعْيُنٍ. هأَنَذَا نَاقِشٌ نَقْشَهُ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، وَأُزِيلُ إِثْمَ تِلْكَ الأَرْضِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، يُنَادِي كُلُّ إِنْسَانٍ قَرِيبَهُ تَحْتَ الْكَرْمَةِ وَتَحْتَ التِّينَةِ». زك ص 3.
(وَأَرَانِي يَهُوشَعَ الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ قَائِمًا قُدَّامَ مَلاَكِ الرَّبِّ، وَالشَّيْطَانُ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِهِ لِيُقَاوِمَهُ) زك 1:3
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
يسوع الكاهن الأعظم

أنظرًا لأهمية الرؤى التي يقدمها الله وطابعها الذي يفوق الطبيعة، ولكونها ليست حية ولا بشرية يظهر يسوع الكاهن الأعظم النبي الكاهن الواقف بطريقة إلهية أمام ملاك.
إن يسوع الكاهن الأعظم الذي قيل عنه: (أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق) مز 4:110. يظهر في الرؤيا واقفًا هادئًا ثابتًا على شبه ما قيل في الإنجيل: (وقف يسوع ونادى قائلًا: إن عطش أحد فليقبل إلى ويشرب) يو 37:7.
وكل الذين يأتون إليه يشربون لأنه دائم إلى الأبد.
من هم الذين يحاربهم الشيطان؟ إنهم الواقفون عن يمين القائم قدام ملاك الرب.
ويقول الكتاب: (وقال الرب سمعان سمعان هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. ولكنى طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك) لو 22: 31-32.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الله هو الملجأ ضد الشيطان

الذين يهاجمهم الشيطان لا يتحملون خسارة ما. وفضلا عن ذلك فإنهم يأخذون الوسائط التي بها يجابهونه، فيدوسون قوته المعادية بأقدامهم دون أن يصيبهم أدنى أذى، إذ أنهم يرجون ذلك الذي يحطم جهاد الشيطان المدمر وتمرده عند أقدام القديسين. فإنه مكتوب: (وكل من عنده هذا الرجاء) 1 يو 3:3. يبقى سليمًا هادئًا، لأن الخبيث لن يمس من يأخذ العون من يمين الله حاميه. (أما الصديقون فيحيون إلى الدهر وعند الرب ثوابهم وعند العلى اهتمامهم) حكمة 16:5.
لنتأمل ما يسمعه المرتل عمن يكون في حمى الرب:
* (لأَنَّكَ قُلْتَ: «أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَإِي». جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ، لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ، وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ. لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرُقِكَ.) مز 91: 9-11 وأيضا (عَلَى الأَسَدِ وَالصِّلِّ تَطَأُ. الشِّبْلَ وَالثُّعْبَانَ تَدُوسُ.) مز 91: 13 ويسميه يوحنا الرسول في سفر الرؤيا: (التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله) رؤ9:12 و(شيطان) كلمة عبرية معناها الخصم.
ومن هذه الوجهة خير لنا أن يكون الشيطان عدونا وخصمنا من أن يكون صديقا لنا. لأن صحبته ضارة وتجر إلى الهلاك.
وقد وضح ذلك عندما اقترب من يهوذا ن فجعل منه ابنًا للهلاك (ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب) يو 12:17يقول عنه لتلاميذه: (أليس إني أنا اخترتكم الاثني عشر وواحد منكم شيطان) يو 7:6.
ألا ليت الله عون من ليس له عون سواه، يعطينا نحن أيضا الذين علينا أن نجاهد ضد القوات وضد أجناد الشر الروحية، أن نبقى في حماه من الضربات، غير مقهورين، دون أن يستطيع الخبيث أن ينال منا شيئًا. (فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات) أف 12:6.
(فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ يَا شَيْطَانُ! لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ الَّذِي اخْتَارَ أُورُشَلِيمَ! أَفَلَيْسَ هذَا شُعْلَةً مُنْتَشَلَةً مِنَ النَّارِ) زك 2:3.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الرب ينتهر الشيطان

ليس بكلمات مصوغة في لغة بشرية يتحدث مالك كل الأشياء مع الشيطان فإذا أخذنا سفر أيوب نجد أن الله يخاطب الشيطان وان الشيطان يخاطبه، ولكننا لسنا بسطاء لدرجة إننا نفتكر أن الأسئلة والأجوبة كانت حسب أسلوب اللغة البشرية المسموعة. أنه أسلوب آخر يليق بجلاله تعالى.
حقا أن الله يتكلم عندما يظهر إرادته لمن يشاء أن يسمعه، كما أنه أيضا يسمع الذين يخاطبونه بمعرفة بما في روحهم.
وفى النص الذي نفسره يقول الرب: (لينتهرك الرب يا شيطان). وهو ما معناه تقريبا: لتكن أداة غضب يجازى فيك وبك المذنبون بحسب شر أفعالهم. أي بما انك تخطئ بطريقة سرية في نفسك، ولكنك تعمل جيداُ أنك تخطئ، لينتهرك الله الذي لا يخفى عليه شيء، لا يخفى ما تسر، ولا أي سر آخر، لأنه يعرف الخبث المخبأ فيك. وكذلك يمارس الشيطان شره كما يفعل الكثيرون الذين ولدهم في الشر.
يقول انه ذلك عنه باشعياء النبي: (وأنت قلت في قلبك اصعد إلى السموات ارفع كرسي فوق كواكب الله واجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. اصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلى) أش 14: 13-14

كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
وتوجد نفس الفكرة في هذا الفصل من المزامير: نَأْمَةُ مَعْصِيَةِ الشِّرِّيرِ فِي دَاخِلِ قَلْبِي أَنْ لَيْسَ خَوْفُ اللهِ أَمَامَ عَيْنَيْهِ. لأَنَّهُ مَلَّقَ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ وِجْدَانِ إِثْمِهِ وَبُغْضِهِ.) مز 36: 1-2
ولأنه يخطى في نفسه ولأنه في السريرة يقول: اصعد حتى السماء جوزى في نفسه، ويعرف ذلك جيدًا. ونفس الفكرة أيضا في النص الآتي: (قال الجاهل في قلبه ليس إله) مز 1:14 ومز 1:53.
فبعد أن أوضح نص النبوة، أن من يخطئ في السر لا ينجو من المجازاة، بيَّن بعد ذلك من الذي يجازى، أنه ذلك الذي أختار أورشليم.
أما المدينة المختارة من الله فقد شرحت بأساليب كثيرة: فكانت تسمى أورشليم:
(1) الروح الطاهرة التي ترى السلام الذي يفوق العقل، وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم) في 7:4.
(2) أو كنيسة المسيح المجيدة المقدسة التي بلا خطية ولا دنس.
(3) وحسب المجاز السامي، مدينة الله الحي السمائية، حسب المكتوب (بل قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية وإلى ربوات هم معقل ملائكة) عب 22:12.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الشعلة المنتشلة

أن من انتهره الرب الذي أختار أورشليم قد ضاعت قوته لدرجة أنه لا يستطيع بعد أن يأتى بثمر، مثله مثل الشعلة المنتشلة من النار التي كادت أن تصير لحمًا فالغصن الخشب المحترق لا يمكن أن يثمر فيما بعد، حتى ولو انتشل من النار قبل أن يحترق تمامًا ويتحول إلى رماد، ولكنه يصلح لأغراض أخرى ينتشله الله من أجلها.
أفلا يطلق الأسير من الأسر وقد خلصه ذلك الذي نادى (للمسبيين بالعتق والمأسورين بالإطلاق) أش 1:61، وأعطاهم أن يرجعوا إلى الوطن الذي كانوا ساكنيه قبل مجيء الأعداء الذين أسروهم ومضوا بهم؟
(وَكَانَ يَهُوشَعُ لاَبِسًا ثِيَابًا قَذِرَةً وَوَاقِفًا قُدَّامَ الْمَلاَكِ. فَأَجَابَ وَكَلَّمَ الْوَاقِفِينَ قُدَّامَهُ قَائِلًا: «انْزِعُوا عَنْهُ الثِّيَابَ الْقَذِرَةَ». وَقَالَ لَهُ: «انْظُرْ. قَدْ أَذْهَبْتُ عَنْكَ إِثْمَكَ، وَأُلْبِسُكَ ثِيَابًا مُزَخْرَفَةً». فَقُلْتُ: «لِيَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةً طَاهِرَةً». فَوَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ الْعِمَامَةَ الطَّاهِرَةَ، وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابًا) زك 3: 3-5.
ولأن القديسين مملوؤون محبة، فهم يعطفون على المجربين.
ويبكون مع الباكين. لذلك لبس الكاهن ثياباُ قذرة، هي الأعمال التي تمت بدون اعتبار الناموس. فانه بعد أن قال: (أنزعوا عنه الثياب القذرة) قال: (قد أذهبت عنك إثمك).
وبعد أن نزعوا عنه الثياب القذرة وضعوا (على رأسه العمامة الطاهرة وألبسوه ثياباُ، فمن أجل إعادة تأسيس المدينة والهيكل وبنائها، يرتدى رئيس المأسورين الذين اعتقوا ثياب الخلاص ورداه البر. (تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص. كأني رداء البر) أش 10:61 يلقى عنه الثياب القذرة لأنه لا يجب أن يحزن بعد، بل يفرح ويتهلل لخلاص الذين تحملوا الأسر.
ولكن من هم يصدو إليهم الأمر أن ينزعوا عنه ثياب الحزن التي وصفت بأنها قذرة؟ إنهم الذين ألبسوه مثل هذه الثياب من جراء الخطية.
ويمكن أيضًا أن نعتبر الذين صدر إليهم الأمر بنزع الثياب القذرة، إنهم الملائكة، لأنهم يحيطون بمن يخافون الله لكي يمحوهم ويمنعوهم من الشعور بالهم والحزن الذين ترمى بهما تجارب الحياة.
إن يهوشع الذي كان يعيش في بابل هو رمز ليسوع المسيح، والثياب القذرة التي كان يلبسها هي رمز لخطايا كل البشرية التي حملها دون أن يكون هو ذاته قد اخطأ أو يهرب الخطية، والذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر) 1 بط 22:2 (الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فتحيا للبر. الذي بجلدته شفيتم) 1بط 24:2.
وبولس الإناء المختار يكتب: (إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدًا لنا وقد رفعه من الوسط مسمرًا إياه بالصليب. إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه) كو2: 14-15.
وهكذا بعد أن انتصر حرًا، جرد الرياسات والسلاطين الذين أحاطوا به.
هلا يكون الإنسان ظهيرًا لهذه الرياسات والسلاطين وهو يستسلم لمقترحاتهم الممقوتة والمشاعر الشريرة؟ إن من يتأمل في تعاليم مخلصنا الصالح ويعمل بها بلبس المسيح، حسب الكلمة: (لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح) غل 27:3 وأما من يتأمل ويعمل باقتراحات وسلاطين ورياسات الشر يتردى بهم.
فيجب على من يجاهدون من أجل الخلاص أن يصارعوا ضدها، حتى يلبسهم ثوب الخلاص آخذا من كل منهم علامته الخاصة، أولئك قد جردهم ربنا ومخلصنا عندما أخذ خطايانا على عاتقه، لأنه قيل عنه: (أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها) أش 14:53 (وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين) أش 13:53.
إذن فحتى عندما يظهر يهوشع في الرؤيا بثياب قذرة، فإن هذه الثياب ليست خاصة به،ولكن ماذا كان يقول الملاك الذين يقفون أمام يهوشع؟ يقول: (أنزعوا عنه الثياب القذرة) لأنها ليست ثيابه بل ثيابكم. فعندما تصنعون ما حرم عليكم يغشاه ثوب قذر. فتوبوا إذن عن أعمالكم الشريرة وأزيلوا عن كاهله أدناس خطاياكم.
ويمكن أن نقول أيضًا بعبارة أخري: (جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه) 2كو 21:5، (المسيح افتدانا من لعنه الناموس إذ صار لعنه لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة. لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع لننال بالإيمان موعد الروح) غل3: 13-14 فهو يلبس ثوبًا قذرا عندما يصير من أجلنا كلنا لعنه لكي ننال البركة. لأنه لذلك استهان بالخزي لكي نصير أحياء بحسب الله. (ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناُ بالخزي فجلس عن يمين عرش الله) عب 2:12.
(وَمَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفٌ. فَأَشْهَدَ مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى يَهُوشَعَ قَائِلًا: «هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنْ سَلَكْتَ فِي طُرُقِي، وَإِنْ حَفِظْتَ شَعَائِرِي، فَأَنْتَ أَيْضًا تَدِينُ بَيْتِي، وَتُحَافِظُ أَيْضًا عَلَى دِيَارِي، وَأُعْطِيكَ مَسَالِكَ بَيْنَ هؤُلاَءِ الْوَاقِفِينَ.) زك3 5-7.
طرق الرب هي الفضائل التي نكملها بحفظ وصايا الرب وعنه يقول داود النبي: (طرقك يا رب عرفني. سبلك علمني) مز4:25 من يتبع هذه الطرق ويسلك فيها دون أن يجيد عنها أبدًا، ينل من الرب المكافأة: (تدين بيتي وتحافظ أيضًا على دياري).
مفهوم (البيت) هنا ليس بمعنى المكان أو المبنى، بل جماعة الناس المجتمعين فيه كما يشير بذلك بولس الرسول قائلًا: (وأما المسيح فكابن على بيته. وبيته نحن أن تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية) عب6:3. ويكتب كذلك إلى تيموثاؤس: (ولكن أن كنت أبطئ فلكي تعلم كيف يجب أن تتصرف في بيت الله الذي هو كنيسة الله الحي عمود الحق وقاعدته) 1 تى 15:3.
هذا البيت بدينه يسوع المسيح الذي وضع في الكنيسة رسلا وأنبياء، ورعاة، ومعلمين من أجل تكميل القديسين: (وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلا والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين) أف 11:4.
ويقول داود النبي: (الله قائم في مجمع الله. في وسط الآلهة يقضى) مز 1:82.
وكما يدين بيت الله، هكذا أيضا يحافظ على دياره فيدعو الروح القدس الممتلئين غيرة ليسكنوا فيها: (اسجدوا للرب في زينه مقدسة) مز 2:29 (قدموا للرب مجد اسمه. هاتوا تقدمة وادخلوا دياره) مز8:96.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الثبات في الإيمان

أما عن مكافأة مَنْ يذكر بيت الله ويحافظ على دياره، فيشار إليها بهذه الكلمات: (وأعطيك مسالك بين هؤلاء الواقفين) زك 8:3. هؤلاء الواقفون هم الذين تثبتوا في القداسة، ونالوا الرسوخ في الإيمان، ويخاطبهم الرسول بولس عندما يكتب: (لأنكم بالإيمان تثبتون) 2كو ا:24 وفي الإنجيل يعنى مخلصنا الصالح الذين تأصلوا وتأسسوا في المحبة عندما يقول: (الحق أقول لكم أن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا أبن الإنسان آتيًا في ملكوته) مت 28:16.
وبالاختصار فإن كل الذين يقتربون من المخلص يعيشون وسط أولئك الذين لا يتزحزحون أبدًا عن موقفهم بثبات في القداسة ويقول احدهم ممجدًا الملك الأعلى: (قدام الإله أرنم لك) مز 1:138
(فاسمع يا يهوشع الكاهن العظيم أنت ورفقاؤك الجالسون أمامك. لأنهم رجال آية لأني هاأنذا آتى بعبدي الغض. فهوذا الحجر الذي وضعته قدام يهوشع على حجر واحد سبع أعين) زك 3: 8-9أأـلأأتك
يسوع هو الكاهن الأعظم على رتبة ملكي صادق، يقول عنه بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين: (من ثم أيها الإخوة القديسون شركاء الدعوة السماوية لاحظوا رسول اعترافنا ورئيس كهنته المسيح يسوع حال كونه أمينًا للذي أقامه كما كان موسى أيضًا في كل بيته) عب 3: 1-2
يلزم أن نعلم جيدًا أن الذين يستطيعون أن يلاحظوا (رسول اعترافنا ورئيس كهنة المسيح يسوع حال كونه أمينًا للذي أقامه) هم القديسون الذين لهم شركة في الدعوة السماوية.لأن ذلك لم يعط لكل واحد بل فقط لمن يستطيع أن يتكلم بحكمة بين الكاملين ولكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء الدهر الذين يبطلون بل تتكلم بحكمة الله في سر) 1كو 2: 6-7 بل فقط لمن يستطع أن يقول أنى رأيت يسوع بقلبي المستنير بالنور الحقيقي.
أنه يدعو من اتخذ صورة العبد وهو ذلك الذي من نسل داود حسب الجسد (الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه آخذ صورة عبد صائرًا في شبه الناس) في 2: 6-7 وهو الذي قيل عنه: (بأحشاء رحمة إلهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء. ليضئ على الجالسين في الظلمة وظلال الموت) لو 1: 78-79. إذ أنه لا يوجد فرق بينه وبين النور الحقيقي، وقيل عنه: (ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها) ملاخي 2:4.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
حجر الزاوية

ما هو هذا الحجر إلا المخلص الذي جاء بيننا، وقيل عنه: (ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب) أش 11: 1-2 وقيل: (الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية) مز22:118 (هذا هو الحجر الذي احتقر تموه أيها البناؤون الذي صار رأس الزاوية) أع 11:4.
ألم يضم في زاوية واحدة كلا الحائطين، ذلك الحائط المكون من اليهود الذين قبلوا الإنجيل، والآخر المكون من الأمم الذين قبلوا الإيمان؟ إذ أن الكنيسة تتكون من اليهود واليونانيين، ورأسها المسيح الذي يكمل البناء في زاوية واحدة، فكل الناس الذين قبلوا إنجيل الله صاروا رجلا واحدًا جديدًا.
ليتنا نصير نحن أيضًا حجارة حية مقدسة (مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية) أف 20:2 فنكمل بيتًا روحانيًا وهيكلا يسكن الله فيه.
فَهُوَذَا الْحَجَرُ الَّذِي وَضَعْتُهُ قُدَّامَ يَهُوشَعَ عَلَى حَجَرٍ وَاحِدٍ سَبْعُ أَعْيُنٍ. هأَنَذَا نَاقِشٌ نَقْشَهُ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، وَأُزِيلُ إِثْمَ تِلْكَ الأَرْضِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، يُنَادِي كُلُّ إِنْسَانٍ قَرِيبَهُ تَحْتَ الْكَرْمَةِ وَتَحْتَ التِّينَةِ». زك 3: 9-10
ذلك اليوم هو يوم نور متألق حين (يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويظهر آراء القلوب) 1 كو 5:4 لكي يدين الذين فعلوا الشر من كل نوع.
يمكن أن ندعو زمن إقامة الرب مخلصنا على الأرض يوما واحدًا، فيه يزيل نور الرب المحسن والديان في آن واحد كل الإثم عن وجه الأرض التي رآها النبي، لأنه (يرفع خطية العالم) يو 29:1 وبعد أن يجتث الظلم، أطل كل تمرد وكل حرب حينئذ يكون سلامه عميق، ولا يخشى أحد شيئًا، فيستطيع كل واحد أن يعيش في سلام ويدعو قريبه تحت التينة وتحت الكرمة.
ويشير ميخا النبي إلى الدعوة السلام والهدوء عندما يعلن شعوره عن هذا اليوم فيقول: (بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون من يرعب لأن فم رب الجنود تكلم) ميخا 4:4.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الكرمة والتينة

قيل عن التينة إنها تمثل الحياة العاملة التي تثمر الأعمال الصالحة:
وكذلك يجب أن نفهم الكرمة على إنها غصن الكرمة الحقيقية لأن كل واحد من تلاميذ الرب يسوع هو كرمة لأنه غصن الرب مخلصنا الذي يقول: (أنا الكرمة الحقيقية. كل غصن في لا يأتي بثمر ينزعه. وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر) يو 15: 1-2 (أنا الكرمة وانتم الأغصان. الذي يثبت في وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير) يو 5:15.
إن الذين يزرعون هاتين الشجرتين يحبون قريبهم كأنفسهم: لذلك يدعون بعضهم بعضًا بسلام تحت الكرمة وتحت التينة لكي يتمتعوا بالحياة. وكذلك فإن من يصنع أعمالا حسنة يأتي بأصدقائه تحت التينة إلى زرعها، أي إلى الحياة العاملة. لكي يفرح معهم بالحياة السعيدة والدخول في فرح سيدهم. (نعما أيها العبد الصالح والأمين. كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح سيدك) مت 21:25.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 07 - 2014, 04:15 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب

تفسير الأصحاح الخامس من سفر زكريا النبي

السيف والسهام
المنجل
مقياس الشر والخير
الثواب والعقاب
المرأة الجالسة
المرأتان الذاهبتان

الحواشي والمراجع
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
فَعُدْتُ وَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا بِدَرْجٍ طَائِرٍ. فَقَالَ لِي: [مَاذَا تَرَى؟] فَقُلْتُ: [إِنِّي أَرَى دَرْجًا طَائِرًا طُولُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ عَشَرُ أَذْرُعٍ]. 3 فَقَالَ لِي: [هَذِهِ هِيَ اللَّعْنَةُ الْخَارِجَةُ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. لأَنَّ كُلَّ سَارِقٍ يُبَادُ مِنْ هُنَا بِحَسَبِهَا وَكُلَّ حَالِفٍ يُبَادُ مِنْ هُنَاكَ بِحَسَبِهَا. 4 إِنِّي أُخْرِجُهَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ فَتَدْخُلُ بَيْتَ السَّارِقِ وَبَيْتَ الْحَالِفِ بِاسْمِي زُورًا وَتَبِيتُ فِي وَسَطِ بَيْتِهِ وَتُفْنِيهِ مَعَ خَشَبِهِ وَحِجَارَتِهِ].
ثُمَّ خَرَجَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَلَّمَنِي وَقَالَ لِي: [ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ مَا هَذَا الْخَارِجُ]. فَقُلْتُ: [مَا هُوَ؟] فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الإِيفَةُ الْخَارِجَةُ]. وَقَالَ: [هَذِهِ عَيْنُهُمْ فِي كُلِّ الأَرْضِ]. 7 وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا. 9 وَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا بِامْرَأَتَيْنِ خَرَجَتَا وَالرِّيحُ فِي أَجْنِحَتِهِمَا. وَلَهُمَا أَجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ اللَّقْلَقِ فَرَفَعَتَا الإِيفَةَ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ. 10 فَقُلْتُ لِلْمَلاَكِ الَّذِي كَلَّمَنِي: [إِلَى أَيْنَ هُمَا ذَاهِبَتَانِ بِالإِيفَةِ؟] 11 فَقَالَ لِي: [لِتَبْنِيَا لَهَا بَيْتًا فِي أَرْضِ شِنْعَارَ. وَإِذَا تَهَيَّأَ تَقِرُّ هُنَاكَ عَلَى قَاعِدَتِهَا].
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
" 1 فَعُدْتُ وَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا بِدَرْجٍ طَائِرٍ. 2 فَقَالَ لِي: [مَاذَا تَرَى؟] فَقُلْتُ: [إِنِّي أَرَى دَرْجًا طَائِرًا طُولُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ عَشَرُ أَذْرُعٍ]. 3 فَقَالَ لِي: [هَذِهِ هِيَ اللَّعْنَةُ الْخَارِجَةُ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. لأَنَّ كُلَّ سَارِقٍ يُبَادُ مِنْ هُنَا بِحَسَبِهَا وَكُلَّ حَالِفٍ يُبَادُ مِنْ هُنَاكَ بِحَسَبِهَا. 4 إِنِّي أُخْرِجُهَا يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ فَتَدْخُلُ بَيْتَ السَّارِقِ وَبَيْتَ الْحَالِفِ بِاسْمِي زُورًا وَتَبِيتُ فِي وَسَطِ بَيْتِهِ وَتُفْنِيهِ مَعَ خَشَبِهِ وَحِجَارَتِهِ]." (زك 5: 1 - 4).
تأملوا قيمة التعليم العالية، يؤتى بإعلان فيكشف عن الأمور التي لا ترى بتلك التي ترى وعن الأمور الروحية بالأمور المحسوسة.
بما أن الديان العادل يفصل الصديق عن الشرير ويعطي كل واحد حسب أعماله، لذلك فإن الكتاب المقدس يسمى الجزاءات التي يعاقب بها الظالمون والأشرار تارة سيفًا وسهامًا، وطوراً فأسًا ومنجلًا.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
السيف والسهام

عندما يستخدم الأشرار والمزورون والشياطين ضراوتهم للمحاربة وإثارة الفِتَنْ، فإن ما يُتوقع عليهم جزاء لهم يُسمى سيفًا وسهامًا يُرسلها الرب الذي يقول: "أسكر سهامي بدم ويأكل سيفي لحمًا بدم القتلى والسبايا ومن رؤوس قواد العدو" (تث 32: 42). "أجمع عليهم شرورا وأنفذ سهامي فيهم" (تث 32: 23).
وبما أن العقاب لا يحيق بالخطاة على الأرض فقط، بل بالملائكة الساقطين في الشر، بالشياطين أيضا. لأنه مكتوب: "الله لم يُشفِق على ملائكة قد أخطأوا" (2 بط 2: 4). لذلك يقول الله في إشعياء النبي: "لأنه قد روى في السموات سيفي" (أش 34: 5). ويعرفنا بالحُكم الرهيب ضد الأشرار عاموس النبي خاصة، إذ يقول: "بالسيف يموت كل خاطئ شعبي القائلين لا يقترب الشر ولا يأتي بيننا" (عا 9: 10).
وما يتكلم عنه النبي ليست أداة مادية ضد الأعداء، لأنه لم يحدث أبدا أن تلاشى كل أشرار الشعب بسيف مرئي. وبنفس المعنى يسمع داود النبي المرتل هذا التهديد للمدعوين إلى التوبة: "إن لم يرجع يحدد سيفه، مد قوسه وهيأها، وسدد نحوه آلة الموت يجعل سهامه ملتهبة" (مز 7: 12 - 13). وقيل عن هذه الأسلحة الفتَّاكة: "حَتَّى مَتَى تَخْمِشِينَ نَفْسَكِ. آهِ، يَا سَيْفَ الرَّبِّ، حَتَّى مَتَى لاَ تَسْتَرِيحُ؟ انْضَمَّ إِلَى غِمْدِكَ! اهْدَأْ وَاسْكُنْ" (سفر إرميا 47: 5-6).
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
المنجل

أما وقد شرحنا بما فيه الكفاية آلات الحرب التي تضرب وتهدد الناس والشياطين القُساة المتمردين، لنتأمل النصوص المملوءة سرا عن الأشجار التي لا تُعطي ثمرا جيدا والتي هي أيضا موضع غضب وقصاص.
"فاصنعوا أثمارا تليق بالتوبة" (مت 3: 8). وأيضا "والآن قد وُضِعَتْ الفأس على أصل الشجر. فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تُقطع وتُلقى في النار" (مت 3: 10). إن اللعنة تأتي على النباتات من هذا النوع مثلها مثل المنجل يقطع الذين يثمرون ثمرًا رديئًا مفسدًا، الذين قيل عنهم: "لأنه ليس كصخرنا صخرهم ولو كان أعداؤنا القُضاة. لأن من جِفنة سدوم جِفنتهم ومن كروم عمورة، عِنَبهم عِنَب سُمْ ولهم عناقيد مرارة. خمرهم حمة الثعابين وسم الأصلال القاتل" (مت 32: 31 - 32).
وتُشبه الإرادة الشريرة الكرمة الفاسدة، فهي ثمارًا رديئة؛ فيلزم أن تُقطع بمنجل حاد ويُنتزع عنها عنبها وعناقيدها. ويكفي الخوض في هذا الشرح بصفة عامة، ولننزل إلى التفاصيل على قدر ما نستطيع لتوضيح المعنى.
ينأى النبي عن الأمور التي رآها وعرفنا بها، ويرفع عيني قلبه المستنير فيرى منجلا طائرا، ليس منجلًا ماديًا، بل روحانيًا لا ريب في ذلك "طوله عشرون ذراعًا وعرضه عشرة أذرع"، وهو يقطع "كل غرس لم يغرسه أبي السماوي" (مت 15: 13). يقطع كل نجس.
إن المنجل الذي يتقدم ليعاقب كل سارق وكل من يحلف باسم الرب باطلا، يسمى لعنة لأنه يجر الآلام والبلايا على الذين يطهرهم وحتى لا يضطر أحد إلى احتمال تلك الأتعاب، يلزمه أن يحفظ الوصايا الآتية من ناموس موسى: "ولا تزن ولا تسرق"، ووصية الرسول هذه: "لا يسرق السارق في ما بعد بل بالحري يتعب عاملا الصالح بيديه ليكون له أن يُعطي من له احتياج" (أف 4: 28).
وكما أنه يجب أن نرفض السرقة بسبب اللعنة التي أسماها منجلًا أو درجًا. كذلك يجب أن نتجنب الحلف زورًا، ولا ننطق باسم الرب باطلا. وفي فصل قال من نبوة زكريا النبي، يشجب الحلف باطلا بقوله: "ولا يُفكرْنَ أحد في السوء على قريبه في قلوبكم. ولا تحبوا يمين الزور" (زك 8: 17). وإذ يتكلم عن هذه اللعنة في شكل مَنجْل أو دَرَجْ يقول الرب "إني أُخرِجْها يقول رب الجنود فتدخل بيت السارق وبيت الحالف باسمي زورا وتبيت في وسط بينه وتفنيه مع خشبه وحجارته" (زك 5: 4).
وبما أن البيت المُتهدم ليس بيتا ماديًا، فلا يكون الخشب والحجارة في بنائها من المرئيات. يطير هذا المنجل ويجوب كل الأرض بسرعة. فلا يصيب الذين على الأرض فحسب، بل الذين في الهواء (الشياطين) أيضا وكل الأشرار أينما كانوا.
إن المنجل يهدم ما في وسط البيت، أي القلب، العقل يهدم ما هو داخل الإنسان،كالسيف الذي شق قاضي إسرائيل الذي كان يحترق بشهوة الزنا بسوسنا من الوسط: "فها هوذا ملاك الله قد أخذ القضاء من الله ويشقك نصفين" (تتمة سفر دانيال وهي خارجة من عدد الإصحاحات وتعرف بخيرية سوسنا العفيفة: 55) - عن الأسفار القانونية التي حذفها البروتستانت. فشق الزاني من الوسط يعني أن عقله قد انقسم.

كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
"ثُمَّ خَرَجَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَلَّمَنِي وَقَالَ لِي: [ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ مَا هَذَا الْخَارِجُ]. فَقُلْتُ: [مَا هُوَ؟] فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الإِيفَةُ الْخَارِجَةُ]. وَقَالَ: [هَذِهِ عَيْنُهُمْ فِي كُلِّ الأَرْضِ]. وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا." (زك 5: 5-8).
خرج الملاك لكي يظهر الشر، والمقياس (الأيفة)، ووزنة الرصاص التي رُفِعَتْ. ويجدر بنا أن نفكر بإمعان ماذا تعني كل هذه الأشياء.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
مقياس الشر والخير

"الأيفة(1) الخارجة" في الرؤيا، هي تفاقم القساوة والشرور في شتى الصور، وما لم يكن الأموريون والأمم المذكورة، فيتحملوا الجزاء عندما تفيض خطاياهم، فما كان ينقصهم أي نوع من الظلم، حسب الكلمة الموجهة إلى بعضهم: "ويل للأمة الخاطئة الشعب الثقيل الإثم" (أش 1: 4).
وبنفس الأسلوب قيل عن الذين كانوا ممتلئين من شهوة الزنا تجاه سوسنا العفيفة: "أتى أيضًا الشيخان مملوئين فكرا رديًا على سوسنا" (تتمة سفر دانيال: 28).
ويقول الرسول بدون مداراة عن عليم الساحر فاضحا تزويره: "أيها الممتلئ كل غش وكل خبث يا ابن إبليس يا عدو كل بر ألا تزال تُفسِد سبل الله المستقيمة" (أع 13: 10).
ويؤكد هذه الوجهة بصفة خاصة رد الرب على اليهود الذين كانوا يقولون: "لو كنا في أيام آباءنا لما شاركناهم في دم الأنبياء فانتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء، فاملأوا أنتم مكيال آبائكم" (مت 23: 30 - 32).
لأنهم أن كانوا مرات عديدة أساءوا معاملة الأنبياء وقتلوهم فما كان ينقصهم لكي يملئوا مكيال انتهاك المقدسات، إلا تلك الجسارة التي جعلتهم يصلبون الرب يسوع، فهكذا تكلم. ولم يكن إلا بحُكمهم بالموت على ذلك الذي كان موضوع النبوات حتى فاض الكيل.
إذن، كما أن هناك مكيالا للأخطاء التي تستحق الجزاء، كذلك يوجد مكيال للأعمال الحسنة والأفكار الصالحة بالنسبة لمن يختار السيدة الشريفة، عمادها التقوى، فيمتلئ أيضا عندما لا ينتقص شيء مما هو حق للإيمان، أو مما تستلزمه الفضيلة.
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
الثواب والعقاب

وعن هذين النوعين من المكاييل. يقول الرب مخلصنا: "بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم" (لو 6: 38). فالذين ملأوا المكيال الحسن، سوف تُكال لهم المواعيد "ما لم تر عين ولم تسمع أُذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه" (1 كو 2: 9). أما الذين فاض منهم الكيل الممقوت المستوجِب الدينونة بما أتوه من الأعمال والأقوال والأفكار الشريرة، فسوف يُكال لهم جزاء ذلك العقاب العادل الذي به يبعد البعض "إلى الظلمة الخارجية" (مت 8: 12)، "إلى النار الأبدية المُعَدّة لإبليس وملائكته" (مت 25: 41).
هل ينطبق قول الرب مخلصنا: "كيلًا جيدًا ملبدًا مهزوزًا فائضًا يعطون في أحضانكم" (لو 6: 38). على هذين النوعين من المكاييل، أم ينطبق فقط على الأعمال الصالحة؟
إنه بلا شك يتكلم عن مكيال الأعمال الفاضلة وحده، حيث يعطي الديان الجزاء خيرات مائة ضعف في العدد وفي العظمة "أكثر جدًا مما نطلب أو نفتكر" (أف 3: 20). ولا يرجح أن يعطى مثل هذا المكيال لمن كانت خطاياهم جميعها قد تنزه عن ذكرها "الرب العارف القلوب" (أع 1: 24)، "رقيب الناس" (أيوب 7: 20).
"لولا الرب الذي كان لنا عندما قام الناس علينا. إذا لابتلعونا أحياء عند احتماء غضبهم علينا" (مز 124: 2-3). إنه لا يُعطي هؤلاء كيلا مُلبَّدا مهزوزًا فائضًا، بل يُعطيهم كيلا بسيطا حتى يُرى كأنه ناقص من حيث الرحمة والصلاح ممن "عيناه تنظران أجفانه تمتحن بني آدم" (مز 11: 4).
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
المرأة الجالسة

وسط الإيفة ظهرت امرأة جالسة: لم تكن سوى الشر والقوة المضادة التي توسوس به. ثم رأى وزنة رصاص رفعت، ورأى هذه المرأة تطرح وسط الإيفة، لأنها الشر. لماذا إذن لم تبين الرؤيا المرأة بداخل الإيفة فقط، بل بينتها في وسطها؟ ذلك لأنها قد شغلت سلفا محور كل شر حتى استشرى بما كان لها من الاستبداد.
"وطرح ثقل الرصاص على فمها" لأن الرصاص يمثل اللهجة الثقيلة التي ليس لها بارقة، وعلى النقيض من ذلك تلك اللهجة التي لذلك الذي يمتلك الفضيلة لأن الكتاب يقول: "لسان الصديق فضة مختارة" (أم 10: 20).
لا نعجب إن كان الكتاب المقدس يُسمي السلوك الشرير، والفكر الفاسد، والقوة الغاشمة التي تُولدها، امرأة وكما يُسمي الشر هنا امرأة، كذلك في سفر الأمثال يُسمي الجنون امرأة. وهذه هي النصوص، فالحكيم يُعَلّم تلميذه بقوله: "يا ابني أصغ إلى حكمتي. أَمِلْ أُذنك إلى فِهْمي لحِفظ التدابير ولتَحفظ شفتاك معرفة. لأن شفتيّ المرأة الأجنبية تقطران عسلا وحنكها أنعم من الزيت. لكن عاقبتها مُرّة كالأفسنتين حادة كسيف ذي حدين قدماها تنحدران إلى الموت. خطواتها تتمسك بالهاوية" (أم 5: 1-5).
ويرمز في سفر الأمثال نفسه إلى النجاسة بامرأة: "فرأيت بين الجهال لاحظت بين البنين غلاما عديم الفهم. عابرا في الشارع عند زاويتها وصاعدا في طريق بيتها في العشاء في مساء اليوم في حدقة الليل والظلام. وإذا بامرأة استقبلته في زى زانية وخبيثة القلب. صخَّابة هي وجامحة. في بيتها لا تستقر قدماها. تارة في الخارج وأخرى في الشوارع وعند كل زاوية تكمن. فأمسكته وقبلته. أوقحت وجهها وقالت له على ذبائح السلامة. اليوم أوفيت نذوري. فلذلك خرجت للقائك لأطلب وجهك حتى أجدك. بالديباج فرشت سريري بموشى كتّان من مصر. عطرت فراشي بمُرّ وعود وقرفة. هلم نرنو ودا إلى الصباح نتلذذ بالحب" (أم 7: 7 - 18).
وبعد تلك الكلمات الخَدّاعة وما يتبعها في النص يقول الحكيم: "أغوته بكثرة فنونها بملث شفتيها طوحته" (أم 7: 21). ومع ذلك فإنه وإن كان الشاب يدع نفسه لخداعِها فإن المعلم يُشجِّعه ثانية فيقول: "لا يَمِل قلبك إلى طُرقِها ولا تَشِرد في مسالِكها. لأنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء. طُرق الهاوية بيَّنها هابطة إلى خُدور الموت" (أم 7: 25 - 27).
ومثل الرذائل، أيضًا الفضائل يُرمَز إليها بالنساء. فيقول الحكيم عن الحكمة: "هذه أحببتها وطلبتها منذ حداثتي والتمست أن أتخذها عروسا لي وصرت لجمالها عاشقًا" (سفر الحكمة 8: 2).
وإذ يتكلم عمن اتخذها لنفسه عروسا يقول: "أما الحكمة فلذي فهم" (أم 10: 23). ثم يوصي ذلك الرجل قائلا: "ارفعها فتعليك. تمجدك إذا اعتنقتها" (أم 4: 8).
وللرجل الفاضل الذي نال ثمرا في الفضيلة يقول الروح القدس: "امرأتك مثل كرمة مثمرة في جوانب بيتك، بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك" (مز 128: 3). ولا يعني الوحي بذلك امرأة وبنيها، وذلك ما تُبيِّنه الآية التالية: "هكذا يُبَارَك الرجل المُتقي الرب" (مز 128: 4).
لأنه إذا أردنا أن نفهم هذه النصوص بأسلوب بشري، فما كان الكثيرون من أقدس الشخصيات وأتقاهم قد نالوا البركة، لأنهم لم يكونوا متزوجين ولم يكن لهم نسل، ويكفي لكي نقتنع بذلك أن تذكر مثل إيليا النبي العظيم، وإليشع ابنه الروحي بالتقوى، ويمكن أن نقول نفس الشيء عن يوحنا المعمدان، وهناك كثيرون آخرون مارسوا البتولية لكي يهتموا فيما للرب. "فأريد أن تكونوا بِلا هَم. غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يُرضي الرب وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يُرضي امرأته" (1 كو 7: 32 - 33).
وقد رأى القديس يوحنا اللاهوتي في الرؤيا، جموعا عديدة من آلاف الرجال: "الذين لم يتنجسوا مع النساء" (رؤ 14: 4). "وَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا بِامْرَأَتَيْنِ خَرَجَتَا وَالرِّيحُ فِي أَجْنِحَتِهِمَا. وَلَهُمَا أَجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ اللَّقْلَقِ فَرَفَعَتَا الإِيفَةَ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ. فَقُلْتُ لِلْمَلاَكِ الَّذِي كَلَّمَنِي: [إِلَى أَيْنَ هُمَا ذَاهِبَتَانِ بِالإِيفَةِ؟] فَقَالَ لِي: [لِتَبْنِيَا لَهَا بَيْتًا فِي أَرْضِ شِنْعَارَ. وَإِذَا تَهَيَّأَ تَقِرُّ هُنَاكَ عَلَى قَاعِدَتِهَا" (زك 5: 9-11).
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
المرأتان الذاهبتان

لنبحث ما عسى أن تكون هاتان المرأتان. هلا يُكنىَ بهما عن رذيلتين من الرذائل، رذيلة معنوية في تعدي وصايا الله، ورذيلة الرأي الفاسد في أمور الإيمان، وما تحركه القوات الشريرة.
ولكن هاتين المرأتين تظهران بأجنحة مليئة بالريح، بذلك الروح الذي يقول عنه بولس الرسول: "التي سلكتم فيها قبلا حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية" (أف 2: 2).
ليس من شك أن الروح الشرير في الأجنحة هو من نوع الروح الشرير الذي طرده الرب يسوع من الإنسان. "إذا الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد. ثم يقول ارجع إلى بيتي الذي خرجت منه. فيأتي ويجده فارغا مكنوسا مزينا. ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أُخَرْ أشر منه فتدخل وتسكن هناك. فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله" (مت 12: 43 - 45).
وقد قابل أجنحة المرأتين بأجنحة اللقلق، لكي يُبيِّن أنها ممقوته. لأن هذا الحيوان نجس. ثم يكتب العلامة ديديموس الكثير عن اللقلق وصفاته ويستعملها في معاني رمزية مستفيضة. ثم يتساءل أيُمكِن أن يوجد مكان أكثر ملائمة للفوضى(2) من مكان الإيفة التي تحمل الشر (أي الكيل الفائض شرا)، حتى يجدها الذين يشتهونها؟ أنه يجب أن نهرب من بابل ونتجنبها، لأنه هناك وضعت الإيفة لتكون في متناول من يشتهونها. لذلك يُعلِن الكتاب من يريدون أن يكونوا فضلاء: "اخرجوا من بابل اهربوا من أرض الكلدانيين" (أش 48: 20).
_____
الحواشي والمراجع:
(1) ميزان حق ووزنات حق وإيفة حق وهين حق تكون لكم - لا 19: 26.
(2) رمز بابل. لأن أرض شِنعَار مرتبطة ببابل كما جاء في سفر التكوين: "وكان ابتداء مملكته بابل وأرك وأكد وكلفه في أرض شنعار" تك 10: 10.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الخامس من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثالث من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس الأصحاح الأول من سفر زكريا النبي


الساعة الآن 09:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024