|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نزول إرميا إلى الجب يشير إلى الإنسان الذي ينزل بكلمة الله إلى وحل هذا العالم، فيحول حتى الكلمة التي لخلاص نفسه وتمتعها بالسماويات إلى وسيلة لطلب الزمنيات. يقيم العلامة أوريجينوس مقارنة بين إرميا النبي الذي أُلقى في جب ملكي في دار السجن، حيث غاص في الوحل [6]، والقديس بطرس الذي صعد إلى السطح وهناك نظر رؤيا إلهية، فيقول بأن واجبنا كمؤمنين روحيين أن نصعد مع كلمة الله بالروح القدس لننال معرفة حقة ورؤى إلهية، ولا ندع كلمة الله أن تُلقى في الجب خلال أفكارنا الجسدانية وشهواتنا الشريرة. لقد أخذ عبد ملك ثلاثين رجلًا معه ورفعوا إرميا من الجب، بالقاء ثياب بالية إليه ليضعها تحت ابطيه مع الحبال [12]. من هو عبد ملك هذا إلا ربنا يسوع المسيح الذي صار عبدًا ليرفع أفكارنا وطبيعتنا من عمق الهاوية خلال الكنيسة (30 رجلًا) باتضاعه (الثياب البالية)؟! يليق بنا أن نقبل فقر ربنا يسوع المسيح لكي نُرفع إلى فوق ونرتدي الثياب السماوية الملوكية أبديًا. هكذا نجلس عن يمين الملك السماوي الذي نزل إلى الحفرة كي لا ننزل نحن إليها. يرى العلامة أوريجينوس أن هذه العبارات تطابق ما جاء في نشيد الأناشيد: "أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم، كخيام قيدار كشقق سليمان" (نش 1: 5). * لست أظن أنه غير لائق أن نقول أن هذا الأجنبي الذي من جنس قاتم ignoble، الذي سحبه من جب الموت، هذا الذي ألقاه فيه رؤساء إسرائيل، يمثل شعب الأمم، الذين آمنوا بقيامة ذاك الذي مات، هذا الذي أسلمه هؤلاء الرؤساء للموت. بهذا الإيمان سحبوه مرة أخرى من الهاوية. بل أظن أن هذا الأثيوبي ُيقال عنه أنه الخِصْيْ، لأنه خَصَى نفسه لأجل ملكوت السموات، بل لأن فيه ذاك الذي بلا بذار للشر (مت 19: 12). هو أيضًا عبد الملك، لأن العبد الحكيم يحكم على سادة جهلاء، فإن كلمة "عبد ملك" تعني "عبدًا للملوك" (أم 17: 2). هذا هو سبب أن الرب الذي ترك شعب إسرائيل بسبب خطاياهم، يتحدث إلى الأثيوبي مخبرًا إيَّاه: "هأنذا جالب كلامي على هذه المدينة للشر لا للخير... ولكنني أنقذك في ذلك اليوم... فلا ُتسلَّم ليد الناس... بل إنما أنديك نجاة" (إر 39: 17-18). أما السبب الذي لأجله خلص، فهو أنه سحب النبي من الجب، أي أنه بإيمانه في قيامة المسيح من الأموات بطريقة عُبر عنها أنه سحبه من الجب. العلامة أوريجينوس |
|