رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَيَهَانِي رَاقَبْتَ. اجْعَلْ أَنْتَ دُمُوعِي فِي زِقِّكَ. أَمَا هِيَ فِي سِفْرِكَ؟ زقك: الزق هو وعاء مصنوع من الجلد ويسمى القربة، كان يحفظ فيه الخمر قديمًا، أو ينقل به الماء. سفرك: كتابك. إن كان الأعداء راقبوا داود ليصطادوه بكلمة، أو ليهلكوه، لكن في نفس الوقت وثق داود أن الله يراقب تحركاته، وهروبه من مكان إلى مكان من وجه شاول، والذي يبدو فيه كأنه تائه، أي أن عين الله تلاحظه، وترعاه، وتحميه، وبالتالي لا يستطيع أعداؤه أن يؤذوه. وسط الضيقات الكثيرة التي مر بها داود، رفع صلواته إلى الله، وسالت دموعه، بل وبكى أيضًا على الأشرار الذين لم يتوبوا، وبكى على فقدان أحبائه، وحتى من عادوه، أي يوناثان، وشاول، وأبنير، وابشالوم، وكتب أيضًا مرثاة لهم (2 صم1: 23؛ 2 صم3: 33، 34، 2 صم18: 33). وبكى بالأكثر على خطاياه (مز51). كل هذه الدموع كانت تحمل، وتعبر عن مشاعر قوية من أعماق داود، لذا طلب من الله أن يتقبلها، ويحفظها عنده ويهتم بها. إن كانت دموعه لا يهتم بها البشر، وقد يحتقروه بسببها، أو على الأقل قد يستهينوا بها، لكنه واثق أن الله لا يهملها. فيطلب منه أن يحفظ دموعه في زق عنده، أي أن كل دمعة لها قيمة كبيرة عند الله؛ لأن الله يقول لكل نفس في سفر النشيد "حولى عينيك عنى لأنهما قد غلبتانى" (نش6: 5). فالدموع تستدر مراحم الله، وتستثير حنانه، بل يكتب تذكارها في كتاب خاص عنده؛ ليكافئ داود، وكل من يبكى أمام الله ببركات عظيمة في الأرض، وفى السماء. وهذا بالطبع غير دموع البشر التي تذرف من أجل فقدانهم للماديات، أو تعلقات عالمية تعلقوا بها؛ فهذه الدموع ليست من أجل الله، ولا يحفظها الله عنده؛ لأنها تبعد الناس عن الله. كان اليهود يحفظون الخمر في زق، والخمر ترمز للفرح، فهذا يشير إلى أن الله يفرح بدموع أولاده، المنسكبة أمامه، فيهبهم سلامًا، وفرحًا على الأرض، ثم أفراح في السماء لا يعبر عنها. |
|